جائزة نوبل في الفيزياء 2017 لمكتشفي موجات الجاذبية الثقالية
الكاتب : عبدالحكيم محمود
د. عبد الوهاب الأزدي
معهد الدراسات والأبحاث للتعريب - جامعة محمد الخامس –الرباط
03:31 صباحًا
25, ديسمبر 2021
تهتم المداخلة الراهنة بالمصطلحات الرياضية المعتمدة في التعليم العام من خلال المعاجم المرفقة بالكتب المدرسية التالية:
إضافة إلى معجم فرنسي-عربي صدر عن وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر في إطار مخطط التعريب. ووثيقتان تهمان التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الرياضيات، صدرتا عن مديرية المناهج بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي (نونبر 2007 خاصة بالتعليم الثانوي التاهيلي – غشت 2009 خاصة بالتعليم الإعدادي- الثانوي).
من أهداف المعجم فرنسي-عربي المذكور كما جاء في تقديمه:
أ- توفير مرجع موحد للمصطلحات الرياضية المعربة في إعداد الكتب المدرسية، أو في المساهمة في تكوين المعلمين والأساتذة، أو في تدريب استكمال تكوين الأطر.
ب- المساهمة في بناء لغة عربية علمية مواكبة للتطور العلمي والتكنولوجي المعاصر.
وقد أنجز معجم الرياضيات من لدن لجنة مكونة من أساتذة ومفتشين متخصصين في الرياضيات واللغة، متبعة في ذلك المنهجية التالية:
وفي نهاية المطاف، عرض مشروع المعجم على معهد الدراسات والأبحاث للتعريب قصد دراسته وتمحيصه. وتجدر الإشارة أن تأليف الكتب المدرسية يكاد يعتمد كليا على وثيقتي التوجيهات التربوية المشار إليهما. وفيهما بعض الاختلافات الاصطلاحية. ففي المعجم نجد "حساب المثلثات" ترجمة لمصطلح Trigonométrie، بينما في التوجيهات التربوية والكتب المدرسية نجد "الحساب المثلثي". وهذا الاضطراب الاصطلاحي يقود إلى اضطرابات في المفهوم والتصور كما سنرى.
واعتبارا لهذه المهمة في الدراسة والتمحيص التي نراها مستمرة لحدود الساعة ضمن محاور هذه الندوة العلمية المنعقدة في موضوع ذي بال: المصطلح العلمي والصناعة المعجمية، تأتي هذه المداخلة لإثارة بعض القضايا ذات الصلة بتعريب الرياضيات، والصعوبات التي طرحتها المصطلحات على المستوى اللغوي والمفاهيمي والتصوري. وأهمية هذا الموضوع نابعة من السنوات التي استغرقها تدريس الرياضيات بالعربية بالمدرسة العمومية، والتي ناهزت ست وثلاثين سنة. ومع العودة لتدريس الرياضيات بالفرنسية خلال الموسم الدراسي 2019-2020، فإن آثار التعريب تظل مستمرة وبخاصة في شقها التصوري. إذ أمام مسألة هندسية بالفصل، غالبا ما تتم ترجمة النص الفرنسي إلى العربية فيُبحَث عن الحل، ليُصاغ المنتوج في النهاية بالفرنسية. ومعناه، أن كل العمليات الذهنية تتم بالعربية، وإن كنا نرى في دفاتر التلاميذ دروسا وتمارين مكتوبة باللغة الفرنسية. وهكذا ضاعف التعريب من مشاكله حتى بعد العودة المتأخرة إلى التدريس بالفرنسية. وبالتالي، فإن تقويم التجربة له أهميته العلمية والتربوية من هذا الجانب.
ومعلوم تاريخيا، أن العمل بتعريب الرياضيات انطلق خلال الموسم الدراسي 83-1984 ضمن سياق لغوي مركب ومعقد. فهناك نسق العربية الفصحى الحديثة (لغة الدستور والتعليم) المنضبط بقواعد النحو بنيويا، وبقواعد الصرف الاشتقاقي والدلالي معجميا. وقد سار نسق العربية في تناظر متماه مع اللغة الفرنسية في التعليم والإدارة. وهناك اللهجات المحلية (الدارجة، الأمازيغية بأشكالها، والحسانية) التي تفتقر لأنظمة التعبير الثقافي الشفهي والمكتوب بسبب غياب نظام غرافيكي موحد. وهناك نظام لغات العلوم الدقيقة (الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض) القائمة على المنطق والتصورات والرموز والإدراكات. فهي على النقيض من الأول الذي هو نظام اللغة المعيارية. فالقواعد البنيوية تشوش على الإدراكات الذهنية.
وأمام هذا الوضع، نكون إزاء صعوبة توحيد اللغة والمعجم بين العربية واللهجات. وبالإمكان الاجتهاد والتقريب بين العربية الفصحى والدارجة، فهما في نظر اللسانيين المهتمين "حالتان مختلفتان للغة نفسها". بينما على الأمازيغي بذل مجهود لفهم العربية بسبب غياب روابط مع لهجته.
الثاني، يرتبط بترجمة الرياضيات، هل نترجم المفردات والتعابير أم نترجم التصورات؟ وبأية لغة اصطلاحية؟ أخذا بعين الاعتبار المواقف المتباينة من تعريب العلوم الدقيقة بين: موقف يرى في التعريب "تحيينا" للغة العربية، وآخر يرى فيه "ترجمة" لمصطلحات فرنسية وتوفير ذخيرة من الاصطلاحات في الميادين العلمية. وموقف يرفض اختزال التعريب في إنتاج مصطلحات وتعابير معدة بطريقة "اصطناعية"، ويرى في تعريب العلوم تطويرا للمعرفة في مجال اللغة العربية.
وإذا عدينا القول ضمن سياق خاص بتعريب الرياضيات، تثار بعض الإشكالات العامة في:
وفي ما يهم المعجم الموضوع لدى شرائح الأساتذة والمتعلمين، تثار القضايا والإشكالات التالية:
1- لا يتبين القارئ لهذا المعجم طبيعة المصطلح Terme mathématique من علم الرياضيات. فالمعجم يضم:
2- صعوبة في قراءة ونطق المصطلحات بسبب غياب الضبط والشكل (مُوَلَد Engendré – موَلـِّــد Générateur- مُمَيِز Discriminant- منوالاني Bimodal ). وغياب الشكل أحيانا يولد صعوبات إدراكية مثل حل (بالفتح: Solution) وحل (بالضم: Résoudre) (Résoudre c’est le procédé conduisant à trouver les solutions)
3- صعوبة في التعامل مع بعض الجموع لبعض المصطلحات المركبة. وفيها ثلاثة أشكال:
تركيب المضاف مثل: نصف مستقيم Demi-droite – نصف مستوى Demi-plan- نقطة انعطافPoint d’inflexion – نقطة مزدوجة Point double.
تركيب النعت مثل: دالة لوغاريتمية fonction logarithmique.
وهذه صعوبة تسري على المثنى هل نجمع أو نثني كلمة نصف أم نجمع أو نثني كلمة مستقيم؟ كما تسري ذات الصعوبة أثناء استعمال اسم الإشارة هذا نقول: هذا النصف مستقيم أو هذا نصف المستقيم؟ وهناك كلمات لا يمكن التعبير عنها جمعا مثل: أس. وهناك من يجمعها: أسس الذي هو جمع أساس. وفي معجم المعاني "إساس".
4- غياب الدقة الاصطلاحية والمفهومية في الترجمة. فترجمت Canonique : قانوني.
وترجمت أخرى مثل Sphère : كرة، فِلْكة. ولا نجد أثرا في كل الكتب المدرسية لكلمة كرة، بينما المتداول هو كلمة فِلْكة التي لا نرى لها سندا لغويا في لسان العرب. وشبيه بهذا مصطلح: continu-inclus (متصل ضمن)، فهو غير موجود ويلتبس باصطلاحات: Fonction continue (دالة متصلة)- Hypothèse du continu (فرضية المتصل). وأيضا programme linéaire، فهو غير مستعمل مقارنة مع المستعمل programmation linéaire.
5- توارد مرادفات للمصطلح نفسه مثل: Diagramme en bâtons التي ترجمت تارة: مخطط بالقضبان، وتارة أخرى، مخطط عصوي أو بالعصي. ومن هذا الجانب، تفتقر المصطلحات للتوحيد في الصيغة. وأحيانا، يرد المصطلح بمرادفات متفاوتة دلالة ومفهوما مثل Réduction الذي ترجم على التوالي: اختزال- تصغير- تخفيض- توحيد مقامين (Réduire deux fractions au même dénominateur).
6- إدماج مرادفات اصطلاحية في ترجمة واحدة مثل: Univers de possibilités (ou d’éventualités) هي: كون الإمكانيات.
وهناك مرادفات مستحدثة مثل: صيغة "حساب مثلثي" التي جمعت بين مصطلحين: Calcul trigonométrique و Trigonométrie. فمفهوم Trigonométrie استعمل عند الإغريق كما عند العرب في سياق الحسابات الفلكية. وظهر مصطلح Trigonométrie لأول مرة في كتاب العالم الألماني بيتسكوس بارتيليمي PITISCUS Barthelemy (1561-1613):
Trigonometriae libri quinque, item problematum variorum libri decem (1595)
للدلالة على كل الحسابات المتعلقة بالجيوب والظلال Sinus et Tangentes. فهو مصطلح ينطوي ضمنيا على العلاقات بين نسب المسافات وقياس الزوايا. فبنية المصطلح تحتمل هذا المفهوم : Tri أي ثلاثة، و gono أي زاوية، métrie أي قياس. والترجمتان معا: حساب المثلثات و حساب مثلثي لا تفيان بالغرض الذي يؤديه تركيب المصطلح Trigonométrie.
7- هناك مصطلحات فرنسية تبتدئ ب: Bi دلالة على الازدواجية. لكن ترجمتها لا تفي بالغرض. مثل: Bilinéaire(الذي ترجم:خطاني)- Bimodal (الذي ترجم منوالاني)-Bipoint (الذي ترجم نقطتانية). قد نفهم المثنى في الصيغ: خطان- منوالان- نقطتان. لكن ماذا تصنع ياء النسبة مثلا في هذا الألفاظ؟ ومتى تذكر أو تؤنث؟
8- هناك كلمات غريبة عن العربية يصعب استيعابها: أنسوب Côte – حدانية Binôme – محتتن الاتصال Uniformément continu – مثلوث Triplet- أسدوس Semestre – مصاديق Critères- موشور Prisme- عمِّل factoriser- فرع شلجمي Branche parabolique- قوس قابلة Arc capable.
خلاصة
نخلص من هذه الورقة التشخيصية للوضع اللغوي في معاجم مصطلحات الرياضيات فرنسي- عربي إلى:
مراجع
البريد الإلكتروني: a.elazadi@um5s.net.ma
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
الكلمات المفتاحية