مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

تفسير أحلام ومنامات العلماء خيرا رأيت

الكاتب

الكاتب : أ.د. أحمد بن حامد الغامدي

جامعة الملك سعود - الرياض

الوقت

06:34 مساءً

تاريخ النشر

09, يونيو 2015

اكتشافات علمية عبر المخدة

عبر أجيال متواصلة كانت الحكمة المفضلة للآباء والمعلمين لحث الأبناء والطلاب على المثابرة والاجتهاد في تحصيل العلوم وإتقان الدراسة (من طلب العلا .. سهر الليالي) في حين ان البعض الآخر كان يتحسر على هدر الأوقات الثمينة في النوم حيث أن ثلث عمر الانسان تقريباً يمضي وهو نائم. لكن بعض الأحداث والقصص الغريبة التي حصلت لبعض العلماء والمكتشفين تشير إلى أن هذه الأوقات الثمينة أثناء النوم لم تكن تهدر سدى فكما أن العديد من الاكتشافات والاختراعات العلمية تمت (عن طريق الصدفة المحضة) نجد أن بعض الاكتشافات العلمية تمت (عن طريق الاسترخاء على الوسادة الخالية).

ولهذا لا عجب أن نجد أحد أبرز علماء الكيمياء في القرن التاسع عشر وهو الكيميائي الألماني فريدريك كيكوليه  Kekule يستعيض عن نصيحة سهر الليالي في طلب العلم وإجراء التجارب بنصيحته الصارخة في الغرائبية: (يا سادة، لنتعلم كيف نحلم فربما نعثر على الحقيقة). السبب في هذه النصيحة الغريبة هو القصة المشهورة التي حصلت مع كيكوليه نفسه حيث توصل عن طريق الأحلام والنوم (وليس عن طريق سهر الليالي) لحل اللغز العلمي المتعلق بتركيب جزي البنزين.

تبدأ القصة عنما كان الكيميائيين في منتصف القرن التاسع عشر أمام مشكلة وأحجية حقيقة تتعلق بفهم تركيب جزيء البنزين benzene البالغ الأهمية في الكيمياء العضوية حيث كانوا يعلمون من الابحاث السابقة ان له صيغة عامة مكونة من ست ذرات كربون وست ذرات هيدروجين (C6 H6) و في نفس الوقت اقتنع المجتمع العلمي في تلك الفترة (أخيرا) ان ذرة الكربون رباعية التكافؤ ولذا فلا بد ان تحتوي ذرة الكربون على أربع روابط كيميائية بينما الصيغة السابقة (C6 H6) تقترح قدرة ذرة الكربون على تكوين ثلاث روابط كيميائية فقط. وكما هو مشهور للقاصي و الداني تمكن كيكوليه من حل هذه المعضلة العلمية المعقدة بعد انخراطه في غفوة و حلم خاطف.

ففي أثناء اقامته المؤقتة في لندن كان كيكوليه معتاداً على أن يركب في الطابق الأعلى لباص لندن الأحمر الشهير وفي إحدى رحلاته خلال المدينة غلبة النوم و في غفوته القصيرة تلك شاهد في الحلم مجموعة من ذرات الكربون تلتف و تدور أمام عينيه و أخيراً ترتبط ببعضها على شكل سلسلة وعندما استيقظ سارع كيكوليه بتسجيل هذه الفكرة. الغريب في قصة كيكوليه مع الأحلام والرؤى والمنامات أنها لم تنتهي عند هذه الحادثة بل أنه شاهد حلم ومنام آخر أكثر أهمية وكانت أحداث هذا المنام الجديد قد تمت في مدينة صغيرة في بلجيكا عندما استرخى كيكوليه أمام المدفأة و بقي هكذا ما بين النائم و اليقظان و شاهد في منامه سلاسل من ذرات الكربون تمثلت على شكل الافاعي والتي كانت  تتذبذب و تهتز امام عينية و فجأة عضت إحدى هذه الافاعي بفمها على ذيلها مكونة شكل حلقة المتصلة.

ومرة أخرى عندما استيقظ كيكوليه من حلمة قضى بقية تلك الليلة الشهيرة وهو يسجل فكرة هذا الحلم و يختبر احتمالية الشكل الحلقي لمركب البنزين. بالإضافة لذلك توجد صيغ أخرى لرواية تفاصيل أحلام كيكوليه حيث يقال هذه المرة أنه قد رأى ستة من القرود (بدلاً عن الأفاعي) متماسكة بالأقدام والأرجل. الجدير بالذكر أنه توجد بعض الدراسات التاريخية تشير إلى احتمالية أن كيكوليه قد اطلع على دراسات سابقة لعالم نمساوي يدعى جوزيف  لوشميدت Loscmidt وكيميائي آخر بريطاني يدعى كوبر Couper وكلتا هاتين الدراستين اشارت لفكرة أن مركب البنزين له شكل حلقي. ولهذا السؤال البريء هو هل فعلاً حلم كيكوليه بتلك الأحلام المزعومة أم أنه أختلقها من بنات افكاره وفي حال صحة عدم كذبه في رؤية تلك الأحلام هل كانت انعكاساً غير محسوس وغير مقصود نتجت من خلجات النفس كحال بعض الشعراء الذين قد يقتبسون من شعراء آخرين بغير شعور لمجرد اطلاعهم على اشعارهم. على كل حال من المحتمل أن ما حصل مع كيكوليه يمكن تفسيره بأنه قد علق في عقله الباطن بعض الأفكار والدراسات العلمية التي اطلع عليها ومن ثم أعيد إظهارها لاحقاً وبصورة غير مقصودة في شكل حلم الأفاعي أو القردة المشهور.

  حلم آخر واكتشاف كيميائي آخر أكثر أهمية نتج من غفوة حالمة لأسطورة تاريخ الكيمياء الروسي الشهير ديمتري مندلييف حيث أفرزت رؤى ومنام مندلييف فكرة الجدول الدوري للعناصر الكيميائية وهو موضع يعتبر بكل المقاييس حجر الزاوية في علم الكيمياء الحديث. لقد كانت ارهاصات وبواكير حلم مندلييف أنه بدء في عام 1868 في تأليف كتاب تعليمي عن مبادئ علم الكيمياء وبهدف أساسي يهتم بسد النقص من الكتب الكيميائية الاكاديمية في المكتبة الروسية. وأثناء تأليف ذلك الكتاب اصطدم مندلييف بحقيقة عدم وجود طريقة علمية منضبطة يمكن من خلالها تصنيف جميع العناصر الكيميائية بشكل سليم. ونتيجة لتفكير مندلييف المتواصل بهذه المعضلة وحيث أنه كان في نفس الوقت لاعباً ماهراً في لعبة الورق (السوليتير) ولهذا وبتأثير من هذه اللعبة قام ماندلييف بكتابة اسماء العناصر الكيميائية المعروفة في ذلك الوقت على قصاصات من الورق مع مراعاة كذلك وضع بعض المعلومات الكيميائية لهذه العناصر مثل أوزانها الذرية على قطع الورق والتي قام بتوزيعها على الطاولة كطريقة توزيع أوراق لعبة السوليتير (الكوتشينة). وبحكم أنه كان مشغولاً جداً في موضوع ترتيب العناصر لدرجة أنه ظل لمدة ثلاث أيام وليالي لم ينم إلا فترات قليلة نجده في أحد أيام شهر فبراير لعام 1869 وبسبب قلة النوم والإعياء يغفي وينام على مكتبة مسنداً رأسه على تلك البطاقات الكيميائية وعندما أفاق من نومته الحالمة تلك تغير تاريخ علم الكيمياء للأبد. يبدو أنه أثناء منام مندلييف  استمر عقله في خلط تلك البطاقات وإعادة ترتيبها وهنا في المنام ألهم الحل، فحسب وصف مندلييف لهذه الحادثة العجيبة يقول (لقد رأيت في الحلم جدولاً تقع فيه جميع العناصر حسب مكانها كما ينبغي).

من المعلوم أن الاضافة العلمية البارزة لمندلييف هي توزيع العناصر الكيميائية حسب أوزانها الذرية (وليس حسب العدد الذري وهي الفكرة التي ظهرت لاحقاً) وبالتالي تبين أن الخواص الكيميائية لهذه العناصر تتكرر بصورة دورية بعد ترتيب كل ثمانية عناصر كيميائية ومن هنا تم تسمية طريقة التوزيع الجديدة تلك (بالجدول الدوري للعناصر). حسب الزعم المقدم من مندلييف بأنه تم الايحاء له بهذه الفكرة من خلال حلمه الشهير السابق الذكر وكما أشرنا أنه من المحتمل أن يكون قد تسرب للعقل الباطن للكيميائي الالماني كيكوليه بعض الأفكار العلمية التي من المحتمل أن يكون قد اطلع عليها حول التركيب الحلقي لجزيء البنزين لذا توجد شبه مماثلة بأن مندلييف هو الآخر إما انه افتعل واختلق قصة الحلم المزعومة تلك أو انه هو الآخر وقع تحت تأثير الايحاء النفسي الباطني الذي أنتج هذه القصة الدرامية المتعلقة بحلم بطاقات ورق (الباصرة أو الكوتشينة).

 في الواقع لقد أعلن مندلييف توصله لاكتشافه العلمي التاريخي حول (الجدول الدوري للعناصر) في عام 1869ولكن من الثابت الآن تاريخياً أن بعض العلماء قد توصلوا لأفكار علمية مشابه لما طرحة مندلييف قبل ذلك بعدة سنوات. فعلى سبيل المثال تم طرح نفس تلك الأفكار العلمية حول ترتيب العناصر الكيميائية في عام 1864 (أي قبل طرحها من قبل مندلييف بخمس سنوات) من قبل العالم الانجليزي نيولاندز Newlands (الذي اشتهر باكتشافه قانون الثمانيات Law of Octaves ) وكذلك طرحت نفس الفكرة في نفس تلك السنة من قبل الكيميائي الالماني جوليوس ميير Meyer بل الأغرب من ذلك أن الكيميائي البريطاني وليم أودلنج  Odling كان قد قام بترتيب  57 عنصراً كيميائياً بطريقة مشابهة لطريقة ترتيب مندلييف لها بل أنه توصل قبله بعدة سنوات لفكرة وجود عناصر مفقودة في الجدول الدوري لم يتم اكتشافها وترك أودلنج لها فراغات في جدوله الذي اقترحه كما سوف يفعل لاحقاً مندلييف حذو القذة بالقذة.

يبقى أن نشير إلى أن بعض المؤرخين والعلماء يرجحون أن مندلييف لم يكن كاذباً فيما ادعاه لذلك الحلم الغريب كما أن مندلييف لم يكن سارقاً لأفكار غيره من العلماء وشواهد ذلك أن الشاب المغمور مندلييف كان في تلك الفترة يعيش في روسيا المتخلفة علمياً والمنعزلة جغرافياً  وحضارياً عن أوروبا ولهذا فرصة اطلاع مندلييف على هذه الابحاث لم تكون محتملة بشكل حازم.

الأحلام النبيلة هل تقود لجائزة نوبل

ما سبق ذكره يتعلق بأحلام ومنامات لعلماء مشهورين أثمرت انجازات واكتشافات كيميائية مفصلية في تاريخ العلم ولكن توجد أمثلة إضافية لبعض علماء الكيمياء ممن تسبب نومهم وخمولهم (المجازي طبعاً) في حصولهم على جائزة نوبل. هذا ما حصل بالضبط من الكيميائي السويسري ألفرد فرنر Werner الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1913 جراء تطويره لتفسير تكون المعقدات والمركبات التناسقية  من خلال نظرية التكافؤ valence  للذرات حيث طرح فكرة أن الروابط التكافؤية في المركبات التناسقية تختلف بتنوع الايون المعدني واللواقط ligands المرتبطة به بينما كان العلماء في السابق يتوقعون أن تلك الروابط التكافؤية ثابتة في جميع المركبات الكيميائية.

وكما أن الكيميائي الالماني كيكوليه ألهم التركيب الصحيح لمركب البنزين من خلال رؤيا مناميه فكذلك نجد أن ألفرد فرنر يبين بشكل صريح أنه ألهم معرفة التركيب السليم للمركبات الكيميائية التناسقية coordination compounds من خلال رؤية منامية. فحسب وصف ألفرد فرنر لما حصل أن الفكرة والإلهام الذي قادة لنظرية المعقدات والمركبات التناسقية جاءت له مثل الوميض في احدى الليالي ليستيقظ في الساعة الثانية صباحاً وكأنما تم تحميل وتخزين هذه الفكرة في عقله. وبعدما قام فرنر من فراشه وتوجه لمكتبه وأخذ يسجل أبرز الأفكار التي وردت لخاطره واستمر في الكتابة حتى الساعة الخامسة من بعد الظهر وبذا تمكن من خلال هذا الجهد المتواصل أن يسجل أهم النقاط الاساسية للنظرية العلمية التي جائه الإلهام بها خلال النوم.

ومضة إلهام علمية بديعة أخرى حال لحظة الاسترخاء والنوم أثمرت الحصول على جائزة نوبل تكررت مع الكيميائي والفسيولوجي النمساوي أوتو لوفي Otto Loewi ذو المكانة الكبيرة في دنيا العلوم لاكتشافه البالغ الأهمية للناقل الكيميائي للنبضات العصبية neurotransmitter  وهو ما أهله بجدارة للحصول عام 1936 على جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا وكذلك حصوله على لقب أبو علم الأعصاب. أعتقد اننا لن نستغرب كثيراً الآن إذا علمنا أن بدايات هذا الاكتشاف الكيميائي والطبي التاريخي جاءت إلى ذهن أوتو لوفي وهو في المنام حيث كان في إحدى الليالي عام 1921 يقرأ رواية أدبية وغلبه النوم وهنا ألهم بعض الأفكار عن آلية وطريقة انتقال الاشارات العصبية عبر الخلايا العصبية.

