لو لاحظنا أخي الصائم كيف نصوم رمضان أو كيف يصوم الأغلبية من المسلمين هذا الشهر الكريم، لوجدنا بأن تصرفنا من ناحية النوم، الغذاء والعمل له مردودات سلبية ضخمة على صحة الإنسان واقتصاده وسلوكياته.
يفترض أن يكون شهر رمضان الشهر الذي نأكل فيه قليلاً ويقل ما نتناوله من سعرات حرارية إلى حد 30% لكي نستطيع أن نحصل على الفائدة. ولكن مع الأسف فإن الأكل يزداد في شهر رمضان كما ونوعاً. طوال الليل الناس يأكلون. وماذا يأكلون؟ اللحوم، الدهون والسكريات. أي أنهم يأكلون الأغذية المضرة صحياً. فشهر رمضان أصبح شهر الأكل والتخمة. وهذا يتناقض مع الغاية من الصيام. لذلك فأن الكثير من المشاكل الصحية تحدث أيام شهر رمضان.
عندما كنت طبيباً مقيماً في المستشفيات فإننا نعرف بأنه بعد الفطور سوف يأتي زحم كبير من المرضى يشكون ويأنون. بل إن كثير من السيدات الحوامل يحتجن إلى عمليات قيصرية بسبب زيادة وزن الجنين الناتج عن كثرة الغذاء. ليس هذا فقط بل إنهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بداء السكري للحمل. وهذا بسبب زيادة السكريات والحلويات والمعجنات.
كما قلنا أن أكثر الدراسات أظهرت زيادة في مستوى ملح اليوريك الذي يسبب داء الملوك في المفاصل بسبب كثرة أكل اللحوم أثناء رمضان. معظم الناس يزداد وزنهم بسبب كثرة الأكل. المفروض أن يقل الوزن وأن يكون شهر رمضان مناسبة جيدة للبدين أن يبدأ بتقليل الوزن. ولكن العكس يحدث للكثيرين.
يكثر في شهر رمضان تناول الشاي والقهوة والمنبهات والمشروبات الغازية والأغذية المصنعة. هذه المواد مضرة بالجسد ولها تأثيرات واسعة يعرفها كل الناس.
عند الإفطار يأكل البعض أكلا كثيرا دفعة واحدة. هذه الطريقة غير صحيحة ومتعبة للجسد والمعدة والهورمونات. ما فائدة الصيام إذا كنت أريح الجسد ساعات ثم أصفعه صفعة قوية مضرة بوجبة ثقيلة عند الإفطار.
النوم أيضاً تغير في حياتنا أثناء رمضان. الناس يجلسون ساعات طويلة في الليل في الأضوية القوية. في مجالس السمر واللعب والتدخين وأمام التلفاز ولا ينامون إلا متأخراً. وبعد سويعات نوم قصيرة يجلسون في السحور ليأكلوا من جديد. ثم يناموا ليصحوا بعد سويعات للذهاب للعمل. وتكون ساعات العمل قصيرة. الرجوع إلى المنزل مبكراً ليذهب الصائم إلى النوم العميق ولا يجلس إلا عند الإفطار. ما هذا؟ نوم متقطع وعمل قليل وخمول مستمر وصداع مقلق وغذاء سيئ. أهذا رمضان؟ أهذا هو ما أراده الله عز وجل من الصائمين. إن الغذاء غير الصحي والنوم المتقطع يؤديان إلى الخمول والكسل وقلة العطاء أثناء ساعات العمل ناهيك عن تقليل ساعات العمل أثناء الصيام.
المحصلة واضحة خسارة صحية، خسارة اقتصادية. بل أؤكد على أن الأغذية الغير سليمة وتقطع النوم وقلة النوم الليلي يؤديان إلى اضطرابات نفسية وقلق وعصبية وشد.
ويمكن أن تشاهد ذلك لدى معظم الناس قبل ساعة من الإفطار. أصبح صدرهم ضعيفاً حرجاً وتحملهم قليل وسرعة سياراتهم على أشدها وخاصة عند الإفطار. إذن هناك خسارة نفسية أيضاً. هذه بعض الخسائر الدنيوية التي يصاب بها الإنسان والعالم الإسلامي خلال شهر رمضان.
أما الجانب الديني فإننا لا يمكن أن نحقق قبول الصوم ومرضاة الله إلا بالصوم الذي أراده الله عز وجل. وليس نجاح الصيام بكثرة ما أقوم به وأقعد في المساجد وأن أصرف وقتي وحتى كله محتجباً عن الناس والمجتمع والحياة. الله جعل الإنسان خليفة في الأرض ليعمرها. وقال عز وجل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). والعبادة الحقيقية هي الطاعة لله عز وجل ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورمضان ليس الكسل أو النوم أو الأكل حتى التخمة والانعزال عن المجتمع أو تقليل ساعات العمل أو في مجالس السهر والأنس والتمتع بالمسلسلات والأغاني والمسابقات. لا أدري هل رمضان شهر للطاعة أم شهر للمهرجانات والاحتفالات واللهو والعبث والتلذذ بمفاتن الدنيا وغرائزها. كم نصرف في استعمال الكهرباء في الليل؟
التعرض للكهرباء والأضوية خطيرة على الجسم. نحن نخسر أموالاً على الأضواء ليلاً لكي نصاب بالمرض. نحن أخي القارئ نشتري المرض بالمال. صحيح أن الكثيرين والحمد لله يستفيدون من شهر رمضان دينياً وصحياً وتزداد أنفسهم إيماناً وحباً ومسامحة ولكن كم نسبة يمثلون من الصائمين؟
شهر رمضان شهر العمل والجهاد. معظم غزوات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في شهر رمضان. نحن نحتاج إلى وقفة مع النفس ونراجع حساباتنا قبل فوات الأوان. علينا أن نصوم هذا الشهر الصوم الذي أراده الله لنا ولا ندري هل نعيش إلى رمضان القادم.
ماذا يحدث في شهر رمضان ؟؟
– زيادة تناول المواد الغذائية نوعاً وكماً.
– السهر الطويل.
– زيادة ساعات النوم في النهار.
– تقليل ساعات العمل وقلة العطاء للعامل والمنتج.
– تغير الساعات البيولوجية للإنسان.
– الإكثار من مجالس السمر والسهر التي يكثر فيها التدخين وشرب المنبهات.
– الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز والتعرض إلى عوامل التلوث الليلي.
– الصرف المادي الكبير للأسرة الصائمة على استهلاك الطعام.
هذه التغيرات التي أستطيع أن ألمسها في العالم الإسلامي مع تغيرات أخرى كثيرة تحدث في شهر رمضان تؤدي إلى مردودات سلبية على المسلم مالاً وصحة.
تواصل مع الكاتب: drnoori6@yahoo.com
تابع قراءة سلسلة "هل نصوم الصوم الصحيح؟"
1- الصيام تدريب وصحة وطول عمر
2- الصيام والنفس والوقاية من الأمراض
3- رمضان والبيئة
4- الصوم والعمل والنوم
5- الصوم والغذاء
6- كيف نعيش الصيام "أنت هنا"
7- ماذا أعددنا لشهر رمضان؟
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة