مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

الأمراض الفيروسية المنقولة عن طريق الإتصال الجنسي 2

الكاتب

الكاتب : د. رضا محمد طه

أستاذ الميكروبيولوجيا - كلية العلوم - جامعة الفيوم

الوقت

01:05 صباحًا

تاريخ النشر

28, يونيو 2016

أولاً: مرض الزهري Syphilis

يتسبب هذا المرض بكتريا تسمي تريبونيما باليديوم Treponema palladium وهي بكتريا حلزونية تتحرك عن طريق زوائد في قمة الخلية، تنتشر هذه البكتريا خلال الإتصال الجنسي المباشر بين طرفي العلاقة الجنسية من خلال الإنسان المصاب إلي الفرد السليم، حيث تخترق البكتريا الأغشية المخاطية للأعضاء الجنسية أو من خلال جروح أو ثقوب أو حتي من خلال بصيلات الشعر المُغطي للأجزاء الجنسية في جسم الإنسان. فتر الحضانة التي تستغرقها البكتريا منذ دخولها الجسم وحتي ظهور الأعراض تختلف بشكل كبير لكن علي العموم تكون حوالي ثلاث أسابيع. يحدث المرض من خلال ثلاث مراحل هي كالآتي:

  • الزهري الأولي: تتميز المرحلة الأولي من الزهري بظهور "قُرح chancre" مستديرة ذات حواف مرتفعة ولون قرمزي لكنها غير مؤلمة تبدو كالغضروف. تنشأ القرح مكان دخول البكتريا والتي غالباً ما تكون الأعضاء التناسلية وأيضاً البلعوم والمستقيم والشفتين، لكن بالعموم ممكن تكون تلك القرح في أي مكان في الجلد. تستمر القرح من إسبوعين الي ستة أسابيع ثم تختفي من تلقاء نفسها.
  • الزهري الثانوي: والذي يظهر بعد مرور أسابيع عديدة وتكون أعراضه في صورة حمي وأعراض تشبه تماماً اعراض مرض الإنفلونزا، كما يصاحبها تضخم في العقد الليمفاوية بالإضافة الي ظهور طفح جلدي قد يتداخل مع الذي يحدث عند الإصابة بالحصبة أو الجديري. قد تسقط رموش عين المصاب وتختفي مساحات من شعر رأسه، كما يحدث إصابة الكبد بالإلتهاب ويرقان ووفاة للحالات التي لم يتم علاجها، البعض من المرضي في هذه المرحلة تتبقي عندهم علامات للقرح والبثرات، هؤلاء المرضي يدخلون في مرحلة كمون للمرض، وحوالي ثلثي هؤلاء المرضي إن لم يتم علاجهم بطريقة مناسبة يدخلون في طور الزهري الثالثي.
  • الزهري الثالثي: والذي يتكون فيه بثرات وقرح صمغية لينة وناعمة وبها حبيبات تسمي "جوما gumma" والتي تعمل علي إضعاف الأوعية الدموية الرئيسية فتسبب إنسدادها ومن ثم إنفجارها وقد تصل للحبل الشوكي في النهاية مدمرة أنسجته ومؤدية للشلل. في حالة إصابة المرأة الحامل بتلك المرحلة فإن بكتريا الزهري تخترق الحواجز المشيمية بعد الشهر الرابع من الحمل مما ينتج عنه تشوهات بالجنين، وعند الولادة تظهر لي المولود قرح وبثرات علي جلده مما يؤدي بهؤلاء الاطفال الي ضعف عام في عظامهم وإلتهاب سحائي وضعف بالسمع وفي قوة الإبصار وتشوه في الأسنان.

 

تشخيص المرض: يتم الكشف عن وجود بكتريا الزهري بإستخدام الأجسام المضادة المتخصصة لها وذلك بأخذ عينة دم من المريص وفصل السيرم منها ثم تضاف للبكتريا تم أخذها من حيوان تجارب-أرنب-بع إصابته بها فإذا إرتبطت الأجسام المضادة للمريض بالبكتريا كانت النتيجة إيجابية للمرض. طريق أخري يتم إستخدامها للكشف عن البكتريا وذلك بتعليم الأجسام المضادة الموجودة بسيرم المريض بالفلوريسين الوميضي ويتم التعرف علي وجود الوميض الفلوسيني مما يدل علي وجود المرض والبكتريا. يمكن إيضاً إستخدام إختبار تثبيت المكمل.

ثانياً: مرض السيلان "جونوريا" Gonorrhea

تسبب هذا المرض بكتريا نيسيريا جونوريا Neisseria gonorrhaeae وهي كروية الشكل في ثنائيات وسالبة لصبغة جرام، تلك البكتريا حساسة للتغيرات الخارجية بمعني أنها هشة وسريعة التحلل وتعيش فترة وجيزة جداً في الخارج وتؤثر فيها وتقتلها  المطهرات التي الشائعة الإستخدام، كما يمكنها. نادراً ما تتنتقل الإصابة بها من خلال الأسطح والأشياء الجافة مثل مقاعد الحمامات، لكن أغلب الإصابات بتلك البكتريا تتم من خلال الإتصال المباشر من إنسان مصاب لآخر سليم خلال العلاقة الجنسية. تستطيع بكتريا السيلان غزو النسيج السطحي لعنق الرحم والمثانة وقد تسبب لمنطقة الحوض إحمرار وإلتهاب كما أنه من السهل تفريغ المثانة بنزول البول قصراً عند الضغط علي المصاب في منطقة العانة.

فترة الحضانة لهذه البكتريا تتراوح من يومين الي ستة أيام، قد تعاني المريضة من آلام بالبطن يصاحبه حرقان عند التبول وإضطراب في الدورة الشهرية عند المرأة المصابة، وفي بعض الحالات قد تتسرب البكتريا لتصل لقنوات فالوب ومنها الي المبايض وتكون نتيجتها إنسداد في قناة فالوب وعرقلة وصول البويضات للرحم ومن ثم حدوث عقم عند المرأة المصابة. في الذكور فإن إصابة العضو الذكري للمريض بالبكتريا ومنها الي منطقة مجري البول ثم الي المثانة، قد يشعر المريض بوخز خفيف في القضيب وبعد أيام يشعر المريض بآلام شديدة عند التبول ويخرج مع البول سائل أبيض لزج يشبه السائل المنوي. قد تتضخم الغدد الليمفاوية بين الفخذين والحوض ويصاحبها آلام حادة في الخصيتين، وفي الحالات التي لم يتم علاجها قد تؤدي للعقم عند المريض. ولا يقتصر السيلان علي الاعضاء التناسلية، فقد يصيب البلعوم خاصة للذين يقيمون علاقات جنسية من خلال الفم وفي تلك الحالات قد يشكو المريض من إلتهاب بالزور وصعوبة عند البلع، أما الشواذ جنسياً فإنه يحدث إصابة بالمستقيم لدي المريض، كما قد تنتقل الإصابة الي العيون عند ملامستها أيدي ملوثة بالبكتريا عند عملية التبرز مؤدية لمشاكل في العيون خاصة نسيج الملتحمة وتليف بالعين. كما يمثل هذا المرض خطورة علي عيون الأطفال المولودين لأمهات مصابة بالسيلان أثناء الولادة.

العلاج: يتم العلاج بالطريقة التقليدية عن طريق تناول جرعة كافية من البنسلين، لكن ظهرت سلالة من تلك البكتريا لديها القدرة علي إنتاج إنزيم "البنسيليناز" والذي يقوم بتحويل البنسلين الي مركب آخر-آمن- لا يمثل خطورة عليها. منذ عام 1992 ظهر علاج بمضاد حيوي آخر يسمي "سيفيكسيم Cefixieme" يؤخذ عن طريق الفم في جرعة واحدة. لا تعطي إصابة الإنسان ببكتريا السيلان-والذي تم شفاءه منه-مناعة عند إصابته مرة ثانية لأن الجهاز المناعي لا يستجيب بصورة كافية لتلك البكتريا في حالة الإصابة الأولي. كما لا يوجد لقاح لبكتريا السيلان، لكن العلماء إستطاعوا إنتاج لقاح مضاد للزوائد الجنسية "بيللي antipili " وقد تكون كافية كلقاح ضد البكتريا إلا أنه ذلك ما زال تحت التجريب.

الكشف عن البكتريا: يتم الكشف عن بكتريا السيلان ميكروسكوبياً وذلك عن طريق تحضير عينة من السائل المأخوذ من المجري البولي للمصاب، ثم تحضيرها للفحص الميكروسكوبي حيث تظهر بكتريا كروية في ثنائيات وسالبة لصبغة جرام. يتم أيضاً إستخدام طريقة الكشف المناعي بإستخدام إختبار يسمي "جونوزيم " Gonozyme" وفيه يسحب الطبيب المعالج مسحة من المكان المصاب ثم يغمسها مباشرة في محلول يسمي جينوزيم والذي فيه يتم التفاعل المناعي حيث خلال ساعات قليلة تظهر ألوان تدل علي وجود أو عدم وجود البكتريا وتلك طريقة سريعة تساعد الطبيب في وصف العلاج المناسب للمريض.

ثالثاً: الكلاميديا Chlamydia

يسبب هذا الميكروب مرض يشبه السيلان في طريقة إنتقاله عبر الإتصال الجنسي، المسبب المرضي هو كلاميديا تراكوماتيس Chlamydia trachomatis وهي كائن ممرض صغير قطره حوالي 25, ميكروميتر، تنمو وتتكاثر فقط علي الأنسجة الحية (إجبارية التطفل) مثل جنين الدجاج المُخصب ومزارع الأنسجة، كما أن دورة تكاثره معقدة. يصيب هذا المرض الإنسان وله فترة حضانة تتراوح من إسبوع الي ثلاث أسابيع، تظهر الأعراض علي المصاب في صورة مشابهة لمرض السيلان لكن تكون خفيفة بعض الشيء. في المرأة المصابة بالكلاميديا تخرج إفرازات مهبلية بالإضافة الي وجود إلتهاب بعنق الرحم حيث يعتبر مكان ملائم لنمو الميكروب لذلك تصاحب عملية التبول عند المصابة آلام حادة تشير لإصابة المثانة وتكون المضاعفات وصول الميكروب الي قنوات فالوب مسببة تلاصقات والتي تؤدي الي إنسدادها.

في المرضي الذكور تتميز أعراض الكلاميديا بألام شديدة عند التبول مصاحبة بإفرازات يمكن رؤيتها في التبول الأولي صباحاً، كما يشعر المريض بوخز وألم عند لمس العضو الذكري نتيجة للإلتهابات الناتجة عن المرض والتي قد ينتج عنها عقم في بعض الحالات. قد تنتقل العدوي بالكلاميديا من الأم المصابة للأطفال عند الولادة والتي قد تنتقل عند هؤلاء الأطفال لتصيب عيونهم، لذلك يتم إستخدام نترات الفضة لتجنب الإصابة، لكن العلماء أكدوا أن إستخدام نترات الفضة يُعد غير كاف للوقاية من المرض لذلك يجب إستخدام المضاد الحيوي "إريثروميسين" لتجنب المضاعفات في صورة فقدان الأطفال المصابون لنظرهم أو العمي. كما يمكن علاج الكلاميديا بكفاءة عالية بإستخدام التتراسيكلين، لكن إذا كانت المرأة المصابة حامل يمكن إستبداله بمضاد حيوي آخر حيث أن التتراسيكلين يعيق تكوين العظام في الأجنة.

بعض الإصابات التي تحدث في العين من أثر الكلاميديا

التشخيص: يتم تشخيص الكلاميديا بشكل سريع وبسيط بإستخدام إختبارين، الاول يسمي "ميكروتراك MicroTrak" وفيه يأخذ الطبيب المعالج مسحة (عيبنة) من العضو الذكري للمصاب أو الرحم في المرأة المصابة، ثم يتم وضع العينة في إنبوبة صغيرة تحتوي علي محلول يحفظها لحين وصولها إلي المعمل المختص المركزي ليتم إختبارها، يستخدم في هذا الإختبار الأجسام المضادة وحيدة النسيلة "مونوكلونال" والمتخصصة للكلاميديا والتي يتم صبغها بالفلوريسين-تعليمها-في ذلك الإختبار يتم الحصول علي النتيجة في خلال 30 دقيقة. أما الإختبار الثاني يسمي "كلاميديازيم Chlamydiazyme assay" وهو أيضاً إختبار مناعي ويتم فيه أخذ مسحة-عينة-من المريض ويقوم الطبيب المعالج بالكشف عن وجود البكتريا في الحال داخل عيادته وهو مشابه لإختبار "جونوزيم" الذي يستخدم للكشف عن السيلان.

المراجع:

  • Wikipedia.org
  • Alcamo, I.D. (1996) Fundamental of Microbiology. Longman, Inc. 5th ed.
  • Fraser C.M., et al (1998) “Complete Genome Sequence of Treponema palladium, the Syphilis Spirochete”. Science 281 (5375):375-388.
  • Lobdell J, Owsley D. (1974) “The origin of syphilis”. Journal of Sex Research 10 (1):76-79.

 

 

بريد الكاتب الإلكتروني: redataha962@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x