تعليم التعليم العالي العربي
الكاتب : محمد عارف
المحرر
منظمة المجتمع العلمي العربي
09:31 مساءً
26, نوفمبر 2013
لابد من الطاقة للإنتاج، وقبل ابتكار الآلات التي تُدار بالنفط كانت الطاقة تُستمد من مصادر مستدامة. وفي العالم الإسلامي قبل ألف سنة كان الماء من أنواع الطاقة، وكان يستخدم في آلات مثل نظام العمود المرفقي(Crank-rod system) الذي يرفع الماء إلى مستويات أعلى ويصبه في مسالك مائية لإرواء المدن. وكان الماء يُسخّر لتشغيل طواحين القمح، في حين لم يتوفر الماء الكافي في الأجزاء الجافة من العالم الإسلامي، لذلك سعى العلماء إلى إيجاد طاقة بديلة.
كانت الرياح هي ما تملكه صحراء الجزيرة العربية عند جفاف جداولها الموسمية. وكان لهذه الرياح الصحراوية اتجاه ثابت بحيث تهب بانتظام من مكان واحد خلال مدة تقارب مئة وعشرين يوماً. كانت طاحونة الهواء بسيطة جداً، ولكنها فعّالة، بحيث انتشرت في القرن السابع من أصلها الفارسي إلى أنحاء العالم. ويعتقد معظم المؤرخين أن الصليبيين هم الذين أدخلوا طواحين الهواء إلى أوروبا في القرن الثاني عشر.
في عام 634 م جاء رجل فارسي إلى الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فادّعى أنه يستطيع بناء طاحونة تدور بالرياح، فلما بناها صارت طاقة الرياح تُستخدم على نطاق واسع لتشغيل رحى الطواحين في طحن الحبوب ورفع الماء لسقاية الأرض. وعُرف ذلك أصلاً في إقليم سيستان ببلاد فارس الذي وصفه الجغرافي العربي المسعودي بأنه "بلد الريح والرمل". وكتب كذلك عنه يقول: " إن ما يميّز المنطقة هو أن الريح فيها تستخدم في تشغيل مضخات لسقي الحدائق".
كانت الطواحين الأولى من طابقين، تُقام على أبراج القلاع أو قمم التلال أو على قواعدها الخاصة بها. في الطابق العلوي منها رحى الطاحونة، وفي الطابق السفلي دولاب تديره ستة أشرعة أو اثنا عشر شراعاً مغطاة بنسيج قماشي. فتدير هذه الرحى الطاحونة العلوية. وفي جدران الحجرة السفلية أربع فتحات، طرفها الأضيق نحو الداخل وهي التي توجه الريح إلى الأشرعة وتزيد من سرعتها.
وصفت طواحين الهواء في ذلك الزمان بأن فيها رحى متصلة بطرف أسطوانة خشبية قطرها نصف متر وارتفاعها يتراوح من ثلاثة أمتار ونصف المتر إلى أربعة أمتار، موضوعة شاقولياً في برج مفتوح على الجانب الشمالي الشرقي لتتلقى الريح التي تهب من ذلك الاتجاه. وللأسطوانة أشرعة مصنوعة من حزم شجيرات أو سعف نخيل و مربوطة بعمود المحور. تدفع الريح الداخلة إلى البرج الأشرعة فتدير عمود الرحى.
كان لابتكار طاحونة الهواء وطاحونة الماء أثر عظيم في علم الهندسة الميكانيكية، أوجدت فرصاً لمهن جديدة بدءاً ببناء الطواحين ذاتها حتى صيانتها. وكان يقوم بهذه المهمة الطحان والمتدربون عنده. كانوا أسلاف المهندسين الميكانيكيين والزراعيين الحاليين.
البريد الإلكتروني: info@arsco.org
الكلمات المفتاحية