مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

اكتشاف نظام سم ومضاد السم في بكتيريا السل

الكاتب

الكاتبون : أ. د. عبدالرؤوف المناعمة - روان حسن ريدة

الجامعة الإسلامية – غزة / فلسطين

الوقت

02:09 مساءً

تاريخ النشر

20, مارس 2019

ما زال مرضُ السل الفتّاك الذي تُسببه بكتيريا المُتَفَطِّرة السُلِّيّة Mycobacterium tuberculosis واحداً من أهم مسببات الوفاة حول العالم. فهو يتسبب في إمراض عشرة ملايين شخص سنوياً، ويودي بحياة مليون ونصف المليون مصاب. وفي محاولةٍ لفهمٍ أعمق لعوامل الضراوة التي تمتلكها هذه البكتيريا بغرض مواجهة تهديد السُّل المقاوِم للأدوية، نجح فريق بحثي أوروبي في التوصل إلى أداة علاجية جديدة محتملة ضد السُّل المقاوِم يقوم على جعل البكتيريا تقتل نفسها بنفسها من خلال سُم تقوم هي بإفرازه.

فقد أظهرت الدراسات الجينية السابقة أن بكتيريا المُتَفَطِّرة السُلِّيّة تمتلك حوالي ثمانين نظاماً من أنظمة (السم-مضاد السم): وهي عبارة عن مجموعات من الجينات المترابطة بشكلٍ وثيق وتقوم بتشفير كل من البروتين السُّمي ومضادّه الذي يعمل على تحييد السُّمية. في الوضع الطبيعي -أي عند توفر الظروف المواتية لنمو البكتيريا- يقوم مضاد السُّم بإعاقة نشاط السُّم، ولكن في ظل الظروف الصعبة مثل نقصٍ في المغذيات وغيرها، تقوم مجموعة انزيمات متخصصة بتحطيم جزيئات مضادات السموم؛ فينشط السُّم الذي يقوم بدوره بإبطاء نمو البكتيريا، فيسمح لها بالنجاة في هذه الظروف الصعبة حتى تتوفر ظروفٌ أكثر ملائمة، أو قد يقوم السُّم بقتل البكتيريا في عمليةِ انتحارٍ ما زال الهدفُ البيولوجي منها محورَ جدل. حيث يُعتقد أن انتحار البكتيريا قد يكون آلية دفاعية ضد الفيروسات؛ أي أن البكتيريا المصابة بالفيروس تختار الانتحار لتفادي نشر العدوى للبكتيريا المجاورة، ويُعتقد أيضاً أنها تنتحر عند ندرة المغذيات من باب التضحية في سبيل مصلحة الجماعة.

وقد نجح الفريق البحثي القائم على الدراسة الحالية في تحديد أحد هذه السموم الانتحارية وهو MbcT الذي إذا لم يتم إحباطه بواسطة مضاده MbcA فإنه يقوم بقتل بكتيريا المُتَفَطِّرة السُلِّيّة عن طريق تحطيم مخزن مركب ثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين(+NAD) لديها؛ وهو جزيء صغير ضروري لاستدامة الحياة. ولإظهار الامكانات العلاجية لهذا السم، قاموا بإصابة خلايا الفئران بسلالة من بكتيريا المُتَفَطِّرة السُلِّيّة تفتقر لنظام (السُّم-مضاد السُّم) ولكنها مجهزة صناعياً لتقوم بإنتاج سُم MbcT، وقد أدى تنشيط هذا السُّم إلى تقليص عدد البكتيريا التي تصيب الخلايا بشكل ملحوظ، مما أدّى إلى رفع معدلات نجاة الفئران. كما كشفت الدراسة عن التأثير التآزري للسُّم مع عقار الآيزونيازيد Isoniazid؛ حيث أدّى خلطهما إلى خفض أعداد البكتيريا في الرئتين بنسبة 100 ضعف، بينما أدّى عقار الآيزونيازيد منفرداً إلى خفض العدد بنسبة عشرة أضعاف فقط، أما سُم MbcT منفرداً خفَّض العدد بنسبة  خمسة أضعاف.

إذا استطاع العلماء إيجاد جزيئات يمكنها تعطيل هذا النظام الذي سيعمل على إطلاق موت الخلايا البكتيرية في مرضى السل، فهذا الجزيء من شأنه أن يكون العقار المثالي لمكافحة السل الرئوي بطريقة مبتكرة معتمدة على آليات أيضية في البكتيريا. ومن المتوقع أن يقوم الفريق البحثي بفحص الآلاف من الجزيئات الصغيرة لمعرفة ما إذا كانت لديهم هذه القدرة.

الجدير بالذكر أن أنظمة السم/مضاد السمّ تم اكتشافها في عدة أنواع من البكتيريا وستشكل مادة غنية للأبحاث في المستقبل وربما تشكل بارقة أمل في طرق جديدة لعلاج الأمراض المعدية.

المرجع

 

البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com | rawaaan10001@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ضيف
ضيف
03/27/2019 8:53 صباحًا
عنوان التعليق
االبكتريا المقاومة للمضادات الحيوية
ضيف
ضيف
03/27/2019 10:00 صباحًا
عنوان التعليق
االبكتريا المقاومة للمضادات الحيوية
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x