لقد ألهم و أرشد أوتو ليفي خلال ذلك الحلم الطريقة العلمية المطلوبة لإثبات ان انتقال الاشارات العصبية تتم بواسطة نوع من التفاعلات الكيميائية وليس عبر نبضات كهربائية.  الطريف في تلك القصة أنه بعدما استيقظ لوفي وهو نصف نائم من حلمه ذلك حاول ان يكتب (ويشخبط) بعض أهم فحوى وجوهر ما شاهده في ذلك الحلم لكن الفاجعة بالنسبة له حلت عندما استيقظ في الصباح وحاول أن يقرأ ما كتبه في الليل فلم يفلح في ذلك ولم يعد يتذكر تفاصيل ما حلم به.

ولهذا ظل طوال ذلك اليوم في مختبره لعل وجوده في المختبر قد ينشط ذاكرته ويساعده على استرجاع أي شيء مما رآه في الحلم لكنه ولشدة خيبة أمله لم يظفر بشيء. وفي مساء تلك الليلة (التي وافقت ليلة عيد الفصح) خلد لوفي مرة ثانية إلى فراش نومه وبعد ساعات من منامه تكررت عليه نفس الرؤية والحلم السابق وعندما استيقظ لوفي من نومه في هذه المرة الثانية في الساعة الثالثة صباحاً كان مدرك بشكل جيد لتفاصيل حلمه لليلة الثانية حيث بادر هذه المرة وبشكل حريص على تسجيل وكتابة ما حلم به وبعد ذلك توجه لوفي مباشرة إلى مختبره العلمي وشرع في القيام  بإجراء تجاربه العلمية في ضوء ما ألهم به في منامه وحلمه المتكرر وهو ما قاد في خاتمة المطاف  إلى  ابحاث ودراسات علمية تالية كان محصلتها اكتشاف دور الناقل الكيميائي للنبضات العصبية (acetylcholine) في نقل الاشارات العصبية عبر الجهاز العصبي. وفي ختام الحديث والاستعراض للمنامات والرؤى النبيلة التي حققت للحالمين المجد والشهرة والجوائز المرموقة وكأنهم بذلك يؤكدون نبوءة الشاعر العراقي الشهير معروف الرصافي عندما يقول:

يا قوم لا تتكلمـــــــوا  ***  إن الكلام مـــحــرمُ

ناموا ولا تستيقظــــوا  ***   مـــا فاز إلا النــومُ

كان بالإمكان ذكر مثال وقصة إضافية لدور الأحلام في إلهام الأفكار الإبداعية للعلماء والمخترعين وذلك عبر سرد قصة الحلم والمنام المزعوم للعالم والطبيب الكندي فريدريك بانتنغ Banting مكتشف هرمون الأنسولين (المستخدم لعلاج مرض السكر) والحائز على جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا لعام 1923 للميلاد لكن ما حال دون ذلك هو تهافت وفجاجة تفاصيل تلك القصة التي يغلب عليها المبالغة الصارخة.  تحاول القصة المختلقة لذلك الحلم المزعوم أن تبرر كيف توصل فردريك بانتنغ وهو بعد في اوائل مرحلة شبابه لهذا الاكتشاف الطبي التاريخي، والأغرب من ذلك أنه توصل له في فترة زمنية قصيرة نسبياً.

فبالرغم من أن بعض العلماء والأطباء كانوا يعلمون مسبقاً بدور هرمون الانسولين الذي يفرز من البنكرياس في علاج مرض السكر لكن جميع محاولتهم باءت بالفشل في التوصل للطريقة العلمية السليمة لاستخلاصه من البنكرياس ولتبرير هذا النجاح الباهر للعالم فريديرك بانتنغ تم فبركة قصة المنام العجيبة التالية: يقال أن بانتنغ ظل لأسابيع طويلة يحاول حل مشكلة استخلاص هرمون الانسولين بدون أي نتائج ملموسة إلا أنه توصل للطريقة العلمية السليمة لتحقيق هذا الأمر وذلك من خلال حلم رءاه في المنام ارشده لإنجاز ذلك وفق الوصفة التالية (قم بربط قناة عضو البنكرياس لأحد الكلاب وانتظر لعدة اسابيع حتى تذبل الغدد ثم قم بتقطيعها وغسلها واخيرا قم بترشيح الراسب). وبعد أن طبق فردريك بانتنغ تفاصيل خطوات هذا الحلم العجيب استطاع أن ينجح في استخلاص هرمون والانسولين. طبعا يكفي لرفض وتكذيب هذه القصة الفجة أنها تحوي على تفاصيل يصعب التصديق أنها تكون موجودة في الأحلام كما أن فلادريك بانتغ على عكس العلماء السابقين (كيكوليه ومندلييف وفرنر ولوفي) لم يصرح اطلاقاً بأنه مر بتجربة مشاهدة هذا الحلم (الفلم) في منامه قط.

أحلام الفتى العربي

لأول وهلة قد نظن أن هذه القصص والأخبار العجيبة عن دور الأحلام والرؤى والمنامات في إلهام العلماء وارشادهم للحلول المثلى والابداعية لمشاكلهم العلمية هي أحداث نادرة وغير متكررة في التاريخ البشري قديماً وحديثاً، ولكن وبكل بساطة وباستقراء قصص حياة مشاهير رجالات السياسية والفكر والعلم يمكن أن نستشف منها أن هذه الظاهرة العجيبة لها أمثلة متعددة ومتكررة. فمشاهدة حلم في المنام قد يكون السبب في كسب معركة عسكرية كما حصل مع الاسكندر الأكبر أو جنكيز خان بينما أحلام أخرى قد تشكل المستقبل السياسي للقادة والرؤساء مثل الزعيم الهندي الشهير غاندي بينما نجد مقولات تنسب للموسيقار العالمي بتهوفن أنه كان يلهم بعض أعماله وقطعة الموسيقية من خلال أحلامه في المنام وكما هو معلوم تسبب القديس بولس (ثاني أهم شخصية مسيحية) في تغيير حاد للمسيحية من جراء حلم شاهده وهو على مشارف مدينة دمشق وكذلك بسبب حلم صليب النار والبشارة بالنصر قام الامبراطور قسطنطين بتحويل الإمبراطورية الرومانية للمسيحية.

وبدرجة ما يمكن سرد قائمة إضافية من الأحلام والمنامات التي غيرت الواقع السياسي والديني والتاريخي للأمة العربية والاسلامية ولكن اختصاراً للوقت وتركيزاً لما نحن فيه سوف نقتصر الحديث عن الرؤى والمنامات والأحلام التي لها علاقة بالعلم والعلماء. ينقل عن الطبيب والعالم العربي الكبير ابن سينا وفق ما ذكره عنه جمال الدين القفطي في كتابه تاريخ الحكماء قوله: (وكلما كنت أتحير في مسالة أو لم أكن أظفر بالحد الأوسط في قياس ترددت إلى الجامع و صليت و ابتهلت إلى مبدع الكل حتى فتح لي المغلق و تيسر المتعسر و كنت ارجع بالليل إلى داري و أضع السراج بين يدي و أشتغل بالقراء والكتابة و متى أخذني أدنى نوم أحلم بتلك المسألة بعينها حتى أن كثيراً من المسائل اتضح لي وجوهها في المنام).

وفي نقل آخر يذكر أن طريقة ابن سينا في حل المسائل العلمية أو الفكرة أو الفلسفية المعقدة أنه كان (كلما استعصت علية مسألة ذهب إلى المسجد و أقام فيه من الصباح إلى المساء يصلي و يسبح ثم يعود إلى المنزل و يشعل مصباحه و يعاود التفكير و مراجعة الكتب فإذا ما أدركه النوم أزعجته الأحلام وبرزت أمامه صورة القضية التي شغلت ذهنه). وبهذا ربما يصح (بشيء من التمحك والمبالغة بالطبع) أن نقرر أن علماء الحضارة الغربية استفادوا من الحضارة العربية ليس فقط بتقليدهم للعلماء المسلمين والعرب في استخدام المنهج العلمي المتعلق بالإعلاء من شأن التجربة والاستقراء ولكن كذلك في (الاستعانة بصديق) يمكن أن يكشف لنا الحقائق و بواطن الأمور، ولم يكن ذلك الصديق إلا الفراش والنوم والغفوة وصدق من قال (وقديماً كان في الناس .. الكسل !!!).

من المعلوم أن للخليفة العباسي المأمون دور جوهري في نشوء وانطلاق الحضارة العلمية الإسلامية، ففي حكمه بدأ ما يسمى العصر الذهبي للعلوم الاسلامية وذلك من خلال تأسيس معلم بيت الحكمة الشهير في بغداد. الجدير بالذكر أن البعض يرجع إرهاصات اهتمام وتعلق الخليفة المأمون بالعلوم وترجمة الكتب وخصوصاً اليونانية منها كنتيجة لقصة حلم غريب حصل له في إحدى الليالي إذا صح الخبر: ( يروى أن الخليفة المأمون رأى في منامه رجلاً أبيض اللون، مشرباً حمرة، واسع الجبهة، مقرون الحاجب، أجلح الرأس، أشهل العينين، حسن الشمائل، جالس على سريره. ويقول المأمون، وكأني بعين يديه قد ملئت له هيبة فقلت من أنت؟ قال: أنا أرسطاطاليس.  فسررت به وقلت: أيها الحكيم أسألك؟ قال: سل. قلت: ما الحسن؟ قال: ما حسن في العقل. قلت: ثم ماذا؟ قال: ما حسن في الشرع. قلت: ثم ماذا؟ قال: ما حسن عند الجمهور. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم لا ثم) ولذا يقال أن هذا المنام من أوكد الأسباب في بدء ثورة الترجمة العربية. والغالب أن هذه قصة رمزية للتفتح الذهني في ذلك العصر للعرب والمسلمين وتقبلهم للحكمة وحرصهم على الظفر بها كما ورد في الأثر الشريف (الحكمة ضالة المؤمن .. فحيث وجدها فهو أحق بها).

يا نائماً ماذا ترى

فيما سبق تم التطرق لموضوع توصل بعض العلماء والباحثين لاكتشافات علمية مذهلة أثناء نومهم ومن خلال أحلامهم لكن قد يحدث يكون الحلم أو الرؤيا التي يراها العالم أو المكتشف هي في نسق أسلوب لإرشاده وتوجيهه لاختيار المسار الصحيح في مستقبل حياة وليس لإلهامه لاكتشاف علمي مميز. فمثلاً، الجراح والطبيب اليوناني الاشهر جالينوس Galen أبو طب الجراحة نجده قد بدأ في اوائل حياته دراسة الفلسفة اليونانية التقليدية ولكن عندما وصل إلى سن السابعة عشرة قرر فجأة أن يبدأ بدراسة الطب وكان الدافع الأساسي له لأخذ هذا القرار المصيري أنه شاهد في المنام (ويقال أن من رأى الحلم كان والده) أسقليبيوس إله الطب والشفاء لدى قدماء الاغريق (بزعمهم) يأمره بدراسة الطب بدلاً عن دراسة الفلسفة وعلم المنطق.

اللطيف في الأمر أن هذا الأمر المتعلق باستقبال العالم رسائل عبر الأحلام والمنام تحدد مصير حياته تكرر لعدد من العلماء وهم في بداية حياة الشباب وبعضهم حسب زعمهم تم إيحاء اكتشافات علمية لهم من قبل شخصيات سماوية مقدسة. ومن الامثلة التي يمكن سوقها في هذا المجال الاشارة إلى أن عالم الرياضيات والفيلسوف الفرنسي الشهير رينيه ديكارت عمل لعدة سنوات في بداية شبابه كضابط في الجيش الفرنسي وعندما كان ديكارت يحارب مع الجيش الفرنسي على نهر الدانوب ادعى بأنه رأى في احدى الليالي ثلاثة أحلام تمثلت على هيئة زيارة من قبل روح سماوية أو ملاك أوحى إليه ببعض الأفكار الجوهرية في علم الرياضيات مثل التحليل الهندسي وهي المبادئ التي بنى عليها ديكارت لاحقاً أعماله الرياضية الكبرى. على كل حال لقد اقنعته تلك الأحلام بأن علم الرياضيات يمتلك مفتاح المعرفة الحقيقة ولهذا غير ديكارت خططه الأولية من إكمال العمل بالمحاماة أو العمل بالجيش لتفريغ نفسه للبحث عن الحقيقة من خلال علم الرياضيات والفلسفة.

الطريف في الأمر أنه اشتهر عن ديكارت أنه ظل أغلب سنوات عمره يفضل الاستيقاظ المتأخر من النوم وكان يدعي بأنه يفكر بعمق وهو في الفراش الدافئ. حلم آخر وشخصية إلهية أخرى وعالم رياضيات آخر يمكن أن نجد هذا الثالوث الغريب في قصة عالم الرياضيات الهندي المميز سرينيفاسا رامانجان Ramanujan الذي توصل في بدايات القرن العشرين لإسهامات رياضية كبيرة وهامة خصوصاً في مجال علم التحليل الرياضي ونظرية الاعداد وسلاسل الاعداد غير المنتهية. اللافت في الأمر أن عالم الرياضيات هذا كان يدعي أحياناً أن بعض حلول المعادلات الرياضية جاءته على شكل وحي في المنام من قبل الآلهة التي يعبدها والتي كان اسمها ناماكال Namakkal ولقد كان رامانجان يلجأ كما يقول عن نفسه كثيراً إلى هذه الآلهة لكي تلهمه في التوصل لاكتشافاته في علم الرياضيات. الجدير بالذكر أن جودة وابداع هذه الاكتشافات والحلول الرياضية التي توصل لها الشاب الهندي في إحدى المدن الهندية الهامشية وبدون تعليم حقيقي في علم الرياضيات كانت من الروعة لدرجة انها دفعت عالم الرياضيات الانجليزي البارز ج. هـ. هاردي (استاذ الرياضيات بجامعة كامبيريدج وأحد ابرز علماء الرياضيات في بدايات القرن العشرين)، دفعته إلى الاعجاب الشديد بها لدرجة انها وصفها بالشيء الخارق كما وصف المسائل الرياضية التي توصل لها رامانجان بأنها: (مسائل أخذ أفضل علماء الرياضيات الاوروبيين مائة عام لحلها وما زال حلها غير كامل إلى يومنا هذا).

لحظة الالهام في الاكتشافات العلمية

من حسن الحظ أن لحظة الالهام بالاكتشافات العلمية ليست مقصورة على حالات النوم و الغفوات التقليدية التي تحدث من غير قصد وبصورة عفوية في حياة البشر بل يمكن محاولة افتعال حالات الالهام هذه. ولهذا توجد العديد من الشواهد التاريخية لبعض العلماء أو المفكرين أو الأدباء الذين يحاولون بشكل متعمد حث induce حصول مثل حالات الصفاء الذهني هذه وخصوصاً في مراحل الغفوة بين النوم واليقظة (طبعا الحيلة أو التكنيك الواسع الانتشار قديماً وحديثاً من قبل الادباء والفنانين لتحفيز حدوث حالة الاسترخاء الملهمة للأبداع كانت تتم بوسائل محرمة: عن طريق تعاطي المخدرات والخمور). على كل حال لتوفير تحفيز حالة الالهام عن طريق الأحلام يقال إن المخترع الامريكي الشهير توماس أديسون كان ينام وهو مستلقي على كرسي ويضع فوق جبهته قطعة نقدية بينما يضع في حجره علبة معدنية. وعندما يصيبه النعاس ويرتخي رأسه تسقط القطعة المعدنية في داخل العلبة مصدراً صوتاً يتسبب في ايقاظ اديسون من نومه ولهذا في اللحظات الخاطفة قبل الاستيقاظ وحسب زعم اديسون يأتيه الالهام الحلول لبعض المشاكل التقنية التي تواجهه مع مخترعاته.

ظاهرة الالهام وإضاءة البصيرة العلمية

وبعيدا عن الإلهام العلمي المنقدح من فوق الوسائد الوثيرة عبر الأحلام نجد في تاريخ تطور العلوم والتقنية العديد من العلماء والمخترعين الذي يؤكدون وبشكل متكرر عبر القرون أنه كثيراً ما يتوصلون لاكتشافاتهم العلمية أو ايجاد حلول لمشاكلهم البحثية أو التقنية من خلال لحظة إلهام أو انقداح البصيرة في ذهن المكتشف أو الباحث العلمي وهي الظاهرة التي يطلق عليها لحظة إلهام الكشف العلمي (Eureka moment). لحظة إضاءة البصيرة العلمية هذه تطرأ فجأة وكأنها انقداح أو إنارة مفاجئة للذهن والخيال (مشابهه لمشهد إضاءة مصباح (اللمبة) فوق رأس شخصيات الرسوم المتحركة الطريفة). الجدير بالذكر أن حالة الالهام أو إضاءة البصيرة العلمية لا تتم في النوم والأحلام ولكن تنقدح تشتعل فجأة في اليقظة وأحياناً في أماكن غريبة، ومن أوضح الأمثلة التي يمكن إيرادها في هذا السياق القصة الشهيرة للعالم اليوناني أرخميدس وانقداح الإلهام العلمي له وهو يستمتع بالاغتسال في الحمام العام لجزيرة سيراكيوز الاغريقية ثم خروجه الكوميدي وهو يجري عارياً في الطرقات وهو يصرخ وجدتها .. وجدتها (Eureka).

بينما يقال أن عالم الفيزياء المجري الأصل الأمريكي الجنسية ليو زيلارد Leo Szilard ألهم inspired فكرة التفاعل النووي المتسلسل nuclear chain reaction وهو يقف أمام إشارة مرور في أحد شوارع لندن في صباح أحد الأيام الماطرة والباردة لشهر سبتمبر من عام 1933 وقد قام في السنة التالية بتوثيق ريادته لهذه الفكرة العلمية الثورية عن طريق إصدار شهادة براءة اختراع لفكرة المفاعل النووي وهو بهذا قد يحق له ادعاء الملكية الفكرية للقنبلة الذرية (في الواقع هو من كتب مسودة الرسالة الشهيرة التي اقنع فيها اينشتاين الرئيس الأمريكي روزفلت لبدء مشروع بناء القنبلة الذرية).

وعلى ذكر التفاعلات الكيميائية المتسلسلة وحالات الإلهام العلمية يذكر كذلك أن عالم الكيمياء الأمريكي كاري موليس Kary Mullis الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1993 لاكتشافه تفاعل البلمرة المتسلسل polymerase chain reaction (التقنية العلمية بالغة الأهمية في أبحاث الجينوم والبصمة الوراثية) توصل لهذا الاكتشاف التاريخي ليس وهو واقف أمام إشارة المرور ولكن في الواقع بينما كان يقود سيارته في رحلة ليلة عبر سلسلة جبال شمال كاليفورنيا فخطرت له الفكرة أثناء قيادته المتهورة على هذا الطريق الجبلي لدرجة أنه من شدة انغماسه الذهني في الفكرة الجديدة التي انقدحت في مخيلته كاد أن يهوي من إحدى المنعطفات إلي أسفل الجبل. وختاما نجد أن لحظة الالهام العلمية تتشكل وتتولد من أجواء وفي بيئة أكثر وداعه وهدوء، وكثيراً ما يتكرر في تاريخ العلم أن بعض من الاكتشافات العلمية المفصلية يتم التوصل لها والعالم أو المكتشف ليس في مختبره وبين أجهزته العلمية ولكن وهو في مكان هادئ وشاعري أي (بين أحضان الطبيعة) والتي توفر محضن ملائم لحالة التفكير والتأمل العميق.

وهذا ما حصل مع عالم الفيزياء البريطاني الشهير بيتر هيغز Higgs الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2013 وذلك عن نظريته المتعلقة بتوقع وجود الجسيم الأولي المسمى جسيم Higgs boson والذي يشتهر إعلامياً كذلك باسم (God particle) حيث أن بدايات هذه الفكرة العلمية لاحت له أثناء انشغال ذهنه بهذا الموضوع عندما كان هيغز يستمتع بجمال الطبيعة بالمشي في إحدى المناطق الجبلية الخلابة في اسكتلندا. بينما رحلة مشي صباحية في عز شتاء شهر ديسمبر لعام 1938 ألهمت العالمة الفيزيائية النمساوية الشهيرة ليز مانتير Lise Meitner التوصل لبدايات تفسير ظاهرة الانشطار النووي وذلك عندما كانت تتناقش مع ابن أختها الفيزيائي أوتو فريش حول نتائج عالم الكيمياء الألماني أوتو هان Otto Hahn والذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1944 على هذا الاكتشاف البارز وحرمت منه ليز بسبب التحيز ضد النساء في ذلك الزمن، إلا أن التكريم الأهم لها جاء عن طريق اطلاق اسمها على العنصر رقم 109 (Meintnerium) من عناصر الجدول الدوري.

ومن الأمثلة كذلك على دور حالة الصفاء الذهني في تحقيق أبرز الاختراعات والاكتشافات العلمية نذكر أن الفيزيائي الأمريكي تشارلز تاونز Townes الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1964 ألهم الأفكار الأولية حول اختراع الليز بعد أن جلس على مقعد حديقة في مدينة واشنطن في حالة صفاء قبل طلوع الفجر.

وختاماً، سبق وأن ذكرنا أن بعض الاشخاص من الادباء والفنانين يمكن أن يصلوا لحالة الصفاء الذهني عن طريق تعاطي المخدرات والخمور والغريب في أن هذه الاجواء الموبوءة يمكن أن تلهم اكتشاف علمي مميز قد يكافأ صاحبه بجائزة نوبل. وهذا ما حصل بالضبط مع عالم الفيزياء الأمريكي دونالد جلاسرGlaser والذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1960 نظير اختراعه ما يسمى بغرفة الفقاقيع والتي توظف في تصوير مسارات الجسيمات الأولية النووية المشحونة أثناء اختراقها لسائل الهيدروجين المسال. بقي أن نقول أن فكرة غرفة الفقاقيع خطرت ببال جلاسر وذلك أثناء تناوله لكأس من البيرة (التي تحتوي على وفرة عالية من الفقاقيع والرغوة) في خمارة أو بار يقع أمام مختبره في جامعة ميتشيجن الأمريكية.

 

البريد الالكتروني للكاتب : ahalgamdy@gmail.com

الكلمات المفتاحية

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

الكلمات المفتاحية

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x