أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com
إسلام المناعمة
الجامعة الإسلامية – غزة/دولة فلسطين
البريد الإلكتروني: elmanama1996@gmail.com
مقدمة
فيروسات التهاب الكبد عبارة عن مجموعة متنوعة من الفيروسات تنتمي إلى عائلات مختلفة، والعامل المشترك بينها هو استهدافها للكبد بشكل رئيسي. هناك فيروسات تسبب التهابات للكبد لكنها لا تقع ضمن هذا التصنيف لأن الكبد في هذه الحالة ليس المستهدف الرئيسي من العدوى.
التهابات الكبد الفيروسية تُعّرف على أنها أحد الأمراض المعدية التي تسببها الفيروسات وتسبب الضرر لخلايا الكبد، قد يكون الضرر الناتج مؤقتاً وقد يكون دائماً. والالتهاب الكبدي الفيروسي يصيب الجسم باليرقان jaundice (اصفرار الجلد والعينين) ولاسيّما لدى الأطفال. وهناك خمسة أنواع من الالتهاب الكبدي هم (أ، ب، ج، د، هـ) كما توجد أنواع أخرى غير مصنفة أو غير واضحة الارتباط بالمرض مثل فيروس التهاب الكبد G.
بعض الأنواع تنتقل بالاتصال الجنسي والبعض الآخر عبر نقل الدم وأيضاً عبر تلوث الماء والطعام ببراز المصابين، والسبب الشائع في موت المرضى بالفيروسات الكبدية الفشل الكبدي الحاد مما يؤدي للغيبوبة والموت. يكون الالتهاب لدى الأطفال أقل حدّة لكنه قد يُوَلّد فيما بعد تليّف كبدي وتلفاً بأنسجة الكبد أو الفشل الكبدي. ولا يوجد علاج خاص للالتهاب الكبدي الفيروسي. ينسب التعريف بالتهاب الكبد بشكل عام إلى أبقراط. وقد تم تسجيل أوبئة الصفار في القرن السابع عشر والثامن عشر خصوصاً في مناطق تخييم الجنود. التهاب الكبد (أ) التهاب معدي تم التمييز بينه وبين التهاب الكبد (ب) لأول مرة في أربعينات القرن الماضي. مع تطور الفحوصات المناعية في السبعينات الأمر الذي سهّل عملية التشخيص والتمييز بين التهاب الكبد (أ) والأنواع الأخرى.
الكائن المسبب
يسببه فيروس الالتهاب الكبدي أ (Hepatitis A Virus)فيروس يحتوي على الحمض النووي RNA غير مغلّف، من عائلة Picornaviruses وتعني عائلة فيروسات الحمض النووي الريبوزي متناهية الصغر. تم عزله لأول مرة عام 1979. ويعتبر الإنسان العائل المضيف الوحيد. الفيروس مستقر في درجات منخفضة ويتحمل الحموضة المرتفعة (وهذا يفسر نجاح الفيروس في البقاء فعّالاً رغم مروره في المعدة التي تمتلك حموضة عالية). يتم تعطيله بدرجات عالية من الحرارة 85 درجة مئوية فأعلى، وبالفورمالين والكلور أيضاً.
انتشار المرض
سنوياً، على الصعيد العالمي، ما يقرب 1.5 مليون حالة تصاب بالتهاب الكبد (أ)، ويقدر البعض بأن يكون معدل الإصابة بالمرض أكثر بعشر مرات. في العام 1988 اجتاح وباء مدينة شنغهاي وأصيب نحو 300 ألف شخص. في عام 2016، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن التهاب الكبد (أ) تسبب في نحو 7134 حالة وفاة شكلت 0.5% من مجموع الوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الفيروسي. ينتشر فيروس التهاب الكبد (أ) حول العالم، قد يكون مسؤول عن بعض الأوبئة المستوطنة في بعض المناطق خاصةً وسط وجنوب أمريكا، أفريقيا، الشرق الأوسط، آسيا ودول غرب المحيط الهادئ. يعد الإنسان العائل الوحيد للفيروس.
الإمراضية
ينتقل الفيروس عبر الفم (من البراز-للفم) من خلال تناول طعام أو ماء ملوّث، ويتكاثر في الكبد. بعد 10-12 يوم، الفيروس يتواجد في الدم (نادراً ما ينقل العدوى عن طريق الدم) بعدها تصل الفيروسات إلى العصارة الصفراوية ويخرج في البراز. عندما يلوث براز المصابين مصدر مياه مثل مياه الشرب أو مياه برك السباحة فإن ذلك يؤدي إلى انتشار وتفشيات للفيروس.
فترة الحضانة والأعراض
تمتد من 15-50 يوم، يعتمد ظهور الأعراض على عمر الشخص المصاب، الأطفال المصابين دون سن السادسة 70% منهم لا تظهر عليهم الأعراض. بينما الأطفال بعمر أكبر من ذلك والبالغين تظهر عليهم الأعراض، 70% منهم مصحوبة باليرقان. حيث تظهر العلامات بعد التعرض للفيروس خلال 2- 6 أسابيع. من هذه الأعراض: تعب عام وإرهاق، حمى، آلام في البطن، غثيان، فقدان الشهية، يرقان وبول داكن اللون.
على عكس التهابات الكبد(ب)، و (ج)، فإن التهاب الكبد (أ) لا يسبب مرض مزمناً في الكبد ونادراً ما يكون مميت، ولكن يمكن أن يؤدي إلى فشل الكبد.
عوامل خطر تزيد من فرص الاصابة:
هناك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة بهذا الفيروس: سوء الصرف الصحي، عدم توافر ماء صالح للشرب، العيش أو التعامل أو ممارسة الجنس مع شخص مصاب بالفيروس، والسفر إلى مناطق تكثر بها الإصابة بالفيروس دون أخذ اللقاح المطلوب.
التشخيص
لا يمكن تشخيص الإصابة بالتهاب الكبد (أ) سريرياً وتمييزه عن باقي أنواع التهاب الكبد الفيروسي الحاد، ولكن يتم إجراء تشخيص محدد عن طريق الكشف عن الأجسام المضادة ((IgM في الدم. هناك اختبارات إضافية أخرى مثل- تفاعل البلمرة المتسلسل(PCR).
العلاج
لا يوجد علاج محدد للعدوى الحادة لفيروس التهاب الكبد (أ). بدلًا عن ذلك، تعالج الإصابات عن طريق الرعاية التدعيمية، مثل الراحة، والمعالجة بالسوائل، وتخفيف الألم والحمى.
الوقاية
يعتبر التطعيم واتباع بعض الاستراتيجيات كتوفير إمدادات كافية من المياه الآمنة، التخلص من مياه الصرف الصحي بطرق سليمة، اتباع ممارسات النظافة العامة والشخصية وغسل اليدين بالطريقة الصحيحة، من أهم الطرق لمكافحة التهاب الكبد(أ).
اللقاح
هناك لقاحان متوفران HAVRIX (GlaxoSmithKline) وVAQTA (Merck)، كلاهما يحتوي على فيروس معطّل. يتم تحضيرها بعد أن تُجرى عليها بعض العمليات: التحضين وإكثار الفيروس في خلايا ثم تنقيتها باستخدام انزيمات خاصة، ثم تعطيل الفيروسات باستخدام مادة الفورمالين ويتم ربطها بمركبات أخرى ((adjuvant وهنا تم استخدام هيدروكسيد الألمونيوم كمادة مساعدة.
يختلف اللقاح الأول عن الآخر باحتوائه على مادة حافظة. كفاءة اللقاحان عالية فالأول HAVRIX 94% و VAQTA 100%. يُعطى للأطفال ما فوق عمر 12شهر– 18، والآخر للبالغين 19 سنة فما فوق، ويتم إعطاء اللقاح على جرعتين لتوفير وقاية أطول لما يقارب 5 -8 سنوات بعد التطعيم. حيث تُعطى الجرعة الثانية بعد 6-14 شهراً بعد الجرعة الأولى.
وعلى مستوى العالم، حصل الملايين على اللقاح المُعَطَّل للحقن المضاد لالتهاب الكبد (أ) دون ظهور أي آثار جانبية خطيرة. في العام 2001، تم دمج لقاح التهاب الكبد (أ) مع (ب) حيث حصل Twinrix على موافقة منظمة الغذاء والدواء ويُعطى لمن هم بعمر 18 فأكبر على 3 جرعات.
توصيات
توصي منظمة الصحة العالمية بإدراج لقاح التهاب الكبد النوع) أ( في المخططات الوطنية للتطعيم في البلدان ذات المعدلات العالية من المرض. كما يوصى بالتطعيم باللقاح المعطّل لالتهاب الكبد النوع )أ) في السنة الأولى، بالإضافة لحقنة داعمة بعد عدة شهور. بالنسبة لمن لم يسبق لهم الإصابة ولم يسبق لهم تلقي اللقاح، فإن السفر إلى البلدان ذات المعدلات العالية من عدوى الالتهاب الكبدي من النوع (أ) يمكن أن يكون محفزاً لتناول جرعة من اللقاح قبل المغادرة. من المهم السماح بمرور أسبوعين على الأقل على التطعيم قبل المغادرة. يفترض أن تستمر فعالية إعطاء اللقاح لمرة واحدة لعدة شهور، ولكن تَلقّي جرعة ثانية سيوفر مناعة طويلة الأمد، بإذن الله.
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة