تمكن فريق بحثي من جامعة الامارات من تطوير تقنية جديدة لتشخيص مرض باركينسون (الشلل الرعاشي)، و سجلت لهم كبراءة اختراع. لقد استطاعوا استحداث مركبات تصويرية ذكية قادرة على رصد تطور المرض باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي MRI أو التصوير المقطعي (CT-Scan) بالإصدار البوزيتروني PET . وستخضع هذه المركبات قريباً لدراسات سريرية على مرحلتين بهدف تقييم فرص استخدامها كأداة تشخيص تصويرية، و لكي تكون وسيلة قياس فعّالة لتطوير مستحضرات دوائية جديدة.
إن مرض باركنسون Parkinson's Disease هو مجموعة اضطرابات النظام الحركي كما وصفة الطبيب البريطاني جيمس باركنسون في عام 1817 في مقالة عن الشلل الرعاشي، و هي تنشأ بشكل رئيسي نتيجة لتدمير خلايا في جذع الدماغ وتتواصل مع منطقة تقع تحت قشرة الدماغ تعرف بالعصبونات و هي الخلايا المتصبغة الواقعة في المادة السوداء لجذع الدماغ والتي تبعث استطالات إلى أعماق قطاع أعلى يسمى الجسم المخطط.
يطلق على المرض اسم متلازمة المرض (syndrom) ، عندما لا يرتبط ظهور المرض بأسباب معينة وهذه هي الحالات الغالبة، كما يطلق عليه مرض (disease) في حالة تعين سبب لظهور أعراض المرض.
وللمرض عدة أسباب منها أسباب جينية، كالتعرض للسموم و اتحاد العامل الجيني وأيضا فان بعض الإصابات في الرأس قد تؤدي إلى الإصابة بالمرض إضافة إلى أن استخدام أدوية وعقاقير الجنون (anti-psychotic) قد تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالمرض
في الوقت الحاضر، ليس هناك علاج للمرض ، لكن هنالك مجموعة أدوية تعطي المريض فترة راحة من الأعراض. مثل البروموكربتين (bromocriptine)، بيرجوليد (pergolide)، براميبيكسول (pramipexole)، وروبينيرول (ropinirole)،
ومع التطورات التي شهدها الطب الحديث بفضل ثورة الجينات والاكتشافات الجينية ولخلوية الحديثة يتجه الباحثون نحو إيجاد علاجات شافية من المرض وفي نفس الوقت العمل على إيجاد أساليب للكشف المبكر عن المرض وتشخيصه
أساليب للكشف عن المرض
إن داء باركنسون مرض مزمن، مما يعني بأنّه يستمر لفترة زمنية طويلة، ومرض يتقدم، بمعنى أن أعراضه تنمو بصورة أسوأ بمرور الوقت. بالرغم من أن بعض الناس يصبحون مقعدين بصورة شديدة، ويواجه آخرين من المرضى عراقيل حركية بسيطة.وتعتبر الهزّة العلامة الرئيسية لبعض المرضى، بينما البعض الآخر، تكون الهزّة هي مجرد شكوى بسيطة مقابل أعراض أخرى أكثر إزعاجا. لا أحد يمكن أن يتوقّع أيّ عارض من الأعراض سيصيب المريض، وتتفاوت كثافة العارض أيضا من شخص إلى أخر.
أما بالنسبة لتقنيات التشخيص والكشف المبكر عن المرض فما زال الباحثون يبذلون جهودهم في هذا الاتجاه مستغلين الانجازات الطبية و الجنية التي شهدها عالمنا المعاصر، حيث وصل علماء ألمان و نمساويون لاكتشاف طريقة جديدة قد تساعد في الكشف المبكر عن المرض و علاجه، و ذلك باستخدام الموجات فوق الصوتية من خلال توجيهها إلى خلايا الدماغ التي أصيبت بالتلف و التي تستجيب بطريقة خاصة للموجات فوق الصوتية.
وعند تصويرها بالأشعة تظهر الخلايا التالفة على نحو أكثر وضوحاً من الخلايا السليمة، و ذلك حتى قبل ظهور أعراض واضحة للمرض، و يعد الشخص الذي يظهر لديه هذا الأمر معرضاً لخطر الإصابة بمرض باركنسون بمقدار 17 ضعفاً عن غيره.
التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو المقطعي البوزيتروني (PET)
وفي اتجاه البحث عن أساليب و تقنيات التشخيص و الكشف المبكر عن مرض باركنسون فقد حصلت "جامعة الإمارات" مؤخراً على براءة اختراع من "الولايات المتحدة الأمريكية" و "أوروبا" و "هونج كونج"، في مجال تطوير طريقة فعالة لتشخيص "مرض باركنسون و بعض الأمراض المشابهة و التي توفر لأول مرة في حال اجتيازها الاختبارات السريرية، وسيلة تصويرية تستطيع اكتشاف الإصابة بالمرض و تحديد أسبابه، الأمر الذي يعد نقلة نوعية في مجال تشخيص الأمراض العصبية.
وجاء في البيان الذي أصدرته الجامعة إن البروفسور عمر المختار علي الأجنف و فريقه العلمي من كلية الطب و العلوم الصحية، قد تمكنوا من استحداث مركبات تصويرية ذكية قادرة على رصد تطور المرض باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي MR1 و التصوير المقطعي CT-Scan بالإصدار البوزيتروني PET .
وأوضح البروفيسور "الأجنف" أن القصور في توفير أدوات تشخيصية دقيقة أو علامات بيولوجية معتمدة يؤدي إلى زيادة معدلات التشخيص الخاطئ لمرض باركنسون لا سيما في المراحل المبكرة منه، و قد تسببت هذه المشكلة بالفعل في سوء تشخيص ما يقارب من 20 – 30 % من الحالات المبكرة، كما إن التشخيص المبكر لمرض باركنسون يعطي إمكانية المداخلة العلاجية المبكرة بهدف منع تقدم سير المرض وكبح تأثيراته السلبية.
وقد قام البروفيسور "الأجنف" بتطوير أدوات تشخيصية للمرض و ذات كفاءة عالية "و هو محل براءة الاختراع التي حصل عليها فريق العمل" و هذه الأدوات التشخيصية الذكية في حال اجتيازها الاختبارات السريرية ستوفر و لأول مرة وسيلة تصويرية تستطيع اكتشاف الإصابة بمرض باركنسون و تحديد أسبابه، الأمر الذي يعد نقلة نوعية في مجال تشخيص الأمراض العصبية.
وأكد البروفيسور "الأجنف" أنه و فريقه العلمي يطمحون إلى ما هو أبعد من ذلك و هو ترجمة هذه الاكتشافات و الاختراعات إلى تطبيقات معتمدة من خلال دراسات سريريه معمقة، حيث تمكن الفريق حتى الآن من تطوير أجسام مضادة مبتكرة قادرة على التعرف بشكل نوعي على المكونات المرضية للشلل الرعاشي، حيث أن مجال تشخيص و علاج مرض باركنسون و الأمراض العصبية الأخرى تعد من أهم التحديات الطبية و خاصة مع زيادة معدل أعمار الشعوب مما يؤدي إلى زيادة مضطردة في تكلفة الرعاية الصحية في المجتمع.
المراجع