للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

استخدام عِلم الوِراثة الدَّوائيِّ في الرِّعاية الصِّحيـة

  • الكاتب : عبدالحكيم محمود

    إعلامي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 4.5 / 5 )

  • الوقت

    12:03 م

  • تاريخ النشر

    24 يناير 2017

لقد حقَّقتْ الهندسةُ الوراثيةُ ثورةً علميةً هائلة، بوَّأتها مركز الصدارة وجعَلَتها سِمةً بارزةً مِن سماتِ القرن الواحد والعشرين، لما حقَّقتْه من إنجازات علمية عظيمة واكتشافات طبية هائلة، خاصة ما يتعلق بعلاج الأمراض الوراثية وإنتاج الأدوية واللقاحات. بالإضافة إلى التطور الهائل في مجال الرّعاية الصحية والتشخيص الدقيق للأمراض والتطبيب والعلاج. مما فتح الباب واسع لظهور علوم جديدة أكثر دقة وأكثرَ تَخصُّصا كالعلاج الجيني Gene Therapy) وعلم الصيدلة الجينيPharmacogenomics  وكذا علم جينوم الصحة العامة Public Health Genomics.

العلاجُ الجِينِيّ-Gene Therapy:

تخصُّصٌ دقيقٌ ينتمي لِعِلمٍ أكبر هو عِلم الـمُوَّرثات، والعلاج الجينيّ؛ عمليةُ إدخال مورثات سليمة إلى الخلايا، لتصحيح عملِ المورثات المتضرِّرة، الـمُصابةَ وغير الفعالة؛ بُغية علاج المرض الذي تسببتْ فيه هذه المورثات المعطوبة. وتتم هذه العملية عن طريق تحميل المورثات إلى وسيط يعرف باسم الناقل. يقوم الناقل بعدها بِتِعْدَاءِ  (Transfection) الخلايا المستهدفة، وإدخال الجين إلى الخلية وبالتالي إعادة إنتاج البروتين المفقود. يمكن تعداء الخلايا المستهدفة إما عن طريق استخلاص الخلايا وزرعِها وتعدائِها خارج الحي ثم إعادة زرعِها في جسم المريض، أو مباشرة داخل الحيّ.

عِلم الوراثة الدوائي أو عِلم الصيدلة الجيني  Pharmacogenomics:

هو أحد فروع عِلم الصيدلة، يختص في دراسة تأثير التنوع الوراثي واستجابتِه للأدوية، ذلك مِن خلال ربط التعبير الجيني بفعالية الدواء أو سُـمِّـيَّــتِــه. كما يهدف علم الصيدلة الجيني؛ إلى تطوير وتنمية الوسائل النسبية للوصول بالعلاج الدوائي إلى درجة عالية مِن الفعالية، مع مراعاة تركيب النمط الجيني genotype للمريض، لضمان تحقيق أقصى فعالية بأقل قدرٍ ممكن مِن الأعراض الجانبية.  ومن هنا، تُعد مثل تلك المنهجيات مجالاً واعداً للطب الشخصي، والذي فيه وبواسطته تتوافق الأدوية وتركيباتها المختلفة مع البنية الجينية الفريدة لكل فردٍ على حدة.

يتمثل عِلم الصيدلة الجيني في التطبيق الشامل للجينات في مجال الصيدلة الجينية، والتي تختص بفحص عمليات تفاعل الجين المفرد مع الأدوية. وقد اسْتُخْدِمَ علم الصيدلة الجيني في علاج الأمراض الـمُعضلة والحرجة كالسرطان واضطرابات الأوعية الدموية، فيروس نقص المناعة البشرية، السل، الربو، والسكري. كما تُسْتَخْدَمُ اختبارات عِلم الصيدلة الجيني، في مجال علاج السرطان cancer treatment، في تحديد المريض الذي يعاني من التسمم جراء استخدام أدوية السرطان الشائعة، بالإضافة إلى تحديد المريض الذي لن يستجيب لمثل تلك الأدوية شائعة الاستخدام في علاج السرطان. استُخدِمَ كذلك عِلم الصيدلة الجيني كوسيلة للتشخيص، عن طريق الاختبارات المصاحبة لتناول الأدوية. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك: اختبار K-ras مع cituximab واختبار EGFR  مع Gefitinib ويكاد يكون استخدام تطبيقات وانجازات الهندسة الوراثية في الرعاية الطبية والصحية؛ مرتبطة بعِلم جينوم الصحة العامة    Public Health Genomics  وهو استخدام معلومات الجينوم لفائدة الصحة العامة. ويمكن تصور هذا المفهوم كرعاية أكثر وقائية وشخصية وفعالية وتقديم علاجات لأمراض ذات خصوصية أكبر حيث انه يستهدف التركيب الجيني لكل مريض.

في هذا الاتجاه؛ ومن أجل تجنب الأعراض الجانبية للأدوية، وكذا تطوير الرعاية الطبية باستخدام عِلم الوراثة الدوائي، عَقَد مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش"، إحدى مبادرات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ندوة عبر الإنترنت حول سُبُل تطوير الرعاية الصحية عن طريق توظيف عِلم الوراثة الدوائي، وذلك ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستخدام الصحيح للأدوية؛ للحد من الأعراض الجانبية السلبية المحتملة لها، وذلك تحت شعار "علم الوراثة الدوائي وسلامة المرضى"، ضمن سلسلة "برنامج تسريع الرعاية الصحية الأكثر سلامة"، والتي تنظمها شبكة الأنظمة الصحية القيادية (LHSN)، إحدى مبادرات مؤتمر ويش التي تُعنى بتحديد ومناقشة سبل تطوير الأنظمة الصحية من خلال الاستعانة بنخبة من قياديِّي الرعاية الصحية وخبراء القطاع الصحي. وسيَّر الندوة كلٌّ من الدكتور "ديباك فورا- الأستاذ المساعد في الكلية الطبية بجامعة ديوك الأمريكية" والدكتور "جيفري جنسبرغ- رئيس مركز علوم الجينوم التطبيقية والطب الدقيق في الكلية الطبية بجامعة ديوك الأمريكية".

شهدتْ الندوة تسليط الضوء على التداعيات الصحية والاقتصادية للأعراض الجانبية للأدوية، واستعراضِ عددٍ من الأدوية ذات الانعكاسات السلبية المحتملة، وسُبُل تفادي الأضرار المترتبة على استخدامِها. كما قدَّم المتحدثون اقتراحات وافية للحضور حول سُبُل تطوير التخطيط الصحي، عبر التركيز على التركيب الجينومي للمريض عند وصف الأدوية الملائمة لحالته. وقد علّق الدكتور "جنسبرغ" على تدخلات الندوة بقوله: "يتسبب عدد من الأدوية الشائعة لأمراض القلب والسرطان والنوبات القلبية وغيرها، في حدوث أعراض جانبية تنجم عن تباين التركيب الجينومي للمرضى، وهو ما يؤثر على تقبل البعض لتلك الأدوية. ويشير ذلك إلى إمكانية تلافي هذه الأعراض الجانبية في حال خضوع المريض لاختبار جيني قبل وصف الدواء".

أما السيدة "ديدي تومسون"، الزميلة في مجال السياسات بمركز السياسة الصحية في جامعة "إمبريال كوليدج" بلندن، والزميلة بمنتدى "ويش"، فقد علقت قائلة: "قلّما يلتفت الناس إلى الأمور المتعلقة بسلامة المريض خارج إطار العمليات الجراحية أو حالات الإصابة بالعدوى داخل المستشفيات، في حين أن معظم خدمات الرعاية الصحية التي يتلقاها المرضى، تُقدَّم خارج المستشفى. ومع تزايد معدلات الشيخوخة في المجتمع، واستخدام الكثير من المرضى لعدة أدوية في نفس الوقت، لا بد من الالتفات بجدية إلى الأعراض الجانبية للأدوية كعنصر أساسي لسلامة المرضى. من هنا تنبع أهمية علم الوراثة الدوائي، الذي يقدم لنا الأدوات اللازمة لتقديم عناية صحية آمنة وناجعة للتقليل من احتمالات الأعراض السلبية للمرضى".

وركزت الندوة على النتائج الإيجابية المترتبة على الاستفادة من إنجازات علم الوراثة الدوائي على نطاق عالمي، حيث قال الدكتور "ديباك فورا": "تعَّدُ الأعراض الجانبية للأدوية واحدة من كبرى الإشكاليات المتعلقة بسلامة المرضى حول العالم، وهي إشكاليات ذات تكلفة عالية، غير أنه يمكن تفاديها باللجوء إلى منجزات عِلم الوراثة الدوائي، الذي يمثل استراتيجية ناجعة لتوفير الجرعة الملائمة من الدواء الملائم لكل فرد، وهو ما قد يساهم في النهوض بمعايير الجودة والسلامة في قطاع الرعاية الصحية والحد من حالات الإصابة بالتسمم الدوائي". من ناحية أخرى؛ شاركت مؤخراً مجموعة من الباحثين من عدد من المراكز البحثية في قطر في ورشة عمل بغرض التَّعَرُّفِ على برنامج "جور"(GOR) الذي طورته شركة WuXi NextCODE. ويوظف البرنامج قواعد المعلومات وتحليل البيانات من أجل تسهيل دراسة البيانات الوراثية على الباحثين. وتمكن المشاركون في ورشة العمل، المقامة بمركز السدرة للطب والبحوث، من استخراج وفحص وتحليل نماذج من البيانات الوراثية من قواعد معلومات خارجية ضخمة، والاستفسار عن طريقة عمل برنامج "جور" والفوائد المترتبة عليه لمشاريعهم الخاصة. كما تُعَرِّف المشاركين على سُبل ضبط وتحليل جودة البيانات، وإجراء التحاليل على العينات بمختلف أحجامها، وتفكيك العينات حسب متطلبات البحث، لكل من البيانات الطبية والوراثية.

وتُعد قاعدة معلومات "جور" المحرك الأساسي لتحليل الأشرطة الوراثية وتحديد الجينات التالفة المسببة للأمراض، كما يمكنها حفظ البيانات الوراثية المتعلقة بمئات الآلاف من العينات في قاعدة معلومات واحدة، في حين تمكّن واجهتها الخارجية الباحثينَ من الوصول إلى بيانات مختلف العينات في وقت واحد، وتحليلها بسهولة وسلاسة. ويوظف برنامج "جور" عدداً من أدوات تحليل البيانات، مثل نظام تحليل الشريط الوراثي، وهو عبارة عن برنامج شبكي لتحليل البيانات الوراثية الشخصية للمرضى والأسر الصغيرة التي تعاني من الاضطرابات الجينية النادرة، إلى جانب دراسة ومقارنة البيانات الطبية والوراثية بين عينات مختلفة من المرضى والأسر. ويعمل البرنامج بنظام "جافا".

 

بريد الكاتب الالكتروني: abualihakim@gmail.com

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */