أصول النقد العلمي
الكاتب : أ.د. محمد لبيب سالم
جمال الشوفي
دكتوراه في الفيزياء النووية، كلية الهندسة المعلوماتية، جامعة الاتحاد الخاصة، سوريا
01:59 مساءً
07, فبراير 2021
منذ أن اقترح ريتشارد فاينمان إمكانية استخدام الفيزياء الكمومية/الكوانتية في بناء نظام الحوسبة الكمومية[i]، وذلك لتجاوز التوقعات العلمية المبكرة لغولدن مور[ii] عند الوصول للبعد الذري في بناء الدارات الرقمية للكمبيوتر الكلاسيكي، والتي ستقف حائلاً أمام إمكانية تطويره، ولا تزال البحوث العلمية النظرية والتقنية تحاول تصنيع دارات الكمبيوتر الكمومي، ذات الكفاءة المتفوقة أسياً، سرعة وتخزيناً، على الكلاسيكية منها.
في هذه الورقة، سنلقي الضوء على مفهوم الترانزستور السبيني وخصائصه الفيزيائية والكمومية ومستقبله التقني في بناء الدارات الرقمية للكمبيوتر الكمومي.
عزم اللف الذاتي (سبين) خاصية فيزيائية اكتشفتها قوانين الفيزياء الكمومية، وهي الناتجة عن دوران الإلكترون، أو نواة الذرة، حول نفسها، ما يؤدي إلى توليد عزم مغناطيسي يحدد استقطاب الإلكترون للأسفل أو الأعلى. ويعتبر العزم السبيني بهذه الحالة العدد الكمومي الرابع المميز لتموضع إلكترونات الذرة، ويعطى إحدى القيمتين الكموميتين ½± حسب معادلات ديراك، والتي فسرت خاصية استقطاب الذرة عند تعرضها لحقل مغناطيسي.
القيم السبينية للإلكترون هذه قادت للتفكير بإمكانية تحويلها لقيم رقمية يمكنها أن تشكل بتات كمومية (Qbit) تأخذ إحدى القيمتين الأساسيتين في الدارات الرقمية الكلاسيكية 1 أو 0. حيث أن الأساس التقني في بناء الكمبيوتر هي الدارات الرقمية التي بنيت على أساس الترانزستورات وداراتها الرقمية وهو ما سنلخصه أدناه.
التحدي العلمي والتقني أمام تطور عالم الكمبيوتر إلى حالة كمومية هو إمكانية صناعة ترانزستورات ودارات رقيمة من مرتبة أقل من 100 نانومتر وتجاوز حالة أنصاف النواقل والترانزستورات وداراتها المغموسة في واحدة المساحة بعد أن أصبحت من البعد الذري، مجال عمل الفيزياء الكمومية، وإمكانية التحكم بقوانينها الاحتمالية الموجية والغريبة عن مدركاتنا الحسية والمحكمة بالعالم المرئي والجسيمي المعروف جيداً سابقاً، وتسخيرها لعمل دارات وبوابات رقمية لمستقبل الهندسة الكمومية للكمبيوترات.
في الأصل، حققت التقنية قفزة نوعية في عالم الحواسيب عند اكتشاف قوانين أشباه النواقل والترانزستورات والدارات الرقمية والمتكاملة، حتى وصلت ثورة التقنية إلى عالم من التحكم الصناعي والإلكتروني والذكاء الصنعي فاق حدود الخيال المتوقع منها أصلاً. اليوم ثمة محاولة للعودة للفيزياء الكمومية، التي فسرت أصلاً وعبر نظرية العصب الكمومية حالة أنصاف النواقل وجعلتها قيد الاستخدام، في محاولة التعامل مع احتمالاتها الناتجة عن قوانينها الموجية في ابتكار دارات رقمية وتجهيزات جديدة ومتطورة قائمة بذاتها تنتقل من البعد الميكروي للنانوي. هذا ما فتح المجال واسعاً أمام العديد من الخوارزميات الكمومية النظرية والتطبيقية المخبرية بغية الوصول لتلك الهندسة الممكنة، واحداها تلك الخواص السبينية للإلكترون، ومنها:
بينما تقوم غوغل اليوم بإجراء التدريبات الأولى على بواكير كمبيوترها الكمومي[viii]، تبدو لليوم تطبيقات هندسة الكمبيوتر الكمومي وهندسة الترانزستور السبيني الكمومي بعيدة عن المجتمع العلمي العربي، فمن غير المستغرب أبداً ان تبقى أبحاثها وتقنياتها نظرية ونادرة في العالم العربي. فلليوم لا زلنا مستثمرين للتقنية بكل أصنافها ولا نمتلك أدوات العمل التقني التجريبي بها، ومع هذا ثمة ضرورة علمية لوضع الخلفية العلمية والأبحاث التقنية الحالية في آخر تحديثاتها العصرية أمام جيل المبرمجين والمهندسين والباحثين، حتى تشكل حافزاً للمؤسسات البحثية في إمكانية تشكيل فرق بحثية عملية، حتى وإن كانت نظرية بداية قابلة للتطور المستقبلي ومجاراة التطور العالمي به.
الدخول في عالم التقنية وخاصة الكمبيوتر الكمومي، يعني التفوق العالمي تقنياً وعلمياً وبالضرورة حضارياً، أقله للجمع بين علم الفيزياء الكمومية من جهة والتقنية الهندسية للكمبيوتر من جهة أخرى.
المراجع
تواصل مع الكاتب: jalshoufi2001@gmail.com
يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل
أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة
الكلمات المفتاحية