منذ بداية الألفية الثالثة أصبح الإبداع والابتكار من علوم وممارسات العصر التي تتسابق إليها الأمم في شتى الميادين في التعليم والتكنولوجيا، والصناعة، والاقتصاد، وغيرها. وفي مجال التعليم العالي تعد مجالات التعليم والتعلم من أهم مداخل التطوير لمؤسسات التعليم العالي والتي تعتبر من البيئات الخصبة للإبداع والابتكار.
التعليم هو قاطرة التقدم وأساس البناء وآلية الحراك الاجتماعي والموجه في صياغة المستقبل، ويمثل التعليم العالي رأس الحربة في مسيرة التقدم ومواجهة التحديات، لذا فإن التطوير المستمر في منظومة التعليم العالي هو أمر حتمي. ومؤخرا أشار تقرير حول تطور النشر العلمي الدولي بمصر خلال عام 2021 ارتفاع نشر الأبحاث العلمية دوليًا بزيادة قدرها 21.1% مقارنة بعام 2020، وزيادة التعاون الدولي في الأبحاث المنشورة بنسبة 57.1%، وقيام جهات بحثية مصرية بنشر 1476 بحثًا دوليًا في مجالات مُتعلقة بفيروس كورونا.
رؤية مصر 2030
تعكس إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر2030» الملامح الأساسية لمصر الجديدة خلال الـ 15عاما المقبلة، حيث قررت مصر أن تنطلق نحو البناء، والتنمية، ومواجهة التحديات، وأحد أهم التحديات بمصر الآن هو التعليم.
كما تستهدف الإستراتيجية أن تصبح مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر جودة التعليم الأساسي والوصول بمعدل الأمية إلى الصفر، والعمل على وجود 10 جامعات مصرية على الأقل في مؤشر أفضل 500 جامعة في العالم، وأن تصبح الجامعات المصرية من أفضل 20 مؤسسة تعليم عالٍ في الأبحاث العلمية المنشورة في الدوريات المعترف بها عالمياً، ويحتاج هذا التطوير في مراحل معينة إلى إعداد برنامج متكامل يهدف إلى الوصول إلى قدرة مؤسسية وجودة أكاديمية ومؤسسية مقننة، بما يضمن تأهيل مؤسسات التعليم العالي للاعتماد الإقليمي والدولي مما يؤدي إلى كسب ثقة المجتمع في قدرة الخريجين على المستوى القومي والإقليمي والدولي.
واتساقا مع إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة «رؤية مصر2030» الشاملة لتطوير التعليم العالي، فقد تم تحديد مجالات العمل المقترحة للمشروعات المطروحة من خلال محاور رئيسية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المحور الأول: الجودة والاعتماد وتشمل المشروعات التنافسية لضمان الاستدامة في نظم التطوير الذاتي في المجالات التعليمية والبحثية والخدمات المجتمعية والبيئية بالتوافق مع التطورات العلمية الحديثة وبما يواكب العولمة والتميز للنظام الأكاديمي والبحثي والخدمي والإداري وتتضمن هذه المرحلة بصفة رئيسية المشروعات التنافسية لتميز مؤسسات التعليم العالي متضمنة مشروعات تنافسية لاستحداث برامج مشتركة بمؤسسات التعليم العالي مع الجامعات العالمية والمشروعات التنافسية في مجال خدمة المجتمع وتنمية الموارد الذاتية بالجامعات والجوائز التنافسية لأعضاء هيئة التدريس لتقديم نماذج ابتكارية في التعليم والتعلم.
ويشمل المحور الثاني: دعم وتطوير البحث العلمي والتي قد تشمل على: الجوائز التنافسية لأعضاء هيئة التدريس للنشر العلمي الدولي من قبل الجامعة أو المؤسسات المتخصصة بما يضمن رفع قدرات النشر العلمي على المستوى الدولي والإقليمي.
تشجيع النشر العلمي الدولي
في إطار إستراتيجية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية لتشجيع النشر العلمي الدولي للجامعات والمراكز البحثية، وتأثير ذلك على تطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، وما شهدته الجامعات والمراكز البحثية المصرية من نمو ملحوظ في النشر العلمي الدولي لعام 2021، تلقى الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي تقريرًا مقدمًا من كل من الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، والدكتور ياسر رفعت نائب الوزير لشئون البحث العلمي، حول تطور النشر العلمي الدولي بمصر خلال عام 2021.
أوضح تقرير مؤشر البحث العلمي الذي يُصدره المرصد المصري للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، (وهو مؤشر للعلوم والتكنولوجيا يصدره المرصد المصري للعلوم والتكنولوجيا والابتكار بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا شهريا) أنه وفقًا لقاعدة البيانات الدولية لقاعدة بيانات "سكوبس" (Scopus) فقد تم نشر 38798 بحثًا دوليًا للباحثين المصريين في الجامعات والمراكز البحثية خلال عام 2021، بمعدل زيادة قدرها 21.1% عن عام 2020، كما بلغ عدد الباحثين المصريين الذين قاموا بنشر الأبحاث الدولية 52511 باحثًا.
وأضاف التقرير أن معامل تأثير الاستشهاد بلغ 1.32 وهو أعلى من المعدل العالمي (جودة الأبحاث)، وبلغ عدد الاستشهادات للأبحاث المصرية نحو 70707 خلال عام 2021.
وفيما يتعلق بالتعاون الدولي في الأبحاث المنشورة دوليًا، فقد قفزت مصر إلى نسبة 57.1% في عام 2021، ويأتي هذا انعكاسًا لما تبذله الوزارة من دعم لمُبادرات التعاون الدولي ومشاركة مصر بأدوار أكثر فاعلية مع المُنظمات العلمية الدولية.
جامعة القاهرة الأولى في عدد الأبحاث المنشورة
أشار التقرير إلى حصول جامعة القاهرة على المرتبة الأولى في عدد الأبحاث المنشورة دوليًا بعدد أبحاث 6539 بحثًا دوليًا وبنسبة 16.8% من إجمالي الأبحاث المنشورة، ثم جامعة عين شمس بعدد 3628 بحثًا دوليًا، ثم جامعة المنصورة بعدد 3395 بحثًا دوليًا، ثم جامعة الزقازيق بعدد 3140 بحثًا دوليًا.
وأفاد التقرير بحصول المركز القومي للبحوث على المرتبة الأولى في المؤسسات البحثية الحكومية (المراكز والمعاهد البحثية) في عدد الأبحاث المنشورة دوليًا بعدد 2930 بحثًا دوليًا، ثم مركز البحوث الزراعية بعدد 1542 بحثًا دوليًا، ثم هيئة الطاقة الذرية بعدد 729 بحثًا دوليًا.
أبحاث "كوفيد-19" وفيروس كورونا
وفي مجالات البحوث الخاصة بفيروس كورونا منذ بداية الجائحة وحتى الآن، فقد بلغ عدد الأبحاث المنشورة دوليًا 1476 بحثًا بعدد استشهادات 13794.
أظهر التقرير أن 64 جهة بحثية مصرية قامت بنشر أبحاث دولية في مجالات مُتعلقة بفيروس كورونا منذ بداية الجائحة وحتى الآن، وجاءت جامعة القاهرة في المرتبة الأولى بعدد 335 بحثًا دوليًا، ثم جامعة عين شمس بعدد 179 بحثًا دوليًا، ثم جامعة المنصورة بعدد 157 بحثًا دوليًا.
وصرح د. عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي للوزارة أن ما تشهده الجامعات والمراكز البحثية المصرية من نمو ملحوظ في النشر العلمي الدولي يرجع إلى عدة إجراءات تمت خلال الفترة الماضية، أهمها الدعم الفني الذي تقدمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للجامعات المصرية، وكذلك التدريب على النشر الدولي، بالإضافة إلى ما تقوم به الجامعات والمراكز البحثية من تحفيز للباحثين بكافة الدرجات العلمية للنشر في المجلات الدولية المرموقة، والتقديرات المتميزة التي تحظى بها البحوث العلمية المنشورة دوليًّا في عمل لجان الترقيات العلمية، وإتاحة مصادر المعلومات للباحثين عبر شبكة الإنترنت، والتعاون مع بنك المعرفة المصري.
كما أكد المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن النشر الدولي للبحوث العلمية في مصر من خلال الجامعات والمراكز البحثية سوف يزداد بشكل ملحوظ مستقبلاً في ضوء تنفيذ خطة الوزارة لدعم الباحثين في مجال النشر الدولي من خلال الدور الذي ستقوم به هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار بالوزارة في دعم الباحثين وتحفيزهم خلال الفترة القادمة.
المصدر: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المصرية
تواصل مع الكاتب: tkapiel@sci.cu.edu.eg
أكاديمي، كاتب، ومترجم، ومحرر علمي
عضو هيئة التدريس – قسم النبات والميكروبيولوجي – كلية العلوم – جامعة القاهرة
متخصص في الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية
زميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا (ASRT Fellow)
عضو لجنة الثقافة والمعرفة بالمجالس العلمية المتخصصة
أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلفين وليست، بالضرورة، آراء منظمة المجتمع العلمي العربي
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة