للبحث الدقيق يمكنك استخدام البحث المتقدم أدناه

يعتمد البحث السريع على الكلمات الموجودة داخل عنوان المادة فقط، أما البحث المتقدم فيكون في كافة الحقول المذكورة أعلاه

سلسلة: الدليل المنهجي للكتابة باللغة العربية 3

أهمية أدوات الربط في اللّغة العربية

  • د. الحسين بشوظ

    صحفي علمي وباحث في اللسانيات

  • ما تقييمك؟

    • ( 4 / 5 )

  • الوقت

    09:24 ص

  • تاريخ النشر

    04 يناير 2023

يَكتسي النص أو المقالُ العلميُّ المكتوبُ باللغة العربية؛ مرونةً وانسياباً وانسجاماً مُنقطعَ النظير؛ عندما يُنسَج وِفقَ منهجيةٍ تَعتمدُ تسلسلَ الأفكارِ وتَوالُدَها في ارتباطٍ مُنظّم وَوثيقٍ بالموضوع. تُلمَسُ هذه الجمالية في النَّسْجِ والكتابة؛ عندما يُنوّعُ الكاتب من مُعجمِه اللّغوي، ويَسبِكُ جملَهُ بضروبٍ مُختلفةٍ ومتنوعةٍ من أدوات الربط؛ وعدَمِ الاقتصارِ على بعضِها دونَ بعض.

منظمة المجتمع العلمي العربي

 

لقد عالجنا في الجزء الثاني من سلسلة؛ "الدليل المنهجي للكتابة العلمية باللغة العربية"؛ حروفَ الجر واستعمالاتِها، كما تطرّقنا (في نفس الجزء) إلى حروف العطف والطرق الصحيحة لتوظيفِها في الكتابة العربية السليمة. وفي هذا المقال؛ سنحاول استعراضَ أهم أدوات الربط في اللغة العربية، وطُرُقِ توظيفِها، ودورِها في تجويد الكتابة بشكلٍ عام، والكتابة العلمية باللغة العربية على وجه الخصوص.

نُنبِّهُ إلى أنّ هذه الروابط والأدوات مُتقاربةٌ جداً في استعمالاتِها، ورُبما صَعُب على المبتدئ رسمَ خريطة ذهنية لها في التوظيف، إلّا أن الطريقة العَملية والمُثلى للإلمامِ بها؛ يكون أولاً بِكثرة القراءة، وثانياً بالاستعمالِ من خلال التمرُّن عليها كتابةً.

روابط البناء والاستهلال

تكتسي عبارات الاستدراك أو البناء على ما تقدم؛ أهميةً كبيرة في التوليف بين الجُمل وجمْعِ الأفكار وتحقيق الانسجام والجمالية فيما بينها. ومن هذه العبارات نجد: (عوداً على بدء، بادئ ذي بدء؛ بدايةً، تعقيباً على، بناءً على ما تقدّم، إجمالاً، عموماً، على العموم...)، وغيرِها كثيرةٌ من عبارات الاستهلال التي تُفتتَحُ بها المقالات باختلاف أنواعِها.

لكن هذه الأدوات وحدَها؛ لا تُغني عن بقية العناصر المُساهمة في بناء المادة اللغوية. ومنها أدوات الربط، التي هي على نفس الدرجة من الأهمية مع حروف الجر وحروف العطف.

روابط التفسير والتعليل:

وهي الروابط التي تُمهِّدُ لشرح وتفسير جملةٍ قبلها، وتسمى "السببية"، وتضمّ الأدوات التّالية: (أي، الفاء، اللام، فقد، لأن، بسبب، راجع إلى، لكيْ، لأجل ذلك، ويُعزى إلى،  بناءً على).

أمثلة للشرح:

- أقضي وقتا أطولَ في المكتبة لأنَّ موعدَ الامتحانات أوْشكَ.

- أَغلقِ الصنبورَ فقد امتلأ الحوْضُ.

- يحدثُ الاشتعالُ بسبب الأكسجين.

- فشلك في الدراسة راجعٌ إلى تهاوُنِك.

- أسهر كثيراً؛ فـطريقي إلى النجاحِ طويلٌ.

 

روابط الاستدراك:

لروابط الاستدراك أهميةٌ كبيرةٌ جداً في الكتابة بشكلٍ عام، وفي كتابة المقالات الفورية على وجه الخصوص، وهي كثيرة الاستعمال؛ إن لم تكن أكثرَ أدوات الربط استعمالاً على الإطلاق. فهي تُمكّننا من تدارُك الهفوات التي تحدث أثناء الكتابة مِن؛ نقصٍ أو زيادةٍ أو غموضٍ أو خلطٍ أو تداخلٍ للأفكار والمعلومات.

وهذه الأدوات هي: (لكنْ، لكنّ، بل، بيْد أن، إلّا أن، غير أن، على الرّغم من، على أية حال، علماً أنّ، لذلك..).

أمثلة للشرح:

- لم أتطرّق إلى كل المعطيات في هذه الورقة، لكن؛ يُمكنكم العودة إلى مدونتي وتحميل الدراسة كاملةً.

- لم يُفهَم كلامي بالشكل الصحيح، علماً أنني استعملتُ لغة بسيطة وواضحة.

- لم تكتمل التجربة بعدُ، إلا أنَّ النتائجَ جِدُّ مُبشِّرةٍ.

- على الرّغم من التعب، سنُواصل العمل.

 

روابط التزامن:

تعمل هذه الأدوات لضبط الجملة زمنياً مع الأحداث والوقائع المُضمنة فيها، إذ تسمح هذه الروابط بتحميل الجملة الواحدة حدثيْن أو فعليْن؛ حَدَثاَ تزامُناً في الآن نفسِه. وهذه الأدوات هي؛ (بينما، تزامُناً، حينَها، ساعتَها، وقتَها، تزامُنا مع ...).

أمثلة للشرح:

- قرأتُ الجريدة بينما كُنت أنتظرُ الحافلة.

- عدتُ إلى البيت تزامناً مع مغيب الشمس.

 

روابط الفجائية:

هي أدواتٌ تُستخدم مع الأحداث التي تحصل فجأة، والهدف منها الربط بين الجُمل والأحداث الطارئة، وهذه الروابط هي: (إذا، إذ، فإذا، وإذا).

أمثلة توضيحية:

- كنتُ في أرضٍ لنا أتمشّى فإذا بطفلٍ يركضُ نحوي.

- وضعتُ المُجلَّداتِ الضخمة على الرَّفّ فإذْ به يَنهارُ.

 

روابط الإضافة:

أدوات الإضافة في استعمالاتِها؛ قريبةٌ جداً من أداوت الاستدراك والمزامنة، وربما أحدثتْ خلطاً لدى بعض مُستعمليها. لكنها مستقلة تماماً من حيث وظيفتُها، فهي تُستعملُ تحديداً للربط بين جُملتيْن تشتركان في موضوعٍ أو فكرة، حيث تُضيف الجملة الثانية معنىً أو فكرةً أو معلومةً جديدة لما سبقَ ذكرُه، أي؛ للجملة الأولى من خلال أداة الإضافة. وهذه الروابط هي: (بالإضافة إلى، إلى جانب ذلك، قِس على ذلك، كما...).

 أمثلة للتوضيح:

- رياضة المشي مفيدة للجسم كما أنّها وسيلة لتحسين اللياقة البدنية.

- الفلسفة مُمتعة بالإضافة إلى كونها أمَّ العلوم.

- تحتوي الكولا على نسبةٍ كبيرةٍ من السُّكر؛ وقِس على ذلك كل المشروباتِ الغازيةِ.

 

روابط التّفصيل:

تُستعمل أدوات التفصيل للربط بين جُملتيْن أو أكثر؛ لتُصبح جملةً واحدةً، أو ربطِ كلامٍ بكلامٍ سابقٍ عنه؛ دون مراعاة الترتيب. وهذه الأدوات هي: (أمّا، إمَّا، الواو، ثمّ، إذن، غير أنّ...).

أمثلة للشرح:

- في الساحة تلاميذ؛ أمَّا المكتبة ففيها أساتذة.

- سنذهبُ للمكتبة غداً؛ إذن تَأَهَّبْ.

- إمّا أنّك شَبعانٌ؛ وإمّا أنَّ الطعامَ لَمْ يُعجِبْكَ!

 

روابط النفي:

روابط النفي؛ أدواتٌ يتمُّ استخدامُها لنفي مضمون الجُملة نفياً صريحاً أو ضِمنيّاً. حيث يقع النفي على الأفعال الماضية والمضارعة فقط. وهذه الروابط هي: (لا، ليس، غيرَ، لم، لمَّا، لن، ما).

أمثلة للتوضيح:

- الطالبُ النجيبُ لا يُحبُّ الكسلَ.

- ليس النحوُ صعباً.

- البابُ غير مفتوحٍ.

- لم يحنِ الوقتُ بعدُ.

- ما هكذا يَصنَعُ الرجالُ. (الرجال لا يفعلونَ ذلك).

- اللغة العربية لن تموتَ.

- هذا تصرُّفٌ غيرُ مقبولٍ.

 

روابط الغائية:

الغائية أو الغاية؛ هي الأدوات والروابط التي تُستعمل لذِكر "الغاية" أو "الهدف" أو "النتيجة" أو "ما يُرجى" مِن الفعل. وتأتي غالباً؛ إمّا مصدراً أو مفعولاً لأجلِه. وهذه الأدوات هي: (لِغاية، لِهدف، لأجلِ، وصولاً إلى، مِن أجل، نتيجةً لِـ، لهذا، كيْ، رغبةً في، على هذا، وعليه...).

أمثلة للتوضيح

- أجتهدُ رغبةً في النجاحِ.

- تكتظّ حافلةُ الصباحِ بالطلبة، لهذا؛ حضرتُ باكراً إلى المحطة.

- ألعبُ الشطرنج لغايةِ المُتعةِ لا الفوْزِ.

 

روابط الشرط:

أدوات الشرط؛ هي روابط تُستخدَمُ للربط بين فعل الشرط وجوابِه في الجملة. تُعِينُنا هذه الروابط على اعتمادِ جُملٍ قوية ومُباشرة، تضمُّ دلالة وافية، نَستعيضُ بها عن الفقرات الطويلة للشرح، كما أنّ روابطَ النفي مُهمة جداً وفعالةٌ في الكتابة العلمية باللغة العربية، خصوصاً ما تعلّق بقراءة البيانات وتحليل المعطيات. تضمُّ هذه الأدوات أسماءً وحروفاً، وهي: (مَنْ، إِنْ، أَيُّ، أَينَ، أَيْنَمَا، كيفما، مَتَى، مَتَى مَا، حَيْثُمَا، أَنَّى، أَيَّانَ، مَهْمَا، إِذْمَا، مَا، حيث أن، حيثُ إنَّ، إِنْ، إِذْمَا..).

أمثلة للتوضيح:

- مَن يتهاونُ يفشَلُ.

- إِنْ تُحاولْ تَنجحْ.

- متى مَا ادَّخَرْتَ المالَ انْتَفَعتَ به.

- حيثُما تكثر السلع تنخفض الأسعار.

- مهما تَقُلْ لا يُنصتون.

 

روابط التأكيد:

أدوات التأكيد؛ من أكثر الروابط استعمالاً، لكونها تُوظَّف لتوكيد المعنى وتوضيحِه وإظهارِه جلِيّاً لدى القارئ "كِتابةً"، أو السامعِ "خطابَةً". بتعبيرٍ آخر؛ تُوظَّفُ أدواتِ التوكيد لإلغاء أيِّ نوعٍ من الشك يُساوِر المُتلقي.

يتم التوكيد عن طريق تكرار اللفظ المُرادِ تأكيدَهُ، أو من خلال أدوات معلومة هي: (كلا، مثل، كلتا، جميع، عين، نفس، كافة، عامة، قد، أنّ، كل، ...).

أمثلة توضيحية:

- أُتقنُ اللغتيْنِ كلتيْهِـما.

- أنهيتُ الواجباتِ جميعَـها.

- زُرتُ الجامعة عينَـها.

 

خلاصة

هناك روابط وأدوات أخرى لا تَقِلُّ أهميةً؛ نذكر منها على سبيل المثال؛ (روابط؛ المقارنة – التتابع والترتيب – الاستثناء – التمثيل والتوضيح – الاقتران ...)، إلا أننا اقتصرنا في مقالنا هذا على أكثرِها شُيوعاً وأهميةً وضرورةً في الاستعمال.

تكمن أهمية هذه الأدوات؛ في تحسينِ وتجويدِ كلام المُتحدِّث أو الخطيب باللغة العربية؛ على مستوى البلاغة بياناً وبديعاً ومَعانٍ. كما تُمكِّنُ الكاتبَ من تمتين المقال وتجويدِه؛ من خلال الرّبط بين الأفكار دون تكرار أو ركاكة، ما يُحقّق للمادة عُنصر الإقناع والتأثير في القارئ أو المتلقي. فهي؛ تُعطي حياةً وقوةً وجمالاً للغة، من خلال التنويعات الكثيرة التي تمنحُها هذه الروابط والحروف الوظيفية، فلا يملّ القارئ مهما طال المقال، كما أنّ الأفكار والمعاني والمعلومات تصل إلى القارئ بشكلٍ صحيح وسليم، فمهما كان مستوى تمَكُّنِك العلمي والمعرفي، فلن تستطيع إبرازَهُ إلّا من خلال لغة عربية سليمة؛ متينة ومنسوجة بلاغةً وصياغةً.

 

للتعمُّق أكثر حول "أدوات الربط" يُرجى الاسترشاد بالمراجع التالية:

تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، عالم الكتب، القاهرة، ط5 ،2006.

مصطفى حميدة، نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة، الشركة المصرية العالمية.

الزمخشري، المفصل في الإعراب، دار الهلال، بيروت، 2003.

حسام البهنساوي، أهمية الربط بين التفكير اللغوي عند العرب ونظريات البحث اللغوي الحديث، جامعة القاهرة، 1994.

 

تواصل مع الكاتب: bachoud.houssaine@gmail.com​

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

      

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

مواضيع ذات علاقة

2 التعليقات

  • وسيم حمية16 مارس, 202403:44 م

    ؟

    وظيفة اداة الربط مما لا شكّ فيه

    رد على التعليق

    إرسال الغاء
  • شنة قويدر11 يناير, 202312:15 ص

    تنشأة المقال

    يعدّ المقال وثبةٌ عقليّةٌ؛ لدى كاتبها في بدايةِ ظُهورِ الموضوعِ على عقلهِ وخيالهِ. دون ظابطٍ من نظام كقطعةٍ إنشائيّة، لا تجري على نسقٍ علميّ أو أدبيّ منهجيّ، ولم تكتمل صورة ملامحه في نفس صاحبها، إلا بعد استقراء ما يتعلق به من موضوعاتٍ؛ لتتضح هيكلة عناصره لكاتبه في التّصوّر الّذي ارتسمه بتسلسلٍ، يُحَكّمُه المنطق والتّكامل. كما يعدّ فن كتابة المقال، أحد أنواع الكتابات الوظيفيّة الإنشائيّة؛ هذا الذي لم يتطرق أليه الكاتب في هذا المقام كان من المهم أن يحدد مفهوم المقال لغةً واصطلاحًا، وأهمّيّه وأنواعه وعناصره، مدعما ما سبق بإنموذجٍ من المقال العلميّ.

    رد على التعليق

    إرسال الغاء

أضف تعليقك

/* Whatsapp Share - 26-6-2023 */