التعامل مع التوتر
رهبة المنصة، كيف تتعامل معها؟ بداية اعلم أن هذا الشعور موجود لدى الجميع ولست وحدك من يشعر به، ولكن عليك أن تحول هذا التوتر إلى طاقة إيجابية تدفعك لإعطاء عرض جيد. كيف؟
أفضل طريقة هي التحضير الجيد للمحاضرة والتدرب عليها وعلى إلقائها. جرب أن تلقيها على نفسك بصوت مسموع، كرر ذلك حتى لو عشر مرات، حتى تصل إلى مرحلة يمكنك إلقائها بدون الاستعانة بملاحظات أو ورق مكتوب. تدرب على طريقة اللفظ وانسياب السرد، وستلاحظ أنك تحتاج لبعض التعديلات هنا وهناك واستمر حتى تصبح متآلفاً مع العرض وينكسر لديك حاجز الخوف والرهبة، وسيمنحك القدرة على إلقائها بصورة طبيعية بدون تكلف وانفعال. حتى لو كان عرضك التقديمي يحتوي شرائح بوربوينت مثلا، حاول أن تتدرب على الالقاء بدونها، حتى لا تكون عيناك متعلقة بالشاشة دائما.
نسق مع أصدقائك أماكن وجودهم في القاعة، فقد يفيدك التواصل البصري معهم في تخفيف التوتر.
البلاغة
البلاغة هي فن الخطاب. وكلمة "بلاغة" في اللغة العربية هي اسم مشتق من الفعل الثلاثي (بلغ) بمعنى أدرك الغاية أو وصل إلى النهاية. و"البليغ"، هو الشخص القادر على الإقناع والتأثير بواسطة كلامه وأدائه. فالبلاغة تدل في اللغة العربية على إيصال معنى الخطاب كاملًا إلى المتلقي، سواء أكان سامعًا أم قارئًا. فالإنسان حينما يمتلك البلاغة يستطيع إيصال المعنى إلى المستمع بإيجاز ويؤثر عليه أيضا، فالبلاغة لها أهمية في إلقاء الخطب والمحاضرات. (ويكيبيديا)
بهذا التعريف، ينبغي للمحاضر أن يتحلى بالبلاغة ليوصل المعنى إلى جمهوره ويؤثر عليهم ويضمن حملهم الرسالة الأساسية من العرض. والبلاغة مَلَكة يتحلى بها بعض الأشخاص أكثر من غيرهم، يتدرب عليها الخطباء، ويمكن للعلمي أيضاً التدرب عليها بمراعاة بعض الأمور.
ذكرنا سابقاً، أنه لتحسين التواصل بينك وبين جمهورك ولتحقيق الهدف في إيصال رسالتك إليهم والحصول على تحقيق هدفك من العرض التقديمي، هو معرفة الجمهور. كعلمي يتحدث إلى علميين، قد يتوقع أنه يجب أن يكلمهم بالعقل والمنطق. وهذا صحيح، ولكننا كبشر نختلف عن بعضنا، فهناك أشخاص في جمهورك عاطفيين وبعضهم أخلاقيين، ويجب مراعاة هذه الاختلافات لتستطيع الوصول إلى الجميع.
- اقناع الجمهور بشخصية ومصداقية المتحدث (النداء الأخلاقي)
بصفتنا علميين، غالباً ما ننسى أننا خبراء في مجال تخصصنا، وبالتالي فإننا مصدر موثوق ذو مصداقية يستحق الاستماع والإنصات له عندما نشرح ونناقش عملنا وبحثنا. وكما ذكرنا سابقاً، يجب أن تكون واثقاً من خبرتك عندما تناقش بحث علمي في مجال تخصصك، أي تكون متمكناً من العلم والنتائج كي تنقل هذه الثقة للجمهور. يجب أن تتصرف بثقة في حركتك ونبرة صوتك. ومرة أخرى النصيحة الذهبية هي الممارسة والممارسة ثم الممارسة.
تعريف نفسك في بداية المحاضرة بأنك فلان من المؤسسة البحثية الفلانية، طريقة ممتازة لتذكير نفسك وجمهورك بمصداقيتك، وهذه تعتبر بداية عملية لعرضك التقديمي، خاصة إذا كنت في مؤتمر كبير فيه الكثير من المحاضرين. عندما يثق الجمهور في مصداقيتك فإنهم سيقتنعون بما تقول، بخاصة أولئك الأخلاقيين منهم.
- اقناع الجمهور بالمنطق وعرض الحقائق. (النداء المنطقي أو العقلي)
"قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".
وهنا يجب أن تورد الأسباب والنتائج بشكل واضح حتى يقتنع بكلامك العقلانيون. وبصفتنا علميين، فإننا نبني بحثنا على فرضية، نختبرها ثم نقبلها أو نعدلها بناء على النتائج. وهذا أسلوب منطقي. بالمثل عندما نعرضها يجب أن تكون بأسلوب منطقي صارم وأدلة مقنعة. أما المناقشات الخالية من المنطق والدليل فلا أساس لها من الصحة ولا يعتد بها ولا تقبل. وإذا رأينا ادعاء سياسيين أو صحفيين أو حتى علميين، غير مدعوم بحجج صارمة ونتائج لم يتم التحقق منها بشكل مستقل، فعندئذٍ نتحمل مسؤولية الطعن في هذه الادعاءات. وهذا يساعد في حماية الفئات الضعيفة في مجتمعنا من المعلومات والحجج غير الصحيحة والتي قد تكون ضارة.
- اقناع الجمهور من خلال مشاعرهم (النداء العاطفي)
ثبت علمياً أن المشاعر تلعب دورًا كبيرًا في اتخاذ القرار، ويعتمد معظم البشر على الذكريات العاطفية لاختيار مسار العمل التالي. ولكننا كعلميين، غالباً ما نهمله، وذلك لأن الكثير منا أخبروهم أننا عندما نتكلم عن نتائج علمية يجب أن تكون جافة وبعيدة عن المشاعر، ولكن هذا غير صحيح.
ما ذكرناه سابقاً في فقرة البلاغة، ليس أنواعاً منفصلة ومختلفة، بل هي متداخله تداخل تلك الجوانب في نفوسنا البشرية. ولتوضيح ما سبق، سوف أضرب مثالا هنا.
لنفترض أنك عالم في البيئة، ورسالتك للجمهور هي استخدام المكافحة الحيوية للحشرات بديلاً عن المبيدات الكيميائية.
الجانب العقلاني المنطقي
"هذه بعض المعلومات، من خلالها يمكنكم أن تروا أن استخدام المبيدات الحشرية أصبح منتشراً ويسبب مشكلة بيئية، وصحية. وهذه المعلومات تبين قيمة تكلفة حلها. وهذا ما يمكننا توفيره لو اعتمدنا سياسة تطبيق المكافحة الحيوية بدلا عن الكيماوية".
هذه العبارة أو طريقة العرض سوف تقنع الشخص العقلاني أن هذا هو كل ما يحتاجه للتصرف.
الجانب الأخلاقي
"بصفتي متخصص في البيئة فقد وجدت أن التلوث بالمبيدات الحشرية يكلف المجتمع الكثير من المال ويسبب انتشار الكثير من الأمراض ويقلل جودة التربة والمياه الجوفية، مما ينعكس سلباً على نوعية الحياة. وعليه، فإن اعتماد تطبيق المكافحة الحيوية بدلا عن المبيدات الكيماوية سوف يمنع كل هذا".
هذه العبارة أو طريقة العرض سوف تقنع الشخص الأخلاقي أن هذا هو كل ما يحتاجه للتصرف.
فهو واثق في مصداقية المتحدث.
الجانب العاطفي
" تعرف على الطفلة (فلانة) في العناية المركزة في المستشفى، لا تستطيع اللعب مع أقرانها، ولا يعرف مستقبل حياتها لأنها تعاني من مرض (كذا)، بسبب تعرضها للتسمم بالمبيدات الحشرية في حقل والدها".
تحريك مشاعر الجمهور العاطفي هنا كفيل بإقناعه باعتماد رسالتك وتطبيق المكافحة الحيوية بدلا من الكيماوية.
الممارسة وذكاء المتحدث وفهمه للجمهور وتحديد أهدافه ورسالته وتمكنه من الموضوع الذي يتكلم عنه واقتناعه به، كلها عوامل لها أكبر الأثر في نجاح العرض التقديمي.
والآن، وقد وضعت قصتك وحددت هدفك، وتدربت على إلقاء كلمتك، يمكنك أن تكون مستعداً للإلقاء.
وإن كنت تريد أن تستخدم شرائح للعرض كالتي يوفرها برنامج بوربوينت أو غيره، فانتظر الجزء الثالث، الخاص بتصميم الشرائح.
تواصل مع الكاتب: mmr@arsco.org
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة