مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

تطلّعات وآمال لزيادة الإنتاجية والتحسين الوراثي

فسيولوجيا تناسل الإبل

السنة الدولية للإبليات 2024
الكاتب

د. إسلام محمد سعد الدين

كبير علماء الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث - الرياض

الوقت

09:44 صباحًا

تاريخ النشر

11, فبراير 2024

تخضع إناث الإبل، مثل العديد من الثدييات، لعملية تكاثر تُعرَف بالتكاثر الجنسي. وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية للتكاثر لديها، حيث تصل الناقة عادةً إلى مرحلة النضج الجنسي عند بلوغها 3 إلى 4 سنوات من العمر، على الرغم من أن هذا يمكن أن يختلف تبعاً لأنواع الإبل. وتمرّ الإبل بدورة شبق عوضاً عن الدورة الشهرية تستمر ما بين 17 إلى 22 يوماً تقريباً. وخلال هذه الدورة تظهر على أنثى الجمل علامات تقبّل التزاوج. والشيء المميز في النياق أنّ التبويض يحدث خلال 48 ساعة بعد التزاوج مع الذكور ويسمى هذا "بالتبويض المستحث".

السنة الدولية للإبليات 2024​
 

وتُعتبر الإبل من الحيوانات ذات التكاثر الموسمي، وعادةً ما يحدث موسم التكاثر خلال الأشهر الباردة. لكن التوقيت الدقيق يمكن أن يختلف بناءً على عوامل مثل المناخ وتبعاً لأنواع الإبل. أمّا عن فترة حمل إناث الإبل  فهي قرابة 13 شهرًا. وخلال فترة الحمل، تخضع أنثى الجمل لتغيرات فسيولوجية لدعم الجنين النامي. وتلد الإناث حُواراً واحداً، ونادراً ما تلد التوائم. وعادةً ما تكون عملية الولادة سريعة نسبياً، وتشارك الأم بشكلٍ فعالٍ في مساعدة العجل حديث الولادة على الوقوف والرضاعة. وبعد الولادة، عادةً ما تكون هناك فترة قبل أن تصبح أنثى الجمل جاهزة للتكاثر مرةً أخرى، وتستمر هذه الفترة ما بين سنة إلى ثلاث سنوات.

التناسل لدى الذكور

يصل الجمل أو البعير إلى مرحلة النضج الجنسي بشكلٍ عام عند عمر 3 إلى 4 سنوات تقريباً. ويمكن أن يختلف هذا بناءً على عوامل مثل أنواع الإبل المحددة والظروف البيئية. وتلعب الذكور دوراً حاسماً في عملية التزاوج، فخلال موسم التكاثر، تبحث بنشاطٍ عن الإناث التي تكون في حالة الشبق، وقد يُظهر الذكور عدوانية متزايدة، وصوتاً مرتفعاً خلال تلك الفترة. وكما هو الحال مع إناث الجمال، يتأثر الذكور أيضاً بالتغيرات الموسمية. وعادةً ما يكون موسم تكاثر الإبل خلال الأشهر الباردة، على الرغم من أنّ التوقيت الدقيق يمكن أن يختلف حسب الأنواع والظروف البيئية.تنتج ذكور الإبل الحيوانات المنوية في خصيتها، وتُعدّ نوعية وكمية الحيوانات المنوية ضرورية لنجاح التكاثر، بالإضافة لإنتاج بروتين عامل التبويض حيث تُستحث الغدة النخامية لإنتاج هرمون التبويض مباشرة بعد عملية التزاوج، وينتِج المبيض بويضة قابلة للإخصاب بالحيوان المنوي.

ويُعدّ فهم البيولوجيا الإنجابية لإناث وذكور الإبل أمراً بالغ الأهمية لبرامج التربية الناجحة، والإدارة الشاملة لمجموعات الإبل في مختلف البيئات، بما في ذلك الزراعة وحفظ الصفات الوراثية والممارسات الثقافية.

الأسلوب الاصطناعي في تجنب الموسمية وتحوير دورة التناسل بالضوء والحرارة والهرمونات التناسلية

في السنوات الأخيرة طُبّقَت تقنية الإنجاب المساعِد على الإبل لتعزيز برامج التربية، وتحسين الصفات الوراثية، ومواجهة التحديات الإنجابية المختلفة. وفي بعض برامج التربية، يمكن استخدام التلقيح الاصطناعي لتعزيز الصفات الوراثية، أو تحسين كفاءة التربية. ويتضمن ذلك جمع السائل المنوي من جمل يتمتّع بصفاتٍ وراثية مرغوبة وتلقيح الناقة صناعياً. وقد أوضحنا في أبحاثنا السابقة أنه يمكن تجميد البويضات، وتبريد أو تجميد السائل المنوي في السائل النتروجيني (درجة حرارة أقل من سالب 196 مئوية) لأغراض التلقيح الاصطناعي وحفظ الصفات الوراثية المرغوبة في الإبل. وفي هذا السياق نذكر روابط الدراسات: دراسة 1، و دراسة 2.

وكما أشرنا في أبحاثنا، يمكن لتزاوج الإبل أن يحصل في مواسم مختلفة عن موسم البرودة، حيث يتمّ تحوير الإضاءة أو درجة الحرارة بمبردات ومكيفات الهواء، واستخدام هرمونات الميلاتونين، أو البروجستيرون لضبط دورة التناسل وتقليص الفترة ما بين الولادات المتتالية لزيادة إنتاجية الإبل في فترة النشاط التناسلي وقبل الشيخوخة. وللمزيد من التفاصيل حول ذلك، نضع روابط لـ 5 دراسات قمنا بها: دراسة 1، دراسة 2، دراسة 3، دراسة 4، دراسة 5.

إنتاج الأجنّة في المختبر

إنّ العامل الأساسي في إنتاج الأجنة في المختبر هو الحصول على بويضة ناضجة مخبرياً قابلة للإخصاب بالحيوان المنوي، ومن ثم إنتاج الأجنة ونقلها إلى النياق المستقبِلة لها، والتي ستحتضن هذا الجنين خلال عملية الحمل. والشيء المميز في الإبل أنّ البويضة تتطلّب فترة نضجٍ أطول من فترة بويضات الأبقار في المختبر حيث تحتاج إلى قرابة 30 ساعة لاستكمال عملية الإنقسام الميوزي الأول، والشروع في الإنقسام الميوزي الثاني (الشكل 1). وقد أوضحنا خلال أبحاثنا استخدام طرق متعددة لتحسين نضج بويضات الإبل في المختبر بطرقٍ متعددة مثل استخدام بعض المثبطات والمنشطات: دراسة 1، دراسة 2، دراسة 3، دراسة 4، دراسة 5، دراسة 6.

شكل رقم 1: بويضة الإبل بعد نضجها مخبرياً

 

والأمر الآخر المثير للإهتمام هو أنّه استطعنا إخصاب بويضات الإبل حتى بعد تجميدها بتقنية الحقن المجهري، كما هو الحال في مراكز أطفال الأنابيب لدى البشر، مما قد يفيد في حفظ البويضات من الإناث ذات الصفات العالية في الإنتاج أو الصفات الجمالية. وللاستزادة حول ذلك، نذكر روابط الدراسات ذات الصلة: دراسة 1، دراسة 2.

ومن ضمن الخطوات الهامة في إنتاج الأجنة مخبرياً هو استزراع أجنة الأبل في المختبر لأيام (الشكل 2)،أو لأسابيع حيث يسهل عملية نقل الأجنة إلى الأم الحاضنة دون التأثير على حيوية هذه الأجنة. وقد استطعنا أن نضع بعض البروتوكولات والطرق لزرع أجنة الإبل المنتَجة في المختبر، و أيضاً الأجنة المنتَجة بعد التزاوج وتلقيح الجمل للناقة بعد سبعة أيام من عملية التزاوج. كما تمكنّا من تكوين بيئة كيميائية تحفّز من نمو وتطور الأجنة المنتجة في المختبر للوصول لمرحلة الكيسة الأريمية (كيس البلاستولا) ومن ثم الفقس. ولاحظنا أيضاً أن أجنة الإبل تستطيع أن تعيش في المختبر لمدة 23 يوماً بعد التلقيح الطبيعي، ويصل قطرها إلى 5 مم تقريباً. روابط الدراسات: دراسة 1، دراسة 2، دراسة 3، دراسة 4.

شكل رقم 2: أجنة الإبل بعد زرعها مختبريا مدة سبعة أيام والوصول لمرحلة الكيسة الأريمية (البلاستولا)والفقس.

آمال وتطلعات تحسين التناسل لدى الإبل

يُعدّ الجمل العربي حيوان فريد من نوعه،ويمكن أن يكون مصدراً هاماً للّحوم والحليب في المناطق الصحراوية مقارنةً بالماشية والأبقار، والتي تتأثر بشدّة بالحرارة وندرة الأعلاف والمياه. وقد أوضحَت دراساتنا أنه يمكن تعظيم الاستفادة من هذا المخلوق العظيم بابتكار تقنياتٍ جديدة لتحسين التناسل، وضبط موسمية التزاوج بالمستوى الذي يتناسب مع الإنتاج المرغوب منه. كما أوضحنا آلية نضج البويضات بالمختبر وحفظ السائل المنوي والبويضات بالتجميد وإنتاج الأجنة مخبرياً ونقل الأجنة،والذي قد يسهّل من انتقال الصفات الوراثية عبر حدود الدول دون الحاجة إلى نقل الإبل الحية من دولةٍ لأخرى، مما يفتح باباً لتجارة الصفات الوراثية، وتجارة النطف أو الأجنة كما هو الحال مع الأبقار وحيوانات المزرعة الأخرى.

وبالمحصّلة، فاستخدام تقنية الإنجاب المساعِدة في الإبل، يدعم الجهود البحثية لفهم فسيولوجيا الإنجاب، وتحسين استراتيجيات التربية، وتعزيز برامج التحسين الوراثي. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تطوير تقنياتٍ إنجابية أكثر فعالية وكفاءة في المستقبل.

 

تواصل مع الكاتب: islamms@cnu.ac.kr

 


مواضيع ذات صلة

– السنة الدولية للإبليات 2024
– دراسة الجمل العربي
– الإبل في المختبرات البحثية لشعوب العالم
– العبث في الإبل العربية
– خلايا الجمل العربي ومقاومة الحرارة المميتة
– المصادر المتعددة للخلايا الجذعية الجسدية والطب التجديدي في الإبل

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

       

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x