التخصص الدقيق هو سمة العصر وموضوعنا اليوم عن تخصص حديث نسبيا للصيدلة في الوطن العربي، وهو الصيدلة الرياضي وكلنا نعلم جيدا مقولة “العقل السليم في الجسم السليم”، ولكن عزيزي القارئ هل سألت نفسك وأنت تمارس الرياضة سواء لتعزيز الصحة أو للانضمام للفرق الرياضية، ما تأثير تناول الأدوية العلاجية أو المكملات الغذائية على أدائك، وماذا عن أعراضهما الجانبية أثناء ممارسة الرياضة؟
منظمة المجتمع العلمي العربي
على مدى العقدين الماضيين، تغيرت العملية التعليمية للرعاية الصحية الرياضية بشكل كبير عالميا، خاصة بعد إطلاق شهادات الرعاية الصحية الرياضية المتخصصة. ففي عام 2018م، أطلقت اللجنة الأولمبية الدولية شهادة شاملة للدراسات العليا خاصة بالأدوية في الرياضة، وبدأ انتشار تخصص الصيدلة الرياضية عالميا بمشاركة فعالة من الصيادلة ذوي الخلفية الرياضية، وتم الاعتراف بالشبكة الدولية للصيادلة الرياضيين في 2022م من قِبل الاتحاد الصيدلاني الدولي.
يُمارس تخصص الصيدلة الرياضية في كثير من الدول على سبيل المثال لا الحصر: في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا واليابان وتركيا وعربيا في دولة قطر بمستشفى اسبيتار والتي نشرت عبر مجلتها العلمية للطب الرياضي مقالا بالإنجليزية في نوفمبر2013م بعنوان “التخصص الناشئ للصيدلة الرياضية” والذي كتبه ديفيد موترام ومارك ستيوارت، تمت الإشارة فيه إلى الخدمات الصيدلانية في الدورة الأولمبية بلندن عام 2012م والدور الأوسع للصيادلة الرياضيين.
ما لفت نظري في هذا التخصص ودعاني إلى المضي قدما فيه والسعي إلى تعريبه، هو أنني على مدار خمس وعشرين عاما عاصرت أحداثا كثيرة بسبب تخصصي في الصيدلة وممارستي للرياضة على التوازي، تزامنا مع استمرار طلب استشارتي الصيدلانية من زملائي الرياضيين سواء في مراكز التدريب أو الأندية وعدم وجود تثقيف دوائي للرياضيين باللغة العربية.
حصيلة المعلومات والمواقف التي مررت بها والتي تربط الصيدلة بالرياضة والأحداث السلبية والإصابات التي تعرضت لها والمواقف التي كنت شاهد عيان عليها، بالإضافة إلى الاعترافات الدولية التي حصلت عليها، كان له دور فعال في قدرتي على إعطاء المشورة الصحية السليمة في التوقيت الصحيح لممارسي الرياضة.
الصيدلي الرياضي صمام الأمان عند وصف أي أدوية أو مكملات غذائية لالتزامه بمعايير نزاهة الصيدلة الرياضية الأتية:
– احترام السرية والخصوصية للرياضي وإعطاء الأولوية لصحته وسلامته البدنية والنفسية.
– تقييم الأدوية العلاجية والمكملات الغذائية من حيث السلامة والفعالية عند استخدامها وتقديم الاستشارة الآمنة.
– تحديد سوء استخدام الوصفات الطبية والأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية مثل بعض مسكنات الألآم والفيتامينات.
– التثقيف الدوائي لجميع الفئات المجتمعية عند ممارسة الرياضة من رجال ونساء وأطفال وشباب وكبار سن وذوي الهمم.
– توضيح قواعد مكافحة المنشطات والاستثناء للاستخدام العلاجي بشكل مستمر لرياضي النخبة تزامنا مع التحديثات الدورية.
عزيزي القارئ من المهم أن تدرك أن “أي مادة هي سم ولكن ما هي الجرعة، “وتبدأ بسؤال نفسك بعض الأسئلة ومنها:
– هل أنا مسؤول عما أقوم بتناوله؟
– هل قمت باستشارة الكادر الصحي المتخصص?
– هل ما يناسبني يتناسب مع أي شخص آخر أنصحه أو العكس؟
– ما هو الإجراء الأمثل لاستخدام الأدوية في الحالات المرضية والإصابات؟
– ما هي الطريقة المثالية لتعزيز الأداء الرياضي وما هي معززات الأداء المقبولة؟
الرجاء الإضافة لمعلوماتك أن هناك أكثر من 19000 منتج دوائي معتمد للتسويق من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ولكن ماذا عن المكملات الغذائية والشراء عبر الإنترنت؟
كلنا نطمح للوصول إلى أفضل النتائج عند ممارسة الرياضة ولكن هذا لا يفترض أن يكون على حساب أجهزة الجسم، فإن كنت تمارس الرياضة للترفيه أو لتحسين نمط الحياة أو للعلاج من أمراض العصر أو رياضي محترف أو من النخبة، فعليك مسؤولية كبيرة تجاه نفسك والآخرين وذلك بتحري الاستشارة الصحيحة لكل ما تقوم بتناوله من أدوية علاجية أو مكملات غذائية.
“المعلومة الصحيحة في التوقيت الصحيح لا تقدر بثمن”، فمثلا من الممكن وأثناء سعيك لإنقاص الوزن بممارسة الرياضة المنتظمة أن تقرأ معلومة صحيحة عن عقار يستخدم في حالات السمنة، فتقرر استخدامه لكي يساعدك على مهمتك، ولكن هل استخدامه في هذا التوقيت صحيحا! ، وعلى النقيض ماذا يحدث إذا حدثت لك إصابة (لا قدر الله) أثناء مباراة كرة قدم مع الأصدقاء وكان لابد من تدخل دوائي محدد ولكنك لم تستخدمه وتركت الإصابة تتفاقم.
من ناحية أخرى لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن ما يقدر بنحو 23 ألف زيارة لقسم الطوارئ في الولايات المتحدة الأمريكية يُنسب كل عام إلى الأحداث السلبية المتعلقة بالمكملات الغذائية أو منتجات الطاقة، مثل هذه الزيارات تشمل عادة أمراض القلب والأوعية الدموية وأعراض فقدان الوزن.
في فبراير 2015، نشرت نيويورك تايمز خبر استهداف المدعي العام المكملات الغذائية لدي كبار تجار التجزئة، “وجدت السلطات أن أربعة من كل خمس منتجات لا تحتوي على أي من الأعشاب الموجودة على ملصقاتها وأظهرت الاختبارات أن الحبوب التي تحمل علامة الأعشاب الطبية غالبا ما تحتوي على ما يزيد قليلا عن مواد حشو رخيصة مثل مسحوق الأرز والهليون والنباتات المنزلية، وفي بعض الحالات مواد يمكن أن تكون خطرة على أولئك الذين يعانون من الحساسية“.
الخاتمة
وفي الختام عزيزي القارئ، صحتك أمانة بين يديك وسعيك للحصول على المعلومة من مصادرها الصحيحة هو أساس الوقاية من أي أعراض جانبية أو تبعات سلبية تنتج عن تجربة خاطئة أو حب استطلاع أو نتيجة مرجوة سريعة. وهنا يأتي دور الصيدلي الرياضي في رفع الوعي المجتمعي والتدخل الآمن في التوقيت الصحيح لتوجيه جميع ممارسي الرياضة لمسار العلاج الدوائي السليم، أو منع الإجراء الخاطئ الخاص بتناول الأدوية والمكملات الغذائية، ولكن يتطلب ذلك الاستعانة بالصيادلة الرياضيين باللجان الأولمبية المحلية والاتحادات الرياضية والأندية وصالات اللياقة البدنية.
المراجع
– http://www.sportsoracle.com/course/ioc-certificate-in-drugs-in-sport/
– www.fip.org/file/5391
– https://journal.aspetar.com/en/journals/volume-2-issue-1
– https://www.bing.com/images/
– https://www.fda.gov/media/115824/download
– https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/26465986/
– https://archive.nytimes.com/well.blogs.nytimes.com
تواصل مع الكاتب: drjudoka@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة