عبد الحكيم محمود
صحفي علمي
البريد الإلكتروني: abualihakim@gmail.com
لا يمكننا أن ننكر الجهود التي تبذلها بعض وسائل الإعلام العربية وخاصة الصحافة المطبوعة والإلكترونية في نشر الثقافة العلمية وتقديم خدمة إعلامية علمية، لاسيما وأن العلم قد شهد في العقود الأخيرة من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي قفزات وتحولات كبيرة في مختلف المجالات، هذا بالإضافة إلى التدفق المعلوماتي والمعرفي بفضل ثورة الانترنت ووسائل الاتصال والتي كان ينبغي لها أن تستغل استغلال جيد في مجال الخدمة الإعلامية في مجال العلوم والبحث العلمي وفي نشر الثقافة العلمية.
لكن وبالمقابل لا يمكننا أن ننكر وبغض النظر عن تلك الإخفاقات التي مُنيت بها الصحافة العلمية العربية، خاصة وأنها اعتمدت في مقالاتها وتقاريرها الإخبارية على الترجمة من المصادر الأجنبية من المجلات العلمية والبحثية المرموقة، وهنا كانت اخفاقاتها في الجوانب الاحترافية والمهنية وافتقار كتّاب العلوم للمهارات، واعتقادهم أن اتقانهم اللغة الأجنبية يكفي في الكتابة ونقل المعارف من المصادر الأجنبية، ولم يدرك الكثير منهم أن لكل علم من العلوم الطبيعية والإنسانية والسياسية والاقتصادية لغتها وقاموسها المرتبط بالاصطلاحات والمفاهيم الأساسية، وهنا يبرز متطلب مهم يجب أن يكون متوفر لدى الصحفي والكاتب العلمي وهو الأساس المعرفي العلمي. وقد أدّى الاعتماد غير المتخصص على المصادر العلمية فقط إلى مشكلة في تبسيط العلوم وتوصيل المادة العلمية للجمهور من قبل المختصين العلميين.
من جهة أخرى، برزت مشكلة في هذا المضمار تتعلق بكتابة المادة العلمية من قبل الأكاديميين والمتخصصين في مجالات العلوم وهي مشكلة الاحترافية والموهبة الصحفية في كتابة المادة العلمية وتوصيلها للجمهور بشكل مبسط وباحترافية مهنية في مجال الصحافة والإبداع النصي.
لقد أدّى الاعتماد الكلي على المصادر العلمية الأجنبية من قبل الصحفيين وكتاب العلوم في الصحافة العربية إلى التجاهل وعدم التعامل مع الأبحاث والمنجزات العلمية العربية التي يقوم بها العلماء والباحثين العرب وكذا المؤسسات العلمية العربية أو تلك المؤسسات الاقتصادية والتنموية والخدمية والتي تعتمد على الإنجازات والابتكارات وفقا للإنتاج العلمي والبحثي العربي للعلماء والباحثين العرب هو ابتعاد العلماء والمؤسسات العلمية العربية عن الصحفيين والكتاب العلميين العرب.
إن مشكلة الإخفاق التي عانت منه الصحافة العربية في ابتعادها عن واقع البحث العلمي العربي وانجازاته ومؤسساته والاكتفاء والانبهار بما تحققه الغرب من إنجازات وابتكارات كان أيضا بسبب بعد المؤسسات والمنظمات والهيئات العلمية العربية عن الصحافة العربية.
وبالتالي فإن الصحافة العلمية العربية كانت بحاجة لرعاية من قبل تلك المؤسسات العلمية العربية وقد حاولت المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا أن تضم تحت مظلتها أول كيان للإعلاميين العلميين العرب وهي الرابطة العربية للإعلاميين العلميين في النصف الثاني من العام 2006 ولكن هذه التجربة تعثرت بعد حوالي ثلاثة أعوام من ولادتها.
من هنا وفي ظل غياب رعاية المؤسسات والمنظمات العلمية العربية للصحافة والإعلام العلمي العربي، نجد أن "منظمة المجتمع العلمي العربي" منذ انطلاق موقعها الالكتروني في يناير 2011، لعبت دوراً مهما في النهوض بواقع الصحافة العلمية العربية وفي سد تلك الفجوة التي كانت بين كتّاب العلوم والصحفيين العلميين من ناحية والمؤسسات العلمية والبحثية العربية والعلماء العرب من الناحية الأخرى، وذلك باعتبار أن منظمة المجتمع العلمي العربي هي مشروع يهتم بالعلم وممارساته لجعله جزءاً أساسياً من ثقافة المجتمع العربي، إضافة إلى أن من أهدافها تعزيز المحتوى العلمي العربي على الإنترنت.
لذلك سعت منظمة المجتمع العلمي العربي، بكل ما أوتيت من إمكانيات، للمساهمة في خلق مجتمع علمي عربي رفيع المستوى يكون قادراً على التعامل مع العلم والاستفادة منه، وعسى أن يمهّد هذا في المستقبل لنهضة عربية بكافة المجالات.
لقد عملت منظمة المجتمع العلمي العربي من خلال موقعها على نشر العديد من البحوث العربية وكذا تغطية البحوث والمنجزات العلمية للعلماء والباحثين العرب وكذا للمؤسسات العلمية العربية ومتابعة أنشطتها وفعاليتها حيث أن المحتوى العلمي العربي يكاد أن يشكل نسبة كبيرة إن لم يكن الغالبية العظمى مما تم نشره على موقع المنظمة.
وفي إطار متابعة المنجزات والأحداث العلمية العالمية فقد نهجت المنظمة أسلوب اختيار المواضيع العلمية التي تهم المجتمع العربي وما يحقق فائدة لحياة المجتمع العربي التنموية والصحية والخدمية والاقتصادية وغيرها وفي حل المشكلات التي تعاني منها الحياة العربية في هذه المجالات، وأيضا بما يحقق من فوائد خاصة للباحثين والمؤسسات العلمية العربية، وما يجعلها مواكبة للأحداث والتطورات والفعاليات العلمية العربية وكذا تفاعلها في تلك المناسبات الدولية والتي دائما ما كانت تتركز على تلك المناسبات ذات العلاقة بالمجتمع العلمي العربي وخدمة المجتمعات العربية.
وفي مجال استقطاب الصحفيين والكتاب العلميين العرب فقد عملت المنظمة على استقطاب عدد من الصحفيين ممن يكتبون في هذا المجال وكذا أفسحت المجال لكثير من العلماء والباحثين العرب لنشر المواد العلمية المبسطة.
ومن ناحية أخرى فقد استفاد الكتاب والصحفيين العلميين العرب من نهج وتوجه المنظمة فساهموا أيضاً في إنتاج مواد إعلامية تثري المحتوى العلمي المعرفي العربي، بل وشكلت تلك المقالات التي يكتبها الصحفيون وكتاب العلوم والباحثين في موقع المنظمة مراجع للأبحاث والمقالات العلمية وبعض من رسائل الدراسات العليا.
وعلى صعيد تطوير مهارات كتاب العلوم وأيضا رفع مستوى قدرات الكتابة العلمية لدى الباحث العربي ليضمن قبول ورقته العلمية ونشر نتائج بحوثه، نشرت المنظمة على موقعها عدد من المقالات والأبحاث للدكتورة موزة بنت محمد الربان رئيس المنظمة لتسهم في تطوير قدرات الإعلاميين العلميين وللباحثين وخاصة الشباب منهم في صياغة ونشر مقالاتهم في الصحافة والمجلات العلمية والتخصصية لاسيما وأن المكتبة العربية تفتقر إلى تلك الكتب التي تنمي لدى الصحفيين والباحثين المهارات والقدرات في الكتابة العلمية وتبسيط العلوم.
فيديو تعريفي بمنظمة المجتمع العلمي العربي
عن المنظمة:
– وحدة الدراسات والبحوث
– المجلة العربية للبحث العلمي
– المشاريع