مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

فيه شفاء للناس

الكاتب

دكتور رضا محمد طه

أستاذ المكيروبيولوجي المساعد - كلية العلوم جامعة الفيوم

الوقت

02:58 مساءً

تاريخ النشر

08, ديسمبر 2022

قال الله تعالى في سورة النحل :"يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون". يتمتّع عسل النحل بخصائص عديدة، فهو مضاد للبكتيريا، ومطهّر طبيعي كونه يحوي على مركّبات مضادة للبكتيريا والفطريات، مثل بيروكسيد الهيدروجين. إلى جانب احتوائه على المغذيات المهمة لصحة الإنسان، وكذلك مضادات أكسدة ومضاد للإلتهابات التي تحدث نتيجة للعدوى التي تصيب الجسم مثل الإسهال، ونزلات البرد وغيرها. وهذا ما تؤكده الدراسات الحديثة والتي يقوم بإجرائها باحثون وعلماء متخصصين يعملون في مراكز أكاديمية مرموقة، ويتم نشرها في مجلات علمية عالمية معروفة.

أحد هذه الدراسات والتي نشرت مؤخراً في مراجعات التغذية "Nutrition Reviews" أوضحت أن العسل الخام يمكن أن يساعد في خفض نسبة السكر في الدم، ومستويات الكوليسترول. كما أنه مفيدٌ لصحة القلب والأيض. وقد تمّ الكشف عن فوائد العسل في الدراسات التي أجريت على الأشخاص، الذين تناولوا نظامًا غذائيًا يحتوي على 10% أو أقلّ من السكر. وتشير هذه الدراسة إلى أنّ العسل – وخاصة الخام أحادي الزهرة – قد يكون بديلًا صحيًا للسكر الذي يتمّ استهلاكه بالفعل، بدلاً من المحلّيات المضافة إلى المدخول اليومي للفرد.

وبالنسبة للأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا لا يأتي فيه أكثر من 10% من السعرات الحرارية اليومية من السكر، يوفّر العسل في الواقع فوائد استقلاب القلب. الدراسة التي كانت عبارة عن مراجعة وتحليل مكوّنة من 18 تجربة، بحثت في تأثيرات العسل، شارك فيها حوالي 1100 شخص. وقد أظهرت التجارب مجتمعة، أنّ العسل لديه قدرة على خفض نسبة الجلوكوز في الدم أثناء الصيام (مستويات السكر في الدم على معدة فارغة)، والكوليسترول الكلي و "الضار" (LDL)، وكذلك الدهون الثلاثية التي تتسبب بتشكّل الدهون على الكبد.

وفي حين أنّ السكريات من جميع الأنواع مرتبطة بمشاكل القلب والأوعية الدموية، نجد أن العسل يحتوي على 80% سكر. لكن يشير مؤلفو الدراسة إلى أنّه قد يكون في فئةٍ خاصة به، ويستحق اعتبارًا خاصًا كغذاءٍ صحي. ذلك أنّ قوة تحلية العسل لا تأتي حصريًا من السكريات الشائعة، مثل الفركتوز والجلوكوز. وفي هذا السياق، يقول المؤلف المشارك للدراسة الدكتور توصيف أحمد خان: "يتكوّن حوالي 15% من العسل من عشرات السكريات النادرة مثل إيزومالتولوز، وكوجيبيوز، وتريهالوز، وميليزيتوز، وغيرها، والتي ثبت أنّ لها العديد من الفوائد الفسيولوجية والتمثيل الغذائي، بما في ذلك تحسين استجابة الجلوكوز، وتقليل مقاومة الأنسولين، وتعزيز نمو البكتيريا المرتبطة بالأمعاء الصحية". كما يشير خان إلى أن العسل يحتوي على أكثر بكثير من السكريات. فالعديد من الجزيئات النشطة بيولوجيًا في العسل كالبوليفينول، والفلافونويد، والأحماض العضوية لها مجموعة من الخصائص الدوائية بما في ذلك تأثير المضادات الحيوية، ومضادات للسرطان، وما إلى ذلك.

من جهةٍ أخرى، قد يرتبط الالتهاب المفرط بشكلٍ متزايد بمجموعة متنوعة من الأمراض والحالات، لذا فإن اكتشاف الدراسة أن العسل رفع علامات الالتهاب "IL-6" و "TNF-alpha" قد يثير بعض القلق. لكن يقترح الدكتور خان أن الزيادة في هذه العلامات قد تشير في الواقع إلى فوائد إضافية. ويعلّل ذلك بالقول "إنّ علامة الإلتهاب "IL-6" قد تلعب دورًا في الحفاظ على التحكم الجيد في الجلوكوز من خلال تحسين التمثيل الغذائي لكل من الجلوكوز والدهون في الجسم. وبالمثل، فإنّ عامل نخر الورم ألفا هو مؤشر على الاستجابة المناعية الفطرية للجسم، لذا فإنّ زيادة تناول العسل قد تشير إلى تحسن المناعة".

ومعظم العسل يكون مصدره متعدد الأزهار، ممّا يعني أنّ النحل الذي ينتجه يجمع الرحيق من أيّ نباتاتٍ منتجة للرحيق في نطاق 2 إلى 4 أميال من خليته. أمّا العسل أحادي الزهرة فهو المشتق حصريًا من الرحيق الذي يجمعه النحل لنوعٍ واحد من النباتات. وتشمل أنواع العسل أحادية الأزهار المعروفة عسل توبيلو من أشجار "White Ogeechee Tupelo"، وعسل البرسيم، وعسل روبينيا، وعسل اللافندر الفرنسي. ولكلّ منها نكهة مميزة.

وتلخيصًا للفوائد، فقد ذكر المؤلفون أنّ متوسط تناول 40 جرامًا من العسل لمدة 8 أسابيع يبدو كافيًا لتقديم فوائد استقلاب القلب. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، دعا الباحثون إلى مزيدٍ من الدراسات التي تركز على مصدر الأزهار ومعالجة العسل.

 

المراجع:

– https://academic.oup.com/nutritionreviews/advance-article/doi/10.1093/nutrit/nuac086/6827512
– https://www.medicalnewstoday.com/articles/raw-honey-could-help-reduce-blood-sugar-and-cholesterol-levels-study-finds
– https://www.researchgate.net/profile/Tauseef-Khan-7

 

 

للتواصل مع الكاتب: redataha962@gmail.com​

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي


يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

     

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x