المُلخّص
إنّ تبيين أوجه التشابه والافتراق بين مستويات اللغة الأمّ واللغة المدورسة يساعد الباحث في إتقانها بشكل أعمق وأسرع، ومن المعلوم إذا تشابهت مفردات في لغتين من حيث الشكل والمعنی والتطبيق فيكون حينئذ فهمهما أيسر وأكثر سهولة؛ ولكن إذا تشابهت الكلمة في الشكل والنطق واختلفت في المعنی، يلقي ذلك في ذهن الباحث الإبهام والشكوك. ترجع أهمية الموضوع في تعليم اللغة العربية لدى الناطقين بالفارسية؛ عندما يخطر في بال بعض الأفغانيين فكرة أن الفارسيين يتعلمون العربية بسهولة ويسر وهذه المقارنة بين الكلمات استنادًا إلى اشتراك المفردات لدی اللغتین العربیة والفارسیة نتيجة التبادل اللغوي بينهما، ولكنهم غافلون عن الفروق الدقيقة لمعاني المفردات بين اللغتين وطرق استعمالها.
إن الهدف الذي نتوخّاه في المقال هو إجراء دراسة الكلمات ومقارنتها في العربية والفارسية، اعتمدنا في هذه المقالة على المنهج الاستقرائي والتحليلي، معتمدًا على الكتب والمصادر والمراجع المدّونة القديمة من خلال عرض المادة العلمية ونقلها موثقًا من أمهات الكتب والمعاجم العربية. تظهر في نتائج الدراسة أن التحلیل التقابلي للمفردات المشتركة يبين لنا الفروق الدقيقة لهذه المفردات في اللغتين العربية والفارسية، ویساعد الطلاب على فهم المعاني المفردات في الاتيان بنماذج من الجمل المفيدة ويشرح لهم الفروق في استخدام الكلمات المشتركة في كلتا اللغتين ومنع وقوعهم من التداخل المفرداتي باستعانة المقارنة.
المقدمة
انتشرت اللغة العربية في شرقي العراق بفارس والتركستان والهند بانتشار الإسلام. وأصبحت لغة العلم والدين عند هذه الشعوب المسلمة. فانتشر كثير من الألفاظ والتراكيب العربية في لغات هذه الأمم. وأيضاً دخل كثير من الألفاظ العربية في اللغة الفارسية المستعملة حالياً وهي تكتب بهجاء العربية بعد أن تلاشت اللغة البهلوية والخط البهلوي. منذ ذلك الحين نشأ الصراع بين العربية والفارسية وأدبيهما. وحتی تدافع اللغة الفارسية عن حدودها، فإن اللغة الفارسية قد كافحت عن وجودها وانتصرت في كفاحها وبقيت حية خالدة بعد أن دافعت بعنف عن بقائها وحياتها. ولا جدال في أن اللغة العربية من أعظم الينابيع التي يغترف منها العالم ثقافة وحضارة وعقيدة وتاريخاً. الأصلح أن يستمر تقدم اللغة الفارسية في طريقها الحاضر مع إحياء المفردات القديمة وحليفها العربية.
والجدير بالذكر أن اللغة العربية هي التي يستخدمها مسلمو الهند والباكستان في صلواتهم وهي اللغة التي يستطيع بها العلماء في إيران وأفغانستان أن يدرسوا التفسير والحديث النبوي. وبالإضافة إلى ما تقدم فإن الحروف العربية لا تقل انتشاراً عن الحروف اللاتينية في العالم اليوم.
فنراه يذكر في هذا المقال على سبيل المثال مئات الألفاظ العربية التي يندر العثور على مرادفاتها في اللغة الفارسية. بل ويتعذر على الفارسي أن يعبر عن معاني تلك الألفاظ من دون أن يلجأ إلى استعمال عدة كلمات مقابل لفظة عربية واحدة. ونراه بعد ذلك يخلص لنفسه برأي خاص وهو أن اللغة العربية أوسع مادة من الفارسية وأغزر منها مورداً. وجدت في الكلمات العربية كثير من المفردات لا مرادف لها في اللغة الفارسية. رغم أن ظواهر لغوية مثل التعريب مع التركيز على النقل عن الفارسية، والتفريس وكيف نقلت الفارسية عن العبرية.
استوقفتني عدة ترجمات للأساتذة الذين ترجموا الكتب لترقية بوهندوي فقرأت بعض فقراتها متأمّلًا، والذي جعلني أعيد النظر في هذا الموضوع وقمت بكتابة هذا المقال وبيان اشترك اللفظي للكلمات العربية والفارسية وإيضاح اختلاف معانیها والوجوه الواردة في نموذج، وهي كلمة "الإقدام" و"القشر" في المعاجم العربية.
وكانت الترجمة بين العربية والفارسية سنة شائعة بين متأدبي المسلمين في أفغانستان وإيران وباكستان وما يجاورها، وإذا كان الأدب الفارسي قد بلغ أشده، وكانت العربية لا تزال لغة العلم والأدب. وكثير من شعراء ذلك العصر وما بعده نظم باللغتين، ولقب ذلك بذي اللسانين، وفي يتيمة الثعالبي أمثلة من هذا. وهذه الترجمة تهم دارس الأدبين العربي والفارسي. ولكن يقلل خطرها أننا نجد الترجمة ولا نجد أصلها، ولم أعرف من الشعر الفارسي الذي ترجمه البديع إلا قطعة أثبتها محمد عوفي في كتاب "لباب الألباب" في ترجمة المسطقي الشاعر الفارسي، ويقول عوفي ان الصاحب بن عباد أمر البديع بترجمتها، فقال على أية قافية؟ فقال الطاء. قال ومن أي بحر؟ قال أسرع يا بديع، في البحر السريع، فترجمها ارتجالا والصراع بين العربية والفارسية، وإن لم ينته إلى تغلب إحداهما قد ترك في كل منهما آثاراً واضحة من الأخرى؛ وبخاصة من ناحية المفردات.
يرجع اهتمامنا بالمقارنة بين المفردات العربية والفارسية إلى أكثر من عشرة أعوام حاولنا خلالها أن نفتح طرقًا جديدة للبحث، ونتلمس دروبًا نُدلل بارتيادها على صلاحية هذه الآداب الإسلامية لتحقیق الاصلاح العلمي للعلماء وتحريك همتهم وتخليق المقاصد اللغوية المتجددة لهم.
وكان من بين ما شغلنا في هذا المجال أن نفتح أمام الباحثين أبوابًا یطلّون منها علی ما أنتجه اللغويون السابقون وغيرهم كي يفسح المجال للكتابة الصحيحة والترجمة الصحيحة ويتحقق بينهم من التواصل العلمي الصحيح ما يدعم عناصر الأصالة في الأدب من نسج فكري واحد تشابه مفرداتها ومعانيها إلى الإنسان والحياة، وتشابه نظرتها في الساحة الأدبية. وتمثل هذه المقالة خطوة أخرى من خطوات خطوناها في نفس الطريق ونشرناها في سنوات ماضية، لقد أردنا في هذه الدراسة أن تكون متكاملة تبحث في النظرية وتطبيقاتها بحيث تتضح -من خلالها- تلك الاتصالات اللحمية التي تربط بين العربية والفارسية، والحق أنه ما من علم من العلوم الحديثة أسدى إلى الآداب الإسلامية من خدمات ما أسداه علم اللغة التطبيقية.
أهمّیة البحث
تزداد أهمية الموضوع في تعليم اللغة العربية لدى الناطقين بالفارسية؛ ومع ذلك هناك اعتقاد خاطيء لدی بعض الأفغانيين وهو أن الفارسيين يتعلّمون العربية بسهولة ويسر أکثر مقارنة بباقي الشعوب استنادًا إلى اشتراك المفردات لدى اللغتين العربية والفارسية نتيجة التبادل اللغوي بينهما ولكنّهم غافلون عن الفروق الدقيقة لمعاني المفردات بين اللغتين وطرق استعمالها.
البحث كاملاً تجدونه في ملف PDF المرفق أعلى الصفحة
تواصل مع الكاتب: ghafoori@tu.edu.af
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة