تطوير جلد اصطناعي بخاصية الإحساس
الكاتب : المحرر
أ.د. عبدالرؤوف المناعمة - الشهيدة / ولاء ياغي
12:51 مساءً
23, مارس 2025
ظاهرة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية Antimicrobial resistance تعد واحدة من أكبر التحديات الصحية العالمية في القرن الواحد والعشرين، حيث تؤدي إلى فشل العلاجات التقليدية وزيادة معدل الوفيات المرتبط بالأمراض المعدية. تلعب أنواع الأكسجين التفاعلية Reactive Oxygen Species, ROS دورًا رئيسيًا في آليات قتل البكتيريا بواسطة بعض المضادات الحيوية، ولكنها أيضًا تسهم في تطور المقاومة من خلال تحفيز الطفرات الجينية وتعزيز استجابات الإجهاد(Stress response) في البكتيريا.
لهذا السبب، ظهرت مضادات الأكسدة كعامل محتمل في تعديل تطور مقاومة الميكروبات. ومع ذلك، فإن تأثيرها لا يزال غير واضح تمامًا، حيث يُعتقد أنها قد تمنع بعض الآليات المؤدية إلى ظهور المقاومة، ولكنها في الوقت ذاته قد تقلل من فعالية المضادات الحيوية التي تعتمد على الإجهاد التأكسدي. في هذا المقال، نستعرض العلاقة بين مضادات الأكسدة وتطور مقاومة الميكروبات، ونناقش الأدلة العلمية المتاحة حول هذا الموضوع.
أولا: دور الإجهاد التأكسدي في قتل البكتيريا بالمضادات الحيوية
تلجأ بعض المضادات الحيوية، مثل الكينولونات “Quinolones” والأمينوغليكوزيدات “Aminoglycosides”، إلى توليد أنواع الأكسجين التفاعلية داخل الخلايا البكتيرية، مما يؤدي إلى:
1- تلف الحمض النووي عبر التأثير على القواعد النيتروجينية وتكسير الجزيئات الوراثية.
2- أكسدة البروتينات مما يعطل الإنزيمات الحيوية.
3- إحداث ضرر في الغشاء الخلوي يؤدي إلى تسرب المواد الحيوية وموت الخلايا.
هذه الآلية تعد فعالة في قتل البكتيريا، لكنها في المقابل قد تحفز أيضًا استجابة الإجهاد البكتيرية، مثل نظام SOS response، (نظام الاستجابة الطارئ) مما يزيد من فرص ظهور طفرات مقاومة للمضادات الحيوية.
ثانياً: تأثير مضادات الأكسدة على تطور مقاومة الميكروبات
أ- تقليل الإجهاد التأكسدي وتأثيره على المقاومة
تقوم مضادات الأكسدة، مثل فيتامين C ، الريسفيراترول، والجلوتاثيون، بإزالة الجذور الحرة وتقليل مستويات ROS داخل الخلايا. هذه العملية قد تؤدي إلى:
1- تقليل معدل الطفرات الجينية الناجمة عن تلف الحمض النووي، مما قد يقلل من فرص ظهور مقاومة جديدة.
2- إضعاف استجابة الإجهاد البكتيرية التي تلعب دورًا في تطوير مقاومة المضادات الحيوية.
ومع ذلك، هناك مخاوف من أن مضادات الأكسدة قد تضعف فعالية المضادات الحيوية التي تعتمد على الإجهاد التأكسدي، مما قد يعيق تأثيرها العلاجي.
ب- التأثير على الأغشية الحيوية (Biofilms)
تعد قدرة الميكروبات على تكوين الأغشية الحيوية عاملاً مهمًا في حمايتها وهي عبارة عن تجمعات بكتيرية تتمكن من خلالها مقاومة الظروف الصعبة ومنها التعرض للمضادات الحيوية بسبب حمايتها بطبقات خارجية من البوليمرات اللزجة التي تقلل من قدرة المضادات على الوصول إلى البكتيريا. تشير بعض الدراسات إلى أن مضادات الأكسدة، مثل N-acetylcysteine (NAC)، قد تساعد في تفكيك الأغشية الحيوية وجعل البكتيريا أكثر حساسية للمضادات الحيوية.
ت- تعديل الاستجابة الجينية للمضادات الحيوية
أظهرت بعض الأبحاث أن مضادات الأكسدة قد تمنع تنشيط الجينات المقاومة للمضادات الحيوية التي تُحفَّز عادةً تحت تأثير الإجهاد التأكسدي، مما قد يقلل من احتمالية تطور مقاومة جديدة.
ث- الأدلة العلمية والدراسات الحديثة
– دراسة أجراها Kohanski et al. (2010) وجدت أن المضادات الحيوية التي تعتمد على الإجهاد التأكسدي تسرع من تطور المقاومة لدى بعض البكتيريا، مما يشير إلى إمكانية تأثير مضادات الأكسدة على هذه العملية.
– دراسة حديثة نُشرت في Nature Communications (2022) أظهرت أن فيتامين C قد يعطل بعض آليات المقاومة في الإشريكية القولونية (E. coli) عند دمجه مع بعض المضادات الحيوية.
– دراسة أجراها Song et al. (2023) أشارت إلى أن الريسفيراترول يقلل من تعبير الجينات المقاومة في البكتيريا العنقودية الذهبية (Staphylococcus (aureus مما يزيد من حساسيتها للمضادات الحيوية.
التحديات والآفاق المستقبلية
أ- التحديات
1- اختلاف التأثير بين الأنواع البكتيرية: قد تؤثر مضادات الأكسدة بطرق مختلفة على أنواع مختلفة من البكتيريا، مما يجعل من الصعب تعميم نتائج الدراسات وبالتالي يجب بذل جهد كبير في التعرف على تأثير مضادات الأكسدة على مختلف أنواع البكتيريا الممرضة وعلى المضادات الحيوية المختلفة أيضاً.
2- إمكانية تقليل فعالية المضادات الحيوية: بعض مضادات الأكسدة قد تعيق تأثير المضادات الحيوية التي تعتمد على الإجهاد التأكسدي، مما قد يؤدي إلى تقليل فعاليتها العلاجية.
3- الحاجة إلى دراسات سريرية موسعة: معظم الأبحاث الحالية أُجريت في المختبرات، وهناك حاجة إلى تجارب سريرية لتحديد فعالية هذه الاستراتيجية في البشر.
ب- الآفاق المستقبلية
1- استخدام مضادات الأكسدة في تركيبات علاجية: قد يكون الجمع بين مضادات الأكسدة والمضادات الحيوية استراتيجية فعالة عند اختيار التركيبات المناسبة.
2- تصميم مضادات أكسدة مستهدفة: يمكن تطوير مركبات مضادة للأكسدة تستهدف فقط آليات المقاومة دون التأثير على فعالية المضادات الحيوية.
3- مزيد من الأبحاث حول تأثير مضادات الأكسدة على الطفرات الجينية: فهم أعمق لكيفية تأثير مضادات الأكسدة على التكيف البكتيري يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للعلاجات المستقبلية.
خلاصة
يعد تأثير مضادات الأكسدة على مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية مجالًا ناشئًا يحمل إمكانات كبيرة، ولكنه لا يزال يتطلب دراسات إضافية لفهم تأثيراته بشكل كامل. في حين أن بعض الأبحاث تشير إلى أن مضادات الأكسدة قد تقلل من ظهور المقاومة البكتيرية، إلا أن هناك مخاوف من أنها قد تقلل أيضًا من فعالية بعض المضادات الحيوية. لذلك، فإن التوجه المستقبلي يجب أن يركز على دراسة التأثيرات التفاعلية لمضادات الأكسدة والمضادات الحيوية في البيئات السريرية، وتطوير استراتيجيات علاجية تستفيد من هذه المعرفة في مكافحة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
.
المراجع
1- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/24803433/
2- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC11391518/
3- WHO (2024). Antimicrobial Resistance: Global Report on Surveillance.
4- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/38541190/
.
تواصل مع الكاتب: elmanama_144@yahoo.com