للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

المصدر: مكتبة قطر الوطنية

شمس الدين السمرقندي واسهاماته في مجال الهندسة

صفحة من شرح كتاب "أشكال التأسيس" لقاضي زاده الرومي تلميذ السمرقندي

  • الصغير محمد الغربي

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    11:21 ص

  • تاريخ النشر

    22 أبريل 2024

رغم الجهود البحثية المكثفة للتحقيق والكشف عن اسهامات الحضارة العربية الاسلامية في عصرها الذهبي، في مختلف مجالات المعرفة الانسانية، ما زال الكثير من العلماء ومؤلفاتهم مجهولين خارج دائرة الباحثين والمهتمين بدراسة التراث العلمي. من بين هؤلاء الفيلسوف وعالم المنطق والرياضيات والفلك شمس الدين السمرقندي.  

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

من هو السمرقندي؟

هو شمس الدين محمد بن أشرف الحسيني السمرقندي ولد في سمرقند عاصمة أوزبكستان اليوم، في أواخر القرن السابع الهجري الموافق لمنتصف القرن الثالث عشر ميلادي وكانت وفاته بين عامي 1302 و 1320 حيث لا يوجد اتفاق على تاريخ وفاته بالضبط. يعتبر السمرقندي عالما متعدد المواهب، أنتج أعمالًا مهمة في مجالات مختلفة مثل الفلسفة والمنطق والرياضيات والمناظرة والرهان وعلم الفلك، ويُعد أحد أبرز المفكرين الذين نحتوا أسماءهم في تاريخ العلم والفلسفة بأعماله التي اعتمد في تأليفها أسلوبا نقديا وتحليليا في كل المجالات تقريبًا، واضعا علم المنطق في مركز نظامه. وكان لنقده البناء دور مهم في فهم وتفسير أفكار العديد من المفكرين والفلاسفة والعلماء الذين سبقوه.

لا يُعرف سوى القليل عن حياته، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه درس التعليم الديني في صغره، لم تمنعه نشأته بعيدا عن البيئة العربية من إتقان اللغة العربية وتأليف جميع كتبه بها، مما يشير إلى أنه تلقى تعليما متقدما في مختلف علومها. أتقن السمرقندي علم الكلام (المنطق والهندسة)، وتغطي مؤلفاته في هذه المجالات الانتاج المعرفي لمن سبقه من العلماء والفلاسفة اليونانيين والمسلمين، ولكنها تحتوي أيضًا على مساهمات أصلية من حيث المحتوى والطريقة. ومن أبرز سمات أعماله أنها طرحت فكرة الكون بناءً على أشكال هندسية. وبهذا المعنى يمكن اعتباره مؤسس الحركة التي يمكن تسميتها بالكلام "الهندسي" في العالم الإسلامي.

مؤلفاته

قام السمرقندي بتأليف عدد من الكتب في مجالات مختلفة مثل الدين والمنطق والرياضيات وعلم الفلك. ومن كتبه التي أوردها الزركلي في الأعلام "قسطاس الميزان" في المنطق، و"أشكال التأسيس" في الهندسة و"آداب البحث" و"الصحائف في علم الكلام، و "مفتاح النظر" و"شرح المقدمة في الجدل للنسفي"، و"المنية والأمل في علم الجدل" و"الصحائف الإلهية".

وفي مجال علم الفلك النظري، كتب السمرقندي شرحا لكتاب "تحرير مجسطي بطليموس" لعالم الفلك الشهير نصير الدين الطوسي. كما ألف "التذكرة في علم الهيئة" و"علم الآفاق والأنفس" في علم الفلك العام و "عمل التقويم للكواكب الثابتة"  وهو تقويم نجمي لسنتي 1276و1277. لكن معظم أعمال السمرقندي الفلكية لم تتم دراستها بعد.

ومن مؤلفاته أيضا "لطائف الحكمة" في الرياضيات و"آداب الفاضل" في آداب البحث والمناظرة. وقد مثلت أعماله مراجع رئيسية للتدريس في العالم الإسلامي لعدة قرون. وكان السمرقندي من بين العلماء الأكثر تأثيرًا في القرون الأخيرة من الحضارة العربية الإسلامية من خلال في كتبه المدرسية المتنوعة، التي قدمت ثروة من المعلومات حول محتوى وأساليب العلماء السابقين له، وأثرت بشكل كبير على الأجيال التي جاءت من بعده ودرست هذه الكتب في مدارس مختلفة .

إسهامات السمرقندي في مجال الهندسة

يعد كتاب "أشكال التأسيس" وفق الدكتور وسام طلب الباحث في جامعة بيازيد في أنقرة، من أكثر أعمال السمرقندي تأثيراً بين كتبه المختلفة التي قدم فيها معلومات متنوعة عن أعمال العلماء الذين سبقوه. يحتوي هذا المؤلِّف على 35 مسلمة أو افتراضا  (Theorems) من كتاب العناصر لإقليدس، تناولت أول 30 نظرية منها مسائل هندسية بحتة، في حين عالجت النظريات الخمسة الأخيرة يسمى "الجبر الهندسي". وقد تضمنت الاثباتات التي قدمها السمرقندي لهذه النظريات عددا من التعليقات مثل الرد على انتقادات العلماء المسلمين حول مسلمة اقليدس الخامسة المتعلقة بالمتوازيات، واعتبرها في غير محلها. وكان الجانب الأكثر أهمية في الكتاب هو وجهة نظر السمرقندي بأن دراسة الهندسة كانت بمثابة تمهيد لدراسة أشكال الفلسفة الأفلاطونية.

وقد استخدم هذا الكتاب طويلا في تدريس طلاب المرحلة المتوسطة في المدارس العربية مرفقا في كثير من الأحيان بشرح تلميذ السمرقندي عالم الفلك والرياضيات القاضي زاده الرومي لقرون عديدة في المدارس العربية قبل العصر العثماني وبعده.

رتب السمرقندي كتابه وفق طريقة هرمية تدريجية، حيث توزع النظريات الهندسية الأساسية إلى 35 نظرية واستهله بتقديم معلومات عن الخطوط والزوايا، ثم درس المثلثات، ومن تلك المعلومات انتقل إلى شرح المضلعاتوتناول في البداية مسائل الخطوط والزوايا، تلتها تلك المتعلقة بالمثلثات وتطابقها، ثم انتقل إلى الخطوط المتوازية ومتوازيات الأضلاع قبل أن يتولى شرح طرق حساب مساحات الأشكال الرباعية المختلفة. واستخدم هذه المجالات لاحقا في إثبات بعض ما نسميه اليوم المتطابقات الجبرية في النظريات الست الأخيرة.

أساليب الاثبات الرياضي التي استخدمها السمرقندي

بحسب الباحث، فقد استخدم السمرقندي طرقا مختلفة ومبتكرة أحيانا، لإثبات هذه النظريات الهندسية. من بينها طريقة الاثبات بالتناقض التي استخدمها مرارا وتكرارا في العديد من البراهين، ذاكرا على سبيل المثال أنه “إذا تساوت زاويتان في المثلث، كانت الأضلاع المتجاورة متساوية". وعلى الرغم من أن السمرقندي استخدم أساليب رياضية علمية لإثبات فرضيته حول نظريات هندسية مختلفة، فأنه اعتمد في بعض الحالات على المنطق المشترك دون دليل علمي واضح، فعلى سبيل المثال، خلص في نهاية معالجة أحد النظريات أنه: "إذا كان كل ضلع في مثلث يساوي كل ضلع في مثلث آخر فإن الزوايا المقابلة لها ستكون متساوية وسيكون المثلثان متساويين".

كما تمكن السمرقندي من اثبات العديد من الخصائص الهندسية باستخدام برهان مبتكر لم يسبق له مثيل من قبل علماء الرياضيات الآخرين. فعلى سبيل المثال، وعند محاولته إثبات تساوي مساحات متوازيي أضلاع دون استخدام صيغة حساب المساحات الهندسية، ذكر أن "كل سطحين متوازيي أضلاع يشتركان في قاعدة واحدة في ضلع واحد بين خطين متوازيين هما متساويان".

رغم أن هذا الكتاب شكل مرجعا لدراسة الهندسة لعدة قرون في المدارس العربية وساهم في نشر هذا العلم في التراث العلمي العربي المكتوب، فأنه لم يدرس بشكل دقيق، كما يقول الباحث في دراسته المنشورة حديثا، ولم يتم تقديمه بشكل يتناسب مع أهميته في الأدبيات العلمية العربية الحديثة.

وعموما، كان السمرقندي أحد العلماء الذين أثرت أعمالهم بشكل كبير في تراث العلوم العربية وتستحق مؤلفاته دراسة عميقة من قبل مؤرخي العلوم والعلماء العرب بدلا من تركها للأجانب، الذين يواجهون أحيانا صعوبات في فهم اللغة المستخدمة في هذا العصر، من أجل إدراك الدور الذي لعبه هذا العالم في مجاله.

 

المصادر

- Heritage of Arabic Geometry: Al–Samarqandī’s Work in Fundamental Geometric Theorems
- Samarqandī: Shams al‐Dīn Muḥammad ibn Ashraf al‐Ḥusaynī al‐Samarqandī
Démonstration du Ve Postulat d'Euclide par Schams-ed-Din Samarkandi. Traduction de l'ouvrage Aschkâl-ùt-teessis de Samarkandi

 

تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com​

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */