بكتيريا الجليوكابسا ماجما Gloeocapsa magma تنتمي لفئة البكتيريا الزرقاء Cyanobacteria وهي نوع من البكتيريا التي تمتاز بقدرتها على صنع غذائها بنفسها من خلال عملية البناء الضوئي، كما هو الحال لدى النباتات والطحالب. قد تتشابه هذه البكتيريا مع الطحالب كونها خضراء اللون، لكنهما ينتميان لنطاقين مختلفين تماما – البكتيريا بدائية النوى بينما الطحالب حقيقية النوى. اكتسبت بكتيريا الجليوكابسا سمعة سيئة في التسعينيات، وانتشرت منذ ذلك الحين في معظم أنحاء الولايات المتحدة وكندا وربما في أماكن اخرى. هذا النوع من البكتيريا الزرقاء تحديداً مسؤول عن تكوين بقع سوداء على أسطح المنازل. تتراكم البكتيريا بمرور الوقت لأنها تتكاثر بفعل الرطوبة ومواد مغذية مثل كربونات الكالسيوم؛ فيتسبب هذا التراكم في إظهار البقع السوداء حيث تطور البكتيريا الزرقاء غلافها الخارجي الداكن والقاسي الواقي من الأشعة فوق البنفسجية.
يُعتقد أن الأسباب الرئيسية للانتشار السريع لهذه البكتيريا الزرقاء وإمكانية ملاحظتها هي ارتفاع الرطوبة ودرجات الحرارة جنبًا إلى جنب مع المزيد والمزيد من جراثيم البكتيريا مع هذه الظروف المواتية. وقد وجدت في الواح القرميد مكانا ملائماً لنموها. وبعد أن أصبحت ألواح قرميد الاسطح المصنوعة من الألياف الزجاجية المعزَّزة بالحجر الجيري شائعة الاستخدام، تبيَّن أنها تحتفظ بالرطوبة والمواد العضوية "غذاء البكتيريا" لفترة أطول من الالواح الورقية/الإسفلتية/الخزفية التي كانت تُستخدم في ثمانينيات القرن الماضي. وبسبب قدرة هذه البكتيريا على الانتقال في الهواء. فإنها تسببت في احداثِ ضررٍ كبيرٍ للأسطح وتسوس الألواح الخشبية وفقدان القدرة العاكسة. وبمرور الوقت، تتغذى بكتيريا الجليوكابسا على حبيبات الحجر الجيري المضمنة في الألواح؛ فتتكسر الألواح وهذا يقلل من قدرة السقف على عكس الأشعة فوق البنفسجية للضوء ويقصّر من عمر السطح.
بمجرد أن تصبح بقع (مستعمرات) البكتيريا ملحوظة، ستستمر البقع في التفاقم عامًا بعد عام. ومع نمو المستعمرة البكتيرية، تقوم الجاذبية بسحبها للأسفل، فينتج عن ذلك بقعة تشبه اللطاخة أسفل الأسطح. يستنتج معظم الخبراء في مجال الموضوع أن البكتيريا ضارة، إذا تركت دون علاج، حيث يحتفظ النمو البكتيري بالرطوبة داخل الألواح المصابة مما يتسبب في التآكل و/ أو التعفن و / أو فقدان الحبيبات.
قد يؤدي تراكم بكتيريا الجليوكابسا على العقارات السكنية إلى استبدال الأسقف، وخفض قيم إعادة بيع الممتلكات، وإلغاء شركات التأمين بوالص التأمين وزيادة تكاليف المرافق لأن الأسقف الملطخة باللون الأسود تمتص كميات اضافية من الحرارة.
التخلص من بكتيريا الجليوكابسا على الاسطح
هناك العديد من الخيارات المتاحة للقضاء على بكتيريا الجليوكابسا، الحل الأكثر شيوعًا والأكثر قبولًا على نطاق واسع وهو استخدام هيبوكلوريت الصوديوم (كلور التنظيف) بالإضافة إلى كبريتات النحاس. يقدم العديد من مقاولي تنظيف الأسطح وسيلة تنظيف آمنة تقوم على وضع مزيج منظف متناسب بشكل صحيح (بدون استخدام مضخات ضغط)، حيث يؤدي ذلك إلى تفادي تلف المناطق المصابة، وتُعد هذه الطريقة الأسلوب الأمثل للتنظيف.
صمدت لأكثر من سنة في الفضاء
البكتيريا الزرقاء المسماة Gloeocapsa التي تم جمعها من الصخور المأخوذة من المنحدرات في قرية صيد إنجليزية، نجحت في البقاء حية على السطح الخارجي لمحطة الفضاء الدولية لمدة 553 يومًا. تم وضع الصخور على السطح الخارجي لمنشأة التعرض التكنولوجي لوكالة الفضاء الأوروبية في أحد طرفي المحطة الفضائية. احتوت القطع الصغيرة على ميكروبات داخل الصخور وخارجها. خلال عام ونصف خارج المحطة الفضائية، كان على البكتيريا تحمل تغيرات شديدة في درجات الحرارة، والتعرض للأشعة الكونية والأشعة فوق البنفسجية. ليست البيئة لاهوائية فحسب، بل إن الفراغ في الفضاء كان سيؤدي أيضًا إلى غليان كل الماء الموجود في الصخور.
ويحاول العلماء تقديم تفسير قدره البكتيريا على البقاء حية في هذه الظروف ويقترح البعض أن يكون ذلك من خلال تشكيل مستعمرة متعددة الخلايا من شأنها حماية الخلايا في المركز. وهناك تلميح بأن لدى البكتيريا عمليات إصلاح جيدة للحمض النووي أيضًا. كانت التجربة واحدة من عدة تجارب مصممة لاكتشاف ما إذا كانت البكتيريا يمكن أن تكون مفيدة لرواد الفضاء الذين ستقع على عاتقهم مهمة استكشاف النظام الشمسي في المستقبل. من بين الاستخدامات المقترحة لها. إعادة التدوير في أنظمة دعم الحياة، والتعدين الحيوي، أو استخدام الميكروبات لاستخراج المعادن من الصخور على القمر أو المريخ. إن بقاء الكثير من البكتيريا في مثل هذه البيئة المعادية مع عدم وجود أكسجين يضيف وزنا إلى الفرضية القائلة بأن الميكروبات المحمولة في النيازك والنيازك يمكن أن تنتقل الى الكواكب أو الأقمار الأخرى.
لقد ثبت أن الأبواغ البكتيرية قادرة على البقاء على قيد الحياة لسنوات في الفضاء، ولكن هذه هي المرة الأولى التي أثبتت فيها البكتيريا الزرقاء، التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي، أنها قادرة على البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة في الفضاء.
صفات مميزة
ميزة مثيرة للغاية لـ Gloeocapsa magma هي قدرتها على تكوين طبقة خارجية شديدة الصبغة تغلف نفسها للحماية من التعرض العالي للأشعة فوق البنفسجية. يتكون الغلاف الواقي فقط كاستجابة لأشعة الشمس القوية، بينما في الإضاءة المنخفضة تبقى البكتيريا خضراء اللون. تم إجراء دراسات واكتشف العلماء مركبات تسمى الأحماض الأمينية الشبيهة بالميكوسبورين (MAAs) التي لها دور مكافئ لدور واقي الشمس. تتمتع MAAs بقيمة امتصاص عالية في نطاق الأشعة فوق البنفسجية، مما يشير إلى أنها تشارك في امتصاص شدة ضوء الشمس لتقليل تأثيرها على البكتيريا. عندما تم تعريض البكتيريا الزرقاء لضوء قوي من الأشعة فوق البنفسجية، كان هناك زيادة في إنتاج MAAs. بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على تراكيز مرتفعة من MAAs في منطقة البكتيريا الزرقاء حيث يوجدscytonemin ، وهو صبغة واقية من الشمس تزيد قدرة Gloeocapsa على إنتاج غلاف خارجي شديد الصبغة ، مما يسمح لها بمقاومة التغيرات العنيفة في الطقس ودرجة الحرارة.
للتواصل مع الكُتاب: rawaaan10001@gmail.com | elmanama_144@yahoo.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
تعرف على جائزة منظمة المجتمع العلمي العربي 2022