للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

زراعة الطحالب في الجزيرة العربية

ظروف مناسبة وإمكانات واعدة

  • الصغير محمد الغربي

    صحفي علمي

  • ما تقييمك؟

    • ( 5 / 5 )

  • الوقت

    09:07 ص

  • تاريخ النشر

    02 أغسطس 2023

الكلمات المفتاحية :

تُعدّ الطحالب مادةً وسيطة واعدة لإنتاج الأعلاف والوقود والمواد الكيميائية بشكلٍ مستدام. ويمكنها أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز الأمن الغذائي وإزالة الكربون، خاصةً في المناطق القاحلة مثل شبه الجزيرة العربية. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة علمية جديدة لفريقٍ من الباحثين من جامعة قطر نُشرت في حزيران / يونيو الماضي في دورية "Trends in Biotechnology" العلمية، أنّ شبه الجزيرة العربية تتمتّع بعدة مميزات ترفع من قدرتها التنافسية لإنتاج الطحالب مثل: المناخ الملائم، وتوافّر المدخلات العملية، وفرص التمويل. وفي المقابل، حدّدت الدراسة أهم التحديات التي يمكن أن تؤثرا سلبًا على هذه القدرة، كتغيّر المناخ، وتأمين الموارد البشرية.

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

فرص وتحديات

إنّ تغير المناخ العالمي، وزيادة عدد سكان، والتحوّل السريع في الطاقة، يدفع الدول لزيادة الاهتمام بتنمية الموارد المستدامة. وهذا ينطبق أيضًا على دول مجلس التعاون الخليجي في شبه الجزيرة العربية، التي يدفعها المناخ القاحل للتعويل على الواردات الغذائية. ويتمثّل أحد الحلول، بحسب مؤلفي الدراسة، في إنتاج الطحالب. هذه الكائنات المائية التي يصل أعداد أنواعها إلى أكثر من 35 ألفًا، تعتبر مادة وسيطة متجددة واعدة للإنتاج المستدام للأغذية، والأعلاف والوقود والمواد الكيميائية. وعلى خلاف الزراعة التقليدية، يمكن أن تحقّق زراعة الطحالب إنتاجية مساحية أعلى، ولا تتطلّب أراضٍ صالحة للزراعة أو مياه عذبة، إضافةً لكونها تتيح إمكانية جمع المحاصيل على مدار العام.

وعلى الرغم من هذه الفوائد، لا تزال زراعة الطحالب التجارية العالمية في بداياتها، لا سيما بالمقارنة مع مجالات التكنولوجيا الحيوية الأخرى، ممَا يثير تساؤلات حول الأسباب التي تحول دون تطوير هذا القطاع. وقد حدّدت الدراسات الحديثة جملةً من القيود ترتبط بمواقع الإنتاج واللوجستيات: كتوافر الأراضي، والقرب من الموارد اللازمة لتطوير هذا النشاط. كما تتعلّق هذه العراقيل أيضًا بالتقنيات الزراعية المستخدَمة، وعدم توفر موارد مالية كافية، والافتقار للأطر التنظيمية.

بحسب الدراسة، يمكن أن يكون لشبه الجزيرة العربية، ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، دور رائد في هذا المجال، حيث يوفّر مناخ المنطقة والتنوع البيولوجي فيها وجغرافيتها إلى جانب الصناعات القائمة والطموحات الحكومية فرصًا كبيرة لإنشاء سلاسل قيمة للطحالب.

لكن كيف يمكن لهذه العوامل الإقليمية توفير الموارد والدفع اللازم لتصبح الطحالب الدقيقة صناعة حيوية في دول الخليج؟


مدخلات لإنتاج ناجحٍ للطحالب

تعتمد الجدوى الاقتصادية لزراعة الطحالب إلى حدّ كبير، وفق الباحثين، على توطين الإنتاج، كونه العامل الدافع وراء اختيار السلالات المناسبة، وتوفير أنظمة الزراعة الأكثر نجاعة، وضمان جودة المنتجات النهائية. ونظرًا لتأثّر محاصيل زراعة الطحالب بالضوء، يمكن الحصول على أقصى إنتاجية نظرية للكتلة الحيوية، في المناطق التي تكون الإشعاعات الشمسية فيها عالية. لكنّ توافر الضوء لا يعدّ المعيار المناخي الوحيد، فالتغيرات الموسمية للعوامل الجوية والظروف المناخية المتقلّبة يمكن أن تعيق الإنتاج، وتقلّل من تلك المحاصيل. وبالنسبة لشبه الجزيرة العربية، فإنّ التوازن بين هذه الجوانب المناخية يعتبر مناسبًا، للمساعدة على تحقيق إنتاجيةٍ عالية للكتلة الحيوية السنوية.

وتعتمد إنتاجية الطحالب أيضًا بشكلٍ كبيرٍ على سلالة الطحالب المزروعة، وقدرتها على النمو في ظلّ الظروف المناخية السائدة. ومن المعروف أنّ بعض أنواع الطحالب لا تستطيع تحمّل درجات الحرارة العالية أو الإشعاعات، مما يتسبّب في إنتاجيةٍ غير مثالية للكتلة الحيوية، بسبب الإجهاد الحراري أو تثبيط الضوء. وتتميّز شبه الجزيرة العربية بتنوع بيولوجي فريد من نوعه مع سلالات مقاومة للحرارة. وبالتالي، فإنّ اختيار سلالات الطحالب المحلية كأساسٍ لعملية إنتاج تجارية له آفاق واعدة للنجاح.

ومع ذلك، فإنّ الجهود الإقليمية لدراسة إمكانيات زراعة السلالات المحلية لأغراض الإنتاج التجاري، ما زالت محدودة حتى الآن. ففي المملكة العربية السعودية، تمّ إجراء دراسات حول إمكانات إنتاج الدهون من العديد من العزلات. وتقوم مجموعات بحثية عديدة في السعودية وقطر بإجراء بحوث حول الأنواع المحلية التي يمكنها التكيّف مع الظروف شديدة الملوحة (Halotolerant). وقد تمّت دراسة عددٍ من السلالات المحلية لإنتاج الوقود الحيوي وأعلاف الأسماك والمستحضرات الصيدلانية، وإمكانية إنتاجها على نطاقٍ واسع. لكن لا يزال هناك قدر كبير من الإمكانات الإقليمية غير المستكشَفة إلى الآن، كما يقول المؤلفون.

توفّر الموارد الطبيعية والمرافق اللازمة لزراعة الطحالب

تشمل جوانب التوطين الأخرى لزراعة الطحالب، توفُّر موارد العملية مثل المياه والأرض والطاقة وثاني أكسيد الكربون. ويعتبر الماء أحد أكبر متطلّبات العملية لإنتاج الطحالب، لذلك فإنّ استدامته أمر بالغ الأهمية. ومع ندرة المياه العذبة في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنّ استخدامه على نطاقٍ واسع لزراعة الطحالب يعدّ أمرًا غير وارد. وفي المقابل، يمكن استخدام مياه البحر بسهولة، إلى جانب مصادر أخرى كالمياه الجوفية قليلة الملوحة، ومياه الصرف الصحي المعالجة بجودةٍ عالية.

كما يمكن للسباخ (سطوح ملحية واسعة) المنتشرة في المناطق الساحلية المنخفضة الموجودة على طول سواحل الجزيرة العربية أن تكون خيارًا مناسبًا لمواقع زراعة الطحالب على نطاقٍ واسع. تتميز هذه المناطق بقربها من البحر وسهولة الوصول إلى المياه الجوفية المالحة الضحلة، وغالبًا ما تكون مستويات ارتفاعها دون مستوى سطح البحر. هذه الخصائص ستوفر الحدّ الأدنى من متطلبات الضخ لمياه البحر لمزارع الطحالب. بالإضافة إلى ذلك، فإن توافر ضوء الشمس في المنطقة لا يجعلها موقعًا جاذبًا لإنتاج الطحالب فحسب، بل لإنتاج الطاقة الشمسية أيضًا.

انبعاثات الكربون لدول مجلس التعاون الخليجي حسب الدولة والقطاع

 

على الرغم من أنّ اقتصادات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مدفوعة إلى حدّ كبير بالوقود الأحفوري، إلا أنها توفّر العديد من الاحتمالات للتكامل مع إنتاج الطحالب الدقيقة. وقد أثبتت دراسات سابقة أنّ زراعة الطحالب يمكن أن تستخدم المنتجات الثانوية الصناعية مثل ثاني أكسيد الكربون والمياه (النفايات) والنيتروجين. ومع وجود أكثر من 66% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في دول مجلس التعاون الخليجي ناشئة عن مصادر ثابتة في الطاقة والبناء والصناعات التحويلية، فإنّ الفرص الإقليمية وفيرة لتثمين ثاني أكسيد الكربون الناتج عن العمليات الصناعية الأخرى من خلال الارتباط بسلاسل القيمة لزراعة الطحالب.

منتجات عالية القيمة

يمكن لزراعة الطحالب أن توفّر مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات بعضها يصنف كمنتجاتٍ عالية القيمة مثل: الأصباغ، والمستحضرات الصيدلانية، وبعضها الآخر أقلّ قيمة لكنه مهم في تلبية الاحتياجات الوطنية لدول المنطقة كالأعلاف والوقود الحيوي التي يتم تلبية الطلب عليها في الوقت الحالي عن طريق الواردات.

وبحسب الباحثين، فإنّ زراعة الطحالب تعد أيضًا مجالًا واعدًا للتنويع الاقتصادي المستدام في دول الخليج، وتوفّر آفاقًا مهمة لإنشاء سلاسل القيمة المتجددة. وتتوفّر في المنطقة عدة ظروف مناسبة لتطوير هذا النشاط مثل الظروف المناخية المواتية، ووجود السلالات المحلية، إلى جانب توفر إمكانيات التكامل مع الصناعات القائمة. في المقابل، يشير المؤلفون إلى بعض المخاطر التي قد تحدّ من عملية تطوير هذا النشاط، مثل محدودية توافر الموارد البشرية، وعدم اليقين في توسيع نطاق العملية وتكاملها، إلى جانب آثار تغيّر المناخ على المنطقة.

 



المصادر:

- Realizing algae value chains in arid environments: an Arabian Peninsula perspective
> www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0167779922003018

 


تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com​

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

      

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

0 التعليقات

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */