تُعد هذه الدراسة التي نُشرت حديثًا في مجلة Frontiers in Forests and Global Change في الـ 24 من مارس/آذار الجاري، وهي الأحدث والأكثر شمولًا بل والأولى من نوعها لتحديد الفوائد المحلية والإقليمية والعالمية لدور الغابات الاستوائية المطيرة (الممتدة عبر أمريكا اللاتينية وإفريقيا الوسطى وجنوب شرق أسيا) وذلك في المحافظة على الغلاف الجوي وضروريتها لإبقائنا على قيد الحياة، وهو الدور غير الشائع (امتصاص التلوث الكربوني من الغلاف الجوي) الذي كشفت عنه كثيراً من الدراسات السابقة، فالتأثيرات الفيزيائية الحيوية للغابات تفوق كثيرًا تأثيرات الكربون.
وبحسب ما جاء في تقرير نُشر على موقع "فيز دوت أورج" (phys.org) فقد كشفت نتائج هذه الدراسة عن التأثيرات المناخية الكارثية الناتجة عن إزالة الغابات الاستوائية التي تتجاوز امتصاص التلوث الكربوني إلى الارتفاع الفوري لدرجة الحرارة عالميًا، والارتفاع الشديدة للحرارة محليًا، مع تقليل هطول الأمطار الإقليمية والمحلية، واضطراب المناخ في الأماكن البعيدة، مع تأثير ذلك على زراعتنا وغذائنا. فالغابات أكثر تعقيدًا ممّا كان معروفًا سابقًا، وعندما ندمرها نرى آثارًا كارثية على مناخنا وغذائنا وحياتنا اليومية.
فالغابات التي تقع عند ٥٠ درجة شمالًا تُبقي الكوكب كله أكثر برودة بمقدار درجة واحدة مئوية، وهذا يعني أن أي جهود لحماية الغابات أو ترميمها بين خطي عرض ٤٠ درجة جنوبًا، و٥٠ درجة شمالًا تحافظ على درجة الحرارة المحلية والعالمية. أما تدمير الغابات المطيرة في نطاق ١٠ درجات جنوب خط الاستواء فيمكنه أن يزيد من درجة حرارة الكوكب نصف درجة مئوية، كما أن استعادة الغابات في نطاق ١٠ درجات شمال خط الاستواء يوفر تبريدًا عالميًا بنسبة ٢٥٪ أكثر مما كان متوقعًا استنادًا إلى عزل ثاني أكسيد الكربون وحده.
وتشير الدراسة إلى أن إزالة الغابات مسؤول عن ثلث الزيادة في كثافة الأيام الحارة وارتفاع الحرارة في الصيف والجفاف المرتبط بالحرارة الشديدة، كما أدت خسارتنا للغطاء الشجري إلى ارتفاعات محلية في درجات الحرارة القصوى التي يمكن مقارنتها من حيث الحجم بالتغيرات التي يسببها الاحتباس الحراري بمقدار نصف درجة مئوية.
وتبيّن الدراسة دور الغابات في تبريد الحرارة الذي يرجع إلى مجموعة من التأثيرات الفيزيائية الحيوية، فجميع الغابات تنبعث منها مواد كيميائية تسمى المركبات العضوية المتطايرة الحيوية Biogenic Volatile Organic Compounds (BVOCs والتي تُخلق الهباء الجوي الذي يعكس الطاقة الواردة ويشكّل السُّحب، وكلاهما له تأثيرات تبريدية، فتمثّل تلك المركبات الكيميائية المعقدة المنبعثة من الغابات جبهةً جديدة في فهمنا لدور الغابات الأهم في الحفاظ على الكوكب باردًا معتدلًا.
وتوصل باحثون مؤخرًا إلى أن تدمير الغابات والنظم البيئية الأخرى في منطقتي الأمازون وسيرادو بالبرازيل يهدد زراعة فول الصويا المحلية، فالحرارة الشديدة تكلف 3.55 مليار دولار سنويًا بالإضافة إلى مليار دولار سنويًا للظروف الأكثر جفافًا.
وأظهرت دراسة أخرى أن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة المرتبط بفقدان الأشجار قد قلّل بالفعل من عدد الساعات التي يمكن للناس أن يعملوا فيها بأمان في اليوم – وسيزداد الأمر سوءًا إذا دُمّرت المزيد من الغابات. وأظهرت دراسة ثالثة أنه في حالة البرازيل، بحلول عام 2100، قد يتعرض ما يقرب من 12 مليون شخص لخطر شديد من الإجهاد الحراري، مع تعرض الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك الشعوب الأصلية، لتكون الأكثر تضررًا.
وقد حذر تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC) الذي نُشر مؤخرًا من التأثيرات والتكيف والضعف التي يواجهها البشر مع ارتفاع درجات الحرارة.
المراجع:
– https://phys.org/news/2022-03-tropical-forests-global-temperatures-warmer.html
تواصل مع الكاتب: ahmedhamdy.sc1@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة