330 ألف طفل صومالي مهددون بالموت بسبب الجفاف وتضاؤل المساعدات الإنسانية في أحد أكثر بلدان العالم معاناة مع المجاعات.
خبر وجدته اليوم على منصات الأخبار… وعادت بي الذاكرة، إلى خبر شبيه ولكنه في عام 2011، عندما كانت مجاعة تضرب الصومال أيضاً. في حينها، عملنا وبالتعاون مع عدة جهات رسمية على وضع مشروع متكامل لحل جذري للأزمة في الصومال وغيرها من الدول التي تعاني من مشكلات مشابهة. ولكن، التبعية الفكرية والتنفيذية والتخلف الإداري حالت دون تنفيذه، للأسف.
فإلى متى تعاني الشعوب العربية والإسلامية من كوارث بالإمكان تلافيها؟ وإلى متى تهدر الأموال في شبه حلول آنية تزيد الأمر سوءا على المدى الطويل؟
فما يتطلبه الحل هو مجرد قيادة مسؤولة اجتماعياً وسياسياً، متحررة من التبعية، وإرادة حقيقية لتحسين أوضاع هذه الشعوب المنكوبة.
كل فينة وأخرى، تأتينا وسائل الإعلام بأخبار الكوارث في عالمنا العربي والإسلامي، وتطلب الجمعيات الخيرية التبرع، وتُجمع المساعدات، ثم يصل (بعضها) لهم بعد أن يكون الناس في البلد المنكوب، قد خسروا أرواحهم وبيوتهم وممتلكاتهم وكرامتهم وصحتهم. وتتكرر نفس الكارثة في نفس البلد مرات ومرات. الصومال على سبيل المثال، تتكرر فيها كوارث الجفاف والفيضانات كل سنتين أو ثلاث، تزيد أو تنقص، ويحق للمرء أن يتساءل، ألا يمكن حل المشكلة من جذورها، وإنقاذ هذا الشعب الكريم من هذه المآسي، مثله مثل الكثير من شعوبنا العربية والإسلامية؟ أتعجز حكومات الدول العربية ومؤسساتها عن القيام بهذا الواجب؟
ربط المعرفة العلمية مع الاستثمار والتخطيط السليم
في هذه الورقة، نجدد نبذة عن رؤيتنا التي طرحناها في 2011 لحل هذه الأزمات من جذورها، وتحرير دولنا وشعوبنا وأجيالنا القادمة من ذل الفقر والعطش والجوع المرض، وما يترتب على ذلك من ضعف وانهيار وتبعية وانعدام الأمان. لعلها تجد اليوم من يختاره الله للتبصر بها وفهمها ويكرمه بتنفيذها، من أجل اقتصاد مستدام ومزدهر، وإنقاذ ملايين البشر وتوفير مليارات الدولارات.
مما لا شك فيه وجود مؤسسات عربية وإسلامية مؤهلة للقيام بهذه المشاريع تمويلا وتخطيطا وتنفيذا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، البنك الإسلامي للتنمية، منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها المختصة، الصناديق التي توظفها الدول وخاصة الخليجية لدعم الدول العربية مثل صندوق قطر للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية ومجلس الجامعة العربية الاقتصادي والاجتماعي وغيرها كثير، هذا فضلاً عن الجمعيات الخيرية العربية التي لها دور مشهود وخبرة واسعة في الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
يقع الوطن العربي ضمن أشد المناطق جفافاً على سطح الكوكب. لذا فإن الماء يشكل تحدياً دائماً لسكان المنطقة منذ بداية الحضارة الإنسانية، ورغم ذلك، استطاع أسلافنا بالهمّة العالية والإرادة الصلبة والاعتماد على الذات، بعد الله عز وجلّ، التغلب على هذا التحدي وبناء حضارات حتى في قلب الصحراء. حالياً وكما ذكرنا في بداية المقال، تتعرض دول مثل الصومال واليمن، لظروف صعبة للغاية، ولكن بفضل الله، أن التقدم التكنولوجي وفر لنا مجموعة مختلفة من الطرق للتعامل مع تحديات الجفاف التي تواجه بلادنا العربية. وللقيام بذلك، هناك حاجة لربط المعرفة العلمية مع الاستثمار والتخطيط السليم.
بإيجاز شديد، هناك طرق مختلفة لمجابهة مثل هذه المشاكل، كلاً منها يستدعي دراسات و بحوث. وبطبيعة الحال، التنفيذ يستدعي تخطيط سليم وإشراف جيد. فالحلول الجزئية لا تحل المشكلات؛ بل لابد من تكامل مجموعة واسعة من المدخلات للحصول على النتيجة المرجوة، وهي اقتصاد مستدام و مزدهر.
إن هدفنا القريب في الطريق المؤدي لهذا الاقتصاد المستدام والمزدهر، هو حل مشكلة نقص المياه وما يترتب عليها. أو بكلمة أخرى تحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي للدول المعنية. ويكون ذلك عن طريق توفير مصادر صحية للماء والغذاء وترشيد الاستهلاك.
وغني عن القول، أن الخطوة الأولى في هذا الطريق هي تحسين معرفتنا بالظروف والأوضاع الحالية. فإن الفهم الكامل للأوضاع الراهنة لمصادر واستهلاك الماء والغذاء وأوجه القصور بها في الدولة المعنية يعدّ أمراً حاسماً.
المطلوب هو بيانات واقعية فعلية عن إنتاجية العمل، انتاجية الأرض، انتاجية المياه، الانتاجية الحيوانية والنباتية. ثم تحليل تلك البيانات وتدبر الحقائق والاحصائيات وهو المطلوب الأساسي الأول للخروج من الثقب الأسود الذي نحن فيه.
المشروع شبه كامل لدينا، ومن أراد التعاون واتخاذ المبادرة من الجهات المؤهلة لذلك، فنحن على أتم الاستعداد للتعاون، ويمكن الاتصال بنا لهذا الغرض.
والله ولي التوفيق
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org