أظهرت دراسة جديدة قام بها باحثون من كلية طب وايل كورنيل في قطر، أن الإبل يمكن أن تكون مصدرا للأجسام المضادة العلاجية للكوفيد-19 مما يفتح الباب على احتمال تطوير علاج فعّال ضد هذا الفيروس والفيروسات المشابهة في المستقبل.
على الرغم من وجود عدد من اللقاحات المتاحة الآن للكوفيد-19، إلا أن البشرية لا تزال بحاجة إلى علاج فعّال للمرض وللأوبئة المحتملة في المستقبل والتي يمكن أن تسببها فيروسات كورونا غير المعروفة حتى الآن.
في دراسة جديدة نُشرت مؤخرا (فبراير 2021) في دورية JCI Insight العلمية وجد الدكتور لطفي شوشان، أستاذ الطب الوراثي وأستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية طب وايل كورنيل في قطر وزملاؤه، أن الإبل يمكن أن تقدم علاجا للمصابين في هذه الجائحة. وذلك لأن الأجسام المضادة أحادية السلسلة (الأجسام النانوية) التي تنتجها الجمال قادرة على الوصول إلى حيث تختبئ الفيروسات في الجسم والقضاء عليها عكس الأجسام المضادة الأخرى ذات الحجم الأكبر نسبيا.
وأوضح الدكتور شوشان في حوار خاص مع موقع منظمة المجتمع العلمي العربي، أن هناك ثلاث حالات رئيسية لتفشي فيروسات كورونا حتى الآن وهي حالة تفشي فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة السارس (SARS-CoV) في عام 2002، وانتشار فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS في عام 2012، وجائحة كوفيد -19 الحالية. وتنتمي هذه الفيروسات إلى نفس العائلة الفرعية من فيروسات كورونا ويُعتقد أنها نشأت جميعها في الخفافيش قبل انتقالها إلى مضيف وسيط ثم إلى البشر. وقد كان الجمل العربي هو المضيف الوسيط بالنسبة لفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
في عام 2012 وجد الباحثون أن "الجمال المصابة بالفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية تُنتج أجساما مضادة تحميها من الفيروس بما في ذلك تلك التي تم حقنها بالفيروس، ولا تظهر عليها سوى أعراض بسيطة، وهذا يدل على اكتسابها مناعة ضد الفيروس" كما يقول الباحث في طب وايل كورنيل-قطر.
وبالنظر إلى التشابه بين الفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وفيروس كورونا "كوفيد-19"، تساءل فريق الباحثين عما إذا كانت هذه للأجسام المضادة التي تنتجها الإبل فعّالة أيضا ضد الفيروس المنتشر حاليا.
بدعم من وايل كورنيل للطب – قطر، والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي ووزارتي الصحة والبيئة والبلدية، تم أخذ عينات من 220 جملا منها 100 تعود إلى ما قبل انتشار جائحة كوفيد-19 و120 عينة أخرى أخذت أثناءها، وقد ظهرت في جميعها أجسام مضادة لفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
من خلال العمل مع زملائه من كلية طب وايل كورنيل في قطر، وسدرة للطب، ووزارة الصحة العامة، وجد الدكتور شوشان أن الأجسام المضادة التي انتجتها الإبل كانت قادرة بالفعل على منع فيروس كوفيد-19 من الارتباط بالخلايا المستهدفة.
كانت المرحلة التالية للفريق هي اكتشاف كيفية استهداف هذه الأجسام المضادة لفيروس كوفيد-19. وباستخدام تقنيات جزيئية متطورة تمكن الباحثون من تحديد الجزء البروتيني في الفيروس الذي كان مسؤولا عن تحفيز انتاج الجمال للأجسام المضادة ووقف تكاثر الفيروس. لكن الأهم من ذلك، كان اكتشافهم إمكانية استخدام هذا الجزء المشترك بين فيروس السارس وفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وفيروس كوفيد-19 لتطوير علاج للفيروسات الثلاثة، إلى جانب فيروسات كورونا الأخرى التي قد تظهر في المستقبل وتنتمي إلى نفس العائلة الفرعية.
ويتمثل العلاج المقترح في انتاج أجسام مضادة مصممة هندسيا مكونة من ثلاثة أو أربعة أجسام مضادة للإبل في جزيء واحد، يتعرف كل منها على أجزاء مختلفة من الفيروس مما سيزيد من نجاعته. وحصل الفريق على براءة اختراع حول تطوير هذه الطريقة المبتكرة.
وشدد الدكتور شوشان على أن العلاج بالأجسام المضادة لن يكون بديلا عن اللقاحات الموجودة. " فالهدف الرئيسي من اللقاحات هو وقف انتشار الفيروس، ولكن ليس لعلاج المريض. يمكن أن تكون الأجسام المضادة ذات السنون أداة علاجية"
المهمة التالية للباحثين، والتي قد تستغرق بضعة أشهر، هي إثبات أن العلاج المقترح هو آمن وفعّال عند تجربته على القوارض. وهي خطوة تتطلب، وفقا للدكتور شوشان، المزيد من الدعم من طرف الهيئات والمؤسسات المهتمة بهذه الدراسة والمشاركة فيها، فإذا نجحت، فسوف ننتقل إلى المرحلة التالية من التطوير، ومن المحتمل أن تقوم بها شركة أدوية متعددة الجنسيات.
المصادر
- حوار خاص مع الدكتور لطفي شوشان
تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة