يُعتبَر الخوف من أقوى الانفعالات البشرية التي تستحوذ على عقولنا، وتهزّ ثوابتنا العاطفية. إنه الشعور الذي يتسلّل إلى أعماقنا مخترقًا الجدران العقلية والجسدية، ومسببًا ردود فعل قوية ومتنوعة. لكن هل سبق لك أن تساءلت عن سر هذا الانفعال؟ ما الكيمياء التي تحدث في أنفسنا عندما نشعر بالخوف؟
منظمة المجتمع العلمي العربي
إنّ كيمياء الخوف تعكس التفاعلات الكيميائية المعقدة التي تحدث في أجسادنا وعقولنا عندما نواجه مواقف مخيفة أو مهدِّدة للسلامة. ويتعامل الجسم مع الخوف على أنه ردّ فعلٍ بيولوجي طبيعي يهدف إلى حمايتنا والحفاظ على بقائنا. وعندما نواجه باعثاً للخوف، تنشط في أجسادنا مجموعة من المواد الكيميائية القوية يُطلَق عليها اسم هرمونات يتم افرازها من طرف غدد خاصة تعتبر المصادر الرئيسية لها
قشرة الغدة الكظرية
تعتبر الغدة الكظرية مصدراً رئيسياً لإفراز هرمون الكورتيزول، وهو هرمون التوتر والاستجابة للخوف. ويتم إفراز هذا الهرمون عندما يتعرّض الجسم لمواقف مهدّدة، أو لمجهود جسدي أو عقلي شديد.
مركبات الكورتيزول، الأدرينالين والميلاتونين
الغدة الكظرية النخامية: تفرز هذه الغدة هرمونَي الأدرينالين والنورأدرينالين. هذان الهرمونان يلعبان دوراً مهماً في تعزيز الاستجابة القلبية والتنفسية، وزيادة مستوى اليقظة والانتباه في حالات الخوف والتوتر.
الغدة الصنوبرية: إن هذه الغدة تفرز هرمون الميلاتونين، والذي يلعب دوراً في تنظيم النوم والاسترخاء. وقد يكون للميلاتونين تأثير مهدئ في الجسم والعقل، ويساهم في تهدئة الاستجابة للخوف.
الغدة النخامية: تفرز الغدة النخامية العديد من الهرمونات المهمة في تنظيم المزاج والشعور بالسعادة والراحة، مثل: السيروتونين والدوبامين والأندروفين. وانخفاض مستويات هذه الهرمونات قد يكون مرتبطًا بزيادة احتمالية حدوث القلق والاكتئاب وتفاقم الشعور بالخوف. ومن جهةٍ أخرى يمكن لتركيز المعادن في الجسم أن يؤثّر أيضاً على الحالة المزاجية، فهناك عدة معادن تلعب دوراً هاماً في صحة العقل والمزاج، بما في ذلك:
1- الحديد: ويعتبر جزءًا أساسياً من الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء، وتأثير نقص الحديد على نقل الأكسجين في الجسم يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في وظائف الدماغ والمزاج، وبالتالي حالة من الإرهاق والكآبة والاكتئاب.
2- المغنيسيوم: يلعب دوراً مهماً في وظائف النظام العصبي والتوازن العاطفي، ويُشار إلى أنّ له تأثيراً واضحاً على تنظيم نقل الإشارات العصبية وإنتاج السيروتونين. وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ نقص المغنيسيوم قد يرتبط بزيادة احتمالية حدوث الاكتئاب والقلق.
مركب السيروتونين
الزنك: يعتبر جزءًا من عدة إنزيمات في الجسم ويلعب دوراً حساساً في تنظيم النشاط العصبي والاتّزان العاطفي وهناك بعض الأبحاث تربط بين نقص الزنك واحتمالية حدوث الاكتئاب والقلق.
السيلينيوم: يعمل كمضاد للأكسدة ويساهم في وظائف الدماغ والتوازن العاطفي، ونقصه قد يدفع إلى ظهور أعراض الاكتئاب.
إنّ فهم كيمياء الخوف يمكن أن يساهم في توسيع مداركنا حول طبيعة هذا الانفعال وتأثيره على أنفسنا. يمكن أن نتعلّم كيفية التعامل مع الخوف بصورةٍ أفضل، وتخفيف تأثيره السلبي على حياتنا، ويمكن للعقاقير التي تستهدف المواد الكيميائية المعينة في الجسم أن تساعد في تنظيم الاستجابة العاطفية، وتقوية الشعور بالاستقرار العاطفي. وقد يتضمن ذلك استخدام مثبطات امتصاص السيروتونين (SSRIs) لتعزيز مستوياته في الجسم وتحسين المزاج وتخفيف القلق. ويجب الإشارة إلى أنه على الرغم من أهمية العوامل الكيميائية في تكوين الخوف، إلا أن مراعاة العوامل النفسية والاجتماعية والبيئية الأخرى التي تؤثر على تجربتنا العاطفية واستجابتنا للخوف تكون مطلوبة، لذا يمكن استخدام العلاج المعرفي-السلوكي لتعلم استراتيجيات إدارة الخوف وتغيير الأفكار والمعتقدات السلبية المرتبطة به.
المراجع
1- https://nhahealth.com/hormonal-balances-anxiety-depression/. 0.
2- www.acs.org/pressroom/newsreleases/2013/october/the-chemistry-of-fear-a-new-video-from-the-acs.html
3- https://remedypsychiatry.com/magnesium-for-brain-health/
4- www.mdpi.com/1422-0067/24/8/7098 [26.11.2023-13:20].
5- www.mdpi.com/2072-6643/15/11/2433
تواصل مع الكاتب: belkheirinadji@yahoo.fr
نُشر حديثاً للكاتب: الجمال الكيميائي في الطبيعة
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة