إنّ تصميم المناهج الدراسية المتناسِبة مع احتياجات التلامذة ومتطلّبات المجتمع يسهم في تعزيز العملية التعلمية، وتحقيق نتائج إيجابية. ومن الضروري أن تراعي المناهج سن الأطفال واحتياجاتهم التنموية والتعليمية. ففي مرحلة الطفولة، يكتسب الأطفال مهارات ومعارف جديدة بوتيرةٍ متسارعة، وتكون لديهم قدرات واهتمامات فريدة، ينبغي أن تؤخذ بالحسبان أثناء تصميم المناهج.
منظمة المجتمع العلمي العربي
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن توفر المناهج وقتاً كافياً للعب والراحة. فاللعب يعتبر جزءًا أساسياً من عملية التعلّم لدى الطفل، حيث يمكنه أن يتفاعل ويستكشف ويجرب، فتنمو مهاراته الاجتماعية واللغوية والحركية، ويسهم في تعزيز خياله وابتكاره. غير أنّ هناك تحدياً كبيراً يواجه الكثير من الأساتذة في مجال التعليم، نتيجة إرساءالمناهج الدراسية المكثفة، التي لا تتناسب مع الوقت المحدود والمخصّص للتعليم. وهذا الضغط الشديد يدفع الأساتذة لاتخاذ حلولٍ تضرّ بمصلحة التلامذة، كإضافة ساعاتٍ دراسية أيام العطل، أو إعطاء واجبات منزلية مكثفة.إرساء
إنّ المشكلة الأساسية تكمن في المناهج التي تمّ تصميمها دون مراعاة سن الطفولة، واحتياجات التلامذة الفعلية. فقد امتلأت بمواد قد لا يحتاجها الطلاب في حياتهم اليومية، مما يؤدي إلى تحميلهم مزيداً من الأعباء الدراسية التي لا تتناسب مع قدراتهم واحتياجاتهم. بل، ويعانون من زيادة الضغط النفسي والجسدي بسبب هذه المناهج المكثفة، ويجدون أنفسهم ملزَمين بالدراسة خلال أيام نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية، ويضطرون للقيام بكمٍ هائلٍ من الواجبات المنزلية، مما يقلّل من وقت الفراغ لديهم، ويؤثر سلبًا على نمط حياتهم.
ومن المهم أن تكون المواد الدراسية ذات صلة بالحياة العملية للطلاب، لذلك يجب أن يتم تصميم المناهج الدراسية لتلبية احتياجاتهم في المستقبل، ولمساعدتهم على اكتساب المهارات والمعارف التي ستعِينهم في حياتهم العملية. فالرؤية السليمة تبين أنّ عدم ارتباط المواد التعليمية بالحياة العملية من شأنه أن يفقدها جاذبيتها وقيمتها بالنسبة للطلاب.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإنّ نقص التفاعل والتطبيق العملي في المناهج المكثفة هو أمرٌ يؤثّر سلباً على عملية التعلّم. ومن الضروري أن تشجّع المناهج الدراسية التفاعل بين التلامذة، وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في المناقشات، والأنشطة العملية والتطبيقات العملية. وهذا النوع من التعلّم النشط يساعدهم على فهم المواد بشكلٍ أفضل وتطبيقها في سياقاتٍ حقيقية. لذلك، يجب أن يتشارك واضعو المناهج الدراسية مع المعلمين، والطلاب، وأولياء الأمور، في عملية تطوير المناهج بشكلٍ منتظم لتلبية احتياجات التلامذة ومتطلّبات العصر، من خلال توفير فرص للملاحظات والاقتراحات. كما يجب أن تكون هناك مرونة فيها لتمكين التكيف مع التغيرات في العالم الحديث، مثل التكنولوجيا والابتكار والتحولات الاجتماعية.
وعلاوةً على ذلك، ينبغي توفير دعمٍ وتدريب للأساتذة لتنفيذ المناهج بطرقٍ مبتكرة وفعالة. ويمكن توفير ورش عمل، وبرامج تدريبية لتطوير مهارات التدريس واستخدام التقنيات التعليمية، كما ينبغي أن يكون هناك تركيز على تنمية قدراتهم في تنظيم الوقت، وتصميم الدروس بطرقٍ تشجّع على التفاعل والتعلّم النشط. وبشكلٍ عام، على المناهج الدراسية أن تُحدِث توازناً بين المحتوى الأكاديمي الأساسي، وتطوير مهارات الحياة العملية، وأن تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي والإبداع والتعلّم الذاتي، أي أن تعتمد على نسقٍ شاملٍ يتضمن التعلّم المستند إلى المشروع، والقائم على المهام، وحلّ المشكلات.
ويمكن القول إنّ المناهج الدراسية لا بدّ لها أن تتّسم بالمرونة والتجديد وقابلية التكيّف مع احتياجات الطلاب ومتطلبات المجتمع، لتعكس أساليب التدريس المبتكرة، وتعزّز التفاعل والتطبيق العملي لتنمية مهارات الحياة الأساسية بما يضمن نجاح التلامذة في المستقبل.
المراجع
– https://www.mojtam3rifa.com/2022/02/Finnish-experience-in-education.html
– https://www.hurix.com/the-key-principles-of-effective-curriculum-development/
– https://www.mdpi.com/2227-7102/13/5/490
– https://www.lifeskillsgroup.com.au/blog/7-tips-to-engage-tired-students
– https://www.almadina.com/article/750118/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%87%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%B0
تواصل مع الكاتب: belkheirinadji@yahoo.fr
نُشر حديثاً للكاتب: تأثيرات غاز الكلوروفلوروكربونات على المناخ
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة