تشكّل الزراعة أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، فهي تساهم في توفير الغذاء والدخل والعمل للكثير من السكان، كما تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة. غير أنها تواجه تحديات الطاقة والمياه. ومع تزايد حدّة تغيرات المناخ والآثار السلبية الناجمة عنه تتفاقم مشكلات نقص الغذاء وانعدام الأمن الغذائي.
منظمة المجتمع العلمي العربي
ولذلك، يُعتبَر البحث العلمي الزراعي أحد أهم الأدوات لتطوير وتحسين أدائها وزيادة قدرتها التنافسية، فهو يساهم في إيجاد حلول مبتكرة وفعالة للمشكلات التي تواجه القطاع الزراعي، وإنتاج تقنياتٍ جديدة تساعد على رفع مستوى الإنتاجية والجودة وخفض التكلفة، وإثراء الممارسات الزراعية بالنظريات والمفاهيم والطرق الحديثة، إلى جانب تحقيق التكامل بين مختلف مجالات الزراعة والصناعة والخدمات.
وإذا نظرنا إلى حجم ومستوى البحث العلمي الزراعي في مصر، فسنجد أنّ هناك جهوداً كبيرةً تُبذَل من قِبَل المؤسسات الحكومية والأكاديمية والخاصة في هذا المجال، فهناك مركز البحوث الزراعية وهو أكبر جهة بحثية تطبيقية في مصر، والذي يضمّ العديد من المعاهد البحثية المتخصّصة والمعامل المركزية في مختلف التخصصات الزراعية، ويُنتِج سنوياً مئات الأبحاث والمنشورات العلمية، ويساهم في تطوير الأصناف والمحاصيل والتقنيات الزراعية، ويقدّم الخدمات والاستشارات للمزارعين والمستثمرين.
ولاستكشاف الموارد الطبيعية في الصحراء المصرية، ووضع خطط استثمار هذه الموارد بغية تحقيق التنمية المستدامة يقوم مركز بحوث الصحراء بإجراء البحوث والدراسات العلمية والأساسية والتطبيقية فيما يتعلق بتنمية الموارد الطبيعية بالصحاري المصرية، ومناطق الاستصلاح وخاصةً فيما يتصل بالمياه والتربة والنبات والحيوان والإنسان والطاقة غير التقليدية.
كذلك نجد أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وهي الأكاديمية الوطنية لمصر في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار معنية بالتخطيط الاستراتيجي وإعداد خرائط الطريق التكنولوجية، والدراسات المستقبلية وتقديم الاستشارات العلمية المجردة للحكومة ولصناع القرار بشأن القضايا المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا في مصر والعالم. ولا يقتصر دورها في المجال الزراعي فحسب، بل يمتد الى المجالس والأقسام المتخصصة الأخرى ومشروعاتها من خلال برامج الابتكار والحاضنات المختلفة، فهي الداعم الحكومي للابتكار وريادة الأعمال والحاضنات التكنولوجية والتسويق التكنولوجي وحماية الملكية الفكرية.
وهناك الجامعات المصرية وأدوارها التعليمية وجهودها البحثية والتطبيقية والتي تضم كليات الزراعة والعلوم والطب البيطري وغيرها من الكليات والتي تشارك في إجراء البحوث الأكاديمية والتطبيقية في مجالات متعددة مثل تحسين الوراثة والتغذية والإنتاج الحيواني والنباتي والحماية من الآفات والأمراض والتصنيع الغذائي والزراعة المائية والزراعة المحمية وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، يأتي دور القطاع الخاص والمؤسسات المجتمعية والتي تقوم بالبحث والتطوير والتدريب بهدف تطوير منتجات أو خدمات أو حلول للسوق المحلي أو الدولي.
وعليه، يمكن القول إنّ هناك بحثاً علمياً زراعياً يشهد نشاطاً وتنوعاً في مجالاته وجهاته، لكن هل يكفي ذلك لضمان مستقبل زراعي يواجه تحديات متعددة؟ إذا نظرنا إلى نتائج وأثر البحث العلمي الزراعي في مصر، فسنجد أنّ هناك فجوة كبيرة بين ما ينتجه البحث من معرفة وابتكار، وما يُستفاد منه على أرض الواقع من تطبيق وانتشار. ولمواجهة التحديات التي تواجه قطاع الزراعة والغذاء وتحويل نتائج البحوث إلى تطبيقات تخدم التنمية الزراعية، ينبغي تذليل العوائق من نقص التمويل والتجهيزات والبنية التحتية للبحث، والتغلّب على ضعف التواصل، وغياب التنسيق بين المؤسسات البحثية والجهات المختلفة، والاستفادة من التكنولوجيا وتنفيذ حلول عصرية بجهود مشتركة مع الجهات الفاعلة وذات الصلة في وجود رؤية زراعية تضمن التكامل بين البحث والإرشاد والتدريب والإعلام، وتسويق المخرجات البحثية ووصولها للمستفيدين في القطاع الزراعى فى صورة قابلة للتطبيق وسهلة التنفيذ. والاستفادة من الحلول التكنولوجية والابتكارية من نواتج حاضنات الاعمال وبرامج الابتكار، مع زيادة المشاركة المجتمعية للمستفيدين في تحديد احتياجاتهم وأولوياتهم.
قد يكون للجهد المنفرد إنتاج عظيم، لكن تنسيق الجهود – خاصة التي ترتبط بمستقبل الزراعة والغذاء- والتكامل فيما بينها هو الذي يضمن إنتاج أعظم وأمثل ومستمر.
المصادر:
1- http://www.arc.sci.eg/AboutARC.aspx?TabId=&NavId=&lang=ar
2- https://www.fao.org/research-extension-systems/agricultural-research/ar/
3- https://drc.gov.eg/%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a4%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%b3%d8%a7%d9%84%d8%a9/
4- https://www.nrc.sci.eg/about-us
تواصل مع الكاتب: sobhyderhab@hotmail.com
نُشر حديثاً للكاتب: وفرة الغذاء ومعاملات ما بعد الحصاد
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة