عرّف الأستاذ إيكونومو (Dr Constantin von Economo) سنة ١٩١٧ مرضًا جديدًا انتشر في فيينا بصورة غريبة. وكان وصف هذا المرض بأنّه تحوّل في النوم، وفَالجٌ في العضلة العينية، وكان وصفه في رسالته الأولية كما يلي:
"نوع من مرض النوم، له سير بطيء، يبدأ بصورة حادّة بصُداع وتهيُّج سِحائي (Meningism)، ويظهر بعد ذلك نوم عميق يرافقه هَذَيان شديد. ويمكن تنبيه المريض وإيقاظُه من نومه بسهولة، وحينئذ يكتسب ملكاته العقلية، ويعلم بحالته ومصيره، ويتكلم بصورة معقولة، ويمشي ويتحرك، ولكنّه حين يُترَك لحاله يعود فيغرق في بحر النوم العميق. فإمّا أن تشتدّ وطأة هذا النوم الهَذَياني فيسبب هلاك المريض في مدة قصيرة، وإمّا أن يداوم أسابيع وأشهر عديدة من دون تغير إلى أن ينتهي بالسّبات العميق ثمّ الموت. وقد تتحسن حالة المريض فيسترجع قسمًا من صحته، ولكن يبقى فيه ضَعف روحي دائم".
"يبدأ المرض بحُمَّى شديدة، ولكن من الممكن أن يحصل من دون ارتفاع في درجة الحرارة، ولم توجد علاقة تناسبية بين الحُمَّى ودرجة النوم. يرافق هذه الأعراض العمومية فالج في الأعصاب القِحفيّة أو الأعصاب المحيطية، ويحصل تزايد في تضيّق مائع الدِّماغ الشوكي. وفي بعض الأحيان يزداد فيه مقدار الزُّلال والسُّكّر".
اتّسع هذا المرض منذ سنة ١٩١٨، وانتشر إلى جميع أنحاء العالم، فاشتغلت في البحث عنه الكليات والجمعيات، وكتبت عنه المجلات والجرائد الطبية، وبدأ يتظاهر كلّ يوم في محلّ جديد حتى إنّه ذهب ضحيَّتَه ألوف من البشر، وسبَّبَ اعتلال ألوف أخرى. وحصلت الأوبئة الآتية منذ انتشاره الأخير:
• سنة ١٩١٦ في جهة الحرب الفرنسية في وردون.
• سنة ١٩١٧ في فيينا، وكذلك في الجيش الفرنسي. 2 وقد حصل أيضًا في أستراليا ولم يعرفوه حينئذ، فسمَّوه بالمرض العجيب (Mysterious Disease).
• سنة ١٩٢٠ خفّت وطأته ولم يُحدِث سوى وقائع قليلة.
• سنة ١٩٢١ اشتدّ من جديد في جميع أنحاء العالم، ولكن رجع فخفّت وطأته سنة ١٩٢٢ – ١٩٢٣.
تاريخ المرض
إنّ ظهور هذا المرض في عالم الطب منذ سنة ١٩١٧ أوجب فحص الأدبيات الطبيّة القديمة. وقد ظهر من ذلك أنّ المؤلفين القدماء عرفوا بعض الأمراض التي يُظَنّ أنّها لم تكن سوى ذات الدِّماغ الخَدَريّ.
فإذا فحصنا الأدبيات الطبيّة نحو سنة ١٨٨٩ -١٨٩٠ عند حصول وباء الأنفلونزا الشديد في أوروبا، نلحظ ظهور مرض سمَّوه في ذلك الحين داء شترومبِل لايخنشتيرن (Strumpell-Leichenster). وكان قد وصفه كلٌّ من مولّر ويارت. ويُرَى في تلك السّنة شكل المرض الحادّ الذي يسبب النوم الطويل وتغير الحواس، وأما شميد ووشه. ر فوصفا الشكل الذي يحصل فيه ارتعاش وفالج تشنجي. ولا شكّ في أنّ ذلك كلّه كان جملة من الأشكال المختلفة لذات الدِّماغ الخَدَريّ.
الورقة البحثية كاملة في العدد الخامس من المجلة العربية للبحث العلمي
عبر الرابط التالي: https://www.qscience.com/content/journals/10.5339/ajsr.2022.5
دعوة للنشر في العدد السادس من المجلة العربية للبحث العلمي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة