عرّف مؤرخو العلوم والفلاسفة وغيرهم من المثقفين بداية الحداثة الكلاسيكية بما قدمه كوبرنيكوس وكبلر في الفلك، وجاليليو في الميكانيكا، وديكارت وفرما في الرياضيات، وهوجنز في المناظر، وغيرهم من علماء وفلاسفة القرن السادس عشر والسابع عشر في أوربا الغربية.
وقام كثير من الفلاسفة منذ القرن الثامن عشر وما يليه من أمثال فوتنل وكوندورسيه بعده في فرنسا، ووليم وتون في إنجلترا، وكانت في ألمانيا وغيرهم وهم كثر، ببناء نظرتهم حول الحداثة العلمية على هذا الأساس الذي لم يكن للعلم العربي ولا للفلسفة الإسلامية فيه نصيب، وهذا رغم وجود الكثير من الترجمات اللاتينية من العربية في هذين الحقلين.
بيّن العديد من الأبحاث المعاصرة في تاريخ الرياضيات والعلوم، أن سبق هذه البداية للحداثة الكلاسيكية بداية أخرى لا يمكن فهم ما تمّ في القرنين السادس عشر والسابع عشر دونها. وساهم الكثير من علماء الرياضيات والعلوم والفلاسفة في هذه البداية المبكرة.
وكان من بين كبار هؤلاء العلماء من القرن الحادي عشر، الحسن بن الحسن بن الهيثم، المتوفي بعد سنة 1040 ميلادية، وذلك بما نقل من مؤلفاته في علم المناظر إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، والتي درسها العلماء اللاتين منذ القرن الثالث عشر، من أمثال بيكون وفتلو وغيرهم، وكذلك كبلر وديكارت وفرما وهوجنز فيما بعد.
كتب ونشر بعض المؤرخين عن ما أتى به ابن الهيثم في علم المناظر، وعن الثورة المعرفية التي قام بها، وذلك بالعربية والألمانية والإنجليزية والفرنسية. لكن ليس هناك إلى يومنا هذا أي كتاب يضمن مؤلفه فيه ما أتى به ابن الهيثم في الرياضيات وعلم الهيئة وعلم المناظر والفلسفة العلمية. لم يكن هذا في المتناول قبل التحقيق العلمي والنقدي لهذه الأعمال، وقبل تصحيح الأخطاء والشوائب التي لحقت بصورة ابن الهيثم.
تمّ في العقود الأخيرة تحقيق الكثير من مؤلفات ابن الهيثم في الرياضيات والهيئة والمناظر ونقلها إلى الفرنسية والانجليزية مع الشروح الرياضية والعلمية، ولهذا أصبح من الممكن تأليف كتاب جامع لما أتى به ابن الهيثم في كل هذه الحقول وبيان مساهمته في أولى بدايات الحداثة الكلاسيكية.
هذا هو موضوع كتاب: ابن الهيثم بزوغ الحداثة الكلاسيكية.
With Kepler, Galileo, Descartes, Fermat, Huygens, etc., we witness the beginning of classical modernity. But the classical modernity of the 16th-17th centuries was itself preceded by a beginning, in mathematics, optics, astronomy, and the philosophy of mathematics.
One of the main actors of this history is Ibn al-Haytham (Latin Alhazen, who died after 1040), whose work in Arabic and translated into Latin was known to all and abundantly quoted. Although a few valuable studies on Ibn al-Haytham’s optics can be read today, there is no book devoted to the whole of his writings in mathematics, science, and philosophy.
This is precisely the purpose of this book: to systematically study Ibn al-Haytham’s scientific methods and theories to show that, in more than one area, they prelude classical modernity.
تواصل مع الكاتب: rashed@paris7.jussieu.fr
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة