كنا قد تحدثنا في المقال السابق ضمن سلسلة التواصل مع وسائل الإعلام، عن كتابة البيان الصحفي، أمّا الآن فإننا سنتناول جانب المقابلات التلفزيونية والإذاعية التي تعدّ واحدة من أهم وسائل التأثير على الرأي العام. لكن من بين جميع وسائل الإعلام، قد يكون تعريض المرء نفسه لكاميرا التلفزيون أو الميكروفون هو الأكثر إثارة للقلق. وحتى بعد أكثر من 100 مقابلة من هذا القبيل، سواء الحية أو المسجلة، لا يزال من الطبيعي وربما من المفيد الشعور ببعض التوتر، لكن من المهم أيضًا الحفاظ على الهدوء وعدم الذعر. ومع التحضير والتدريب والممارسة والخبرة يمكن أن يصبح الأمر أسهل. سنحاول في هذا المقال تقديم بعض النصائح والإرشادات لهذا النوع من التواصل مع وسائل الإعلام. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الكثير من النصائح التي قدمناها سابقا في مقالات "العروض التقديمية" مفيدة للغاية أيضًا لهذه المواقف، ننصح بالرجوع إليها.
غني عن القول إن الإعداد هو الخطوة الأولى لأي مقابلة. يتضمن ذلك تحديد نطاق ما تريد وما لا تريد قوله، ومناقشة محتوى أي مقابلة أو استصراح مع الصحفي أو المنتج أو المقدم، مسبقًا.
وفي حالة بث المقابلات التلفزيونية أو الإذاعية، عادة ما يتم الاتصال بك عبر الهاتف في وقت مبكر، من قبل المنتج الذي سيناقش ويوافق على إجراء المقابلة معك. قد يكون هذا قبل عدة ساعات من أي مقابلة أو حتى اليوم السابق لها، وستتم دعوتك للتحدث بشكل غير رسمي حول الموضوع الذي ستناقشه على الهواء. في هذه المرحلة، ستتاح لك فرصة للتأكد من أنك أنت والمنتج على دراية بما تريد مناقشته وما لا تشعر بالراحة في مناقشته، فيما سيبحث هو عن مدى إطلاعك، وما إذا كنت ستتمكن من التعبير عن رسالتك مباشرة على الهواء. وفي هذه الحالة ستحتاج أنت إلى التأكد من معرفة طبيعة الأسئلة التي سيتم طرحها عليك لتضعها في ذهنك وتجيب عليها بسهولة. وقد تتم دعوتك ومنحك وقتًا للوصول إلى الاستوديو، أو إخبارك بالوقت الذي سيأتي فيه مقدم العرض وطاقم الكاميرا إلى مكان المقابلة.
يمكن أن تتخذ المقابلات الإذاعية والتلفزيونية المباشرة أحد الأشكال الثلاثة التالية:
- مقابلة وجهًا لوجه مع مقدم أو مذيع في الاستوديو؛
- مقابلة عن بعد من استوديو محلي، حيث عادة تسمع المقدم (ولا تراه) فقط من خلال سماعة أذن أو سماعة رأس؛
- ومقابلات وجهًا لوجه مع المقدم في الميدان.
ربما تكون المقابلة عن بعد باعثة للقلق أكثر خاصة بالنسبة للمبتدئين. وفي هذه الحالة، ستلتقي عادةً بمنتج أو أحد أفراد الطاقم في غرفة الانتظار والاستعداد في الإستوديو. حيث ستتاح لك فرصة أخيرة لمناقشة المقابلة قبل أن يتم نقلك إلى غرفة عازلة للصوت مع أحد أعضاء الطاقم الفني الذي سيقوم بترتيبات وإعدادات للكاميرا والصوت قبل البث. ستتحدث بعد ذلك بإيجاز عبر الميكروفون إلى أحد أعضاء شرفة الاستوديو، الذي يتكون من فريق من المخرجين والفنيين، الذين سيتحققون من أنه يمكنك سماع المخرج في الاستوديو لينبهك عندما تكون على الهواء مباشرة مع مقدم العرض. في هذه المرحلة، من المهم أن تأخذ أنفاسًا عميقة وبطيئة وأن تهدئ نفسك قدر الإمكان. وفي هذه المرحلة يمكنك عادةً سماع البث الصوتي المباشر، لذلك يجب أن تستمتع بهذه اللحظات القليلة للاستماع إلى الأخبار "كما لو كنت في المنزل". استرخ، فإن التفكير المبالغ به في المقابلة يمكن أن يؤدي إلى توتر ونتائج عكسية.
وتذكر أن تتنفس بعمق أثناء أي وقفات وحاول أن تكون واعيًا لأي لغة جسد أو تململ عصبي. ومن الطرق الجيدة للتخفيف من ذلك التوتر، التدرب أمام كاميرا الويب أو الكاميرا في المنزل، والحذر من أي شيء قد لا يبدو احترافيًا على الكاميرا (انظر مقالات العروض التقديمية). الحركات الانفعالية ليست مفيدة، إنما الاستخدام المناسب لحركات اليد، وإمالة الرأس، والتواصل الجيد بالعين مع الكاميرا يمكن أن يساعد حقًا في التأكيد على رسالتك. أمّا بالنسبة للغة الجسد، فهي مهمة ويجب أن تتدرب عليها مع التفكير والملاحظة الدقيقة، فمثلاً، يمكن أن تساعدك الإجراءات البسيطة مثل الحفاظ على وضع مستقيم عند الجلوس أو الوقوف في إظهار الثقة والوضوح.
قد تجد ردودك على الأسئلة أثناء المقابلة الفعلية تلقائية تمامًا، خاصة إذا كنت أنت والمنتج قد حددتها مسبقًا. حاول التأكد من أن نقاطك الرئيسية قد تم توضيحها في وقت مبكر. أجب عن أي أسئلة تشعر أنك قادر على الإجابة عليها، ولا تجب عن تلك التي قد لا تعرف إجابتها، وأوضح أين يمكن تقديم الرأي الشخصي.
أثناء المقابلات وجهاً لوجه في الاستوديو المباشر قد تكون أكثر راحة، حيث يمكنك رؤية المقدم والاستفادة من القدرة على التفاعل مع لغة جسده وهذا ما لا يمكنك القيام بها في الاستوديوهات البعيدة. ولا تزال المقابلات الميدانية أكثر راحة نظرًا لأن مقدم العرض الميداني (إذا لم يكن يعمل كمذيع) عادة ما يكون لديه بعض الوقت للتحدث معك قبل المقابلة المباشرة ومناقشة أي أسئلة معك أكثر، والتي قد تجدها تساعد بشكل طبيعي على تهدئتك.
ولا تختلف المقابلات الإذاعية الحية كثيرًا عن المقابلات التلفزيونية. العملية والإعداد متماثلان إلى حد كبير – قد تكون وجهاً لوجه مع مقدم في استوديو بعيد (أو تتحدث عبر الهاتف)، أو في الخارج مع مراسل متنقل. وفيما يخص المقابلات الإذاعية فإننا نوصي باتباع الطريقة نفسها تمامًا كما الحال في المقابلات التليفزيونية. وعند التحدث إلى مقدم العرض، تصرف تمامًا كما تفعل في أي مقابلة تلفزيونية، بما في ذلك استخدام الإيماءات أو لغة الجسد. مما يساعد بشكل طبيعي على إبراز اتصال شفهي واضح.
وأدناه بعض النصائح المجربة والمفيدة حول التعامل مع المقابلات الحية:
1. كن دائما محترما. لا تواصل الحديث عن موضوع مطول عندما يطلب منك مقدم العرض التوقف.
2. لا تقاطع، أو تنقطع … إذا تمت مقاطعتك، واستمرت المقابلة، تذكر أن تعود إلى رسائلك الرئيسية إذا لم تكن قد تمت بالفعل.
3. إظهار الشغف (العاطفة). تحدث بوضوح وبصوت عالٍ وثقة ونغمة. لا تكن جامداً أو بارداً في إجاباتك.
4. انتبه لنفسك. انتبه لحركات الجسم العصبية وأفعاله مثل التمايل أو حك رأسك أو اللعب بملابسك.
5. لا تتردد في استخدام الإيماءات والإشارات. استخدم لغة الجسد المؤكدة مثل إمالة الرأس وحركات اليد إذا كانت هذه تأتي بشكل طبيعي. لكن استخدمها باعتدال وبدقة.
6. انتبه ولاحظ هيئتك. اجلس أو قف منتصبًا قدر الإمكان، وبشكل لائق.
7. تجنب حشو الكلام. مثلاً، حاول تجنب ألفاظ ليست محددة أو يمكن الاستغناء عنها مثل و "هكذا" أو "اممم" في بداية الجمل. غالبًا ما تُستخدم هذه الكلمات "الحشو" لمساعدتنا على صياغة استجابة في المواقف العصيبة، لكنها لا تظهرك بشكل جيد.
8. كن على وعي بحدودك. لا تحاول الإجابة عن أي شيء لا تعرفه. بدلاً من ذلك، أجب بتذكير المحاور بأدب بما أنت موجود هناك لمناقشته، أو الأفضل من ذلك، اشرح كيف يمكن الإجابة عن مثل هذا السؤال بمزيد من العلم إذا كان ذلك مناسبًا.
9. التصرف بشكل مناسب. تذكر أن مقابلتك تُسجّل (ويجب أن تسأل عن ذلك إذا كنت غير متأكد)، كن حذرًا بشأن عدم قول أي شيء لا ترغب في رؤيته أو نقله عنك أو نسبته إليك.
10. تدرب أمام الكاميرا بنفسك. ستندهش كيف يمكن لأي جهاز تسجيل أن يجبرك بشكل طبيعي على التصرف كما لو كان هناك جمهور بالفعل. لكن طبعا هذا يكون في بيتك قبل المقابلة.
المقابلة المسجَّلة، يمكن استخدامها في انتاج الأفلام الوثائقية العلمية أو أي مخرجات أخرى. والإعدادات لكلا النوعين الحية والمسجلة متشابهة إلى حد بعيد، باستثناء أن في المقابلات المسجلة يمكنك إعادة تسجيل الفقرات التي لست راضيًا عنها قبل إصدارها ونشرها. بالإضافة إلى أن الفرصة أيضاً تكون متاحة لفريق الإنتاج لتحرير أي مادة قبل صدورها. ومن الغريب أن مجرد المعرفة بإمكانية التعديل في المقابلات المسجلة يجعلك أكثر عرضة لارتكاب أخطاء لفظية، بينما يبدو أن ضغط البث المباشر يجعلك تقدمها بالشكل الصحيح من أول مرة.
تدرب على مقابلة مباشرة
- قم بتمرير البيان الصحفي الذي أعددته إلى صديق أو زميل يرغب في مساعدتك من خلال العمل كمقدم أخبار تلفزيونية ومحاور. واطلب منه إعداد قائمة بالأسئلة لطرحها عليك بناءً على البيان الصحفي، مع تجنب مشاركة هذا معك مسبقًا.
- قم بإعداد كاميرا ويب أو كاميرا فيديو بها ميكروفون في غرفة هادئة حيث يمكنك أنت والمحاور محاولة محاكاة مقابلة مباشرة. ركز الكاميرا عليك من جانب أمامي، أما محاورك فيكون بعيدًا عن الأنظار. هذا لأننا نريد محاكاة الضغط والانتباه عليك (وليس على القائم بإجراء المقابلة).
- اطلب من صديقك أو زميلك إجراء مقابلة معك حول الموضوع الذي اخترته وقم بتسجيله. يمكنك أن تطلب من الذي يلعب دور المحاور التفكير في بعض الأسئلة الصعبة بشكل خاص، خاصة تلك المصممة لإثارة ردود فعل عاطفية و / أو شخصية.
- شاهد المقابلة مرة أخرى، ويفضل أن يكون ذلك مع صديقك أو زميلك، وفكر في مدى جودة وصول رسالتك. ركز أيضًا على أسلوبك في الإلقاء والثقة والوضوح ولغة الجسد. هل هناك أي شيء لست سعيدًا به أو يمكنك تحسينه؟
- كرر هذا عدة مرات قدر الإمكان حتى تشعر بمزيد من الثقة والطبيعية أمام الكاميرا.
- للمضي قدمًا في هذا الأمر، يمكنك التفكير في جعل هذا السيناريو جزءًا منتظمًا من حياتك المهنية عن طريق تسجيل بودكاست أو مدونة فيديو حول العلوم الشائعة في مجالك وتحميل هذا إلى موقع استضافة.
وأخيراً… إن مفتاح المشاركة الناجحة يعتمد على الإعداد الجيد والممارسة والثقة.
وفي حين أن التعامل مع وسائل الإعلام يمكن أن يكون مثيراً للقلق، إلا أنه طريقة قوية وممتازة لتثقيف الآخرين وإلهامهم والتأثير على التغيير الهادف كنتيجة للتقدم العلمي.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
التواصل العلمي – المقدمة
التواصل الداخلي
– النشر في المجلات الأكاديمية
– تقديم العروض العلمية الشفوية – الجزء الأول "المقدمة"
– تقديم العروض العلمية الشفوية – الجزء الثاني "كُن بليغاً"
– تقديم العروض العلمية الشفوية – الجزء الثالث "تصميم الشرائح"
– تقديم العروض العلمية الشفوية – الجزء الرابع "البداية والنهاية
– الملصقات العلمية
التواصل الخارجي
– التواصل مع المجتمع – المقدمة
– أهداف وأنواع التواصل العلمي مع المجتمع
– التواصل العلمي مع الأطفال
– أشكال متعددة من التواصل العلمي
– العلم التشاركي .. تواصل علمي مع المجتمع
– التمويل والدعاية والإعلان
التواصل مع وسائل الإعلام
– البيان الصحفي
– المقابلات التلفزيونية والإذاعية (أنت هنا)
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
