صحة السكان Population health هي علم يهتم بحماية صحة الناس وتحسينها من خلال تعزيز أنماط الحياة الصحية، والبحث عن الأمراض والوقاية من الإصابات، واكتشاف الأمراض المعدية والوقاية منها والاستجابة لها.
وعلى عكس المتخصصين السريريين مثل الأطباء والممرضين، الذين يركزون بشكل أساسي على علاج الأفراد بعد إصابتهم بالمرض أو الإصابة، يحاول أخصائيو صحة السكان منع حدوث الأوبئة أو تكرارها من خلال تنفيذ البرامج التعليمية، وإدارة الخدمات، وإجراء البحوث. كما يعملون أيضًا على تعزيز المساواة في الرعاية الصحية وجودتها وإمكانية الوصول إليها.
دراسة شمولية
في دراسة حديثة نشرت مؤخرا في دورية Systematic Reviews، قام باحثون من معهد صحة السكان في كلية وايل كورنيل للطب في الدوحة بتقييم إنتاج مقالات المراجعة المنهجية حول صحة السكان في المنطقة العربية خلال الفترة الممتدة بين عامي 2008 و2016.
وكان الهدف من هذه الدراسة الشمولية (دراسة تلوية) هو تحليل أنماط النشر لأوراق المراجعات المنهجية في مجالات تتعلق بصحة السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. شملت الدراسة 387 بحث مراجعة تم نشرها بين عامي 2008 و 2016 حول صحة السكان في 19 دولة عربية بالإضافة إلى باكستان.
وبحسب مؤلفي الدراسة فإن الباحثين الذين ينتمون إلى المنطقة ينشرون بشكل متزايد أبحاث مراجعة منهجية حول صحة السكان. إذ قفز عدد هذه المراجعات من 18 مراجعة عام 2008 إلى 81 عام 2016 أي بزيادة تفوق 400 بالمائة. ويعود سبب هذا الارتفاع إلى زيادة نشر الدراسات الأولية التي أجريت في هذه البلدان.
باحثو المنطقة يساهمون ب60 % من أبحاث المراجعة
وفقاً للدراسة، نشر الباحثون المنتمون للمنطقة، نسبة 30 بالمائة من مقالات المراجعة المنهجية في مجال صحة السكان في المنطقة، وتعاونوا مع باحثين من دول من خارج المنطقة في نسبة 30 بالمائة إضافية. وقاد مؤلفون من المنطقة 79 بالمائة من أبحاث المراجعة التي أنجزت في إطار تعاون. ولم يسجل مؤلفو الدراسة الجديدة سوى مقال مراجعة وحيد أنجز في إطار التعاون بين باحثين من دول المنطقة ومقالين في إطار التعاون جنوب-جنوب بين منتسبين إلى المؤسسات البحثية الموجودة في المنطقة ونظيراتها الموجودة في البلدان المجاورة.
وجد مؤلفو الدراسة الجديدة، كذلك، أن الباحثين في المنطقة يميلون إلى نشر مراجعاتهم في المجلات المفتوحة على عكس الباحثين الغربيين الذي يفضلون الدوريات الهجينة أو المغلقة. ولاحظوا أن التعاون بين الباحثين من المنطقة العربية وزملائهم من الدول الغربية أدّى إلى نشر بعض أبحاث المراجعة في مجلات ذات عامل التأثير مرتفع يفوق 10.
كما أظهرت نتائج الدراسة ارتباط عدد الاقتباسات السنوية بعامل التأثير الخاص بالمجلة، إذ لم يتجاوز هذا العدد العشرة في 79 بالمائة من الأوراق المنشورة في المجلات ذات عامل التأثير أقل من 2 . بينما تجاوز عدد الاقتباسات 100 اقتباس بالنسبة لمقالات المراجعة المنهجية المنشورة في المجلات ذات عامل تأثير يفوق 4.
وبينت النتائج كذلك أن المراجعات المنهجية ذات التغطية القُطرية أو التي تشمل منطقة فرعية فقط من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نُشرت بشكل ملحوظ في المجلات ذات عامل تأثير أقل من 2. في حين تم نشر تقارير المراجعة المنهجية ذات التغطية العالمية أو متعددة المناطق في المجلات ذات عامل تأثير يفوق 4
الموضوعات الصحية للمراجعات المنهجية
تعد الأمراض غير المعدية من أهم مشكلات صحة السكان في هذه المنطقة. وكان معدل سنوات العمر المصححة باحتساب العجز DALYs للأمراض غير المعدية بين عامي 2008 و2016 أعلى بمرتين على الأقل من معدل الأمراض المعدية والأمهات والمواليد والأمراض التغذوية مجتمعة. في عام 2017، كان معدل الوفيات من الأمراض غير المعدية أعلى بخمس مرات من معدل الوفيات من الأمراض المعدية. تقع خمسة من البلدان العشرة التي بها أعلى معدل انتشار لمرض السكري في العالم في هذه المنطقة، وفقا لدراسة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتجاوز انتشار السمنة في هذه الدول المتوسط العالمي المقدر ب13 بالمائة. وتتجاوز هذه النسبة في بعض بلدان المنطقة تلك المسجلة في الولايات المتحدة (على سبيل المثال، 41 بالمائة في قطر في 2012 مقابل 36 بالمائة في الولايات المتحدة الأمريكية بين 2011 و2014).
وفقا للباحثين، فإن الموضوع الأكثر شيوعا الذي تم تناوله في تقارير صحة السكان في المنطقة قيد الدراسة بين عامي 2008 و2016، كان الأمراض غير المعدية بنسبة تصل 48 بالمائة. ومن بين الأمراض غير المعدية، كان السرطان، والصحة العقلية، ومتلازمة التمثيل الغذائي بما في ذلك مرض السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية موضوعات بحثية شائعة.
في عام 2008، كان الموضوع الأكثر شيوعا الذي تم تناوله في التقارير الخاصة بالأمراض المعدية، بما في ذلك الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء والدم والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي ومقاومة مضادات الميكروبات 44 بالمائة. ونشرت المجلات الـ 18 (التي نشرت ما لا يقل عن أربعة تقارير مراجعة منهجية عن بيانات صحة السكان في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) 41 بالمائة من التقارير الخاصة بالأمراض المعدية بين عامي 2008 و2016. ومن بين هذه المجلات، سبعة متخصصة في موضوعات الأمراض المعدية (39%). لكن الباحثين يشيرون إلى انخفاض التقارير الخاصة التي تتناول موضوعات الأمراض المعدية إلى 36 بالمائة في السنة الأخيرة من قترة الدراسة عام 2016.
تحيز مجلات النشر
في عام 2006، حددت دراسة خمسة عوامل تشرح سبب نقص تمثيل البحوث من البلدان النامية في الأدبيات الصحية الدولية. أربعة من هذه العوامل كانت مرتبطة بضعف القدرات البحثية في هذه البلدان، في حين سلط العامل الخامس الضوء على تحيز المجلات الطبية الدولية. في عام 2001، تم الكشف عن ضعف تمثيل الأبحاث المتعلقة بصحة السكان في البلدان منخفضة الدخل في المجلات الطبية العامة ذات عامل تأثير أقل من 10. يقول مؤلفو الدراسة أنه بعد مرور ثمانية عشر عامًا، توضح لديهم نظرة عامة أن تحيز النشر في تقارير التقييم الاجتماعي للباحثين من المنطقة العربية لا يزال موجودًا في المجلات ذات عامل التأثير العالي (أكثر من 10) ، أو المجلات غير المفتوحة (أو المختلطة) ذات الصلة بالموضوعات التي تغطي بلدان المنطقة.
المصادر
تواصل مع الكاتب: gharbis@gmail.com
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
