احتفلت دورية "نيتشر" الطبعة العربية Nature Arabic Edition، بمرور عامين على صدورها، وهي نسخة شهرية مترجمة من دورية Nature الدولية الأسبوعية الرائدة عالمياً في مجال العلوم؛ حيث صدرت للمرة الأولى في أكتوبر 2012م. وتسمح هذه الطبعة للناطقين بالعربية في شتى أرجاء العالم بالوصول بلغتهم الأم إلى آخر الأخبار والتعليقات العلمية العالية الجودة، بالإضافة إلى الاطلاع على ملخصات لجميع الأوراق البحثية بمختلف التخصصات العلمية. جميع محتوى هذه الطبعة متاح مجانًا على شبكة الإنترنت (arabicedition.nature.com)، مع توافر 10000 نسخة مطبوعة شهريا، توزّع بشكل مجاني ومحدود، بدعم كامل من "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية" KACST.
ولقد أسعدني الحظ بالمشاركة في جميع الأعداد التجريبية والرسمية خلال عمر المجلة القصير مع كوكبة من العلماء والباحثين والمترجمين المتخصصين، في تجربة أعتز بها، وأضافت لي الكثير على المستوى المهني والشخصي، كالاطلاع الدوري أسبوعيا على أحدث البحوث العالمية، وتبادل الخبرات المتميزة في مجال الترجمة العلمية المتخصصة، وتحقيق الهدف الأسمى لي شخصيا والذي جاهدت فيه لأكثر من 15 عاماً، وهو نشر الثقافة والمعرفة العلمية في ربوع الوطن العربي، ولجميع الناطقين باللغة العربية على مستوى العالم. ومن خلال هذا العمل الدؤوب، أثرت المجلة حركة الترجمة بالعديد من المصطلحات العلمية الحديثة المعربة، وهي تضيف العديد من هذه المصطلحات الجديدة التي تنشر في أحدث البحوث العلمية العالمية في الطبعة الدولية أسبوعيا، وجميع هذه المصطلحات العلمية متاحة للجميع على موقع الدورية على الإنترنت (arabicedition.nature.com/terminology).
مستقبل العلوم في العالم العربي
واحتفالاً بمرور عامين على صدورها، تقدِّم دورية "نيتشر الطبعة العربية" ملفاً خاصاً تحت عنوان "مستقبل العلوم في العالم العربي"، وهو أول محتوى تنتجه الدورية خصيصاً للعالم العربي. وبخصوص هذا الملف، قال رئيس تحرير الدورية الدكتور مجدي سعيد: "حرصَتْ نيتشر الطبعة العربية على تناول موضوع شديد الأهمية، يمسّ العالم العربي بأكمله، كمستقبل العلوم، طارِحَةً رؤى ودعوات للارتفاع بالشأن العلمي العربي عامةً، وبعض التخصصات شديدة الحساسية في الوطن العربي بصفة خاصة". وأضاف قائلًا إنه بالرغم من التحديات والصعوبات التي تواجه البحث العلمي في العالم العربي، إلا أن الشغف المتصاعد للشباب العربي بالعلوم قد يكون بارقة أمل، إذا ما تم استثماره في تطوير التعليم العلمي، والبحث العلمي، والابتكار التقني، إضافة إلى دعم المؤسسات الأكاديمية والبحثية العربية.
شارك في هذا الملف الخاص علماء وباحثون عرب من تخصصات ومجالات مختلفة، وتناول الملف أهم القضايا التي قد تمسّ مستقبل العالم العربي مثل قضية تحلية المياه. ناقش هذه القضية فيصل والي، مدير العمليات المركزية في مركز تحلية وإعادة استخدام المياه في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية KAUST في المملكة العربية السعودية، حيث طرح والي حلّاً لتفادي مشكلة ندرة المياه المستقبلية، من خلال المَزْج بين التقنيات القديمة والجديدة في تحلية المياه؛ لتخفيض الطاقة المستهلَكة، والتعامل مع الملوحة العالية لمياه البحر الأحمر، والخليج العربي. ويرى والي أن المَزْج بين التقنيات القديمة والجديدة في تحلية المياه؛ لتخفيض الطاقة المستهلَكة، والتعامل مع الملوحة العالية لمياه البحر الأحمر والخليج العربي يَعِد بحلول مستقبلية لندرة المياه بدول الشرق الأوسط.
أمّا في قطاع الطاقة، فأمام العالم العربي فرصة قلّ ما تتكرر، ليكون الرائد في هذا المجال، كما أوضح مقال علي الطيب، المتخصص في الهندسية الكيميائية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي ورد فيه أن "المجتمعات العربية تملك الموارد المالية والبشرية لتصبح الحاضنة، لنصنع وادي سيليكون عربيًّا للطاقة"، خاصةً في وجود تكنولوجيات الطاقة الحديثة، التي هي قيد التطوير. وفى نظـرة إلى الواقع العلمي والتقني في العالم العـربي، يضع الدكتور أحمد فؤاد باشا حقائق وَضْع البحث العلمي في العالم العربي أمام عيوننا، ويدعو إلى تخطيط استراتيجي مشترك؛ لاجتياز الفجوة المعرفية والتقنية الحالية.
تناول الملف أيضاً "الهندسة الوراثية والتقنيات الحيوية" التي قد تكون أملاً لتلبية احتياجات الشعوب العربية من الغذاء، وحاجتنا لدعم أبحاث "الطب الحيوي" للتعامل مع الأمراض الناتجة عن الخصوصية المكانية للمنطقة، كزواج الأقارب، وتغيُّر النمط الغذائي، والمشكلات المتعلقة بعدم الاستقرار السياسي، و"علم الفَلَك" الذي كان للعالمين العربي والإسلامي السبق فيه منذ بضع قرون، ويرى نضال قسوم أن المنطقة العربية بإمكانها أن تستعيد مكانتها في مجال الفَلَك، خاصّةً على المستوى البحثي، إذا وجدت الإرادة والطموح لذلك. بالإضافة الى قضية "التعليم العلمي"، وأهمية تطويره من أسلوب التلقين إلى التفكير النقدي الحر، مما يساعد بتنشئة أجيال قادرة على تحقيق نهضة علمية حقيقية في العالم العربي. وترى رنا دجاني أن مستقبَل تعليم العلوم في الشرق الأوسط يجب أن يطوِّره جِيلٌ من الشباب الجريء، المتسلِّح بالمهارات اللازمة؛ لإحداث تغيير فعلي، يستطيع أن يَبني مجتمعاتنا وأُمَتنا، ويتقدَّم بنا إلى القرن الواحد والعشرين.
مجموعة نيتشر للنشر
وتعدّ "مجموعة نيتشر للنشر" Nature Publishing Group التابعة لشركة "ماكميلان للنشر" العالمية، الناشر الحصري لعدد كبير من المنشورات العلمية والطبية عالية الجودة طباعة وعلى شبكة الإنترنت، مثل دورية Nature الأسبوعية الرائدة (التي تأسست عام 1869)، ودورية Scientific American (التي تأسست عام 1854). وتنشر المجموعة دوريات (حوالي 85 دورية) وقواعد بيانات على شبكة الإنترنت وأبحاث في علوم الحياة، والعلوم الفيزيائية والكيميائية والتطبيقية، والطب الإكلينيكي والعديد من المجالات العلمية الأخرى؛ كما وتتوزع مكاتب المجموعة ونشاطاتها في أكثر من 50 دولة حول العالم.
وبدأ نشاط "مجموعة نيتشر للنشر" في الشرق الأوسط في عام 2010م وتكلل بمشروعي نشر علميين رائدين في المنطقة "نيتشر ميدل إيست" و "نيتشر الطبعة العربية"، بالإضافة الى العديد من المشاريع الأخرى مع أهم المؤسسات العلمية والبحثية العربية. ومن الخدمات التي تؤمنها المجموعة للمؤسسات الحكومية والأكاديمية والمجموعات البحثية: قواعد البيانات العلمية، وتدريب الباحثين على أصول نشر الأبحاث العلمية، وإطلاق منشورات علمية جديدة، وتقديم استشارات في استراتيجيات التواصل العلمي، وخدمات التحرير العلمي وغيرها الكثير. ويزوّد الموقع الإلكتروني nature.com أكثر من ستة ملايين زائر شهريًا بإمكانية الوصول إلى منشورات "مجموعة نيتشر للنشر" وقواعد بياناتها، بما في ذلك من أخبار وتعليقات، وأحدث الوظائف العلمية NatureJobs، وغيرها من الخدمات ذات الصلة.
البريد الإلكتروني للكاتب: tarekkapiel@hotmail.com