.
مما لا شك فيه أن التميز في البحث العلمي وتطويع التقنية، والابتكار في التطبيقات، وتوطين العلم، من أهم ما تسعى إليه المؤسسات العلمية والدول، ولكن تحقيق هذا يحتاج إلى همّة وعقيدة وروح، لا ينبغي أن يُغفل عنها. فالنفوس هي التي تحرك الأجساد وتوجه العمل نحو الهدف. والانتماء جزء أصيل في تكوين المجتمع العلمي الذي نسعى للمساهمة في بنائه.
في هذه الفترة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، نجدنا في أشد الحاجة لما يصحح المفاهيم ولما يجبر الكسر ويرمم الروح ويرفع الهمّة. ويعيد الثقة بالنفس والاعتزاز بالذات، بعد الله سبحانه وتعالى.
هذه الأمة لم تكن في يوم من الأيام على هامش التاريخ، بل هي أمة لها تاريخ ودور مهم ومحوري في مسيرة الحضارة الإنسانية، قبل وبعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإن تسليط الضوء على هذا الدور من أهم وسائل تحقيق هذا الهدف. جبر الكسر وترميم الروح وشحذ الهمم لانطلاق نحو مستقبل أفضل وأمنع وأعز. بإذن الله
لقد أسهمت الحضارة العربية الإسلامية في تطور الحضارة العالمية في مختلف الميادين الفكرية والمجالات العلمية والإنسانية.
وبفضل طبيعة تكوين المدينة الإسلامية، والتي كانت تضم وتستوعب جميع المفكرين والعلماء من مختلف الأعراق والديانات. انبثقت ولأول مرة في التاريخ، ما يعرف بظاهرة “عالمية العلم“. فالعلم الذي كُتب بالعربية كان عالميا بمنابعه ومصادره، عالمياً بتطوراته وامتداداته. هذا العلم العالمي وآثاره هو ما ينبغي تسليط الضوء عليه. من خلال العلم والتحقيق الصارم الذي يفرض نفسه على تاريخ العلم ومناهجه ويعيد صياغته، ويعيد للعلم المكتوب بالعربية مكانته فيه.
لقد عملت المنظمة على مدى سنوات لتأسيس مشروع يساهم في تحقيق هذا الهدف، وقد آن الأوان للإعلان عنه وإطلاقه بشكل رسمي، بعنوان: اسهامات الحضارة الإسلامية في المعارف الإنسانية
يتم التركيز فيه على اسهامات علماء ومهندسي وفلاسفة الحضارة العربية الإسلامية في الحضارة الإنسانية وما وصلت إليه العلوم اليوم، وبيان أن هذه الحضارة واسهاماتها حلقة مهمة وأساسية في مسيرة تاريخ العلم والحضارة، وكذلك التركيز على عالمية العلم الذي كتب باللغة العربية وإعادة الاعتبار له.
بدأنا المشروع على مسارين، أحدهما يركز على انتاج المعرفة، تأليف وترجمة الموسوعات، والكتب والمقالات العلمية والبحوث.
وقد حصلنا على حقوق الترجمة والنشر للمجلد الخاص بالحضارة العربية الإسلامية من الموسوعة الإيطالية لتاريخ العلوم، وهو من أفضل ما كتب في هذا الباب حتى الآن، بالإضافة إلى حقوق الترجمة والنشر لعدد من الكتب والمقالات العلمية المتميزة في هذا المجال.
والمسار الثاني، يهدف إلى تنظيم المؤتمرات الدولية والندوات.
من أجل تسليط الضوء على دور الحضارة العربية الإسلامية وعلمائها في حفظ ونقل وتطوير المعارف العلمية والإنسانية، وانعكاس ذلك على مسيرة الحضارة والنهضة العلمية الحديثة. وتحفيز المناقشات العلمية حوله.
والحمد لله، بدأنا بالفعل في الترجمة والنشر، والإعداد لمؤتمر دولي..
ونحن نطمح أن يصبح هذا المشروع مستقبلا مركزاً أو معهداً علمياً، أو جمعية علمية عالمية.
إن هذا المشروع هو مشروع أمة، ويتطلب جهوداً كبيرة ومخلصة، لا يمكن للمنظمة ولا لأي جهة القيام به منفردة، لذا نحن نطرحه اليوم أمامكم وندعوكم أفراداً ومؤسسات لتبنيه والمشاركة فيه بأي شكل من أشكال المساهمة لوضع أسس وخطط تنفيذ مشروع حضاري علمي وأكاديمي، لننال وإياكم شرف التأسيس، ونقوم بواجبنا تجاه أمتنا ومستقبل أجيالنا.
تواصل مع الكاتب: mmr@arsco.org
.
>
اقرأ أيضاً
ريادة وتفرد منظمة المجتمع العلمي العربي