للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

تقنيات رصد الأرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التطبيقات والفجوات المعرفية

  • الصغير محمد الغربي

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    01:14 م

  • تاريخ النشر

    14 نوفمبر 2023

الكلمات المفتاحية :

خلال السنوات الماضية، تطورت تقنيات رصد الأرض عبر الاستشعار عن بعد بشكلٍ كبير وأصبحت تغطي نطاقًا واسعًا من التطبيقات في مجالاتٍ مختلفة مثل: تغيّر المناخ، والجفاف، والفيضانات، والزلازل، والانهيارات الأرضية. واليوم، تعتبر هذه التقنيات أحد أهم مصادر المعلومات حول الأنظمة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية لكوكبنا. ويعدّ هذا النوع من المعلومات أمرًا بالغ الأهمية في المناطق المعرّضة للمخاطر الطبيعية المختلفة كمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق المتوسط.

منظمة المجتمع العلمي العربي

ومؤخراً، نشرت دورية "Remote sensing" العلمية، دراسة مراجعة جديدة للبحوث العلمية المنشورة بين عامي 2018 و2022، حول رصد الأرض في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقام مجموعة من الباحثين بتحديد الفجوات المعرفية الرئيسية واحتياجات المنطقة المستقبلية لتطوير البحث العلمي في المجالات التي تعتمد على البيانات التي توفّرها هذه التقنيات. وهذه المجالات هي: الغلاف الجوي، والمياه، والزراعة، والأراضي، والحدّ من مخاطر الكوارث، والتراث الثقافي، والطاقة، والسلامة والأمن البحري، وبيانات الأرض الكبيرة. وبعد تحليل 6647 ورقة بحثية، وجد الباحثون أنّ مجالين فقط هما مجال بيانات الأرض الكبيرة ومجال الأرض، قد حازا على حوالي نصف هذه المنشورات. وفي المقابل، لم تمثّل البحوث حول السلامة والأمن البحري، سوى نسبة ضئيلة من إجمالي عدد الأوراق، رغم أنّ معظم بلدان منطقة محاطة بالبحر. كما كشفت الدراسة عن وجود فجوة في البحوث الأساسية في مجال بيانات الأرض الكبيرة، إلى جانب محدودية توافر بيانات عالية الدقة للاستشعار عن بعد وفي الوقت الحقيقي، والافتقار إلى منهجياتٍ منسقة، إلى جانب الحاجة لمواصلة تطوير النماذج والخوارزميات وأنظمة الإنذار المبكر والخدمات.

أهمية رصد الأرض في استكشاف الموارد ومجابهة المخاطر

يذكر المؤلفون أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط تتعرّض لمخاطر طبيعية مختلفة مثل: الزلازل والجفاف والفيضانات والتغير المناخي، وقد زاد فيها الضغط على النظم البيئية والموارد المتاحة نتيجة النمو السكاني والتوسّع الحضري. وتوصَف هذه المنطقة بأنها نقطة ساخنة لتغير المناخ، الذي يتسبّب في ارتفاع متوسط درجات الحرارة، وطول فترات الجفاف، وانخفاض هطول الأمطار. ويتعرّض القطاع الزراعي، الذي يعتمد على 70 % منه على الأمطار، إلى تهديداتٍ كبيرة بسبب الظروف المناخية المتغيرة. وهذا أمرٌ بالغ الأهمية لأنّ قطاع الزراعة يساهم بشكلٍ كبير في الاقتصادات الوطنية للعديد من بلدان المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقّع أن يكون لتغيّر المناخ آثار سلبية على العديد من الجوانب الأخرى بما في ذلك جودة الهواء، وصحة الإنسان، والنظم البيئية البرية، والنظم البيئية البحرية، وموارد المياه العذبة، والطلب على الطاقة. وأخيرًا، تقع العديد من البلدان في المنطقة في تضاريس معقدة وفي مناطق نشطة تكتونيًا. وبالتالي، فهي عرضة للمخاطر المرتبطة بالانهيارات الأرضية والزلازل.

ويلعب رصد الأرض دورًا حاسمًا في فهم هذه الظواهر من خلال تطوير قدرات المراقبة بما يمكّن من الحصول على معلوماتٍ قد تساهم في صياغة وتطبيق سياسات فعالة لحماية البيئة والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. ولقد زادت كمية بيانات رصد الأرض التي يمكن الوصول إليها مجانًا على مرّ السنين، ويرجع ذلك أساسًا إلى التقدّم التكنولوجي وتنفيذ سياسات البيانات المفتوحة.

البحث العلمي حول تطبيقات رصد الأرض

لقد أظهرت الدراسة الجديدة اتجاهاً متزايداً لعدد الأبحاث المنشورة حول تقنيات رصد الأرض في المنطقة على مدى السنوات الماضية. غير أنّ مجموع هذه المنشورات، التي بلغ عددها 6647 خلال الأربع سنوات الماضية، لا يمثل سوى 3% فقط من البحوث المنشورة في هذا المجال على مستوى العالم. كما أنّ حجم أبحاث رصد الأرض كان متفاوتاً إلى حدّ كبير بين البلدان داخل منطقة. وتعدّ إيران الدولة الأكثر نشاطًا في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث عدد البحوث المنشورة حول رصد الأرض بـ 1883 ورقة منشورة، تليها تركيا بـ 845 ورقة، ثم مصر (574) والسعودية (342) والمغرب (340) والجزائر (235). ومع ذلك، ومن خلال قراءتنا، وجدنا أن ما يقرب من نصف الدراسات أجراها باحثون غير تابعين للمنطقة.

عدد الأبحاث المنشورة حول رصد الأرض في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط

 

وتضمّنت قائمة العشرة مراكز بحثية الأكثر إنتاجاً لهذه البحوث مؤسستين عربيتين فقط هما: الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء المصرية، وجامعة الملك فيصل السعودية.

وكشفت نتائج الدراسة أيضاً أن بيانات الأرض الكبيرة هي المجال الذي يحظى بأعلى مساهمة بواقع (27.1%) في أبحاث رصد الأرض التي تم إجراؤها في المنطقة، يليها مجال الأرض بـ (21.6%)، والحد من مخاطر الكوارث (15.5%)، والمياه (15.1%)، والغلاف الجوي (8.6%)، والزراعة (5.8%)، والطاقة (4.1%). ومن الملفت، أنه في حين أن معظم بلدان منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا محاطة بالبحر، فإنّ مجال السلامة والأمن البحريين كان له أدنى مساهمة في أبحاث رصد الأرض التي يتم إجراؤها في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا (0.9%). ورغم ما تتميز به المنطقة من تاريخٍ طويلٍ وثراءٍ ثقافي، إلا أن تطبيقات تقنيات رصد الأرض في مجال التراث الثقافي كانت لها مساهمة منخفضة في إجمالي عدد الدراسات بنسبة (1.4%).

توزع الأبحاث المنشورة حول رصد الأرض حسب مجالات التطبيق

 

تفاوتٌ في مجالات الاستخدام

وجد الباحثون أنّ نسبة هامة من البحوث التي تناولت تطبيقات تقنيات رصد الأرض في مجال الغلاف الجوي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد ركّزت على دراسة الغبار الجوي، حيث أنها مشكلة شائعة بين هذه البلدان. فيما ركّزت الأبحاث حول الأرض على تقديرات هطول الأمطار في المنطقة التي تسيطر عليها المناطق القاحلة والمناخ الجاف وتعاني من ندرة المياه.

وفي مجال المياه تركّز معظم الدراسات على أبحاث المياه الجوفية، ومراقبة مستوى المياه في البحيرات والسدود والأنهار باستخدام أجهزة قياس الارتفاع الرادارية عبر الأقمار الصناعية، وتحديد وجود مواد مختلفة في المياه، بناءً على توقيعاتها الطيفية الفريدة. وأشار المؤلفون إلى أنّ إدارة الأنهار العابرة للحدود على مستوى مستجمعات المياه ستكون قضية ناشئة مع استمرار تناقص موارد المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالتالي، قد تصبح تطبيقات رصد الأرض ضرورية في موضوع الدبلوماسية المائية.

وفي المجال الزراعي غطّت أبحاث رصد الأرض نطاقًا واسعًا من التطبيقات بهدف تطوير ممارسات زراعية مستدامة، مثل الري الذكي، لمجابهة احتياجات سكان المنطقة من الإنتاج الزراعي التي سترتفع أكثر من 70 % بحلول عام 2050 مقارنةً بما هي عليه الآن، وفق البنك الدولي. وتكتسب مثل هذه الدراسات أهمية خاصة في مجال الزراعة خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط. ولاحظ الباحثون أن الأبحاث المتعلقة بالكشف عن الآفات والأمراض، وخاصة في المراحل المبكرة، ما زالت محدودة.

تحديات أمام استخدام بيانات رصد الأرض

لقد أكد الباحثون في هذه الدراسة أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط، تواجه العديد من التحديات المتعلّقة بتغير المناخ، والتدهور البيئي، والطاقة، وندرة المياه، والمخاطر، وأنّ التطوير المستمر لـتقنيات رصد الأرض بالتوازي مع التقدّم في مجال بيانات الأرض الكبيرة قد مكّن من تقييم التحديات المختلفة ومعالجتها بشكلٍ أفضل. غير أنّ الاهتمام بهذه التقنيات كان متفاوتاً بشكلٍ كبير بين مجالات البحث المختلفة.

وكشفت نتائج تحليل أفضل 20 مقالة عن اهتمامٍ بحثي كبير بالمجال المتعلق بالحد من مخاطر الكوارث، مع عدد من الاستشهادات أعلى بمرتين تقريبًا من البحوث في مجال المياه التي ركّزت على دراسة الفيضانات والانهيارات الأرضية. وفي المقابل لم تمثّل الأبحاث في مجالي السلامة والأمن البحريين والتراث الثقافي التي تعتمد تطبيقات رصد الأرض سوى نسبة ضئيلة جداً من مجموع الأبحاث التي تمّت مراجعتها.

ويعتقد مؤلفو الدراسة أنّ العائق أمام التوسّع في أبحاث رصد الأرض يمكن أن يعود إلى الافتقار للتعاون ونقل المعرفة داخل بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط، إلى جانب "تناثر" بيانات الأقمار الصناعية المتاحة بين منصاتٍ مختلفة. وسيُمكّن بعث مركز بيانات موحد – على غرار مشروع GEO-CRADLE EU – من حلّ هذه المشكلة من خلال تيسير الوصول إلى البيانات الجغرافية المكانية والمعلومات التي تمّ جمعها من الأقمار الصناعية والشبكات الأرضية في المنطقة ومشاركتها.

 

المصادر

- Earth Observation in the EMMENA Region: Scoping Review of Current Applications and Knowledge Gaps
https://www.mdpi.com/2072-4292/15/17/4202
http://geocradle.eu/ar/

 

تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com​

 


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */