تُعَدّ الفطريات المسبب الأكبر للأمراض النباتية، حيث تتسبب بالإضرار بها عن طريق قتل الخلايا النباتية أو التسبب في إجهادها. وتنتقل العدوى الفطرية عن طريق البذور المصابة والتربة والأعشاب الضارة، وتنتشر هذه الفطريات عن طريق الرياح والمياه، أو حركة التربة الملوثة أو الحيوانات أو الآلات والأدوات، وتتكاثر الفطريات من خلال الجراثيم التي تهبط في البداية على سطح النبات.
ومن أبرز تلك الفطريات فطر يعرف علميا باسم Colletotrichum graminicola وهو طفيل ينتشر في جميع أنحاء العالم ويصيب القمح والذرة وبعض أنواع الحبوب المعدّلة وراثيًّا بأمراض الفطريات، حيث يتسبب في تحول أوراق النبات إلى اللون الأصفر في البداية ثم تستسلم في النهاية للسموم.
ومن أجل حل هذه المشكلة فقد اكتشف فريق علمي من جامعة مارتن لوثر في هاله-فيتنبرغ في ألمانيا Martin-Luther-Universität Halle-Wittenberg وجامعة ولاية بارانا في البرازيل طريقة جديدة يمكن بواسطتها السيطرة على الأمراض الفطرية المنتشرة في النباتات وذلك باستخدام مادة كيميائية متوفرة تجاريًّا والتي كانت ومازالت تستخدم بشكل أساسي في الطب.
ومن خلال هذه المادة الكيميائية التي تم تجريبها في تجربة عملية شاملة، اكتشف العلماء مسارًا جديدًا للتمثيل الغذائي وهو مسار استقلابي جديد يمكن تعطيله بهذه المادة الكيميائية، وبالتالي منع العديد من الفطريات النباتية المعروفة من غزو النبات.
يقول البيان الصادر من جامعة مارتن لوثر الألمانية إن هناك ظروف يمكن أن تساعد في الحدّ من انتشار تلك الفطريات ومنها نقص في معظم العناصر الغذائية التي تحتاجها تلك الفطريات للنمو والانتشار وخاصة النيتروجين الذي تعتمد عليها الفطريات في الحصول على غذائها وتكاثرها وتغلغلها في النباتات.
وفي هذا الصدد يوضح عالم أمراض النبات البروفيسور هولجر ديسينج من جامعة مارتن لوثر: إن الطريقة الجديدة للحد من انتشار الفطريات وحماية النباتات منها تعتمد على اتباع أسلوب إعاقة الفطر من التغلغل في النباتات، حيث قام الباحثون برش حمض أسيتوهيدروكساميك على النباتات، وهي مادة تستخدم أيضًا لعلاج البكتيريا الضارة في معدة الإنسان، ومن المعروف أنها تمنع تكسير اليوريا.
ووفقا للبيان الصادر فقد وجد العلماء أن الحمض فعّال ضد العديد من مسببات الأمراض الأخرى التي تسبب على سبيل المثال، البياض الدقيقي في محاصيل الحبوب، واللفحة المتأخرة في البطاطس، وكذلك صدأ الذرة والفول.
ويقول ديسينج: "لقد تمكنا من تطوير نهج جديد تمامًا للتحكم في العوامل الممرضة، وذلك باستخدام مكونًا نشطًا موجودًا وبالتالي يمكن استخدامه بسرعة تجاريًّا". كما أجرى العلماء تجارب مكثفة من أجل فهم التفاصيل الجزيئية لكيفية تمكن الفطر من الحصول على النيتروجين في بداية الإصابة.
يقول ديسينج: لقد قمنا بتلقيح مختلف الطفرات الفطرية على النباتات لمعرفة أيا منها لم يعد معديًا، وذلك من أجل التحقق مما إذا كان فشل الطفرات في إصابة النبات ناتجًا بالفعل عن نقص النيتروجين، حيث قام الباحثون بعد ذلك بتطبيق النيتروجين على النباتات.
وأضاف ديسينج: "بمجرد إضافة النيتروجين، حتى الطفرات غير المؤذية أصبحت معدية مرة أخرى".
هذا وكان الفريق قادرًا على إحداث نفس الخلل الذي لاحظوه في الطفرات في الفطريات من النوع البري عن طريق تطبيق حمض الأسيتوهيدروكساميك لأنه يمنع مسار تحلل البيورين أيضًا.
المصادر
البريد الإلكتروني للكاتب: abualihakim@gmail.com