مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

شلل الأطفال Poliomyelitis

سلسلة أمراض يمكن منعها باللقاحات
الكاتب

ثقافة علمية

الوقت

09:01 صباحًا

تاريخ النشر

03, مايو 2021

 
   أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة
  الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
  البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com
 

       إسلام المناعمة
           الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
           البريد الإلكتروني: elmanama1996@gmail.com
 


مقدمة

شلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن. حدث أول وباء بشلل الأطفال بالولايات المتحدة عام 1843، وسجّلت أكثر من 21.000 حالة شلل في 1952. تشير التقديرات إلى انخفاض حالات الإصابة بشلل الأطفال بمعدل 99% منذ عام 1988، من نحو 000 350 حالة سُجّلت في ذلك العام إلى 33 حالة تم الابلاغ عنها في عام 2018. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة ما يُبذل من جهود على الصعيد العالمي من أجل استئصال المرض.

طالما يوجد طفل واحد مصاب بعدوى فيروس الشلل فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بالمرض. وقد يسفر الفشل في استئصال شلل الأطفال من هذه المعاقل العتيدة التي لا تزال موبوءة به عن الإصابة بنحو 000 200 حالة جديدة تعم أرجاء العالم في غضون عشر سنوات.  حيث يُعتبر شلل الأطفال "مرضاً عاجلاً يتم الإبلاغ عنه على الفور وعاجل للغاية"، والذي يتطلب من سلطات الصحة الحكومية والمحلية إخبار مركز السيطرة على الأمراض في غضون 4 ساعات.

الكائن المسبب

ينتمي الفيروس لعائلة Picornaviridae، لجنس الفيروسات المعوية Enterovirus ، يمكن تثبيط الفيروس بالحرارة، والفورمالدهايد، والكلور والأشعة فوق بنفسجية. يدخل الفيروس عبر الفم إلى الجسم حيث يتكاثر في الأمعاء. ثم ينتقل أولاً للعقد اللمفاوية ومن الدم لجميع أنحاء الجسم. في حالة انتشار الفيروس في الجسم يصل أيضاً إلى النخاع الشوكي، وقد يهاجم الخلايا العصبية (تلك المسئولة عن حركة العضلات )، يستجيب الجهاز المناعي لهذه العدوى من خلال انتقال خلايا الدم البيضاء إلى الحبل الشوكي، حيث يحصل التهاب بالخلايا وتُدمرها؛ لذلك تكون النتيجة من هذا الالتهاب أكثر أو أقل وضوحاً حسب عدد وموقع الخلايا التي تدّمرت، غالباً ما يكون مقروناً بشلل رخو في الساقين.

بالإضافة إلى إصابة الحبل الشوكي فإنه في غالب الأحيان يصاب الدماغ أيضاً .

طرق الانتقال

فيروس شلل الأطفال يصيب البشر فقط. ويعتبر هذا الفيروس معدٍ للغاية وينتشر من خلال الاتصال المباشر مع المرضى.
يعيش الفيروس في الحلق والأمعاء للشخص المصاب. يدخل الجسم عن طريق الفم وينتشر عن طريق ملامسة البراز للشخص المصاب، وأقل شيوعاً، يمكن ان ينتقل من خلال قطرات من العطس أو السعال. يمكن أن يصاب الانسان بفيروس شلل الأطفال عن طريق "من البراز-الفم". ويمكن أن يفرز الفيروس في براز الشخص المصاب لعدة أسابيع دون ظهور الأعراض وتبعاً لذلك يمكن للأشخاص الذين ليس لديهم أعراض (حاملي للفيروس) نقل الفيروس للآخرين وإصابتهم بالمرض.

الأعراض

لن تظهر أي أعراض على معظم الأشخاص المصابين بفيروس شلل الأطفال (حوالي 72 من 100). يعاني حوالي 1 من كل 4 أشخاص مصابين بعدوى فيروس شلل الأطفال بأعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا والتي قد تشمل: التهاب الحلق، حمّى، التعب، غثيان، صداع، آلام في المعدة. عادة ما تستمر هذه الأعراض من يومين إلى خمسة أيام، ثم تختفي من تلقاء نفسها.

وتصاب نسبة أقل من المصابين بعدوى فيروس شلل الأطفال بأعراض أخرى أكثر خطورة تؤثر على الدماغ والنخاع الشوكي: تنمّل (الشعور بوخز في الساقين)، قد يحدث التهاب السحايا (التهاب غطاء النخاع الشوكي و / أو الدماغ) لدى حوالي 1 من كل 25 شخصاً مصاباً بعدوى فيروس شلل الأطفال.

يحدث الشلل (عدم القدرة على تحريك أجزاء من الجسم) أو الضعف في الذراعين أو الساقين أو كليهما لدى حوالي 1 من كل 200 شخص مصاب بعدوى فيروس شلل الأطفال. يعتبر الشلل أشد الأعراض المرتبطة بهذه المرض لأنه قد يؤدي إلى العجز الدائم والموت. حيث أنه يموت حوالي  2 -10 من كل 100 شخص مصاب بالشلل من عدوى فيروس شلل الأطفال لأن الفيروس يؤثر على العضلات التي تساعدهم على التنفس. حتى الأطفال الذين يبدو أنهم متعافين تماماً يمكن أن يصابوا بألم عضلي جديد أو ضعف أو شلل بعد 15- 40 عاماً. وهذا ما يسمى متلازمة ما بعد شلل الأطفال.
 


 

شكل: أربعة أطوار لعدوى شلل الأطفال: الأولى تكون في القناة الهضمية’ الثانية في الغدد اللمفاوية
الثالثة في الدورة الدموية والرابعة في الجهاز العصبي.

 

مضاعفات محتملة

حدوث إعاقة مؤقتة أو دائمة، التهابات رئوية، قصور عضلة القلب والتهابها، اضطرابات في وظيفة الأمعاء، التهابات المسالك البولية. في بعض الحالات قد يؤدي إلى الوفاة وعادةً ما يكون نتيجة قصور عمل الرئتين.

التشخيص

عادة يشخّص المرض بأعراضه السريرية مثل تشنج الرقبة والظهر، صعوبة البلع.  للتأكد من الاصابة.يمكن الكشف عن فيروس شلل الأطفال في عينات من الحلق throat swab والبراز stool وأحياناً السائل الدماغي النخاعي (CSF) عن طريق عزل الفيروس في مزرعة الخلية   cell cultureأو عن طريق الكشف عن الفيروس عن طريق تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR).

ويعد عزل الفيروس في المزرعة الطريقة الأكثر حساسية لتشخيص عدوى فيروس شلل الأطفال. ويتم عزل فيروس شلل الأطفال من عينات البراز. يمكن أيضاً عزله من مسحات الحلق. تقل احتمالية العزل من الدم أو السائل الدماغي النخاعي. ولزيادة احتمالية عزل فيروس شلل الأطفال، يتم جمع عيّنتين من البراز على الأقل بفارق 24 ساعة عن المرضى المشتبه بإصابتهم بشلل الأطفال. يجب جمع العينات في وقت مبكر من مسار المرض قدر الإمكان (في غضون 14 يوماً بعد ظهور المرض).

العلاج

لا يوجد علاج شافٍ لشلل الأطفال. تتوفّر بعض الأدوية والعلاجات والرعاية الداعمة للمرضى ومكافحة بعض التأثيرات على العضلات. يتم دعم المرضى الذين يتقدمون إلى مرحلة شلل عضلات التنفس بإمدادات التنفس الصناعي، والتي يمكن إيقافها حال استردّ المريض استخدام عضلاته المصابة.

أكثر من 15 مليون شخص اليوم يمشون على أرجلهم ممّن كانوا سيصابون بالشلل بخلاف ذلك.  وبفضل إعطاء فيتامين "أ" بشكل منهجي أثناء القيام بأنشطة تمنيع الأطفال ضد الشلل، الأمر الذي أدّى إلى تلافي وفيات قُدِّر عددها بـحوالي 1.5 مليون وفاة.

الوقاية باللقاح

يعمل لقاح شلل الأطفال على حماية الأطفال من خلال إعداد أجسامهم لمحاربة فيروس شلل الأطفال. تقريباً يوفر اللقاح حماية لجميع الأطفال (99 طفلاً من أصل 100) الذين يحصلون على جميع جرعات اللقاح الموصى بها من شلل الأطفال.

هناك نوعان من اللقاحات التي يمكن أن تمنع شلل الأطفال: لقاح شلل الأطفال المعطّل (IPV) ولقاح شلل الأطفال الفموي (OPV)، ويتم استخدام كلا اللقاحين لاحداث مناعة جيدة وكافية للوقاية من مرض شلل الأطفال. بعض البلدان التي لم يعد يشكل فها المرض خطورة تذكر توقفت عن استخدام ال OPV  وأكتفت باللقاح المعطل ((IPV. . يمكن أن تحدث آثار جانبية بسيطة (ألم واحمرار) بعد تناول IVP، يجب التنويه بأنه لا ينبغي أن يُعطى IPV للأشخاص الذين عانوا من رد فعل تحسسي شديد (مثل الحساسية المفرطة) بعد جرعة سابقة منIPV.

توصيات
يوصي مركز السيطرة على الأمراض CDC بأن يحصل الأطفال على أربع جرعات من لقاح شلل الأطفال. يجب أن يحصلوا على جرعة واحدة في كل من الأعمار التالية: 2 شهر،4 أشهر، 6 إلى 18 شهر، ومن 4 إلى 6 سنوات.

في عام 1994 أُعلن رسمياً عن خلوّ الأمريكيتين من شلل الأطفال، وتَبِعه مناطق غرب المحيط الهادئ في عام 2000، ثم أوروبا في 2002.  في 2014 تم الإعلان عن خلو جنوب شرق آسيا من شلل الأطفال، ويعني ذلك أنه تم وقف سريان فيروس شلل الأطفال في هذه الكتلة المكونة من 11 بلداً والتي تمتد من إندونيسيا حتى الهند. ويشكل هذا الإنجاز قفزة واسعة إلى الأمام على طريق استئصال المرض من العالم، حيث يعيش الآن 80% من سكان العالم في مناطق تم الإقرار بخلوّها من شلل الأطفال.

حالما يتم القضاء على شلل الأطفال، يمكن للعالم الاحتفال بالنجاح في إيصال منفعة عالمية عامة كبرى. وقد قدرت النمذجة الاقتصادية أن القضاء على شلل الأطفال سيوفّر على الأقل 40-50 مليار دولار أمريكي على مدى العشرين سنة المقبلة، معظمها في البلدان منخفضة الدخل.

 



يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

    

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x