غالبًا ما يكون العمل في فريق، سواء كان ذلك جزءًا من اتحاد دولي كبير أو كنت عضواً في مجموعة محلية صغيرة، جزءًا من الأنشطة اليومية لأي باحث علمي، لذا يجب التدرب على هذه المهارة. فلكل فرد منا مواهب ومهارات فريدة، عندما نطرحهم على الطاولة ونشاركهم لتحقيق غرض مشترك، فهذا يعطي نتيجة أفضل بكل تأكيد. العمل ضمن فريق قد يشبه عمل تروس الآلة أو مراحل خط انتاج، يجب أن تتضافر وكل منها يؤدي مهمته لتكون النتيجة رائعة ومتكاملة.
العمل الجماعي ضرورة وواقع، وله فوائد كثيرة ومتعددة، منها على سبيل المثال لا الحصر، حل المشاكل بشكل أفضل، لأن كل من أعضاء الفريق ينظر من وجهة نظر وزاوية مختلفة، مما يعطي تصور للمشكلة وحلولها بعداً أوسع وأشمل، وبالتالي أفضل. ومنها زيادة إمكانية الإبداع والابتكار والتفكير خارج الصندوق، خاصة إذا ضم الفريق مجموعة غير متجانسة من حيث التخصص والعمر والعرق والجنس… كما أن العمل الجماعي يشجع على المخاطرة ويقلل الأخطاء ويزيد الإنتاج.
وهناك أيضاً فوائد من الناحية الشخصية، حيث يكون جو العمل أفضل وأسعد وأقل قلقاً عندما يكون ضمن فريق، وكذلك يساعد على النمو الشخصي من خلال التدرب والتعلم من أعضاء الفريق الآخرين وتبادل المعلومات والخبرات مما يساعدك على تجنب الوقوع في الأخطاء المستقبلية وكذلك وسائل حلها إن وقعت. كما أن العمل الجماعي يعطي فرصة لإظهار المهارات الفريدة والتألق بين أعضاء الفريق، وبالتالي يعزز الاحترام وتلقي المديح الذي يعطي حافزا للعمل والإنتاج. وهذا يؤدي في النتيجة إلى زيادة انتاج الفريق، سواء في عمل بحثي أكاديمي أو في شركة أو مصنع أو غير ذلك.
يتطلب العمل الجماعي الفعّال مجموعة متنوعة من الأدوار ليتم شغلها من قبل أعضاء مختلفين في الفريق، بحيث يتم التعامل مع كل دور وعضو في الفريق باحترام من غير تحيز أو تحامل. إن أفضل طريقة لتحديد الدور الذي تكون أكثر فاعلية فيه (والذي تستمتع به أكثر) هو من خلال التجربة والخطأ. فقد تكون من النوع الذي يحب التنظيم، ولكنك تجد نفسك تكافح من أجل ابتكار أفكار ابداعية. وبالمثل، قد تكون ذلك النوع من الأشخاص المتميزين في رؤية الصورة الأكبر، ولكنك تجد أحيانًا صعوبة في تسجيل أفكارك تلك بطريقة يسهل الوصول إليها وتوضيحها بمعلومات وافرة، وهو أمر ضروري لطلبات المنح على سبيل المثال، وهكذا. قد يتغير دورك حسب المشروع أو الفريق؛ لا تخف من تجربة أدوار جديدة في مواقف جديدة، فما يميز الإنسان هو القدرة على التكيف.
مهما كان دورك في الفرق المختلفة التي تشارك فيها، فمن المستحيل عادةً أن تكون قادرًا على القيام بكل شيء بمفردك وبمستوى عالٍ، مع الحفاظ أيضًا على توازن صحي بين العمل والحياة. علاوة على ذلك، لم يعد ينظر إلى العمل الفردي بأنه ميزة، بل بدلاً من ذلك، يُنظر إلى التدويل والتعاون على أنهما المفتاح لكونك باحثًا علميًا ناجحًا. بالإضافة إلى تطوير مثل هذا التعاون، يجب أن تتعلم أيضًا كيفية المساهمة فيه بطريقة شاملة ومراعية.
مفتاح العمل الجماعي الناجح هو تقدير الاختلاف. قد يبدو هذا واضحاً، لكن غالبية الخلافات في الفريق تحدث لأن الناس إما يفترضون أن الجميع سيتصرفون بنفس الطريقة التي يتصرفون هم بها، أو أنهم يتوقعون منهم أن يفعلوا ذلك. سيكون لكل عضو في الفريق مجموعة مختلفة من نقاط القوة والضعف في سياقات مختلفة، وما قد يصلح لشخص واحد قد لا يعمل مع شخص آخر. على سبيل المثال، إذا كنت من الأشخاص الذين يتركون كل شيء حتى اللحظة الأخيرة، ولكنهم ينجزونها دائمًا، فكن حساسًا ومراعياً لحقيقة أن أعضاء آخرين في فريقك قد أعدوا مساهماتهم منذ أسابيع أو ربما أشهر مقدمًا. وبالمثل، إذا كنت تعمل على استكمال المواعيد النهائية في أسرع وقت ممكن، فعليك أن تقبل أن الأشخاص الآخرين قد لا يكونون قادرين أو راغبين في القيام بذلك، لذلك لا تضايقهم لأنهم لا يعملون وفقًا لجدولك الزمني. لإدارة هذا الأمر والتخفيف منه في المشاريع المعقدة، يجب دمج التخطيط الفعال والمراجعة المنتظمة والمرونة في إدارة المشروع وتصميمه منذ بداية أي مشروع حتى نهايته. كما هو الحال مع أي علاقة، فإن العمل كجزء من فريق يدور حول التسوية والاحترام، وإذا بقيت محترفًا وملتزمًا ومهذبًا، فستجد العمل كجزء من فريق تجربة ممتعة ومجزية أكثر.
أمر آخر مهم أيضاً، ليكن ولائك لمصلحة المشروع والعمل، وابتعد قليلا عن أنانيتك، وأحب لزملائك ما تحب لنفسك، واحرص أن يسود جو من التفاهم والاحترام بينكم، فنجاح المشروع إضافة لكم جميعاً، وفشله فشلكم جميعا.
وأخيراً، يعد التنوع ضرورياً وحاسماً للعمل كجزء من فريق فعّال. فقد أظهرت العديد من الدراسات أن زيادة التنوع تؤدي إلى زيادة الإنتاجية والابتكار والتأثير. التأكد من أن الفرق تتكون من مجموعة متنوعة من الأشخاص ذوي المناهج والخلفيات المختلفة يعني أن هناك مجموعة متنوعة من الآراء والاحتياجات والتجارب والحلول. إذا كان تعاونك الحالي أو المستقبلي يفتقد إلى هذا التنوع، فاسأل نفسك عن السبب، ثم حاول تجاوزه. إذا وجدت نفسك في وضع لا يمكنك فيه تفعيل التغيير، فابحث عن شخص أو أشخاص يمكنهم التعاون معك لإحداثه.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
سلسلة ضع بصمتك على الإنترنت
– المدونة والبودكاست
– يوتيوب YouTube
– وسائل التواصل الاجتماعي
– تويتر Twitter
– فيس بوك
– مزيدا من وسائل التواصل
– التعاون الرقمي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة