عندما أطلقت "أوبن أيه آي" نموذج "تشات جي بي تي" في أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022، لم تكن آمال شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية كبيرة. ولم يتوقّع أحد من القائمين أن ينجح هذا النموذج لهذه الدرجة. لكنه أثبت أنه تقنية قوية، وقد يكون لديه القدرة على إحداث "ثورة" في الطريقة التي ندرس بها القضايا لا سيما تلك التي قد تشكّل موضع اهتمامٍ عالمي، ومن بينها ظاهرة التغير المناخي. من خلال هذه المقالة، سنحاول أن نستعرض الطرق المختلفة والاستخدامات المحتملة لـ "تشات جي بي تي" في هذا السياق بناءً على إجاباته.
منظمة المجتمع العلمي العربي
إنّ "تشات جي بي تي" يمكن استخدامه في وضع معايير نموذجية لتوفير نتائج أكثر دقّة في تحليل البيانات وتفسيرها حول اتجاهات المناخ، وفي توليد السيناريوهات المحتملة لتقييم الآثار. بالإضافة إلى الاستعانة به في تقييم النماذج المناخية ومعالجة كمياتٍ كبيرة من البيانات لتحديد الأنماط. وبينما ينبغي تفسير نتائج تحليله بحذرٍ واستخدامها بالتوازي مع طرق النمذجة المناخية التقليدية، فإنّ هذه التقنية لديها القدرة على تعزيز فهمنا لتغيّر المناخ بشكلٍ كبير، وتقديم رؤى قيّمة للباحثين وصانعي السياسات على حدّ سواء. وفي إطار العمل على هذه المقالة، جرى العمل على طرح أسئلة عليه بشأن استخداماته لأبحاث تغيّر المناخ. أمّا عن النتائج فهي ممكنة في الوقت الراهن، فيما بعضها الآخر قد يتم اللجوء إليها في المستقبل.
ويمكن الاستعانة بـ "تشات جي بي تي" أو النماذج اللغوية الأخرى المماثلة للمساعدة في أبحاث تغيّر المناخ من خلال:
تحليل البيانات وتفسيرها
يمكن أن يساعد الباحثين في تحليل وتفسير كميات كبيرة من البيانات المتعلقة بتغير المناخ وإجراء تنبؤات بناءً على تلك البيانات.
التواصل والتوعية
يمكن استخدامه أيضًا لإيصال معلومات تغير المناخ المعقدة إلى جمهور أوسع بطريقة تكون مفهومة ويسهل الوصول إليها.
دعم صنع القرار
يمكن لـه تزويد صانعي القرار بالتوصيات والمعطيات ذات الصلة لمعالجة تغير المناخ.
توليد سيناريوهات المناخ
قد يجري الاستعانة بـه لمحاكاة سيناريوهات مناخية بناءً على مدخلات البيانات، والتي يمكن استخدامها لإثراء قرارات الساسة في هذا السياق.
ولكن مع ذلك، من المهم ملاحظة أن جودة المخرجات من النماذج اللغوية تعتمد على جودة وكمية البيانات التي تم التدريب عليها. وبالتالي، ستعتمد دقة المخرجات على الأسئلة البحثية المحدّدة وكذلك على حالة توظيفها.
لكن، هل هناك من عيوب استخدام "تشات جي بي تي" في مجال أبحاث تغير المناخ؟ نفترض أن الجواب نعم، وفيما يلي بعض العيوب الممكنة:
المحدودية في فهم المصطلحات العلمية المعقدة
صحيحٌ أنه قد جرى تدريبه على مجموعةٍ كبيرة من النصوص، لكن في المقابل قد لا يكون لديهم الفهم الكامل لتعقيدات علم المناخ وتأثيراته.
نقص الوعي السياقي
إن قضية تغيّر المناخ تُعتبر معقدة ومتعددة الأوجه، وقد لا يكون لديه القدرة على فهم السياقات التي يتم من خلالها طرح الأسئلة.
التحيّز في بيانات التدريب
لقد تم تدريبه على مجموعة بياناتٍ كبيرة، والتي قد تحتوي على تحيزات وعدم دقة. وعليه، يمكن أن تنعكس هذه التحيزات في الردود والنتائج.
الافتقار للمساءلة
نظرًا لأنه يعدّ نموذجًا للذكاء الاصطناعي وليس إنسانًا، فإنه يفتقر إلى المساءلة عن القرارات أو المخرجات التي تتأتي منه، مما قد يثير مخاوف أخلاقية.
النطاق المحدود للخبرة
في حين أن النموذج لديه قاعدة معرفية واسعة، إلا أن خبرته تقتصر فقط على ما تم تدريبه عليه، وقد لا يكون لديه معلومات محدثة عن أحدث أبحاث تغير المناخ.
نفترض أنّ لدى "تشات جي بي تي" ونماذج اللغة الكبيرة القدرة على لعب دورٍ في ظاهرة تغيّر المناخ، وتحسين دقة الإسقاطات المناخية. ويتمثّل ذلك من خلال النقاط التي جرى ذكرها أعلاه، وهذا ما يؤدّي لتزويد الباحثين وأصحاب المصلحة بتصورات قيمة حول الآثار المحتملة للقرارات على المناخ في المستقبل. ولكن لا بد من الحذر في تفسير النتائج المتأتية. إنّ هذه التجربة التي جرى توظيف مخرجات تشات جي بي تي في هذه المقالة قد تكون غير مألوفة، لكن لا بدّ من الإقرار بأنه جرى الاستعانة ببعض ما ورد عنه. مع التأكيد على أن الاستخدامات المحتملة قد تكون ممكنة في الوقت الراهن فيما البعض الآخر قد يكون مستقبلًا حيث ستصبح قاعدة البيانات والمخرجات الخاصة بهذا النموذج اللغوي أفضل.
تواصل مع الكاتب: m.maaz@arsco.org
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة