أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com
إسلام المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama1996@gmail.com
مقدمة
الحصبة الألمانية أو الحميراء (Rubella) هي مرض معدي يسببه فيروس الحصبة الألمانية، تعتبر الحميراء عدوى فيروسية معدية معتدلة بشكل عام؛ أي أنها غير ضارة على المدى البعيد، تحدث غالباً عند الأطفال والشباب. بالرغم من أنها عدوى معتدلة الأعراض لدى الأطفال بشكل عام فإن عواقبها وخيمة عندما تصيب الحوامل لأنها تسبب موت الجنين أو إصابته بتشوهات خلقية، وتُعرف باسم متلازمة الحصبة الألمانية الخَلقية Congenital Rubella Syndrome.
تختلف الحصبة الألمانية عن الحصبة حيث أنها تعد أقل انتشاراً من مرض الحصبة، وهي لا تسبب أي وباء، ولكنها تحمل خطر الإصابة بالتهاب الدماغ في حالات نادرة جداً، أما التأثير الأكثر حدوثاً عند البالغين الذين يصابون بالحصبة الألمانية فهو انتفاخ المفاصل وتصلبها.
الفيروس المسبب للمرض
فيروس الروبيلا هو فيروس كروي يحتوي على المادة الوراثية RNA أحادي الشريط، يبلغ حجمه من 40 إلى 80 نانومتر، مع بروتينات سطحية تشبه الشوك Glycoprotein spikes، تحتوي على الهيماجلوتينين HA الذي يساعد الفيروس بالالتصاق. تحيط بالقفيصة capsid من 30 إلى 35 نانومتر محاطة بغلاف بروتيني دهني. يعتبر الفيروس العضو الوحيد من جنس Rubivirus من عائلة Togaviridae. تم تحديد نمط مصلي واحد فقط. يحتوي على ثلاث عديدات ببتيدات هيكلية رئيسية.
الأعراض
عندما تصيب الأطفال، تكون الحصبة الألمانية خفيفة عادة، مع وجود بعض الأعراض الملحوظة. بالنسبة للأطفال الذين لديهم أعراض، يكون الطفح الأحمر هو العلامة الأولى. أولاً يظهر الطفح عموماً على الوجه ثم ينتشر إلى باقي أجزاء الجسم ويستمر حوالي ثلاثة أيام. تشمل الأعراض الأخرى التي قد تحدث قبل يوم إلى خمسة أيام ظهور الطفح الجلدي منها: حمّى منخفضة الدرجة، صداع الرأس، احمرار أو تورم بياض العين، تعب عام وإرهاق، تورم الغدد الليمفاوية، سعال وسيلان الأنف.
معظم البالغين الذين يصابون بالحصبة الألمانية عادة ما يعانون من مرض خفيف أيضاً، مع حمّى منخفضة الدرجة، التهاب الحلق وطفح جلدي يبدأ على الوجه وينتشر إلى بقية الجسم. قد يعاني بعض البالغين أيضاً من صداع واحمرار العين وتعب عام قبل ظهور الطفح الجلدي. لا يعاني حوالي 25 إلى 50٪ من المصابين بالحصبة الألمانية من أي أعراض.
طرق الانتقال
تنتشر الحصبة الألمانية عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس. أيضاً، إذا كانت المرأة مصابة بالحصبة الألمانية أثناء الحمل، فيمكنها نقلها إلى الجنين والتسبب في أضرار جسيمة. قد ينقل الشخص المصاب بالحصبة الألمانية المرض للآخرين لمدة تصل إلى أسبوع واحد قبل ظهور الطفح الجلدي، ويظل الشخص المصاب مُعدياً حتى 7 أيام بعد ظهور الطفح. ومع ذلك، فإن 25٪ إلى 50٪ من المصابين بالحصبة الألمانية لا يصابون بطفح جلدي أو لديهم أي أعراض.
مضاعفات محتملة
بالحديث عن المضاعفات؛ فإن حوالي 70 ٪ من النساء الذين يصابون بالحصبة الألمانية قد يعانون من التهاب المفاصل وهذا الشيء نادر في الأطفال والرجال. في حالات نادرة، يمكن أن تسبب الحصبة الألمانية مشاكل خطيرة، بما في ذلك التهابات الدماغ ومشاكل النزيف.
أخطر المضاعفات الناجمة عن الإصابة بالحصبة الألمانية هو الضرر الذي يمكن أن تسببه للجنين. حيث أنه إذا أصيبت امرأة حامل غير محصّنة بفيروس الحصبة الألمانية، فقد تتعرض للإجهاض أو قد يموت طفلها بعد الولادة مباشرة. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها نقل الفيروس إلى الجنين الذي يمكن أن يصاب بعيوب خلقية خطيرة مثل مشاكل قلبية، فقدان السمع والبصر، إعاقة ذهنية وتلف الكبد أو الطحال.
تعد العيوب الخَلقية الخطيرة أكثر شيوعاً إذا أصيبت المرأة في وقت مبكر من الحمل، خاصة في الثلاثة شهور الأولى وتعرف هذه العيوب الخلقية الشديدة باسم متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية (CRS). حيث أنه خلال 2005-2015، تم الإبلاغ عن ثمانية أطفال مصابين بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية Congenital rubella syndrome (CRS)في الولايات المتحدة. يمكن أن تشمل العيوب الخلقية الأكثر شيوعاً الناتجة عن CRS: صمم، إعتام عدسة العين، عيوب في القلب، إعاقات ذهنية، تلف الكبد والطحال، انخفاض الوزن عند الولادة وطفح جلدي عند الولادة.
مضاعفات أقل شيوعاً من CRS يمكن أن تشمل: الزرقة، تلف في الدماغ، مشاكل في الغدة الدرقية ومشاكل الهرمونات الأخرى والتهاب الرئتين. على الرغم من أنه يمكن علاج الأعراض المحددة، إلا أنه لا يوجد علاج لـ CRS. ونظراً لعدم وجود علاج، لذلك من المهم أن يتم تطعيم النساء قبل الحمل كإستراتيجية لمنع إصابة الاجنة.
العلاج
لا يوجد دواء محدد لعلاج الحصبة الألمانية أو التخلص من المرض بشكل سريع. لكن لابد من التنويه انه في كثير من الحالات، تكون الأعراض خفيفة. بالنسبة للآخرين، يمكن السيطرة على الأعراض الخفيفة من خلال الراحة في الفراش وأدوية الحمى، مثل عقار الاسيتامينوفين.
التطعيم واسع النطاق ضد الحصبة الألمانية خلال العقود الماضية أدى إلى القضاء عليها وعلى متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية من الناحية العملية في العديد من البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية. حيث أنه في 2015، أصبح إقليم الأمريكيتين التابع لمنظمة الصحة العالمية الأول ليعلن خلوه من انتشار الحصبة الألمانية المتوطن. وتصل معدلات الإصابة بمتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية إلى أقصاها في الإقليم الأفريقي وإقليم جنوب شرق آسيا التابعين لمنظمة الصحة العالمية واللذين تبلغ فيهما معدلات التغطية باللقاح ضد المرض أدنى مستوياتها.
الوقاية باللقاح
يمكن الوقاية من الحصبة الألمانية بلقاح MMR. هذا اللقاح يحمي من ثلاثة أمراض: الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. Measles, Mumps, Rubella. لقاح MMR آمن وفعال للغاية. جرعة واحدة من لقاح MMR فعّالة بنسبة 97٪ في الوقاية من الحصبة الألمانية.
يوصي مركز السيطرة على الأمراض بتناول جرعتين من لقاح MMR للأطفال، بدءاً من الجرعة الأولى من عمر 12 إلى 15 شهراً، والجرعة الثانية من عمر 4 إلى 6سنوات. كما يجب أن يكون الشباب والبالغين أيضاً على اطّلاع دائم على تلقيح MMR. يعتبر لقاح MMR آمن جداً وفعّال. جرعة واحدة من لقاح MMR فعالة حوالي 97 ٪ في الوقاية من الحصبة الألمانية.
قد يتناول الأطفال أيضاً لقاح MMRV Measles, Mumps, Rubella, و Varicella، الذي يحمي من الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وجدري الماء) هذا اللقاح مرخّص لإعطائه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 شهراً و 12 عاماً.
قبل توفر لقاحات الحصبة الألمانية في الولايات المتحدة، كانت الحصبة الألمانية مرضاً شائعاً وينتشر بشكل أساسي بين الأطفال الصغار. وقع آخر وباء كبير في الولايات المتحدة خلال الفترة من 1964 إلى 1965، عندما كان هناك ما يقدر بنحو 12.5 مليون حالة من الحصبة الألمانية في الولايات المتحدة. وبسبب برامج التطعيم الناجحة، تم القضاء على الحصبة الألمانية من الولايات المتحدة منذ عام 2004.
ومع ذلك، لا تزال الحصبة الألمانية شائعة في البلدان الأخرى. يمكن للأشخاص غير المطعمين الحصول على الحصبة الألمانية أثناء تواجدهم في الخارج ونقل المرض إلى الولايات المتحدة ونشره للآخرين. يمكن الكشف عن الاجسام المضادة لفيروس الحصبة الألمانية في مصل المريض المصاب بهذا الفيروس من نوع IgM و .IgG والكشف عن الحمض النووي RNA للحصبة الألمانية بواسطة تقنية RT – PCR لعزل الفيروسات.
توصيات
توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة أن تنظر جميع البلدان التي لم تأخذ بعد بلقاح الحصبة الألمانية في أن تأخذ به ضمن البرامج. بعد أن حدّدت دول أعضاء في إقليم غرب المحيط الهادئ هدفاً بشأن القضاء على الحصبة الألمانية، قامت 3 أقاليم تابعة للمنظمة بتحديد أهداف مماثلة بشأن القضاء على هذا السبب الذي يمكن تلافيه والذي يقف وراء الإصابة بالعيوب الخلقية. وتلتزم المنظمة وشركاؤها بمساعدة الدول الأعضاء في تحقيق أهدافها.
في نيسان/ أبريل 2012 أطلقت مبادرة استئصال الحصبة – المعروفة الآن باسم مبادرة استئصال الحصبة والحصبة الألمانية – خطة إستراتيجية عالمية لاستئصال هذين المرضين تغطي الفترة 2012-2020، وهي خطة تضم أهدافاً عالمية جديدة بشأن عامي 2015 و2020.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة