أدّى ظهور الإنترنت كنظامٍ تكيّفي معقّد لتوزيع المعلومات إلى تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع المعلومات والمجتمع، حيث يمكن لمعظم الناس أن يتفاعلوا مع المحتوى الرقمي وحوله، وكل ذلك بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي تُعرَّف على أنها مجموعة المنصات الإلكترونية التي تسمح بإنشاء المعلومات ومعالجتها وتبادلها بتنسيقات متعددة (نصوص، وفيديو، وصور ومنتديات) وبدرجات متفاوتة من الترابط والخصوصية وإمكانية الوصول.
وتسمح هذه الأدوات الرقمية بتوزيعٍ سريع وقوي للبيانات فور مشاركتها مع المستخدمين والمجتمعات. ويضفي هذا النموذج الطابع الديمقراطي على إدارة المعلومات، حيث يمكن للمستخدمين الأفراد من ذوي الموارد المحدودة نسبيًا إنشاء المعرفة ومشاركتها ومناقشتها. ربما تكون السمة الوحيدة الأكثر أهمية لأدوات التواصل الاجتماعي هي قدرتها على زيادة سرعة نقل المعرفة والوصول إليها، ليس فقط داخل أسوار الأوساط الأكاديمية، ولكن أيضًا بين عامة الناس. فقد أصبحت مساحة مهمة لنشر المعرفة والتواصل مع المجتمع، وصانعي السياسات وأيضًا لإنشاء مجتمعات الممارسة وشبكات التخصّص.
ويمكن اعتبار الوسائط الاجتماعية على أنها أيّ تطبيق أو موقع عبر الانترنت يمكن استخدامه للتواصل بين شبكة من الأشخاص، وتعدّ المدونات والبودكاست شكلًا من أشكال الوسائط الاجتماعية. وكما هو معلوم، هناك تنوعٌ كبيرٌ في هذه المنصات المتوفرة في كل مجال من هذه المجالات؛ وينبغي لك استخدامها للمساعدة في الترويج لبحثك العلمي وفي بعض الحالات، تقدمه من خلال التواصل مع أقرانك من الذين يبحثون فيما يخدم بحثك، أو الترويج لنفسك من أجل وظيفة مستقبلية أو نحو ذلك.
لقد ازداد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ كبير منذ عام 2005، فلا يكاد يوجد شخص اليوم لا يمتلك حسابًا أو حسابات في وسائط متعددة، ولكن على الأغلب يستخدمها كحساباتٍ شخصية يتواصل من خلالها مع الأصدقاء والأقارب. ولكن نحن نتحدث هنا عن استخدامك لها كعالِم وباحث تنشر معلومات علمية رصينة وتناقش قضايا محطّ اهتمام المجتمع العلمي والأكاديمي وعلاقته بالمجتمع الأوسع. وعليه، كيف يمكنك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فاعلية لمشاركة أبحاثك وإشراك الجمهور، وما النظام الأساسي الأنسب لأهدافك؟
يمكن أن يؤدي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى إدخال بحثك ومجال عملك في حياة مجموعة واسعة من الجمهور. وفيما يلي بعض المفاهيم العامة حول الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الشبكات الاجتماعية كقناة للمشاركة العلمية:
– استخدم منصات وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن أبحاثك ونشرها وجمع التعليقات عليها، وكن مستعدًا للمناقشة والمشاركة.
– ضع في الاعتبار أنّ إنشاء الشبكات وإجراء المحادثات والمشاركة النشطة مع الآخرين وطرح الأسئلة والإجابة عليها من أهم الأهداف.
– استخدم منصات الوسائط الاجتماعية للتواصل مع العلماء الآخرين في مجالك – على سبيل المثال، أضف الزملاء الذين تقابلهم في المؤتمرات إلى شبكتك عبر الإنترنت – أو أشرك أفراد الجمهور المهتمين بعملك.
– استخدم الشبكات للتعاون مع الآخرين. من خلال بدء المحادثات، وإنشاء وجود وهوية عبر الإنترنت. ويمكن للمجتمعات عبر الإنترنت مساعدتك ودعم أبحاثك.
وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من الاختلافات في الشكل، تشترك جميع وسائل التواصل الاجتماعي في خاصيتين مهمتين:
أولاً، يتمّ إنشاء المحتوى أو المشاركة في إنشائه بواسطة مستخدمي النظام الأساسي (الوسائط ومنصات التواصل الاجتماعي).
ثانيًا، يمكن للمستخدمين التفاعل ومناقشة المحتوى مع الآخرين.
ركز رسالتك أولًا عن طريق سؤال نفسك: ماذا ولماذا ومن؟ ماذا تريد أن تقول؟ ما هو الهدف؟ ولمن تريد أن توصل الرسالة؟
ثم، كيف؟ اختر الوسيلة والمنصة المناسبة لإيصال رسالتك.
لا يمكننا الإحاطة هنا بكل منصات التواصل الاجتماعي التي تزداد بشكلٍ كبير، وتتغير شعبيتها بشكلٍ مستمرٍ أيضًا. وعلى ذلك، نذكر أدناه عددًا من منصات الوسائط الاجتماعية المختلفة التي كانت، حتى إعداد هذا المقال، من بين أكثر المنصات فائدة لتطوير بصمة رقمية فعّالة لك كعالِم. وللإشارة، فقد تمّ تجنُّب التحليل المتعمق للتفاصيل الفنية لهذه المنصات بشكل مقصود، لأن هذا شيء يتغير باستمرار، حيث تقوم هذه المنصات بالتحديثات وتطور من خدماتها من حينٍ لآخر، والأفضل اكتشافها من خلال التجربة، ولكننا سنقوم بتقديم نظرة عامة موجزة عن بعض هذه المنصات، مع نصائح حول أفضل طريقة لاستخدام المنصات والاستفادة من إمكاناتها.
عند التفكير في استخدام أيّ من منصات الوسائط الاجتماعية هذه، حددْ تلك الأكثر ملاءمة لما تريد تحقيقه، والتي تتوافق بشكلٍ وثيقٍ مع تفضيلاتك الخاصة من حيث الواجهة وإمكانية الوصول وسهولة الاستخدام.
وغنيٌّ عن القول، أننا يجب أن نلتزم بالأخلاقيات الأساسية، من حيث عدم الترويج وإشاعة معلوماتٍ خاطئة أو غير مؤكدة، والحرص على إتقان الكتابة ودقّة المعلومات وإيجازها. بمعنى آخر، إتقان إدارة حسابك في أيٍّ من هذه الوسائل.
وأخيراً، لا تجعل هذه الوسائل تشتت انتباهك وتستنزف وقتك، إنما استخدمها لتعزيز بحثك والاستفادة بشكلٍ ملائم، فلكل منها خصائص يمكنك الاختيار بينها ما يناسبك.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
سلسلة ضع بصمتك على الإنترنت
– المدونة والبودكاست
– يوتيوب YouTube
– وسائل التواصل الاجتماعي (أنت هنا)
– تويتر Twitter
– فيس بوك
– مزيدا من وسائل التواصل
– التعاون الرقمي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
