مع حلول شهر رمضان كل عام، يجري الحديث عن أثر الصيام على الأشخاص المصابين بأمراضٍ مزمنة مثل داء السكري الذي يعتبر من الأمراض الأكثر انتشارا على مستوى العالم، لذا يضع الأطباء والخبراء بعض النصائح لمرضى السكري لكي يتمكنوا من صيام شهر رمضان دون وقوع أيّ مشاكل قد تضر ّبصحتهم سواء بسبب ارتفاع مستوى السكر أو انخفاضه.
منظمة المجتمع العلمي العربي
أنواع مرض السكري
ينقسم مرض السكري إلى نوعين رئيسيّين، وأُخرى أقلّ شيوعًا.
– مرض السكري النوع الأول: يتمثّل هذا النوع بعدم قدرة الجسم على إنتاج هرمون الأنسولين. وهو يصيب الأطفال واليافعين ممّن لم تتجاوز أعمارهم الـ 30 عامًا.
– مرض السكري النوع الثاني: حيث يستطيع الجسم إنتاج الأنسولين، لكن تفقد الخلايا قدرتها على الاستجابة له بالفعاليّة المطلوبة وهو ما يُعرَف بمقاومة الأنسولين. ويمكن أن يُصيب الأشخاص في مختلف الفئات العمريّة وهو أكثر شُيوعًا من النوع الأول إذ يُمثّل ما نسبته 90% من حالات السكري المُنتشرة.
– مرض سكري الحمل: كما يُشير اسمه فهو يُصيب النساء أثناء فترة الحمل ويكون غالبًا من النوع الثاني، ويتعافى الجسم منه في معظم الحالات بعد الولادة،
الصيام عند مرضى السكري
من الضروري لمريض السكري، والذي يخطط للصيام أن يستشير الطبيب المعالج لهذا المرض قبل دخول شهر رمضان بمدةٍ كافية، حيث يحدد الطبيب إمكانية الصيام بأمان خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى النصائح والإرشادات اللازمة حول كيفية إدارة الحالة بأمان طوال الشهر. ويفضل لمريض السكري من النوع الأول ألا يصوم، لأنه لا يجب أن يبقى لفتراتٍ طويلة دون تناول الطعام، ولا ينبغي أن يأكل في مدة قصيرة، فهو يعتمد على تناول حقن الأنسولين، ويحتاج إلى تناول الغذاء بعد أخذ الحقنة مباشرة، فإذا لم يتناول المريض الطعام بعدها ينقص السكر بالدم عنده، وربما يؤدي إلى غيبوبة نقص السكر.
أما مريض النوع الثاني الذي يعتمد على أخذ أقراص السكري عن طريق الفم من الممكن أن يصوم مع تعديل جرعات أوقات تناول الدواء، بينما الذي لا يتمتع بالقدرة على السيطرة على مستويات السكر في الدم بصورةٍ جيدة، فإنه ينصح بشكل عام بعدم الصيام.
كما تُنصَح عدة فئات أخرى من مرضى السكري بعدم الصيام من بينها كبار السن المصابين بالسكري بنوعيه الأول والثاني الذين يتناولون أكثر من جرعة من الأنسولين يومياً، والأطفال دون سن البلوغ، والنساء الحوامل اللاتي يعتمدن على العلاج بالأنسولين، والأمهات المرضعات المصابات بالسكري من النوع الأول أو الثاني، ومرضى السكري المصابين ببعض الحالات المَرَضيّة الأخرى أو بمستوى صحي متدن بشكل عام.
وفي حال قرر مريض السكري أن يصوم شهر رمضان بناءً على رأي الطبيب المعالج، فهناك بعض الخطوات الاحترازية والوقائية التي يجب القيام بها، لتجنّب ارتفاع السكر أو هبوطه.
الخطوات الوقائية التي يجب على مريض السكري اتّباعها عند الصيام
– تفادي تناول كميات كبيرة من الطعام في وجبة الإفطار أو تناول أغذية بها نسبة عالية من الدهون أو الكربوهيدرات.
– تأخير وجبة السحور قدر الإمكان، ويُفضّل تناولها قبل الفجر مباشرةً، ويستحسَن أن تحتوي على أغذيةٍ غنية بالكربوهيدرات المعقدة، مثل خبز الحبوب الكاملة، والخضروات، وذلك لأن الجسم يستغرق وقتًاً طويلاً لكي يهضم الكربوهيدرات المعقدة ويمتصها، وهذا يبقي الجسم مزودًاً بالطاقة لأطول فترة ممكنة من النهار.
– استبدال الحلويات التي يتم تناولها بين الإفطار والسحور بأطعمةٍ صحية مثل الفواكه أو الخضروات.
– تعديل شدّة وتوقيت الأنشطة البدنية والتمارين التي يمارسونها لتجنّب الإصابة بنوبة فرط سكر الدم أو بهبوط مستوى السكر بالدم.
– قياس مستوى السكر في الدم في الصباح عند الاستيقاظ، ومرة ثانية في العصر وقبل المغرب، لأنّ في حالة ارتفاع السكر أو هبوطه يجب على مريض السكري الإفطار فوراً.
– تناول قدر كافي من الماء حوالي 2 إلى 3 لتر من الإفطار حتى السحور بغية الحفاظ على رطوبة خلايا الجسم، وسيولة الدم.
مضاعفات ومخاطر السكري المحتملة التي قد يسببها الصيام
الصيام ينطوي على مخاطر متعددة بالنسبة لمرضى السكري من النوع الأول والنوع الثاني الذين لم يحسنوا التحكم في مستويات جلوكوز الدم، ومن أكبر هذه المخاطر:
– فرط هبوط سكر الدم: وهو انخفاض مستوى سكر الدم تحت المستويات الطبيعية (أقل من 70 ملغم/ ديسيليتر).
– فرط ارتفاع سكر الدم: وهو ارتفاع مستوى سكر الدم فوق المستويات الطبيعية (أكثر من 200ملغم/ديسيلتر).
– الحماض الكيتوني السكري (غيبوبة السكري (: عندما لا تحصل خلايا الجسم على الجلوكوز الكافي، فإنها تبدأ بحرق الدهون للحصول على الطاقة، وينتج عن ذلك فضلات تسمى الكينونات تزيد من حموضة الدم، مما يشكل خطورة كبيرة على المريض كما أن الانخفاض الزائد للأنسولين، والمبني على فرضية انخفاض كمية الغذاء التي تدخل الجسم في رمضان، قد يضاعف من خطر الحماض الكيتوني السكري.
– الجفاف والخثرات الدموية: الصيام قد يسبب الجفاف لمريض السكري، نظرًاً لافتقار الجسم للسوائل، مما قد ينتج عنه زيادة لزوجة الدم، التي تزيد من احتمال الإصابة بالخثرات الدموية، ولذا فإنه يتعين على مرضى السكري الذين يصومون شهر رمضان شرب كمياتٍ وفيرة من الماء خلال ساعات الليل، لحماية أنفسهم من الجفاف وما ينجم عنه من مضاعفات.
وبالمحصّلة، فإنّ مريض السكري قادر على الصوم بأمان خلال شهر رمضان إذا ما استوعب المخاطر، وتمكن من السيطرة على السكري، واتّبع توصيات الطبيب بعناية.
المراجع
– Ba-Essa, E. M., Hassanein, M., Abdulrhman, S., Alkhalifa, M., & Alsafar, Z. (2019). Attitude and safety of patients with diabetes observing the Ramadan fast. Diabetes research and clinical practice, 152, 177-182.
– Bashier, A. M., Hussain, A. K. B., Alawadi, F., Alsayyah, F., Alsaeed, M., Rashid, F., … & Hassanein, M. (2019). Impact of optimum diabetes care on the safety of fasting in Ramadan in adult patients with type 2 diabetes mellitus on insulin therapy. Diabetes Research and Clinical Practice, 150, 301-307.
– Gad, H., Al-Muhannadi, H., Purra, H., Mussleman, P., & Malik, R. A. (2020). The effect of Ramadan focused education on patients with type 2 diabetes: A systematic review and meta-analysis. Diabetes Research and Clinical Practice, 162, 108122.
– Hassanein, M., Afandi, B., Ahmedani, M. Y., Alamoudi, R. M., Alawadi, F., Bajaj, H. S., … & Zainudin, S. B. (2022). Diabetes and Ramadan: practical guidelines 2021. Diabetes research and clinical practice, 109185.
– Ibrahim, M., Davies, M. J., Ahmad, E., Annabi, F. A., Eckel, R. H., Ba-Essa, E. M., … & Umpierrez, G. E. (2020). Recommendations for management of diabetes during Ramadan: update 2020, applying the principles of the ADA/EASD consensus. BMJ Open Diabetes Research and Care, 8(1), e001248.
– Loh, H. H., Lim, L. L., Loh, H. S., & Yee, A. (2019). Safety of Ramadan fasting in young patients with type 1 diabetes: A systematic review and meta‐analysis. Journal of diabetes investigation, 10(6), 1490-1501.
تواصل مع الكاتب: abboudsamia6@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
