بات التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية يشكّل أحد المجالات الرئيسية للتنمية في مجال الملكية الفكرية. وتكتسب المناقشات حول ذلك أهمية متزايدة من خلال نشاط السوق المكثف المرتبط بالذكاء الاصطناعي، ومجموعة من الأفكار الأولية نحو قوننة هذه التقنية ضمن إطار يحفظ حقوق المؤلفين.
منظمة المجتمع العلمي العربي
وبغية تحديد تصوّر الذكاء الاصطناعي في مجال الملكية الفكرية، أصدرت شركة "كلاريفيت" للتحليلات في مجالات القياسات الببليومترية والقياسات العلمية، تقريراً جديداً يكشف عن تطوّرات هذه التقنية وتأثيرها على الملكية الفكرية وآليات تطبيقها. التقرير الذي حمل عنوان "إعادة تعريف الذكاء الاصطناعي: كيف تلتقي ممارسة الملكية الفكرية بالموجة القادمة"، كان عبارة عن استبيان من 14 سؤال طُرحَت على متخصصين في مجال الملكية الفكرية والبحث والتطوير، لفهم مواقفهم وآرائهم حيال الذكاء الاصطناعي.
وقد جرى الاستبيان عبر الانترنت ما بين 17 يوليو و 1 أغسطس 2023، وشمل حوالي 575 متخصصًا في مجال الملكية الفكرية والبحث والتطوير من الشركات، ومكاتب المحاماة حول العالم. وكشف التقرير أنّ الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي يستعين بها العاملون في مجال الملكية الفكرية، وقد أظهرت بالفعل إمكانات كبيرة في تعزيز إدارة الملكية الفكرية، وصنع القرار، وأتمتة المهام اليدوية، إلى جانب تحسين الإنتاجية. وهذا ما أكده "جوردون سامسون" رئيس الملكية الفكرية في كلاريفيت الذي يعتقد أنّ هذه التقنية "ستضيف قيمة إلى دورة حياة الملكية الفكرية". غير أن التقرير لم يخفِ وجود اختلافات كبيرة في المواقف تجاه هذه التقنية أثناء العمل، وتطبيق نظم الملكية الفكرية في المناطق الجغرافية المختلفة حول العالم. فعلى سبيل المثال كان المحامون وشركات المحاماة الأقل ارتياحًا في تبني الذكاء الاصطناعي، في حين أنّ المدراء التنفيذيين والمتخصصين في البحث والتطوير هم أكثر انفتاحًا في اعتماد هذه التقنية. وكان لافتًا إلى أنّ تبني الذكاء الاصطناعي ينظَر له بشكلٍ أكثر إيجابية في مناطق آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) مقارنةً بكلّ من أوروبا والولايات المتحدة.
كما سلّط التقرير الضوء على المخاوف المحيطة باعتماد الذكاء الاصطناعي. حيث أشار إلى أن ما يقرب من نصف المشاركين في الاستبيان، يرون أن الافتقار إلى تنظيم هذه التقنية يشكّل مصدر قلق بالنسبة لهم من حيث دقة النتائج، والموثوقية، والمخاطر الأخلاقية، وسرية البيانات، والمساءلة وما إلى ذلك.
ولمعالجة هذه المخاوف، شدّد التقرير على أهمية تبني عمليات وخدمات الملكية الفكرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن مسارٍ مسؤول، ينطوي على تقييم وإدارة المخاطر، بالإضافة إلى تقييم الآثار القانونية والأخلاقية والاجتماعية لاعتماده، وضرورة تماهي الأنظمة الذكية مع احتياجات وقيم الملكية الفكرية المعتمَدة.
وفي الختام، خلص التقرير إلى أنه من خلال الجمع بين المعرفة البشرية وتقنية الذكاء الاصطناعي، يمكن للمتخصصين في مجال الملكية الفكرية العمل بمستوياتٍ أعلى من الخبرة مع تقليل المخاطر. ذلك أنّ الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تغيير ممارسة الملكية الفكرية، وتحسين الإنصاف والعدالة في نظم الملكية الفكرية.
للمهتمين أكثر حول الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي بإمكانكم الإطلاع على المصادر التالية على موقعنا:
تواصل مع الكاتب: m.maaz@arsco.org
نُشر حديثاً للكاتب: الذكاء الاصطناعي التوليدي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة