أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com
إسلام المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama1996@gmail.com
مقدمة
مرض حاد وغالباً مميت، ناتج عن سموم بكتيريا المطثية الكزازية Clostridium tetani. يتميز هذا المرض بنوع من الصلابة التي تصيب المصاب وتشنج في العضلات الهيكلية مع حدوث نوبات صرعية. عادةً ما يتضمن تشنج مفصل الفك والرقبة. تم التعرف على الكزاز لأول مرة بواسطة أبقراط. وبدأت الدراسات فعلياً وفهم الآلية عام 1884. وفي 1889، تم عزل البكتيريا من شخص بعدها تم حقنه في حيوان فأُصيب بالمرض، ولوحظ أنه من الممكن معادلة السم بواسطة أجسام مضادة خاصة. تم استعمال توكسيد الكزاز بشكل واسع لأول مرة في الحرب العالمية الثانية.
الكائن المسبب
المطثية الكزازية C. tetani، بكتيريا عصوية موجبة غرام، لاهوائية قد تكون أبواغ طرفية ما يعطيها شكل عصا الطبل. هذا الميكروب حساس للحرارة. بينما الأبواغ مقاومة للحرارة والمطهرات المستخدمة بالعادة والفينول. أيضاً قد تتحمل جهاز التعقيم-الأوتوكلاف- عند درجة حرارة 121 سليزيوس لمدة 10 – 15 دقيقة. تتواجد الأبواغ في التربة، في أمعاء وبراز بعض الحيوانات وعلى الأسطح الملوثة. قد تبقى كامنة من أشهر لسنوات.
تنتج المطثية الكزازية C. tetani عدة سموم منه: تيتانوسبامين. وهو سام للأعصاب والمسؤول عن أعراض الكزاز. تقدّر الجرعة القاتلة من التيتانوسبامين 2.5 نانوجرام/كجم من وزن الشخص. يمكن تدمير السم بتعريضه لدرجة حرارة 65 س لمدة 5 دقائق.
الإمراضية
عادة تدخل أبواغ المطثية الكزازية C. tetani الجسم عبر الجروح. وفي ظروف لاهوائية، تنبت الأبواغ. يتم إنتاج السموم وتنتقل عبر الدم والعقد الليمفاوية. ويصل للجهاز العصبي المركزي ويؤثر على عدة مواقع مثل الدماغ والحبل الشوكي، وتبدأ أعراض الكزاز كنتيجة لمنع السم إطلاق النواقل العصبية acetylcholine. وهذا يفسر تقلص العضلات والتشنجات. من الممكن أن تحصل نوبات تشنج شديدة للغاية، وقد يتأثر الجهاز العصبي اللاإرادي.
يمكن أن يتعرض الأشخاص من جميع الأعمار للإصابة بمرض الكزاز ولكن يعتبر هذا المرض بشكل خاص شائع وخطير في الأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم، يُسمى الكزاز الذي يحدث أثناء فترة الحمل أو في خلال الأسابيع الستة من نهاية الحمل "بالكزاز الأمومي"، في حين يُسمى الكزاز الذي يحدث خلال 28 يوم الأولى من العمر باسم "الكزاز الوليدي".
كزاز الأطفال(الوليدي) يصيب الطفل حديث الولادة الذي لم يكن لدى أمه مناعة ضد المرض. ويُعد كزاز الوليد أكثر شيوعاً في المناطق الريفية حيث تحدث الولادة في غياب أدوات التعقيم الكافية. ومن الأسباب الشائعة للإصابة بكزاز المواليد، عدم استخدام أدوات نظيفة في قص الحبل السُري بعد الولادة. عادة يحصل من خلال التهاب في منطقة ما بعد قطع الحبل السري خاصة اذا تم قطعه بأداة غير معقمة. كزاز الرضّع منتشر في بعض الدول النامية، يقدّر عدد الوفيات بأكثر من 257000 شخص سنوياً خلال الفترة 2000-2003 حول العالم. وطبقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، تُوفي 49 ألف رضيع نتيجة للإصابة بكزاز المواليد في عام 2013.
الأعراض
فترة حضانة المرض تمتد من 3-21 يوم، وأحياناً 8 أيام. كلما بعُد موقع الاصابة عن الجهاز العصبي المركزي فإن فترة الحضانة تتطول. كلما كانت فترة الحضانة أقصر، كلما زاد خطر الوفاة.
هناك أعراض مبكّرة للكزاز وهي تصلّب الفك (الأكثر شيوعاً)، والتصلّب العام، وحدوث مشاكل في البلع. أما الأعراض اللاحقة فتشمل حدوث تشنج شديد في العضلات وأعراض شبيهة بالنوبة، واضطرابات شديدة في الجهاز العصبي. وبشكلٍ عام، تحدث الوفاة بنسبة تتراوح ما بين 10% و20% من حالات الاصابة بالكزاز، إلا إن احتمال خطر الوفاة يزيد على بعض الفئات الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق والتي تشكل (18٪) والأشخاص غير الملقّحين (22٪). في حوالي 20 ٪ من وفيات الكزاز، لم يتم تحديد آلية واضحة ويعزى الموت إلى الآثار المباشرة لسم بكتيريا الكزاز. في أكثر الأنواع شيوعاً من حالات الكزاز المسجلّة المعروف ب (الكزاز المعمّم)، يستمر التشنج لمدة 3-4 أسابيع، وقد يستغرق الشفاء أشهر.
مضاعفات محتملة
من المضاعفات التي قد تحصل لمريض الكزاز: تشنج الأحبال الصوتية، يمكن للتقلصات العضلية الناجمة عن الكزاز الشديد أن تؤثر على التنفس أو توقفه. ويُعد فشل الجهاز التنفسي السبب الأكثر شيوعاً للوفاة. قد ينجم أيضاً عن نقص الأكسجين توقف القلب والوفاة. يُعد الالتهاب الرئوي سبباً آخراً من أسباب الوفاة. قد تتسبب شدة الانقباضات والتشنجات في كسر أحد العظام والعمود الفقري. فرط نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب.
التشخيص
لا يعتمد التشخيص على تأكيد وجود البكتيريا إنما على الأعراض السريرية، تم عزل C. tetani من الجروح في 30% فقط من الحالات. الفحص المخبري للبكتيريا يعتمد على ما اذا كانت السلالة مُنتِجة للسموم من خلال استخدام فئران التجارب وفحوصات مصلية.
الانتشار وطرق الانتقال
يحدث الكزاز في جميع أنحاء العالم، لكن بشكل أكبر في المناطق المكتظّة ذات المناخ الحار الرطب وتربة غنية بالمواد العضوية. لا ينتقل الكزاز من شخص إلى شخص؛ وهو أمر غير معتاد في الأمراض التي يمكن منعها باللقاح. بدلاً من ذلك، ينتقل الكزاز عن طريق دخول بكتيريا المطثية الكزازية إلى الجلد المصاب والأنسجة الداخلية من البيئة الملوثة بأبواغ هذه البكتيريا. حيث توجد الأبواغ في كل مكان في البيئة، ولاسيما في التربة والرماد وأمعاء الحيوان والإنسان وبرازهما، وعلى سطح الجلد والأدوات التي يعلوها الصدأ مثل المسامير والإبر والأسلاك الشائكة، وما إلى ذلك. ونظراً إلى أن الأبواغ لديها قدرة كبيرة على تحمل الحرارة ومعظم المطهّرات، فإنها قد تبقى على قيد الحياة لسنوات.المفاجئ هو أن حدوث الاصابة بالكزاز من جرح صغير أكثر احتمالاً من حدوثها من جرح كبير، والسبب في هذا هو أن الجروح العميقة تُعالج وتنظّف بشكلٍ لائق بينما يتم إهمال الجروح السطحية.
في عام 2015، توفى نحو 34000 طفل حديث الولادة نتيجة للكزاز الوليدي، ما يعني انخفاضاً بنسبة 96% عن عام 1988 الذي توفى فيه ما يقدر بنحو 787000 رضيع حديث الولادة نتيجة لإصابتهم بالتيتانوس خلال الشهر الأول من العمر، ويعود ذلك في المقام الأول إلى التوسّع في التمنيع. في عام 2016، تم تطعيم 86% من الرضع في العالم بثلاث جرعات من اللقاح المحتوي على الدفثيريا والتيتانوس والسعال الديكي (الخناق والكزاز والشاهوق).
في عام 2014، سُجّلت حوالي 11,400 حالة كزاز غير كزاز الأطفال و الأمهات في أنحاء العالم. ومن المحتمل أن تكون الحالات الفعلية أكثر من ذلك. ولا يزال كزاز المواليد والأمهات يمثل مشكلة في حوالي 20 دولة. وقد قضت حوالي 40 دولة، من بينها الهند، بنجلاديش، مصر والعراق على كزاز المواليد والأمهات بين عامي 2000 و2015.
العلاج
يقدم علاج داعم للمرضى الذين يعانون من التشنج، وتُتخذ إجراءات للحفاظ على مجرى مفتوح للهواء. يتضمن علاج فوري باستخدام الغلوبولين المناعي للكزاز (TIG) لمعادلة تأثير توكسين الكزاز الذي لم يرتبط بعد بالنهايات العصبية. يتم العناية بالجرح، وإعطاء أدوية مكافحة للتشنج، وقد يتم وصف مضادات حيوية. يجب التنويه أن التغلب على عدوى الكزاز لا ينتج عنها المناعة ضد المرض في المستقبل، ويوصى بتحصين الناجين من الكزاز من المرض بعد شفائهم الكامل من المرض.
الوقاية باللقاح
تقدم الوقاية ضد الكزاز عن طريق توكسيد الكزاز "سم الكزاز غير الفعال، والمتوفر كتحصين فردي ضد الكزاز وحده، أو في عدة توليفات من اللقاح المركب (وأشهر توليفتان هماDTP، والتي تقدم الحماية ضد الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي للأطفال الأقل من 7 سنوات؛ وتوليفة Td، والتي تقي ضد الكزاز والدفتيريا للأشخاص من عمر 7 سنوات أو أكبر). وتبرهن الندرة الشديدة في حالات الكزاز بين الأفراد الذين تم تطعيمهم قبل العدوى بمدة تصل إلى 10 سنوات على نسبة فعالية 100% تقريباً لتوكسيد الكزاز.
يمكن الوقاية من التيتانوس الوليدي بتمنيع النساء في سن الإنجاب باللقاحات المحتوية على توكسيد الكزاز، سواء في الحمل أو في غير الحمل. وفضلاً عن ذلك، فإن الممارسات الطبية الجيدة في إمكانها أيضاً أن تقي من مرض التيتانوس، وهي تشمل النظافة أثناء الولادة ورعاية السرة، والرعاية الجيدة للجروح في العمليات الجراحية والعمليات الخاصة بعلاج الأسنان
توصيات
تقّل مستويات المناعة بمرور الوقت، لذا يوصى بأخذ جرعات تدعيمية ضد الكزاز كل 10 سنوات للمحافظة على الوقاية ضد المرض. يوصى بجرعة تدعيمية للكزاز للأفراد الذين تعرضوا لأي جرح غير نظيف وبسيط، إذا كان قد مر أكثر من خمس سنوات على إعطاء الجرعة الأخيرة من توكسيد الكزاز.
يوصي جدول تحصينات منظمة الصحة العالمية بستة جرعات من لقاحات تحتوي على لقاح الكزاز لتوفير الحماية ضد الكزاز مدى الحياة. تعطى 3 جرعات اولى من اللقاحات التي تحتوي على الكزاز في صورة لقاح الدفثيريا-الكزاز-السعال الديكي (DTwP/DTaP) خلال فترة الطفولة المبكرة بدءاً من عمر شهرين تقريباً. وتتبع السلسلة الأولى جرعة تدعيمية من توكسيد الكزاز في عمر 4-7 أعوام، وللمراهقين في عمر 12-15 سنة وفي فترة البلوغ المبكر. ومن أجل الحفاظ على التخلص من التيتانوس الوليدي وحماية جميع الأشخاص من التيتانوس، توصي المنظمة بإعطاء 6 جرعات من اللقاح المحتوي على التيتانوس لجميع الأشخاص من طفولتهم وحتى بلوغهم مرحلة المراهقة.
لا يُعطى للأشخاص الذين يعانون من حساسية لأحد مكونات اللقاح؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى خلق ردود فعل مثل ضيق حاد في التنفس والانهيار.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
