يؤثر مرض إلتهاب الأمعاء على حوالي 3.1 مليون شخص في الولايات المتحدة ويمكن أن يضعف بشكل كبير على نوعية حياة المرضى. يعتمد هؤلاء المرضى على عدد قليل من العلاجات المتاحة، لكن العلاجات قد لا تكون دائمًا فعالة.
اقترحت الدراسة الجديدة أحد أسباب عدم عمل المنشطات، سترويدات Steroids وهو علاج شائع الاستخدام. ومن الهام هنا ذكر أن هذا النوع من العقار قد فشل في علاج الفئران من أجل تعطيل عمل أو تثبيط الالتهاب المعوي، خاصة في وجود سلالات الكانديدا شديدة الضرر High-Damaging. ونجد أن مثل هذه السلالات قد احتفظت بخصائصها الضارة للغاية عندما أُزيلت من أمعاء المريض وأثارت المناعة المؤيدة للالتهابات عند استعمارها في الفئران ، مما أدى إلى تكرار سمات مرضية معينة.
تختلف سلالات خميرة كانديدا ألبيكانز Candida albicans في الأمعاء البشرية عن بعضها البعض مثل البشر الذين يحملونها، وبعض سلالات كانديدا ألبيكانز قد تضر بأمعاء المرضى الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء (IBD) Inflammatory Bowel Disease، وفقًا لدراسة جديدة من باحثين في طب جامعة وايل كورنيل تشير نتائجها إلى طريقة ممكنة في المستقبل لتخصيص علاجات فردية يتم تخصيصها لكل مريض وفقاً لحالته. نُشرت نتائج الدراسة التي توصلوا إليها في 16 مارس الحالي في مجلة نيتشر Nature.
تشير النتائج التي توصل إليها فريق البحث إلى أن سلالات المبيضة البيضاء لا تسبب التهابًا تلقائيًا في الأمعاء في مضيف يتمتع بمناعة سليمة. "لكنها تتوسع في الأمعاء عند وجود التهاب ويمكن أن تكون عاملاً يؤثر على الاستجابة للعلاج في النماذج التي خضعت للتجربة وربما في المرضى.
استخدم الباحثون مجموعة من التقنيات لدراسة السلالات، أو المتغيرات الجينية، من المبيضات من القولون للأشخاص المصابين أو غير المصابين بالتهاب القولون التقرحي، وهو اضطراب التهابي مزمن ومنتكس ومتحول في القولون و المستقيم وأحد الأشكال الرئيسية لمرض التهاب الأمعاء. ووجدوا أن بعض السلالات التي يسمونها "شديدة الضرر" تنتج سمًا قويًا يسمى كاندياليسين Candidalysin يضر بالخلايا المناعية.
ركزت معظم الدراسات التي أجريت على الميكروبيوم البشري في الأفراد الأصحاء على أولئك الذين يعانون من داء الأمعاء الالتهابي على البكتيريا والفيروسات، لكن الأبحاث الحديثة التي أجراها الباحثون قد سلطت الضوء على مساهمات الفطريات في تأثيرات الميكروبات على البشر والفئران. لقد وجدوا أن الفطريات المعوية تلعب دورًا مهمًا في تنظيم المناعة في الأسطح المكشوفة للخارج، مثل الأمعاء والرئتين، نظرًا لخصائصها القوية المحفزة للمناعة. في حين تم ربط المجتمع الجماعي للفطريات في الجسم، والمعروف باسم الفطريات الفطرية ، بالعديد من الأمراض، بما في ذلك مرض التهاب الأمعاء، إلا أن الباحثين لم يفهموا في السابق الآليات التي تساهم بها الفطريات الفطرية في التهاب الأمعاء.
في الدراسة الجديدة، وجد الباحثون في البداية أن سلالات الكانديدا، على الرغم من تنوعها الشديد في أمعاء كل من المرضى المصابين بالتهاب القولون وغير المصابين، كانت في المتوسط أكثر وفرة في المرضى الذين يعانون من مرض التهاب الأمعاء. لكن هذا لا يفسر نتائج المرض لدى المرضى الأفراد. لذلك، شرع الباحثون في تحديد خصائص هذه السلالات التي تسبب الضرر وكيفية ارتباطها بالمرضى الأفراد.
لاحظ الباحثون أنه في المرضى الذين يعانون من التهاب القولون التقرحي كان المرض الشديد مرتبطًا بوجود سلالات الكانديدا "شديدة الضرر"، والتي تبين أن لها عاملاً رئيسياً مشتركاً: جميعها تنتج سم المبيضات. أظهر العلماء أن السم يضر بالخلايا المناعية المسماة الأكولة أو الماكروفاج macrophage، مما يؤدي إلى عاصفة من السيتوكين المؤيد للالتهابات IL-1β. لتأكيد هذا التأثير الخاص بالسلالة ، قام الباحثون بتنمية الماكروفاج في وجود سلالات الكانديدا ووجدوا أن قدرة السلالات على إحداث IL-1β تتوافق بشكل وثيق مع شدة التهاب القولون لدى المرضى.
حددت التجارب التي أجريت على الفئران أن السلالات "شديدة الضرر" التي تنتج السم الفطري Candidalysin تسببت في توسع مجموعة الخلايا التائية التي تسمى خلايا تائية مساعدة Th17 والخلايا المناعية الأخرى المرتبطة بالالتهابات، مثل نيوتروفيل Neutrophils، وتساهم تلك الخلايا في تلف الأنسجة وتراكمها، وهي السمة المميزة لمرض التهاب الأمعاء النشط. إن الإشارة إلى أن هذه العمليات قد تكون مدفوعة جزئيًا بسم فطري تفرزه سلالات خميرة الكانديدا في مرضى معينين يمكن أن يساعد في توجيه أساليب العلاج الشخصية.
تماشياً مع هذه النتيجة، كان لحظر إشارات IL-1β تأثيراً كبيراً في تقليل علامات التهاب القولون لدى الفئران التي تأوي هذه السلالات المؤيدة للالتهابات. حيث لاحظ الباحثون أن الدراسات الحديثة الأخرى قد ربطت بين IBD و IL-1β بطريقة عامة، مما دفع التحقيقات المستمرة للعقاقير التي تستهدف المسارات ذات الصلة كعلاجات محتملة لمرض التهاب الأمعاء.
نجد في النهاية أن النتائج التي توصل إليها الباحثون تسلط الضوء على آلية تتمكن من خلالها السلالات الفطرية المتعايشة Commensal Fungi من أن تنقلب ضد مضيفها (العائل) ومن ثم تزيد من الالتهاب. هذا ويتابع الفريق البحثي بدراسات عن الآليات التي تدفع استمرار السلالات المنتجة للسموم في القولون الملتهب لبعض المرضى المصابين بالتهاب الأمعاء، بالإضافة إلى طرق بحث اختيار المرضى للعلاج الذي يستهدف فطريات الجسم أو الميكوبيوم.
المرجع
– Xin V. Li, Irina Leonardi, Gregory G. Putzel, Alexa Semon, William D. Fiers, Takato Kusakabe, Woan-Yu Lin, Iris H. Gao, Itai Doron, Alejandra Gutierrez-Guerrero, Meghan B. DeCelie, Guilhermina M. Carriche, Marissa Mesko, Chen Yang, Julian R. Naglik, Bernhard Hube, Ellen J. Scherl, Iliyan D. Iliev.
> Immune regulation by fungal strain diversity in inflammatory bowel disease.
Nature, 2022; DOI: 10.1038/s41586-022-04502-w
تواصل مع الكاتب: redataha962@gmail.com
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة