مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

التغلب على فيروس الإيبولا

من أكثر الفيروسات رهبة في العالم
الكاتب

أ.د. عبدالرؤوف المناعمة

دكتوراه في الأحياء الدقيقة / الجامعة الإسلامية بغزة

الوقت

09:14 صباحًا

تاريخ النشر

11, مايو 2025

.

مرض فيروس الإيبولا (EVD) هو أحد أكثر الأمراض المعدية رهبة في العالم. يقتل العديد من المصابين به ويمكن أن يدمر المجتمعات. لذلك من المهم أن يبقى الجميع على اطلاع بشأن الإيبولا. في هذا العالم المتصل والمترابط، يمكن أن يُشكل انتشار مرض (تفشي) في مكان واحد تهديداً للجميع. إن فهم الإيبولا يساعد في دعم الاستجابة الجيدة ويمنع الخوف والذعر اللذان قد يؤديان الى سلوكيات سلبية قد تسهم في نشر المرض بشكل أوسع.

تواصل منظمة الصحة العالمية (WHO) وضع مرض الإيبولا ضمن قائمة الأمراض ذات الأولوية التي تتطلب بحثاً عاجلاً واهتماماً كبيراً.

تعريف بالمرض

ينتج مرض فيروس الإيبولا عن فيروسات تظهر تحت المجهر كسلاسل طويلة. أطلق العلماء عليها اسم “الفيروسات الخيطية” Filoviruses. وتتسبب مجموعة معينة تُدعى “الفيروسات الإيبولاوية الأرثية” (orthoebolaviruses) في حدوث هذا المرض.

تسبب هذه الفيروسات ضرراً بالغاً عند دخولها جسم الإنسان. يهاجم الفيروس جهاز المناعة والآليات التي تساعد على تخثر الدم بشكل سليم. وعندما تنهار هذه الأنظمة، يمكن أن يعاني الجسم من التهاب حاد ونزيف داخلي وخارجي وهي علامات مخيفة للحالات الشديدة من الإيبولا. يوجد ستة أنواع معروفة من فيروس الإيبولا. وقد تسبب فيروس زائير الإيبولاوي في أكبر وأشد تفشي لهذا المرض في تاريخ البشرية. ويعتقد الباحثون أن خفافيش الفاكهة هي المضيف الطبيعي للإيبولا. ولا يزال الباحثون يحاولون فهم أين يعيش الفيروس بين فترات تفشيه بين البشر.

الوبائيات: عوامل الخطر وانتشار المرض

تتراوح نسبة الوفيات بين المصابين بمرض فيروس الإيبولا بين 25% إلى 90% حسب التفشي. ونستعرض بعض التفشيات البارزة:

1- جمهورية الكونغو الديمقراطية: (1976) أول تفشٍ معروف حدث في يامبوكو قرب نهر الإيبولا، مع 318 حالة ونسبة وفيات بلغت 88%. انتقلت العدوى من خلال إعادة استخدام الإبر والمحاقن الملوثة.

2- السودان: (1976) 284 حالة و53% نسبة وفيات. يُعتقد أن التفشي بدأ في مصنع قطن حيث أصيب 37% من العاملين بغرفة النسيج.

3- جمهورية الكونغو الديمقراطية،  كيكويت (1995) 315 حالة، بنسبة وفيات 81%.

4- أوغندا (2000–2001): تفشي في منطقة غولو نتج عنه 425 حالة بنسبة وفيات 53%.

5- غرب أفريقيا: (2014–2016) أكبر تفشٍ مُسجّل، شمل غينيا، ليبيريا وسيراليون، بأكثر من 28,000 حالة و11,000 وفاة.

6- جمهورية الكونغو الديمقراطية: (2018–2020) تفشٍ في شمال كيفو وإيتوري مع 3,470 حالة و2,280 وفاة.

7- أوغندا: (2022 ) تفشي لسلالة السودان، أصيب فيه 164 شخصاً، وتوفي 55.

شكل توضيحي لفيروس ايبولا (المصدر)

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالإيبولا

• العاملون في الرعاية الصحية
• أفراد العائلة أو المخالطون المباشرون
• المشاركون في طقوس الدفن
• الصيادون أو من يتعاملون مع الحيوانات البرية المصابة

كيفية انتقال فيروس الإيبولا

• لا ينتقل عبر الهواء أو المخالطة العادية
• ينتقل عبر الأغشية المخاطية أو الجروح

ينتقل من شخص إلى آخر من خلال:

• ملامسة سوائل الجسم أو الأنسجة المصابة
• ملامسة الأسطح الملوثة
• سوائل الجسم لبعض المتعافين مثل السائل المنوي

الانتقال من الحيوانات

ملامسة خفافيش الفاكهة أو الحيوانات البرية المصابة وسوائلها.

الأعراض

تظهر أعراض الإيبولا عادةً خلال فترة تتراوح بين 2 إلى 21 يوماً بعد الإصابة (وغالباً خلال 8-10 أيام)، وتتطور على مراحل:

الأعراض المبكرة (المعروفة أيضاً بـ “الأعراض الجافة”) تشبه العديد من الأمراض الأخرى وتشمل:

• حمى مفاجئة

• إرهاق شديد

• صداع

• ألم في العضلات والمفاصل

• التهاب الحلق

الأعراض المتقدمة (بعد 4-5 أيام من بداية المرض) وتشمل

• الغثيان والقيء

• الإسهال (قد يكون دموياً)

• طفح جلدي

• خلل في وظائف الكلى والكبد

• نزيف داخلي (في البراز، من اللثة) وخارجي (من مواضع الحقن أحياناً)

يعاني العديد من الناجين من الإيبولا من مضاعفات طويلة الأمد بعد التعافي، وتشمل:

أعراض جهازية:

• تعب مزمن

• زيادة الوزن

أعراض عصبية:

• أرق

• صداع

• فقدان الذاكرة

• الاكتئاب، القلق، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

• ألم أو وخز في اليدين والقدمين

أعراض عضلية هيكلية:

• ألم في العضلات والمفاصل

أعراض بصرية (العين):

• رؤية ضبابية

• ألم في العين

• احمرار

• حساسية للضوء

أعراض الجهاز الهضمي:

ألم في المعدة

فقدان الشهية

أعراض الغدد الصماء والتكاثر:

• تغيرات في الدورة الشهرية

• ضعف جنسي

• انخفاض أو فقدان الرغبة الجنسية

• التهاب في خصية واحدة أو كلاهما

أعراض القلب والأوعية الدموية:

• ضيق في الصدر

• التهاب أنسجة القلب (التأمور)

أعراض الجلد والشعر:

• تساقط الشعر

أعراض الأنف والأذن والحنجرة:

• مشاكل في السمع

• جفاف الفم

• تورم في الرقبة

التشخيص

لأن الأعراض المبكرة تشبه أمراضاً شائعة مثل الملاريا أو التيفوئيد، فإن التشخيص التأكيدي يتطلب اختبارات مخبرية متخصصة، منها:

• اختبار PCR (تفاعل البوليميراز المتسلسل): يكتشف المادة الوراثية للفيروس
• اختبار المستضدات: يحدد البروتينات الفيروسية
• اختبار الأجسام المضادة: يكشف استجابة الجهاز المناعي للفيروس، ويشمل اختبارات التقاط الأجسام المضادة واختبارات تحييد المصل

تتطلب هذه الاختبارات معدات متخصصة وكوادر مدربة، مما يجعل التشخيص تحدياً في المناطق ذات الموارد المحدودة. التأخير في التشخيص يمكن أن يؤدي إلى تدهور الحالة وزيادة الانتشار، مما يبرز أهمية توفر علاجات فعالة.

البحث عن علاج: من اللقاحات إلى العلاجات

لم يكن أمام الأطباء سوى تقديم الرعاية الداعمة كإعطاء السوائل، المساعدة على التنفس، وعلاج العدوى الفيروسية الثانوية. لكن الاختراقات العلمية الكبرى حدثت خلال تفشي 2014-2016 في غرب أفريقيا، مما سرّع من وتيرة البحث. طوّر العلماء علاجات تعتمد على الأجسام المضادة أحادية النسيلة (mABs)، وهي بروتينات تُصنع في المختبر لتعمل مثل جهاز المناعة. في ديسمبر 2020، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على علاجين:

Inmazeb: وهو عبارة عن مزيج من ثلاثة أجسام مضادة
Ebanga: جسم مضاد واحد

أظهرت هذه العلاجات انخفاضاً كبيراً في معدل الوفيات في التجارب السريرية، لكن لا تزال الرعاية الداعمة ضرورية، وتشمل:

• سوائل وريدية لمنع الجفاف
• دعم التنفس
• علاج الالتهابات المصاحبة

أدوية لتخفيف الأعراض (كالألم، الحمى، الغثيان)

تحديات العلاج:

تتطلب هذه الأدوية التخزين البارد والحقن الوريدي، وهو أمر صعب أثناء التفشي في المناطق النائية.

الابتكارات الحديثة:

في مارس 2025، أعلن العلماء عن نتائج مشجعة لدواء فموي جديد يسمى Obeldesivir، حيث نجا جميع القردة المعالجة به، بينما توفيت القردة غير المعالجة. ويُختبر هذا الدواء أيضاً ضد فيروس ماربورغ، أحد الفيروسات الشبيهة بالإيبولا.

الوقاية

تبقى الوقاية هي الوسيلة الأفضل لمكافحة الإيبولا.

اللقاحات

• لقاح Ervebo (rVSV-ZEBOV)  تمت الموافقة عليه من قبل منظمة الغذاء والدواء FDA  في ديسمبر 2019
• لقاح ثنائي الجرعة Zabdeno  وMvabea  تمت الموافقة عليه في أوروبا عام 2020

مكافحة العدوى

تنفيذ بروتوكولات صارمة في المرافق الصحية تشمل:

• عزل المرضى
• استخدام معدات الوقاية الشخصية للعاملين الصحيين
• ممارسات دفن آمنة

تتبع المخالطين: تحديد ومراقبة الأشخاص الذين كانوا على اتصال مباشر مع المصابين.

التوعية المجتمعية: توعية المجتمعات المعرضة للخطر بطرق انتقال المرض، وأعراضه المبكرة، ومتى يجب التوجه للرعاية الطبية.

الاحتياطات ضد الحياة البرية: تجنب التعامل مع الحيوانات البرية التي قد تحمل الفيروس، خاصة الخفافيش والقرود.

.

المراجع

• “Ebola virus disease,” Who.int.
• www.cdc.gov/ebola/outbreaks/index.html
• “Ebola haemorrhagic fever in Sudan, 1976,”
• S. I. Okware et al., “An outbreak of Ebola in Uganda,” Trop. Med. Int. Health, vol. 7, no. 12, pp. 1068–1075, 2002.
• O. Olu et al., “Epidemiology of Ebola virus disease transmission among health care workers in Sierra Leone.
• M. T. Osterholm et al., “Transmission of Ebola viruses
• CDC, “How Ebola disease spreads,” Ebola, 06-Aug-2024.
• “Ebola disease,” WHO | Regional Office for Africa.
• CDC, “Signs and symptoms of Ebola disease,” Ebola, 18-Jul-2024.
• C. Woolsey et al., “The oral drug obeldesivir protects nonhuman primates against lethal Ebola virus infection.
• R. W. Cross et al., “Oral obeldesivir provides postexposure protection against Marburg virus in nonhuman primates” .
• “First FDA-approved vaccine for the prevention of Ebola virus disease.
• www.fda.gov/news-events/press-announcements/first-fda-approved-vaccine-prevention-ebola-virus.
• New vaccine for prevention of Ebola virus disease recommended for approval in the European Union.
• www.ema.europa.eu

.

تواصل مع الكاتب: elmanama_144@yahoo.com

.

فيروس إيبولا: مخاوف قد تتحقق

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x