في فجر الثلاثاء 18 فبراير 2014 مرت صخرة عملاقة بحجم ثلاثة ملاعب كرة (قطرها 270 متر) كانت على مسافة تقدر بـ 9 مرات تقريبا مثل المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر، أي على بعد 2 مليون و600 ألف كم من الارض، وهي اقرب مسافة لهذه الصخرة في مدارها حول الشمس بالنسبة للأرض. تسمى هذه الصخرة 2000-EM 26، وهي تنطلق بسرعة 43 ألف كم في الساعة.
تعتبر هذه الصخرة ضمن الاجسام القريبة من الارض والتي تسمى(NEO) Near-Earth Object. ولكن مما ازعج عامة الناس في جميع انحاء العالم هو ما سمعوه من وكالات الانباء عن حجم التدمير الذي يمكن أن تسبب فدائماً ما يقدر العلماء حجم التدمير المحتمل حتى ولو لم يحدث، فلو لا قدر الله تم اصطدام مثل هذا الجسم بالارض كان سينتج عنه قوة تدميرية تقدر بحوالي 2500 قنبلة هيروشيما، ومن ثم دعى اعضاء موقع "Slooh" الالكتروني الى مراقبة هذا الحدث عن طريق كاميراتهم الفضائية Space Camera وتليسكوباتهم الآليةRobotic Telescope من خلال موقعهم الالكترونيSlooh.com وايضاً من خلال تحميل التطبيق الخاص بالموقع على أجهزة الآيباد.
ومر الأمر بسلام دون حدوث شيئ، ثم تكررت هذه الظاهرة في فجر يوم الخميس 20 فبراير 2014 من نفس الأسبوع حيث مرت صخرة شبيهه من هذه الصخور بحجم مبنى طوله 98 متر أطلق عليها BR57-2014 وكانت على مسافة تقدر بأربعة أضعاف المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر، ومر الامر بسلام دون حدوث شيئ ايضاً.
ففي الحقيقة هناك عشرات الألاف من الاجسام القريبة من الارض والتي شارك في رصدها التليسكوب الفلكي الشهيرPAN-STARRS-1 التابع لجامعة هاواي بتمويل من وكالة ناسا للفضاء، أغلب هذه الاجسام من الكويكبات الصخرية والمذنبات ومخلفات النظام الشمسي، تتراوح احجامها من حجم الصخور العادية الموجودة على الارض الى صخور عملاقة بحجم بنايات وملاعب للكرة، والبعض الاخر بحجم احياء ومدن، يقول العلماء المتخصصون في هذا المجال ان حوالي 10 % من هذه الاجرام (الكويكبات) والتي لها قطر أقل من 1 كم يمكن ان تؤثر على الارض في المستقبل، وأن حوالي 15 الف منها يصل حجمها الى حجم ملعب كرة القدم اي حوالي 100 متراً تقريباً، واكثر من مليون جسم منها يصل حجمها الى أقل من 30 متراً.
وعلى أثر اهمية هذا الموضوع ، طالبت وكالة الفضاء الامريكية ناسا من الكونجرس الامريكي عام 2005 السماح لها بالبحث والكشف عن الاجرام السماوية التي يصل قطرها الى أكثر من 100 متراً، حيث يمكن للتكنولوجيا الحديثة مواجهة خطر الاصطدام بالارض اذا تم التنبؤ به قبل حدوثه بوقت كافي .. ويعود تاريخ الرصد الدقيق للأجسام القريبة من الأرض الى عام 1998 حين أطلقت وكالة ناسا برنامجاً خاصاً لرصد مسار الأجسام التي تقترب من الأرض.
ويرجع اهتمام العلماء بهذه الكويكبات لأنها متقلبة المسار والسرعة، الأمر الذي يجعل رصدها وتتبعها أمراً صعباً، وهذا بدوره يشكل خطراً كبيراً على الأرض. وتغير مسار هذه الأجسام الصغيرة يأتي من أنها تتأثر بعامل جاذبية الكواكب القريبة منها حيث أن سخونة جزء منها اثناء تعرضه للشمس يتسبب في تغيير مساره وسرعته، وفي هذا الشأن تلعب جاذبية كوكب المشتري (أكبر كواكب المجموعة الشمسية) دوراً كبيراً بالنسبة للأرض، فبفضل كتلته الضخمة فهو يعمل كمصيدة لهذه الكويكبات والنيازك ونفايات النظام الشمسي ويجنب الأرض أخطار كثيرة. لكن من ناحية أخرى فإن كوكب المشتري العملاق يدفع ببعض هذه الكتل الصخرية للخروج من حزام الكويكبات الواقع بين مداره ومدار كوكب المريخ مما يجعلها عرضه للسقوط على الارض في نفس الوقت.
أما الخطورة الحقيقية فتكمن في الأجسام التي يتعدى قطرها 150 متر وتمر بقرب الأرض على مسافة أقل من 8 مليون كم! علماً بأن قُطر الأرض حوالي 13 ألف كم، وبالمقارنة نجد أن قُطر نيزك أقليم جبل الأورال الذي سقط على الاراضي الروسية عام 2013 لا يتعدى قطره 15م ، وكان يزن أكثر من 11 طن وينطلق بسرعة 20 كم في الثانية (آي أسرع من الرصاصة) مما أحدث ضوئاً باهراً فاق ضوء الشمس، وأصدر زئيراً قوياً حتى اصطدم بالارض وتسبب في جرح اكثر من ألف شخص نتيجة الزجاج المكسور والمتطاير بفعل دوي صوت الانفجار الذي سمع في 6 مدن حول هذا الاقليم ! واخيرا سقط جزء منه في بحيرة مجاورة، وبعد شهر تقريبا من البحث والتنقيب تم انتشال هذا الجزء من قاع البحيرة وتبين أن وزنه أكثر من 650 كجم وكان مدفونا على عمق 20 متر تحت طبقة سميكة من الطين، والان تم وضعه في متحف الاقليم الذي سقط فيه.
وعلى كل حال فان من نعم الله علينا انه جعل نصف الكرة الارضية من الماء (المحيط الهادي) وان الماء ايضاً يوجد في النصف الأخر الموجود بها اليابسة ، فالماء على الارض أكثر من 71%، كما يوجد باليابسة مساحات شاسعة من الصحاري والغابات الغير مأهولة بالسكان، وعلى هذا فان معظم الاجسام الساقطة علينا من الفضاء تقع أما في الماء أو في تلك المناطق الغير مأهولة.
البريد الإكتروني للكاتب: altadross@yahoo.com