يتميز سطح القمر، مثله مثل سطح الأرض، بالعديد من الظواهر الشكلية (المورفولوجيَّة) والتضاريسية المختلفة، والملفتة للنظر، والتي مِن الممكن رؤية بعضها بالعين المجردة في ليلةٍ يكون فيها القمر بدراً. ومن أهم هذه الظاهرات، الجبال، مثل السلسلة الجبلية ليبنتز في الجانب الجنوبي للقمر، وكذلك من الظاهرات التضاريسية المهمة البحار (تسمية مجازية، وإلا فلا يوجد بحار بالمعنى المألوف على سطح القمر)، مثل بحر الهدوء، الذي كان موطأ هبوط رحلة أبوللو 11، والتي كانت أول محاولة لنزول آدمي على سطح القمر. وكذلك من أهم تضاريس القمر الفوهات، مثل فوهة كوبرنيكوس العُظمَى، إضافةً إلى انتشار الأخاديد بشكل مُلفِت للنظر.
يظهر القمر في طور البدر الكامل، للمشاهد على الأرض، كما لو كان قرصاً دائرياً كبيراً. ويبلغ نصف قطر القمر 1737.1 كم تقريباً، وتظهر به العديد من المناطق الداكنة، والمناطق اللامعة. هذه المناطق اللامعة هي بمثابة مناطق المرتفعات القمرية، والتي تعكس بدورها نور الشمس، فتبدو كما لو كانت لامعة. ولكن المناطق الداكنة هي بمثابة منخفضات قمرية من بحار ووديان وأخاديد. توجد مجموعة من المرتفعات القمرية، التي تُسمى بجبال القمر، ومجموعة أخرى من المنخفضات القمرية، التي تسمى ببحار القمر، وهي خالية تماماً من الماء، أي أنها تَحْمِلُ اسم بحار القمر فقط، لأنها تشبه الانخفاض الأرضي، أو التقعر الأرضي على سطح الأرض، الذي يتجمع فيه الماء مكوناً بحراً أو بُحَيَّرةً على سطح الأرض، كذلك أيضاً على سطح القمر يوجد مجموعة أخرى من فوهات الاصطدام نتيجة اصطدام النيازك بسطح القمر، ومجموعة أخرى من الشقوق والأخاديد، والتي تنتشر بصورة مُلفِتَة للنظر على سطح القمر، ومثيرة للفضول! ومن ينظر إلى القمر ليلة اكتماله بدراً ساطعاً يرى بعض النُــقَــرِ أو الـحُــــفَـــرِ، التي تنتشر بصورة كبيرة على سطحه. فهذه هي الفوهات القمريَّة، أو قد تكون بعض المنخفضات الغير سحيقة أو السحيقة، في بعض الأحيان، وهذا ما سنتطرق إليه في مقالتنا هذه.
الجبال
يحتوي القمر على عشرات الجبال، ومِن المعروف أن الجبال تعد من ظواهر التضاريسية الموجبة (أي تقع على السطح وترتفع للأعلى)، وتتفاوت في الارتفاع، حيث يبلغ طول أقصر جبل فيها حوالي 2 كم، وأطولها يبلغ 30 كم تقريباً فأعلى، ومن أشهر السلاسل الجبلية على القمر جبال ليبنتز، والتي تقع في الطرف الجنوبي للقمر، ويبلغ طولها حوالي 9 كم. تتكون جبال القمر من أنواع مختلفة من الصخور، ولعل أشهرها صخور الأنورثوسيت، وهي صخور فاتحة اللون (كثافتها 2.8 جم/سم3)، وهي غنية بأكاسيد الكالسيوم والسيليكون والألمونيوم.
البحار
تشكل البحار القمرية نسبة ليست بالقليلة من الظاهرات التضاريسية على سطح القمر، وسُميت بالبحار لسببين، أولهما أن الفلكيين كانوا يعتقدون أن هذه المنخفضات مملؤة بالمياه، وثانيهما أنها منخفضة عن الصخور والكتل الصخرية والظاهرات التضاريسية المُحيطَة بها كالجبال على سبيل المثال، ولكن أحدث الدراسات تشير إلى أنها خالية تماماً من المياه، ولذلك فإن ثاني السببين سالفا الذكر هو الأدق والأرجح. من أشهر بحار القمر بحر الهدوء، الذي كان موطأ هبوط رحلة أبوللو 11. ومن أشهرها أيضاً بحر العواصف (ويطلق عليه أحياناً محيط العواصف)، وقد أُجريَت بعض الدراسات الزلزالية لسطح القمر، وبالتحديد لبحار القمر، حيث يتم خلق موجة زلزالية اصطناعية، ومِن ثَمَّ استقبالها عن طريق مستقبلات، وقد أدّت هذه الدراسات إلى التَوصُّل إلى أن هذه البحار تتكون من قشرة واسعة الامتداد ورفيعة السُمك من صخور متماسكة ذات كثافة مرتفعة، مُحاطَة من جوانبها بصخور المرتفعات الجبلية وغيرها.
الفوهات
من الظواهر المثيرة للدهشة على سطح القمر، والتي من السهل رؤيتها حتى بدون تلسكوب من على الأرض، هي ظاهرة انتشار الفوهات على القمر. وهذه الفوهات عبارة عن فجوات ذات أعماق متفاوتة، يحيط بها من الخارج حواف مرتفعة كالجبال (أي أن هذه الفوهات سالبة التضاريس أي أنها تمتد للأسفل بالنسبة لِمَا يحيط بها من ظاهرات تضاريسية)، وهي ذات أحجام مختلفة. يتفاوت قطر هذه الفوهات من عدة مئات الأمتار إلى مئات الكيلومترات، وهي عادةً مستديرة الشكل، وبعضها بيضاوية. من أشهر فوهات القمر فوهة كوبرنيكوس، والتي يبلغ قطرها حوالي 93 كم، وارتفاع حوافها 4 كم تقريباً، وعمقها حوالي 800 م، والتي تقع في شرق محيط العواصف، وقد سُميت بهذا الاسم تقديراً لإسهامات العالم البولندي كوبرنيكوس. مِن أشهر الظاهرات الشكلية التي تُميز فوهات القمر هي الفوهات المركبة، وهي أن الفوهة الأكبر في القطر تحتوي بداخلها فوهة أصغر منها في القطر، وتشبه بذلك سلالم فتحة المنجم المعدني، حيث سيبدأ المنجم بدائرة قطرها كبير من أول سطح الأرض ثم تقل تدريجاً في القطر للداخل، وهكذا، وهذا ما يشبه الفوهات القمرية المركبة.
الأخاديد
تَظهَر العديد من الأخاديد المتفاوتة في طولها من بضعة أمتار إلى عِدَة كيلومترات، واضحةً جليَّةً في بعض الصور الفوتوغرافية التي أُخِذَت لسطح القمر، هذا بالإضافة إلى أن القمر يحتوي على العديد من الشقوق والصدوع، والتي تختلف بناءً على اختلاف القوى المؤثرة عليها، نتيجةً لاختلافها في الأطوال، وهذا بدروه وبالتبعيَّة يعكسُ اختلاف وتفاوت القوى المؤثرة التي أدّت إلى نشأة هذه الشقوق، أو ربما اختلاف نوعيَّة الصخور التي تأثرت بهذه القوى. تنتشر بعض الأخاديد بين سطحي صدعين متوازيين على سطح القمر، وتتكون الأخاديد نتيجة حدوث تصدعات في القشرة القمرية، وحدوث تصدعات أخرى في مكان ما قريب من هذا المكان الآخر، بشكلٍ موازٍ لبعضهما البعض، فتكون المنطقة الوسطى بين السطحين هي منطقة أخاديد.
المراجع
1- Bevan M. Frensh, David V. Vaniman, and Grant H. Heiken, Lunar Sourcebook (a user’s guide to the moon), Cambridge University Press and Lunar and Planetary Institute, USA, First Edition, 1991, Page: 61-72.
2- Paolo Ulivi and David M Harland, Lunar Exploration, Springer Verlag, January 2010, Page: 216-218.
3- Qiu-Li Li and Others, Two-billion-year-old volcanism on the Moon from Chang’e-5 basalts, Published Paper, Nature, October 2021.
4- R. Jaumann and Others, Geology, geochemistry, and geophysics of the Moon: Status of current understanding, Item: morphology of the lunar surface, Planetary and Space Science Journal, Elsevier, December 2012, Page: 18-20.
5- Eric Douglass, Geologic Processes on the Moon, An Online-published Paper Available on Link: https://n9.cl/2z27a.
6- Thomas R. Watters, Shallow seismic activity and young thrust faults on the Moon, Published Paper, Nature, May 2019.
7- Sune G. Nielsen and Others, Isotopic evidence for the formation of the Moon in a canonical giant impact, Published Paper, Nature Communications, March 2021.
تواصل مع الكاتب: metwallyhamza45@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة