الخلاصة
شهدت العقود التي أعقبت الحرب العالمية الثانية استثمارات ضخمة في السدود العملاقة وخزانات المياه، وقد ترتب على ذلك ارتفاع عدد السدود الكبيرة على مستوى العالم من 5000 سد في عام 1950 إلى حوالي 50000 في عام 2017، وتضاعفت المساحات الزراعية المروية من 140 مليون هكتار إلى 280 مليون هكتار. وقد كان لسياسات تطوير انظمة وتقنيات الري في القطاع العام والطاقة الكهرومائية، والسدود المرتبطة بهما، دورا كبيرا في ترتيبات الجغرافيا السياسية للحرب الباردة والسياسات الوطنية للدول، اذ أصبحت المياه طوال فترة الحرب الباردة أكثر انخراطًا في بناء الأنظمة السياسية وهدمها، ودعم وتقويض الشرعية السياسية للنظم، وتمكين الفئات الاجتماعية وإضعافها، طبقا لمصالح الأطراف المهيمنة.
لقد كان يطلق على العراق منذ آلاف السنين اسم بلاد ما بين النهرين (Mesopotamia) التي كانت السبب الأساسي لنشوء أقدم الحضارات الإنسانية فيه مثل الاكدية والسومرية والبابلية والاشورية، لكنه اليوم يواجه ندرة في المياه والتصحر بسبب الانخفاض المستمر في تدفق مياه نهري دجلة والفرات إلى الأراضي العراقية، ويرجع سبب هذه الندرة إلى حد كبير إلى بناء عشرات السدود على منابع النهرين (Headwaters) في تركيا وإيران، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على الكرة الأرضية. ففي عام 2018، حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن العراق يفقد حوالي 25000 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بسبب التصحر سنويا.
لقد أدى إنشاء وتشغيل حوالي 100 سد وخزان مائي كبير على منابع دجلة والفرات في كل من تركيا وإيران وكردستان العراق خلال فترة تقل عن أربعة عقود، إلى إعاقة تدفق الوارد المائي الطبيعي للنهرين بشكل كبير في الأراضي العراقية، وتسبب في تدهور شديد للأراضي وبيئة حوضي النهرين بما في ذلك جفاف الأراضي الرطبة (الأهوار) في جنوب العراق.
لقد تم في هذه الدراسة تحليل بيانات معدلات التدفق او الوارد المائي السنوي لنهري دجلة والفرات الصادرة من سجلات وزارة الموارد المائية في العراق للفترة (1960-2018) بالارتباط مع تواريخ ملء وتشغيل السدود ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية على منابع النهرين في تركيا وإيران.
اشارت نتائج التحليل إلى وجود علاقة ارتباط وثيقة بين انخفاض الواردات المائية اثناء وبعد ملأ وتشغيل خزانات السدود ومحطات توليد الطاقة الكهرومائية في العراق، ان اختلال وتناقص الواردات المائية السنوية ضمن الأراضي العراقية تسببت بحدوث آثار خطيرة بما في ذلك جفاف حوالي 65% من مساحات مناطق الأهوار جنوب العراق منذ السبعينيات حتى الآن، مع استمرار تدهور وضياع الأراضي الزراعية الخصبة وانحسار الغطاء النباتي الأخضر في السهول الفيضانية، وارتفاع عدد الأيام التي تشهد عواصف ترابية إلى اكثر من 220 يوم في السنة بالمقارنة ب 24 يوم فقط لغاية فترة التسعينات من القرن الماضي، مع تدهور الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية لسكان وادي الرافدين بالإضافة إلى تأثيرات بيئية اخرى ذات صلة.
الورقة البحثية كاملة تجدونها هنا
الورقة البحثية كاملة عبر نبراس
البريد الإلكتروني للباحثة: souad.al.azzawi@gmail.com
الآراء الواردة في هذهِ الورقة البحثية هي آراء المؤلف وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة