.
في عالم يزداد فيه الضغط على أنظمة الرعاية الصحية، تمثل هذه المستشعرات فرصة لتحقيق عدالة صحية حقيقية. إذ أن تكلفة التشخيص تُعد عائقًا كبيرًا أمام الملايين، وخاصة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
توفير وسيلة تشخيص فعالة بسعر لا يتجاوز “دولارًا واحدًا” قد يحدث تغييرًا جذريًا في نسب الكشف المبكر، ويقلل الاعتماد على الفحوصات الباهظة.
انضمّت مجموعة من الباحثين من مختبر “فيورست” مؤخرًا إلى برنامج “دلتا فاي” (delta v)، وهو مسرّعة المشاريع الطلابية التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث يطمحون إلى إطلاق شركة ناشئة لتطوير هذه التقنية بشكل أكبر. وبعد أن أصبح بإمكانهم الآن إنتاج اختبارات تتمتع بعمر افتراضي أطول، يأمل الفريق في البدء بشحنها إلى مواقع يمكن فيها اختبارها باستخدام عينات حقيقية من المرضى.
صرح مختبر فيورست معلقاً حول المشروع قائلاً: “هدفنا هو الاستمرار في اختبار المستشعرات باستخدام عينات مرضى ضد أمراض مختلفة في بيئات واقعية.” ويتابع: “كان التحدي سابقًا أننا كنا مضطرين لصنع المستشعرات في الموقع نفسه، لكن الآن، بعد أن أصبحنا قادرين على حمايتها، يمكننا شحنها. لم نعد بحاجة إلى التبريد، وهذا ما يتيح لنا الوصول إلى بيئات أكثر قسوة أو غير مثالية لإجراء الاختبارات.
التحديات المحتملة
رغم الميزات الهائلة، ما زالت هناك بعض التحديات التقنية والتنظيمية:
1. الموثوقية في بيئات غير معملية: الأداء قد يتأثر بدرجات الحرارة أو التلوث البيئي.
2. التنظيم والموافقات: يتطلب اعتمادها الحصول على موافقات من جهات مثل FDA أو EMA.
3. الخصوصية البيولوجية: التعامل مع بيانات الحمض النووي يطرح تساؤلات حول الأمن والخصوصية.
مقارنة المستشعرات الجديدة مع طرق التشخيص التقليدية

وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 50% من الأمراض المزمنة يتم اكتشافها في مراحل متأخرة بسبب ارتفاع تكلفة التشخيص.
مستقبل المستشعرات: نحو الطب الشخصي
تكمن قوة هذه التقنية في كونها “قابلة للتخصيص”، إذ يمكن برمجة المستشعر ليتعرف على تركيبات جينية معينة خاصة بكل فرد. هذا يمهد الطريق لاستخدامها ضمن مفهوم الطب الشخصي (Personalized Medicine) أي تخصيص العلاجات والفحوصات بناءً على الخريطة الجينية لكل مريض. وقد يصبح لدينا مستقبلاً مستشعر خاص بكل شخص، يُرسل إشارات إلى هاتفه الذكي عند حدوث تغيّرات بيولوجية قد تدل على خطر صحي وشيك.
تطبيقات مستقبلية مقترحة
1- فحوصات الحمل والخصوبة الدقيقة.
2- كشف التسمم الغذائي عبر اللعاب.
3- تحليل جودة الهواء عبر الجلد أو الزفير.
4- أدوات مراقبة للأمراض المزمنة مثل السرطان أو أمراض القلب.
5- نظام إنذار مبكر للأوبئة في المدارس والمطارات.
ليس الابتكار في حجم الجهاز ولا في سعره فقط، بل في “فلسفة الوصول” التي يتبناها، أن يصبح التشخيص أداة يومية في يد كل إنسان، تمامًا كميزان الحرارة أو جهاز قياس السكر. قد لا تحتاج في المستقبل إلى زيارة الطبيب للكشف، يكفي أن تفتح درج مكتبك، وتجد فيه جهاز استشعار صغير، يعرف عنك أكثر مما تعرفه أنت عن نفسك.
.
المرجع
– MIT engineers develop electrochemical sensors for cheap, disposable diagnostics.
.
تواصل مع الكاتب: mohamedmouradgamal@gmail.com